يترقب الناس كل عام باهتمام كبير حضور أستاذ الإنشاد الديني الشيخ ياسين التهامي إلى ساحة السلطان الفرغل لإحياء الليلة الختامية كعادته كل عام .
أما هذا العام فقد زاد اهتمام الناس وزاد حديثهم وتهامسهم قبل الليلة بأيام , هل سيحضر الشيخ ويحيي الليلة أم أنه لن يحضر ؟
كثير من الناس ظنوا أن الشيخ لن يحضر مولد السلطان الفرغل هذا العام على خلفية ما حدث في العام الماضي .
وفي يوم الجمعة 13 / 7 / 2012 ترقب الناس حضور عميد الإنشاد الديني حيث تعودوا أن يشاهدوه ويستمتعوا بإنشاده ويسبحوا معه في مدارات جمال الكلمات الصادقة لساداتنا من أهل الفضل .
هذا هو حال المتابعين والمحبين للسلطان الفرغل وللشيخ ياسين من كل محافظات مصر , حالة من الترقب والقلق . . يريد الناس أن يشاهدوا كيف سيلتقي الشيخ بجمهوره هذا العام .
أما الشيخ ياسين
فقد تربى على الأخلاق الفاضلة في أسرة تقتدي وتتأسى بسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جميع تعاملاتها مع من وما خلق الله .
فالشيخ يضع دائما أخلاق النبي نصب عينيه , وقد كان – صلى الله عليه وسلم – " لا يقابل السيئة بالسيئة , وإنما يعفو ويصفح " وعلى هذا الدرب يسير الشيخ في حياته متأسيا بحبيبه وجده المصطفى – صلى الله عليه وسلم - .
في كل مناسبة يدهش الشيخ جمهوره بإنشاده المتميز , وبأدائه المبهر , أما هذه الليلة فقد أدهش الحضور وأبهرهم قبل أن ينشد .
أدهش الشيخ الحاضرين عندما وقف على المسرح ليلقى كلمة إلى الناس , فوجد الناس أنفسهم أمام خطيب مفوّه , ومتحدث بارع , يملك فصاحة في البيان , ورجاحة في العقل والتفكير , رجل يهتم بأمر وطنه وينشغل بما يصلح شأنه ويضمن له استقراره وتقدمه .
قبل أن يتكلم الشيخ قدم أحد الحضور اعتذارا للشيخ نيابة عن أهل البلدة وقال إن الشيخ لا يأتي إلى هذا المكان لأحد أو بدعوة من أحد وإنما يأتي تقديرا لمقام السلطان الفرغل .
وسأل الرجل سؤالا للشيخ : هل أنت غاضب من أحد أو في قلبك شيء تجاه أحد ؟
فأقسم الشيخ بالله أنه لا يحمل في صدره أي كراهية أو ضعينة لأحد على وجه الأرض .
فجزاكم الله خيرا - شيخنا - جزاك الله الجنة كما جزى من صفى قلبه ونفسه من أمراض القلوب .
ثم بدأ الشيخ في الكلام فقال :
من هذا الميدان الطاهر ميدان سيدي أحمد الفرغل – رضي الله عنه وأرضاه , بل ومن كل ميادين جمهورية مصر العربية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها , هذه الميادين ليس لها مطمع ولا مغنم في أي شيء إلا رضاء الله ورسوله , ولا أحد مجبور على الحضور أو عدم الحضور لأننا جميعا يجمعنا حب الله ورسوله وأصحابه وخلفائه .
ثم ذكر الشيخ نبذة عن الشيخ صاحب الذكرى وما حدث بينه وبين الإمام ابن حجر .
وبعدها وجه الشيخ رسالتين :
الأولى قال فيها :
[ أتضرع إلى الله عز وجل أن يمنحنا الأمن , فبالأمن يأتي الأمان
وبالأمان يكون الاستقرار , وبالاستقرار يكون العمل
وبالعمل يكون الاكتفاء الذاتي , وبالاكتفاء الذاتي تكون الحرية
وبالحرية تستطيع أن تقول أنا مصري مصري عربي تدب في أعماقي أنسنة الإنسان ]
والرسالة الأخرى وجهها لكل العالم فقال :
[ يا أيها العالم لا تغتر باقتصادك , لا تغتر بتكنولوجيتك , لا تغتر بسطوك واغتصابك للبلاد والعباد بدون وجه حق , واعلم أن لهذا الكون رب لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية وهو غني عن خلقه رحمن رحيم شديد البطش جبار .
أيها العالم آمنت به أو لم تؤمن .
بسم الله الرحمن الرحيم
" إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز " ]
ثم قال في النهاية :
فنسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يمن علينا وعلى رئيسنا بالبطانة الصالحة لكي ينهض بنا جميعا .
وأقول في النهاية وأقسم بالله العلي العظيم أنه لو خلصت النوايا يسر الخالق ما عثره الخلق . . . وشكرا .
كانت هذه الكلمات الموجزة المعبرة الشاملة مثار إعجاب وتقدير من جميع الحاضرين في ساحة السلطان الفرغل , وأبدى الناس إعجابهم وتقديرهم للشيخ ولموقفه الذي تغاضي فيه عن أي خلافات شخصية , وتعالى عن أن ينتصر لنفسه .
وتذكرت في هذا الموقف كلمة من مأثور قول الشيخ كثيرا ما يرددها حيث يقول :
( ليست الشجاعة أن تنصر على عدوك , ولكن الشجاعة أن تنتصر على نفسك )
فانتصر الشيخ على نفسه ولم ينتصر لها , فرفع الله مكانته وزادت محبته في قلوب محبيه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق