تخفى مدينة أسيوط بأضوائها المتلألئة
الساطعة، ومبانيها المرتفعة، التى بنى بعضها على الطراز الإنجليزى - حقيقة
ما تعانى منه قرى هذه المحافظة التى تحتل الترتيب الأول فى قائمة القرى
الأكثر فقراً بمصر.
ففى شوارع المدينة الفخمة تستطيع أن ترى
«كريمة» الطفلة الصغيرة التى لا يتعدى عمرها سبع سنوات، وسط مجموعة من
الأطفال، تمسك بعدد من المصاحف، للتسول فى إشارات المرور، من المارة وزائرى
المدينة، القادمين إليها من كل مدن الصعيد.
كانت كريمة ورفيقاتها لا يستطعن دخول
المدينة، أو الاقتراب من شوارعها، أما الآن، فقد اختلف الأمر، بسبب غياب
الأمن وانتشار الفوضى. يستطيع الزائر للمدينة أن يرى أكوام الزبالة
المتكدسة بالشوارع الرئيسية، والمواقف العشوائية التى سدت الطرقات، وأعاقت
حركة المرور.
تغير وضع المدينة تماماً بعد الثورة، ولم
يتحسن بتولى الدكتور يحيى كشك، القيادى الإخوانى، منصب محافظ أسيوط، منذ
ستة أشهر تقريباً، بل زاد الوضع سوءاً، كما يقول أهالى المدينة.
ينتشر فى شوارع المدينة مندوبو بيع فلاتر تنقية المياه، التى تلقى رواجاً كبيراً بالمدينة، بسبب ارتفاع نسبة تلوث المياه بالمحافظة.
فى أحد أبراج المدينة الشاهقة تقع إحدى هذه
الشركات، جلس مديرها بين مجموعة من الفلاتر، يدعى أحمد عبدالعليم يقول:
«نسبة تلوث المياه تتعدى الحد المسموح به، وبحسب تحاليل عينات المياه التى
قامت بها الشركة بواسطة جهاز (t.d.s)، فإن نسبة الأملاح تزيد على 500 درجة،
وتصل إلى 900 درجة فى قرى البر الشرقى، وذلك بسبب اختلاط مياه الشرب بمياه
الصرف الصحى.
أمام مداخل المستشفى افترش عدد من الأهالى الأرض والطرقات.
داخل أحد المكاتب الإدارية بقسم الإصابات
جلس الدكتور عصام الشرقاوى، رئيس القسم، يباشر عمله، أخرج لنا بعض
الإحصائيات، عن عدد إصابات الطلق النارى قبل الثورة وبعدها، وأشار قائلاً:
«إصابات الطلق النارى تضاعفت بشكل كبير، ففى عام 2009 سجلت سجلات المستشفى،
ورود 284 حالة مصابة بطلق نارى، أما فى عام 2012 قفز هذا الرقم إلى 773
حالة، ولا يمر يوم دون وصول إصابات جماعية نتيجة استخدام أسلحة حديثة
متعددة فى معارك الثأر.
تقوم العائلات المتصارعة فى قرى أسيوط بنصب
المدافع الرشاشة، فوق أسطح المنازل، وتستخدم القنابل اليدوية
والـ«آر.بى.جى»، أثناء الخلافات الثأرية، وهو ما أدى لوصول إصابات من نوع
جديد للمستشفى، غير الطلق النارى - كما يقول الدكتور عصام.
أدى انتشار السلاح واختفاء الأمن