استفدت من التواصل مع الجماهير في أزمة السيول بـ عزبة سعيد.. والمواطن البسيط لديه حلول لمشكلاته أكثر من المسئولين نعمل علي حل أزمة توافر العمالة االمطلوبة بالمناطق الصناعية.. و38% من أبناء أسيوط يعانون الأمية.. وبدأنا المواجهة
أكد اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط أنه اصطدم بالواقع الصعب مع بداية توليه المنصب مشيرا إلي أن الفساد الذي اكتشفه فاق التوقعات.. وأكد التصدي له بكل حسم وقوة.
وقال نورالدين في حوار لـ الأهرام المسائي تصديت
لـ مافيا البناء باتخاذ عدة قرارات حاسمة بنقل جميع العاملين بمختلف الإدارات الهندسية ومصادرة معدات ومواد البناء وفرض غرامات كبيرة علي المخالفين. وأضاف أنه استفاد من التواصل مع الجماهير في أزمة السيول التي ضربت عزبة سعيد مشيرا إلي أنه اكتشف أن المواطن البسيط لديه حلول لمشكلاته أكثر من المسئولين.
وأوضح أن المحافظة تعمل حاليا علي حل مشكلة توافر العمالة المطلوبة بالمناطق الصناعية الست الموجودة بالمحافظة, مشيرا إلي أن هناك38% من أبناء أسيوط يعانون الأمية إلا أن أجهزة المحافظة بدأت في مواجهة المشكلة. وكشف أنه استطاع حل أزمة مشكلة محطة مياه ديروط العملاقة وتم التشغيل التجريبي لها عقب اجتماعه مع المسئولين عن التنفيذ.
وإلي نص الحوار.....
* كيف تلمستم خطواتكم الأولي لمعرفة أوضاع أسيوط ؟
** حينما تم تكليفي بالعمل محافظا لأسيوط غمرتني السعادة ولكن عقب تسلمي العمل وبدأت جولاتي الميدانية المفاجئة بمفردي اكتشفت الواقع المرير الذي باتت عليه عاصمة الصعيد من فقر وإهمال وتوقف عشرات المشروعات وانتشار القمامة وكنت أتخيلها أكثر تطورا من هذا, وفي كل يوم يمر أصطدم بمشكلات مزمنة رغم أن كثيرا منها لها حلول ولكن حالة اللامبالاة من قبل المسئولين ومن ثم المواطنين زادت الوضع سوء, فضلا عن الفساد المتفشي في الإدارات وبعض المصالح والذي فاق المعقول ووصل إلي مراحل لا يمكن الصمت عليها وهو ما جعلني أغير فكري واستراتيجيتي نحو العمل علي عودة عاصمة الصعيد إلي مكانتها أولا بعد تذيلها قائمة التصنيف بين محافظات الصعيد ووصولها للقب المحافظة الأفقر علي مستوي الجمهورية.
* كيف اكتشفتم أن الفساد فاق المعقول وكيف كانت المواجهة ؟
** أفادني النزول المفاجئ والتفتيش علي المواقع وتكرار الزيارات للمكان الواحد في التعرف عن قرب علي حجم المشكلات التي يعيشها المواطنون وكان أغلبها يكمن في المحليات وتحديدا في الإدارات الهندسية, حيث استمعت للمواطنين بأنفسهم من خلال التواصل المباشر معهم سواء عن طريق المقابلات الشخصية أو حتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي من خلالها تلقيت وقائع فساد كثيرة تيقنت من حقيقتها لذا كان لابد من التفكير خارج الصندوق بتفكيك شبكات الفساد وعليه اتخذت أول قرار لي بأن قمت بإجراء أكبر حركة تنقلات داخل الإدارات الهندسية بنقل المهندسين والتبديل فيما بينهم, ثم توجهنا للمعاونين من الفنيين والذين يمثلون حلقة الوصل بين المواطن والمسئول وكان لتنفيذ هذا القرار دور إيجابي في مواجهة الفساد المستشري في هذه الإدارات, ولم نتوقف عند هذا الحد بل قمنا بالتواصل مع وزيرة التخطيط لإجراء ميكنة للإدارات الهندسية بحيث يتم فصل طالب الخدمة عن مقدمها وحتي تكون لدينا قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها عند فحص أي رخصة بناء في أي مكان ومراجعتها, وهناك حالات تمت إحالتها للنيابة خصوصا أن أصحاب المصالح مرتبطون بالأشخاص الموجودين في هذه الإدارات وعندما كنا نسأل عن الإجراءات المتخذة حيال مبني مخالف بعينه يتم تقديم حزمة من الأوراق دون اتخاذ أي إجراء فعلي لذا حذرت الجميع بأن من سيقع تحت يدي لن أرحمه وسيتم تطبيق القانون عليه, وأعترف بأن هناك ضحايا للقرار ووقع ضرر علي البعض ممن لهم ظروف صحية وليسوا فاسدين ولكن لضرب الفساد من جذوره تم نقلهم وفيما بعد سيتم مراعاة ذلك.
* تحدثتم عن فساد البناء المخالف فهل لديكم تقديرات بحجم المخالفات أو إن جاز التعبير حجم الفساد؟
** بداية أود أن أوضح أنني أواجه شبكة ومافيا من حيتان العقارات تحت مسمي رجال أعمال ممن يمتلكون ثروات طائلة ولعل أبسط شيء أنك تسمع عن عقار بالكامل مبني وغير مستغل ويقدر ثمنه بالملايين ويترك سنوات دون استغلال من صاحبه وإذا كانت كل تلك الملايين متروكة فكم تقدر إذن ثروة مالكه؟
* إذن كيف تعاملتم مع هذه المافيا ؟
** فوجئت بأن هذه المافيا دمرت قطاع الإسكان في أسيوط ووصلت به لحد الجنون بعد ارتفاع الأسعار الذي وصل إلي أرقام فلكية وشاهدت أن أغلب المناطق الجديدة حولوها إلي عشوائيات فلكم أن تتخيلوا شارع لا يزيد عرضه علي6 أمتار مشيد به عشرات الأبراج الشاهقة التي يتجاوز ارتفاعها الـ12 طابقا وهو أمر كارثي من حيث الضغط علي الشبكات, لذا ضيقنا عليهم الخناق بمصادرة المعدات التي تعمل في العقارات المخالفة وبدأنا نتابعها فلجأ هؤلاء للعمل ليلا وباستخدام خرسانة جاهزة فتم التنبيه علي رؤساء الأحياء والمراكز بتكثيف الحملات الميدانية لمتابعة وحصر أي تعديات قد تحدث وإزالتها في المهد قبل تطورها وتفويضهم لإصدار وتنفيذ قرارات وقف الأعمال والإزالة, كما تم إنشاء وحدة للتدخل السريع جاهزة للعمل علي مدار الـ24 ساعة لمساعدة الأحياء والمراكز في أعمال إزالة المخالفات, فضلا عن إلزام أصحاب العقارات الجاري إنشاؤها بوضع لوحة إرشادية علي المبني توضح اسم صاحب المنشأة واسم شركة المقاولات وصاحبها ورقم الرخصة وتاريخها والتحفظ علي المعدات التي يتم ضبطها في موقع البناء المخالف وفرض غرامات علي المخالفين برئاسة المهندس نبيل الطيبي السكرتير العام المساعد.
وماذا عن الكتل الخرسانية التي باتت تمثل أمرا واقعا ولا تتطابق مع المخطط العمراني للمدينة ؟
لا شك بالفعل أن هذه العقارات المخالفة باتت تمثل أمرا واقعا لذا سيتم تحميلها بغرامات البناء والارتفاعات ومخالفة خطوط التنظيم, كما أننا نتناقش حاليا مع هيئة التخطيط العمراني لتحديث المخطط ليتوافق مع الواقع ونجحنا منذ أول سبتمبر الماضي في وقف جميع الأعمال المخالفة, وابقي باضحك علي نفسي لو قلت إن الفساد اختفي بنسبة100% لكن هناك تحجيما له, وهناك تعليمات واضحة في القضاء علي الفساد خصوصا أنه أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل ثقة المواطن تهتز في القيادات كما أني فوجئت بأن حجم الفساد تعدي النسب الطبيعية لكن لأن كثيرا من الإدارات مبنية علي سوس فكان التعامل معها بحذر حتي لا تسقط نهائيا ولكن هذا لا يمنع أن الأيام المقبلة ستشهد مفاجآت.
> يعاني المواطن الأسيوطي عدم التواصل بين المسئولين والجماهير.. فهل نجحتم في الاقتراب من المواطنين ؟
نعم أعترف بذلك فمنذ أن قدمت إلي أسيوط ولاحظت أن أجهزة الحكم المحلي كانت فاقدة التواصل مع المواطنين والذين من كثرة الشكوي أصبح لديهم حالة من السلبية واللامبالاة تجاه الجهود الحكومية, لذا كنت حريصا علي فتح قنوات للتواصل المباشر مع المواطنين من خلال عودة اللقاء الجماهيري واستخدام وسائل التواصل الحديثة وبدأت اللقاء الجماهيري والذي يبدأ من التاسعة مساء يوم الأربعاء ويستمر حتي الساعات الأولي فجرا بنحو750 مواطنا كما وصلت متابعة المواطنين للصفحة الرسمية للمحافظة لنحو105 آلاف متابع يقدمون من خلال تعليقاتهم وتواصلهم مشكلاتهم ويقيمون ما نقدمه لهم والتعامل الفوري مع المشكلات وإطلاع المواطنين علي حقيقة الموقف وكيفية التعامل معه, ونظرا لأن هناك كثيرا من القضايا والمشكلات ربما ليس لها عندي رد فقد تم عقد لجان أسبوعية مصغرة لحل مشاكل وطلبات المواطنين بحضور القيادات التنفيذية المختصة مثل الشئون الاجتماعية, وأخيرا تم الاتفاق علي إقامة شباك خاص بالمجلس القومي للمرأة لتلقي شكاوي المرأة ومعالجتها مع تقديم المواطنين شكاواهم لمكتب خدمة المواطنين ويتم تجهيز الرد وطرحه علي صاحب الخدمة والاستماع لرده وتعليقه ويتم اتخاذ قرار ولو كان الأمر يحتاج لفحصه مرة أخري يتم فحصه بآليات جديدة, بخلاف الجولات الميدانية والزيارات المفاجئة للقري والنجوع والوضع تغير تماما الآن وأصبح بمجرد أن يشتكي المواطن يجد تفاعلا معه من الجهاز التنفيذي.
من المؤكد أن هناك نتائج خرجتم بها جراء تواصلكم مع الجماهير والاحتكاك بها؟
الحقيقة أننا اكتشفنا كوارث ووجدنا أن هناك شوارع قام الأهالي بالتجرؤ وإغلاقها ومنع المواطنين من المرور بها وهناك مخالفات مبان وشقق سكنية مؤجرة تم الاستيلاء عليها من قبل الملاك وعمل إثبات حالة للجوء للنزاع القضائي والتفاعل مع قرارات هدم وخلافه وهذا كان منتشرا جدا ووضعنا آليات لحماية هؤلاء الضعفاء واكتشفت أن الأماكن البعيدة عن العاصمة بها قصور شديد وتدمير في الخدمات كما كان الصادم لي أن نسبة الأمية في أسيوط وصلت لنحو38% وأغلبهم من النساء وهي نسبة كبيرة وتعوق خطط التنمية.
وماذا فعلتم لمواجهة الأمية ؟
قمنا بالإعلان عن برامج محو الأمية وتحفيز الخريجين والمعلمين بمنحهم مكافأة شهرية قدرها300 جنيه عن كل دارس ناجح بحد أدني10 دارسين بالفصل الواحد في دورة مدتها3 أشهر وذلك بالتنسيق مع مديريات الخدمات بالمحافظة لتوفير أماكن لتلك الفصول علي أن يتقدم الخريج إلي مديرية القوي العاملة بالمحافظة لتسجيل بياناته الشخصية علي أن يتم التدريس في فصول مسائية بالمدارس والمساجد ومراكز الشباب والوحدات الصحية ونظرا لأن النسبة الكبيرة بين السيدات تمت مخاطبة الرائدات الريفيات وعددهن507 للمشاركة في المبادرة وبالفعل وصلنا لنحو310 فصول الآن بعد أن كنا الشهر الماضي31 فصلا وبعد أن وجدنا صعوبة في جذب الراغبين في التعلم بدأنا نقدم حوافز لهم وأغلبهم تحت خط الفقر من خلال بعض المؤسسات الخيرية عبارة عن كرتونة مواد غذائية علي أن يتم منحهم مثلها نهاية الدورة.
تمتلك أسيوط6 مناطق صناعية ولكن لا تتوافر لها العمالة الماهرة.. فما هي خطتكم لحل هذه المشكلة ؟
نعم هناك6 مناطق صناعية بأسيوط بعضها مرفق والآخر غير مرفق وتعاني بعض المشكلات ولكننا وضعنا خطة تستهدف تعظيم الاستفادة منها من خلال التواصل مع أصحاب المصانع لتوفير ماكينات قديمة لتدريب طلبة الدبلومات الفنية عليها وبذلك يحدث ربط بين ما يدرسه الطالب وسوق العمل ووجدنا بالفعل استجابة من هذه المصانع وأكد أصحابها أنهم يعانون في تدبير العمالة الفنية الماهرة وبذلك نستطيع أن نساعد الخريجين في الحصول علي فرصة عمل بعد التخرج ونوفر للمصنع العمالة الماهرة, كذلك تمت مخاطبة هيئة التنمية الصناعية لإلغاء البروتوكول الموقع بيننا وبينها لنتمكن من تسويق مواردنا خصوصا أننا بحاجة ماسة لمصانع تقوم علي محصول الرمان الذي تمتلك أسيوط وحدها وخاصة في مركزي ساحل سليم البداري نحو80% من حجم إنتاجه في مصر ويتم تصديره خاما بأسعار ضئيلة وكذلك إنشاء مصانع لتعظيم الاستفادة من مخلفات الذرة خصوصا بعد توفير مفارم وهو ما أدي إلي خفض السحابة السوداء التي كانت تصيب أسيوط بالاختناق كل عام.
حمادة السعيد
وائل سمير