البحث عن الثراء السريع يدفع الآلاف إلى التنقيب عن الآثار، لا سيما وسط ظروف معيشية صعبة، خاصة أسيوط التي تعد أفقر محافظات مصر، وثاني أكثر المعدلات ارتفاعًا في مواليد بنحو 10 آلاف مولود شهريًا.
وفي الآونة الأخيرة، استطاع الأمن فرض سيطرته على بعض العصابات والدجالين، إلا أن بعض الأهالي عادوا للبحث والتنقيب مرة آخرى بعدة مناطق، مما ينذر بعودة مافيا الآثار للمحافظة مرة أخرى.
"البوابة نيوز" رصدت سبل حماية الآثار في أسيوط، وكيفية تهريب مافيا تجارة الآثار لكنوز الوطن خارجها، وأبرز تجار وعصابات الآثاربها، وتحركات الدجالين واختيارهم لفريستهم في التنقيب عن الآثار.
وقال مؤمن عبدالشافي دكتور الإعلام التربوي بجامعة أسيوط: إن أسيوط دائمًا مطمعًا للاستيلاء على كنوزها الفرعونية والقبطية والرومانية والإسلامية وحتى الحديثة.
وأضاف أن كنوز باطن الأرض لا يلهث عليها تجار الآثار بأسيوط فحسب،وإنما يلهث عليها كل مافيا الآثار في العالم" فقد كانت قاعدة الأقليم الثالث عشر ومقرا لـ"نائب الملك" أيام الفراعنة – وكانت عاصمة مصر العليا آوان حكم الأغريق لمصر،فيما صارت أيضًا عاصمة القسم الشمالي لمصر في عهد الرومان، فتنوع المحافظة بتلك الحضارات جلعها تكتظ بالآثار مما يثير شهية تلك التجار لاستخراج كنوزها.
وقال عبدالنعيم الرزيقي مرشد سياحي بأسيوط: إن المحافظة تتضمن 38 منطقة أثرية ومزارًا سياحيًا على أرضها، من أهمها "منطقة آثار مير، وآثار المعابدة بأبنوب والدير الجبراوى، والهمامية، والدير المحرق بالقوصية، والمسجد الفرغل بأبوتيج، والمسجد الأموى بأسيوط، والمعهد الدينى الأزهري الذي شيد آوان حكم الملك فاروق، وقناطر أسيوط التى شيدت آوان حكم محمد علي باشا، وكذلك محمية وادي الأسيوطى، بخلاف ما تعوم عليه قرى أسيوط كقرية الحمام، وقرية شطب وجبال أسيوط الساشعة على جانبيها من كنوز وآثار لا حصر لها.
وطالب "الرزيقي" بتشديد الحراسات الأمنية على هذه المناطق الأثرية كمخازن الأثار مع تزايد وتيرة الأرهاب بالمحافظات، بالإضافة إلى زيادة حراسات المخازن المتحفية كمخزن شطب الذي يعتمد عليه الصعيد في حفظ المقتنيات الآثرية والتماثيل المضبوطة لحين نقلها بمعرفة هيئة الآثار والوزارة.
وقال أحد المقاولين: إن أبرز الأماكن التى يطلب منا للحفر والتنقيب بها كانت "منطقة الوادي الجديد، ومنطقة الدير الجبراوى بجبل أسيوط الشرقي، وبمنازل وجبل المعابدة، وقريتى شطب ودرنكة ومنقباد بأسيوط، ومناطق تاسا والقيسارية وعرب الأطاولة وجبال البداري" فقد استشري التنقيب بهذه المناطق كوباء بلا علاج.
وأضاف: "كان التجار يغروون من يظنون بداره آثارًا بالمليارات التى ستدفع له حال الحصول علي الكنز واستخراجه،ولأنها عصابات منظمة تمتلك المال والسلاح يقومون لعلمهم عدم مقدرته دفع الأموال للحفر والتنقيب فيعرضون عليه مشاركته بالمناصفة وعقب الحفر فإذ وجدوا يوفون بوعدهم، وإن لم يجدوا يفرون بلا عودة بعد أن تركوا للرجل الدار مهددا بالسقوط عليه في أي وقت".
وقال "تاجر آثار"مقيم دائرة مركز ديروط: "نعتمد علي الشيوخ المغاربة في الأستعانة بالجن لتحديد مواقع آثرية بالمناطق المختلفة بأسيوط كتل الكوم الأحمر بشطب مثلا،ويحضرون معهم "بخور – وزعفر – وجلد أرانب – وأسنان بغال – ودم غزال – وأحيانا بياض النعام أو صفارة البيض.....والخ.
وتابع: "يتعرف الشيوخ على مواقع الآثار عن طريق الرصد الذي يحاول عرقلة العامليين بالحفر للوصول للموقع أو المقبرة الآثرية فيما يظهر الرصد حسب روايته عند الأقتراب للأثر المنتظر إخراجه.
وقال مدرس تاريخ بدائرة مركز أسيوط: "استخرج كثير من أهل قريتى آثارا حقيقية غيّرت من شكل ومجريات حياتهم،فهناك من وجد آوانى فخارية ترجع لعصر الفراعنة،وهناك من وجد تمثالا منقوشا قيل أنه منذ عهد أقلديونس لدرجة أن من كثرة الآثار قام مقاولا ببناء مدرسة علي كنيسة من العهد الرومانى ولم يبلغا هيئة الأثار حرصا علي مستحقاته المالية وخوفا من ضياع جهده وماله فيما لم يتفوه أحد من القرية لعدم ضياع فرصة بناء المدرسة بالقرية التى يحتاجها أبناؤهم ومازالت المدرسة مقامة منذ 6 سنوات علي مبنى آثري من العهد الرومانى.
وقال اللواء"أسعد الذكير" مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن أسيوط أن مافيا تهريب وتجار ألآثار يقوموا بتصوير القطع الآثرية علي أسطوانات وعبر وسطاء يقومون بالتفاوض والبيع وإذ تمت الصفقة يكون للوسيط ما يقارب الـ15% من قيمة القطع التى تم بيعها.
وأضاف "الذكير" أن الملاحقات الآمنية حجمت كثيرا من عمليات التهريب ولكن الحلم بالثراء السريع للشباب والأغراء بالعائد المادي الذي يقدر بالملايين – كما يصور – التجار للمواطنين الحالميين يجعلهم يتورطون معهم بالبحث والتنقيب مما يضعهم كشركاء لهم في تدمير وإهدار كنوز الأباء للأجيال القادمة.
وأوضح "مدير المباحث الجنائية" أن قوات الأمن ليست ببعيدة عن رصد هذه العصابات وكثيرا ما كانت القوات تتمكن من القبض علي هؤلاء التجار والشيوخ وبأيديهم أدلة آدانتهم من قطع آثرية ومعدات الحفر والتنقيب.
وقال المقدم"عبدالعزيز الفقي "ضابط بمركز شرطة أبنوب:أن أسيوط محاطة بالجبال ولذلك تبذل مديرية الأمن جهدا في منع تهريب آثارنا بدعوى الطبيعة الوعرة لترصد هؤلاء المهربين، ويتم استخدام سيارات ماركة" جيب" أثناء عمليات النقل والتهريب لقدرتها علي الحركة السريعة وعدم الغرس بالرمال، فيما يمكن تهريبها ونقلها إلي خارج حدود أسيوط أيضا عن طريق البحر – فأسيوط تطل علي البحر الأحمر من جهة الشرق.
وأكد "الفقي" تنوع عمليات التهريب من قرية لأخري ومن مركز للأخر،فمثلا: تهريب الأثار من شطب كقرية بأسيوط يتم عبر ثلاثة طرق رئيسة،وهى:أولا:عن القطار حيث يمر خط السكك الحديدية بقلب القرية حتى القاهرة،وهنا لا يمر علي كمائن التفتيش علي الطريق المؤدى للمحافظة.ثانيا:قد يكون التهريب عبر طريق القاهرة - أسوان الزراعي من جهتها البحرية وتكون سيارات الجيب هى الأكثر استعمالا في التهريب لسرعتها حال إكتشاف الأمر ومحاولة المهربيين من الشرطة.ثالثًا:وقديكون التهريب عن طريق أسيوط - سوهاج الزراعي من الجهة القبلية وأيضا تكون السيارات الحديثة والأكثر سرعة هى وسيلة التهريب.
حسنى دويدار