عرف حقوقه وواجباته تجاه مصر التي كان يعشقها، فشارك في ثورة 25 يناير ككل الشباب وأصيب أكثر من مرة ويشاء القدر أن يستشهد في أحداث ماسبيرو المؤسفة إنه مينا ابراهيم دنيال الذي أصيب بطلق ناري أحدث تهتكا في الأحشاء فأدي الي الوفاة.
في منزلهم بالمطرية شقيقته الكبري ماري دنيال تقول: نحن من محافظة أسيوط جئنا الي القاهرة بعد أحداث الفتنة الطائفية والارهاب التي حدثت في نجع حمادي وديروط مع والدي ووالدتي فنحن سبعة أشقاء ومينا كان اصغرنا 20 عاماً، وكان يناديني بماما لأنني لم أنجب وقمت علي تربيته منذ صغره، فهو ابني وليس شقيقي.. وفي مرارة تسترجع الماضي وتقول: مينا في طفولته كان ملاكاً أو قديساً يحب كل الناس ولا يكره أحد، وكان هادئ الطباع جداً لا يعرف الشغب، وكل من يراه يحبه ويرغب في التحدث معه كان يحب الدراسة ويحصل دائما علي المراكز الأولي في الكنيسة.. ليس له أي طلبات كباقي الأطفال بل هي طلبات بسيطة وقليلة حتي إذا طلب شيئا لا يعاود طلب شيء غيره مرة أخري.
وتنهمر الدموع من عينيها وتقول:
لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يشارك فيها في المسيرات أو المظاهرات فمنذ أحداث نجع حمادي، ومينا يشارك في المسيرات السلمية فلم يكن هناك أي مسيرة أو وقفة احتجاجية إلا وشارك فيها حتي إذا سألني أي حزب أو حركة عنه يقولون: إنه من أعضائه، رغم أنه لم ينضم إلي أي منهم لأنه لا يحب أن يقيده شيء يحب الانطلاق، موجود مع كل المجموعات، ولكن دون قيد ولكنه في الحقيقة اشتراكي يساري، وكان يعشق جيفارا حتي أنه توفي بنفس الطريقة الذي توفي به جيفارا وكان يحب كل الأصالة من فن وموسيقي ويعشق الأغاني الوطنية وليس كما كان الشباب اللي بيسمع أغاني هذه الأيام بل كان يحب سيد درويش وعبد الحليم حافظ وفيروز وغيرهم.
تصمت للحظات ثم تقول: اصيب أكثر من مرة أثناء الثورة وكان يفدي اصدقاءه، ولكنه لم يخبرني بشيء لأنه يعلم أن هذا يؤلمني ولكنني كنت أعرف من أصدقائه، وكلما حدث شغب أو ضرب اتصل به لأطمئن عليه، كان يقول لي: «أنا بعيد عن الضرب يا أمي ولا تقلقي» رغم أنه في المقدمة ذهبت إليه فوجدته أصيب بجرح في وجهه ورش في كل جسده، ولكنني قلت الحمد لله علي كده ولم أعاتبه علي ذلك حتي أنني لم أقدر علي منعه من الذهاب الي التحرير أو أي مظاهرات مرة اخري، وكل ما كنت أقوله «لو نفسك مش غالية عندك حافظ عليها علشاني أنا».. أما في احداث ماسبيرو ذهبت معه أنا وشقيقتي الأخري،وكان اليوم عادي جداً واعتبرناه «فسحة» فكان هناك الأطفال والشيوخ وبعض الشباب يركب الدراجات لم نتوقع أن يحدث شيء.. اتصلت به لحظة الضرب لأنه كان في المقدمة فقال: لا تخافي أنا بعيد، وكانت آخر مرة أسمع فيها صوته.
تتوقف عن الحديث وتخرج الكلمات مختنقة وهي تقول: مينا كان نفسه يستشهد وكان كاتب اسمه من ضمن كتاب الشهداء منذ ثورة 25 يناير، وتضيف: الشباب بعد الثورة فكروا في أن البلد اتصلحت خلاص.. ففي أحد الأيام قال لي: عايزاني أمسك وزارة إيه، فقلت له: اللي انت بتحبها الآثار، كانت أحلامه كبيرة وكان نفسه مصر تبقي حلوة، وكان دائما يقول الإنسان قيمة كبيرة لابد أن نحافظ عليها، وأنا كان نفسي يبقي حاجة كبيرة يدرس اللي بيحبه ويتجوز الانسانة اللي بيحبها «بس لو كنت رحت معاه كنت استريحت أكثر».
وفي النهاية تقول: حتي قضية ماسبيرو تمت تسويتها لأن البابا شنودة كان تابعاً للنظام السابق وكلهم زي بعض ولما قلنا هنشتكي علشان حق أولادنا قال: عندكم دليل علي اللي قتل؟ طيب هنعمل إيه حق أولادنا ضاع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق