**حماد: قاومنا عودة أسيوط إلى إرهاب التسعينات ومظاهرات الإخوان في الجامعات ‘‘حلاوة روح’’
**مصلحة الجماعة الإسلامية مع الدولة والشعب وليس مع الإخوان
**10 آلاف وحدة سكنية بأسيوط خلال عامين وأسيوط أفضل مكان للاستثمار في مصر بشهادة الخبراء
**الاستفتاء على الدستور يوصلنا إما للاستقرار أو الفوضى
أسيوط: محمد منير
عُرف بـ‘‘محافظ الثورتين’’، حيث تولى منصب محافظ أسيوط عقب 25 يناير وكذلك 30 يونيو، فاللواء إبراهيم حماد، صاحب السجل الحافل في الخبرة السياسية والأمنية، مهندس وزارة الداخلية في ملف المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية ومبادرتها لوقف العنف، رجل هادئ في تفكيره، ومتريث في قراراته، وصاحب قرارات إصلاحية دون ضوضاء، ولم يمهله الوقت في المرة الأولى، التي لم تتجاور المائة يوم، سوى بعشرة أيام، لذا فهو يسابق الزمن في المرة الثانية، لإنجاز مخططه التنموي للمحافظة. ‘‘المندرة’’ التقت حماد بعد مرور أربعة اشهر على توليه المسئولية، وكان لنا هذا الحوار.
**توليت قيادة المحافظة مرتين في ظروف استثنائية.. فكيف ترى هذه الظروف وماذا فعلت حيالها؟
بالطبع هذه الظروف تعوق التنمية التي تعتمد على الاستقرار، لذا في المرتين كان همي الأول هو فرض نفوذ الدولة لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن، وعملت بالتنسيق مع جميع الأجهزة الأمنية لمواجهة أية تجاوزات أو عنف أو فوضى، خاصة بعد 30 يونيو، وأرسلت رسالة لجميع القوى السياسية العاملة في الشارع السياسي بأن مجرد حمل السلاح سيواجه بالمثل، وأنه لا يوجد استعداد لديّ لتحويل أسيوط إلى أرض فوضى أو إعادة المحافظة إلى إرهاب التسعينات، وكان لابد من تنفيذ خارطة الطريق بإشعار المواطن بالأمن، أما المسار الثاني فهو توفير السلع الضرورية سواء في الغذاء أو الوقود ومستلزمات الإنتاج، وأصبح عملي الأول كل صباح هو الاطمئنان على توافر السولار والبنزين والبوتاجاز والسماد، بالتعاون مع وزارات التموين والبترول والزراعة.
**أسيوط معروفة بثقل التيار الإسلامي بها.. كيف تتعامل معه؟
الجماعة الإسلامية هنا تعد التنظيم الإسلامي الأكبر في الصعيد كله، وجميع القيادات في الجماعة الإسلامية تعرفني جيدا منذ عملي في قطاع أمن الدولة بوزارة الداخلية، وقد ساهمت في إتمام عملية المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية وخروجها للنور، والتوافق بين قادتها وتنفيذ مبادرة وقف العنف، ثم التزام الجماعة الإسلامية للسلمية الكاملة بعد الثورة ونبذ العنف، والمساهمة في إنشاء حزب البناء والتنمية، ليكون الإطار السياسي لأفراد الجماعة وأنصارهم للعمل السياسي السلمي، وهم يقدرون هذه المواقف جيدا، وقد أخذت الجماعة الإسلامية ومعقلها في أسيوط بعض الخطوات الجادة بعد التورط في أعمال العنف التي يرتكبها أعضاء الإخوان، لكن هذه الخطوات ليست كافية، واعتقد أن مصلحة الجماعة مع الدولة والشعب وليس مع الإخوان التي تورطت في العنف والفوضى وتلوثت أيدي قادتها بالدماء.
**وما تفسيرك لاستمرار العنف من قبل بعض أفراد الإخوان خاصة بالجامعات رغم هدوء الشارع؟
رأيي من الناحية الأمنية أن تنظيم الإخوان يلفظ أنفاسه الأخيرة، فهو مثل المريض الذي يزداد تمسكه بالحياة كلما اقترب أجله، لذا أصدرت الجماعة تكليفاتها إلى كوادرها الشابة غير الواعية بإثارة الفوضى في الجامعات، وهم لا يدركون أن الأمور قد حُسِمت، وما يحدث مجرد حلاوة روح للجماعة، التي تريد أن ترسل للعالم الخارجي رسالة بأنها مازلت على قيد الحياة، على عكس الحقيقة، لأن الشعب التف حول قواته المسلحة التي انحازت له في 30 يونيو.
**وما حجم أهمية الاستفتاء على الدستور سواء في حالة إقراره أو رفضه؟
الاستفتاء على الدستور هو منعطف تاريخي لمصر، لأن مصر الآن بين طريقين؛ الأول هو مصر المستقبل والتنمية والحضارة والاستقرار، والثاني هو مصر الفوضى والعنف، والحكومة وأجهزتها وقواتها المسلحة لن تسمح بتحويل مصر إلى جزائر آخر أو سوريا أخرى أو عراق آخر. والمواطن المصري لديه الوعي والإدراك بأهمية إقرار الدستور للانتقال إلى خطوة أخرى في خارطة الطريق، سواء الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية حسبما يتقرر.
**وما الأثر المباشر على المواطن في حالة إقرار الدستور؟
بمجرد إقراره ستحدث انفراجة كبيرة في كل المجالات، حيث ستعمل كل أجهزة الدولة بكل كفاءة وسيقوم الأمن بفرض الأمان على ربوع البلاد، وستعود السياحة لسابق عهدها ويعود الاستثمار إلى معدلاته وتخرج الأموال للعمل، ويبدأ السياسيون في الاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وبالتالي سيتم السيطرة على الأسعار وتقديم الخدمات بالشكل الكامل.
**هناك اتهام للحكومة بأنها مرتعشة وغير فعالة.. فما تعليقك؟
هذا كلام عار من الصحة يحاول تنظيم الإخوان ترويجه، ويردده البعض ورائهم دون تعقُّل، لكننا لو نظرنا إلى إنجازات الحكومة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، لتأكدنا أن الحكومة الحالية فعلت ما لا تستطع أية حكومة في العالم أن تفعله في ظل تلك الظروف، وأنها حققت نجاحًا قياسيًا، حيث استطاعت تقديم السلع الأساسية بشكل شبه مثالي، رغم توقف عجلة الإنتاج، وحافظت على قيمة الجنيه، بل أنه ارتفع أمام الدولار، وقررت الحد الأدنى الذي سيتم تطبيقه في يناير، وأعفت التلاميذ من المصروفات الدراسية، وأعفت الطلاب من رسوم المدينة الجامعية، وقامت بتشغيل قطاع المقاولات من خلال إنشاء المباني الخدمية مثل المستشفيات والمدارس والطرق وتوصيل المرافق وعقد الاتفاقيات، في الوقت الذي تواجه فيه الإرهاب، وبدأت في استعادة السياحة وإعادة مصر المختطفة من الإخوان، واستطاعت بعلاقاتها الدولية إقناع العالم بأن ما حدث في مصر ثورة شعب واتهامها بالارتعاش سببه مراعاتها للحرية والديمقراطية.
**وماذا عن دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية؟
للأسف كما تعلم، فإن رأس المال جبان، والقطاع الخاص تخاذل بالفعل في الفترة الماضية، لأنه لا يبحث إلا عن المكسب فقط، لكن لابد أن يكون له دور وطني، إلا أن مؤشرات البورصة في الأسبوع الماضي مع الاستثمارات العربية التي تم توقيعها أيضًا ستجعل الأمور تتغير خلال الأسابيع القادمة، والأحوال خلال يناير ستكون مختلفة تماما.
**وما خارطة الطريق المطروحة بعد استقرار الأوضاع وإقرار الاستفتاء؟
مشكلة البطالة تقع على رأس قائمة جدول عملنا، فسنعمل خلال الفترة القادمة على تشغيل الشباب، لأن ذلك سيؤدي إلى حل مشكلات كثيرة، وسيمنع حدوث مشكلات أخرى، غير أن تنفيذ هذا المحور سيتم من خلال عدة مسارات، أولها حل المشاكل المتعلقة بالمناطق الصناعية، وهو ما بدأنا فيه بالفعل، وتم توفير 184 مليون جنيه لاستكمال البنية الأساسية للست مناطق الموجودين بأسيوط خلال العام القادم، وإيجاد حوافز للمستثمرين، وهو ما أعلنه التقرير الصادر منذ أيام عن ممارسة الاستثمار في مصر، حيث وضع أسيوط كأعلى محافظة في حوافز الاستثمار، ويمكن للمستثمرين تحقيق أرباح كبيرة من خلال توفير عوامل الجذب وتوافر المناخ الجيد لذلك.
**رغم كل ما يحدث إلا أن أبناء أسيوط لا يستفيدون من تلك الفرص لعدم وجود كفاءات، فكيف عالجتم ذلك؟
لقد تداركنا هذه المشكلة بالفعل وقمنا، بالتعاون مع صندوق تطوير التعليم بمجلس الوزراء، بإنشاء مجمع تعليمي تكنولوجي متكامل بخبرة إيطالية، لتأهيل شباب أسيوط للوظائف الفنية الصناعية، من خلال المدرسة الميكانيكية، ويتكون المجمع من ثلاث مراحل؛ الأولى هي الدبلوم من ثلاث سنوات، ثم الكلية التكنولوجية لمدة عامين، وأخيرا الكلية التكنولوجية المتقدمة، وسيتم عمل دورات للتدريب التأهيلي والتحويلي، طبقا لاحتياجات المناطق الصناعية.
**وهل تتوقف عملية تشغيل الشباب على مسار الصناعة فقط؟
أكيد لا، فالزراعة والسياحة اتخذنا بهما خطوات للأمام، وتم الاتفاق على عمل مسح للأراضي الصحراوية على جوانب الطرق، لتوزيعها على الشباب، مع تقديم التسهيلات اللازمة، بالإضافة لطرح مزارع المحافظة للمستثمرين لتشغيل الشباب، ومساحتها 970 فدان، منها 830 في مزرعة الوادي الأسيوطي، و140 فدان في مزرعة الغريب.
أما السياحة، فالجهود المبذولة بها كبيرة حتى الآن، لوضع أسيوط على الخريطة العالمية للسياحة، من خلال المكاتب الاستشارية للدعاية العالمية في وسائل الإعلام، بالتعاون مع وزارة السياحة، وبدأ العمل في توفير البنية الأساسية، مثل تجهيز متحف أسيوط ورصف الطرق المؤدية للمناطق السياحية.
**وهل من حلول مقترحة لإنهاء أزمة أسعار السكن؟
نواجه هذه المشكلة بكل شجاعة وسرعة، ونقدم حلولًا عاجلة ومستقبلية، فالحلول العاجلة التي تم البدء فيها، أولها إنشاء مدينة 30 يونيو، القريبة من مدينة أسيوط، بجوار قرية منقباد، وتشمل المرحلة الأولى، التي ستنتهي خلال 18 شهر، حيث يتم إنشاء 140 عمارة سكنية بها 3360 وحدة مساحة كل منها 75 متر، شاملة التشطيب، والمرحلة الثانية مدتها عامان، تشمل إنشاء 60 عمارة، بها 1500 وحدة، بالإضافة إلى أننا وقعنا بروتوكولًا مع وزارة الإسكان لتنفيذ مشروع اجتماعي إسكاني في جميع مراكز المحافظة، لإنشاء 211 عمارة سكنية، بها 5061 وحدة سكنية، مساحة الواحدة 75 متر.
**أسيوط الجديدة بها عقارات تقدر بالمليارات، فما وضعها ضمن مخططاتكم؟
مشكلة أسيوط الجديدة أنها ليست جاذبة في موقعها الجغرافي، مما يجعل السكان لا يقبلون عليها، لذا نعمل الآن على وجود عناصر جذب للاستفادة من الثروة العقارية الموجودة بها، وأولها إنشاء جامعة أهلية تابعة لجامعة أسيوط، بالإضافة إلى إنشاء قسم شرطة ووحدة مرور وهيئات خدمية، واعتقد أن وجود طريق البحر الأحمر والطرق الصحراوية الملاصقة، لها سيؤدي كل هذا إلى تنميتها، لأنها تستوعب سكان أكثر من عشرة أضعاف السكان الموجودين بها الآن.
**وأخيرا ماذا عن الهيكل الإداري في المحليات داخل المحافظة؟
بمشاكل المحليات متوارثة منذ فترات طويلة، ونحاول أن نقضي على الفساد الموجود بها، وقد قمت بعمل حركة بين مهندسي الأحياء والمدن شملت 29 مهندسًا، لأن الفساد يتولد من بقاء الموظف في مكانه لفترة طويلة، وسنقوم بحركة كبيرة خلال الفترة القادمة على مستوى قيادات المدن ليصبح البقاء للأكفأ.
محمد منير