لا تزال المآسي والجراح تتوالي علي أسر وأهالي محافظة أسيوط، تلك المحافظة التي تعاني ارتفاع معدلات الفقر وانتشار البطالة بين الشباب، الأمر الذي دفع شبابها إلي السفر للعمل في الدول العربية خاصة دولة ليبيا التي بها اكبر نسبة عمالة من الشباب المصريين، وكان لقري ومراكز محافظة أسيوط النسبة الكبري في أعداد الشباب المصريين الموجودين بدولة ليبيا، وتصدرت قري مركزي القوصية وديروط بمحافظة أسيوط المشهد المأسوي لأوضاع الشباب المصريين بالخارج، لم يمنعهم مشهد القوارب القديمة المتهالكة المكدسة بأعداد كبيرة من راغبي الهجرة والتي تغرق في الماء كل حين وآخر من التفكير وانتظار الثراء في بلادهم فأقبلوا علي الموت مرحبين يدفعهم العزف علي وتيرة العيش الرغيد وحلم الثراء والخلاص من قسوة الحياة وبات مشهد القوارب مشهد يتكرر في بلادنا.
تقديرات الإحصائيات الدولية ومنظمات الهجرة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نسبة الهجرة غير الشرعية تنامت بصورة مذهلة وان عدد الشبان المصريين الذين نجحوا في دخول العديد من دول الاتحاد الأوربي خلال السنوات العشر الماضية يقدر بنحو 460 ألف شاب، من بينهم نحو 90 ألفا يقيمون في إيطاليا بشكل غير رسمي.
ورغم قسوة السفر والغربة فإن هناك إقبالا كبيرا من الشباب في الصعيد وأسيوط خاصة التي تعتبر الاولي في الهجرة غير الشرعية علي مستوي الجمهورية حيث يهرول شبابها للفرار من أرض الوطن إلي حيث المجهول، وهو فرار من واقع بائس ظنه الشباب خلاص طالما ضاقت بلادهم عليهم ولم يجدوا قوت يومهم، وكانت دموع نساء قرية الشيخ عون الله بمركز القوصية بشمال محافظة أسيوط خير تعبير عن تلك المأساة التي يعانيها أبناؤهم بالخارج، تلك المأساة التي بدأت باحتجاز ما يقرب من 70 شخصًا من أبنائهم بدولة ليبيا وانقطاع أخبارهم عن أهليهم وذويهم الذين لم يجدوا بابا إلا وطرقوه ولا طريقا إلا وسلكوه بحثا عن منقذ لأبنائهم وفلذات أكبادهم في الخارج، تلك المأساة التي رصدتها 'الأسبوع' من داخل منازل أهالي قرية الشيخ عون الله بمركز القوصية بمحافظة أسيوط.
فعانت قري ديروط الشريف بمركز ديروط وقري القصير والشيخ عون الله بالقوصية احتجاز أبنائهم بدولة ليبيا وانقطاع أخبارهم وتجاهل المسئولين بالقنصلية المصرية بدولة ليبيا لهم.
والتقت 'الاسبوع' اسر وأهالي قرية الشيخ عون الله تلك القرية التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 5 آلاف نسمة وتعاني افتقار الخدمات بها واشتغال غالبية أهلها بالزراعة والاعمال الحرفية البسيطة فوجد شبابها من السفر لدولة ليبيا الفرصة الوحيدة لكسب قوتهم والإنفاق علي أسرهم الفقيرة ولكنهم لم يدركوا مخاطر السفر التي تنتظرهم هناك فأصبح مصيرهم مجهولًا بالنسبة لأهلهم وللسفارة المصرية بدولة ليبيا.
يقول محمود ماهر فرغلي شقيق 'محمد ' البالغ من العمر 23 عاما: إنني لا أعرف مصير أخي منذ 25 يوما حيث انقطعت أخباره عنا ولا نعلم مكانه أو مصيره المجهول بعد تجاهل المسئولين في السفارة المصرية بدولة ليبيا لمطالبنا وقمنا بتحرير محاضر لغياب ذوينا بدولة ليبيا.
وطالب محمود محمد محمود خليفة شقيق حسن البالغ من العمر 31 عاما الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والسلطات المصرية بحماية ابنائهم في الخارج والإفراج عن شقيقه حسن المتغيب بدولة ليبيا وحملهم المسئولية كاملة عن غياب شقيقه الذي لا يعلم مصيره إذا كان مخطوفا أو حبيس السجون الليبية.
وطالب 'محمد خليفة' والد الشاب حسن محمد محمود خليفة برجوع ابنه البالغ من العمر 28 عاما في أسرع وقت قائلا: 'لا احتاج اي شيء في الدنيا إلا ابني'.
وقالت والدة الشاب 'حسن': إن ابني لم يتصل بي منذ 30 يوما ولا أعرف أي شيء عنه حتي الآن إلا أنه اختفي وهو غائب عن قريته منذ أكثر من 7 أشهر وهو متزوج ولديه طفلان: ولد وبنت.ولاده كل يوم يبكوا عليه وحشهم 'يا قلب امه' وتصرخ الام 'فينك يا حسن' اهات وبكاء الامهات يدع العين ويدمي القلوب فراق الاحبة والابناء اصعب شيء في الدنيا.
وأكد عيد فوزي محمد عيد ان شقيقه حمادة الذي سافر منذ سبعة أشهر للعمل بدولة لييا وانقطعت أخباره منذ أكثر من 20 يوما انه لا يعلم مصير أخيه حتي الآن مع تأكيد السلطات الليبية ان أغلب الشباب المصريين محتجز بالسجون الليبية والمطلوب تدخل السفارة المصرية بليبيا للإفراج عنهم ومعرفة أحوالهم الصحية والمعيشية.
وقال شقيق الشاب 'رأفت يونس حسن حسين': إن أخاه البالغ من العمر 20 عاما والذي سافر للعمل بدولة ليبيا بعد ان ضاق به الحال بمحافظة اسيوط في ظل الاوضاع الحالية ولم يجد فرصة عمل مناسبة له فاضطر للسفر لدولة ليبيا ليلقي مصيره المجهول بمدينة طرابلس الليبية في ظل تجاهل تام من السلطات المصرية.
وفي حرقة بالغة قال عم 'يونس' العامل البسيط: إن ابنه رأفت ضحية الاوضاع السيئة في مصر وقال 'عاوز أشوف ابني وأطالب المسئولين برجوع ولدي سالما'.
وتضيف والدة الشاب 'رأفت يونس حسن' أن اخبار ابنها انقطعت عنه قبل عيد الاضحي بـ 3 ايام قائلة: 'أتمني سماع صوته أو أعرف مكانه لكي ارتاح وأضافت لم أذق طعم النوم ولا الراحة منذ أن غاب ابني عني كان الحال في البلد ما يسرش والعيشة صعبة قال لي يا امي هسافر يمكن آلاقي عيشة كويسة برة والحال يتيسر كان عاوز يتجوز ويكون أسرة وتبكي الام بحرقة شديدة 'نفسي اشوفه' وبعدها يكون اللي يكون.
ومن جانبه أكد العمدة 'إبراهيم أحمد محمد فرغلي' عمدة قرية الشيخ عون الله ان اهالي الشباب المفقودين بدولة ليبيا قاموا بتحرير محاضر بمركز شرطة القوصية تفيد بتغيب أبنائهم وانقطاع أخبارهم لمدة تزيد علي 20 يوما كما قاموا بإرسال فاكسات إلي كل من وزارتي الداخلية الخارجية المصرية ولكن لم يأت أي رد حتي الان.
أما الشيخ 'عبد العال علي حسين' شيخ قرية عرب الشيخ عون الله التابعة لمركز القوصية باسيوط، فيؤكد أن أهالي الشباب المصريين المفقودين بدولة ليبيا انقطعت أخبارهم منذ فترة طويلة ولا يوجد أي تجاوب من أي مسئول، الأمر الذي أدي إلي ضيق الاهالي وقيامهم بقطع الطريق الزراعي لإجبار السلطات المصرية علي التحرك لإنقاذ أبنائهم في الخارج في ظل تقصير المسئولين في السفارة المصرية بليبيا.
هؤلاء هم أهالي بعض الشباب الاسيوطي المفقود بدولة ليبيا وهناك الكثيرون بقري ونجوع محافظة اسيوط ولكن لم يقم أهلهم وذووهم بتحرير محاضر حتي الآن أملًا في عودة أبنائهم مرة أخري او تدخل الحكومة المصرية لتحريرهم أو معرفة مصيرهم المجهول.
لولا عطا