تصاعدت الأزمات داخل حزب الوفد في مصر بعدما أعلنت حركة 'وفديون عائدون' في محافظة أسيوط عن اندماجها مع حركة 'الوفديين الأحرار' تعبيرا عن استيائها من تدهور الأوضاع داخل الحزب الذي لم يتعاف بعد من أزمة الخلاف مع عدد من أبرز قياداته بسبب خلافات حول الموقف من مجلس الشعب ومدى قانونية إبطاله.
وطالبت حركة وفديون عائدون رئيس الحزب وسكرتيره العام بالاستقالة وحملتهما مسؤولية تدهور شعبية الحزب الذي كان ملء السمع والبصر في النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن يتراجع كثيرا في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ويتهمه الكثيرون بأنه بات أقرب إلى المعارضة 'الديكورية'.
لكن الحزب اختار التقليل من شأن هذه الانتقادات والانشقاقات، وقال في بيان صدر أمس باسم رئيسه د. السيد البدوي إنه 'لن يفرط في ثوابته أو مبادئه ويدرك سعي البعض إلى ابتزازه وتحجيم دوره الوطني بهدف التأثير على مواقفه لمصلحة حسابات سياسية ضيقة تناقض المصالح العليا للوطن'.
الباحث السياسي أشرف العطار قال للجزيرة نت إن الخلاف حول الموقف من مجلس الشعب كان أبرز الأزمات الأخيرة داخل حزب الوفد الذي سبق له أن تعرض لانشقاقات عديدة خلال سنوات حكم مبارك، وإنه قد يكون مقبلا على فترة هي الأصعب في تاريخه.
أجواء مدبرة
وكان حزب الوفد قرر إحالة عضو هيئته العليا محمد عبد العليم داود إلى التحقيق بسبب مشاركته في الجلسة التي عقدها مجلس الشعب قبل نحو أسبوع تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية د. محمد مرسي بعودة المجلس، والذي كان المجلس العسكري قد اعتبره منحلا تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان بعض نصوص قانون الانتخابات البرلمانية.
لكن النائب البرلماني الذي تحدث للجزيرة نت قال إنه يحترم الالتزام الحزبي، لكنه قام بما يراه حقا خاصة أنه يعتقد أن قرار حل المجلس وما سبقه من حكم المحكمة الدستورية جاء ضمن أجواء انتقامية مدبرة تسعى لسلب سلطة التشريع من مجلس الشعب ومنحها للمجلس العسكري الذي كان يتولى الحكم خلال الفترة التي أعقبت تنحي مبارك.
وأضاف داود، وهو وكيل لرئيس مجلس الشعب، أن التاريخ العريق لحزب الوفد يجب ألا يسمح بتقديس أحكام سياسية وانتقامية باطلة، كما يجب ألا يسمح بسلب سلطة التشريع من البرلمان ومنحها إلى مجلس عسكري.
كما رفض القول بوجود أزمة بينه وبين حزبه، معتبرا أن المشكلة الحقيقية مع عدد قليل ممن وصفهم بالفاشلين الذين يسعون للسيطرة على الحزب والتأثير في قرارات ومواقف رئيسه البدوي.
ضم الفلول
من جانبه، فإن العطار يشير إلى أن المشكلة الحقيقية التي تعترض حزب الوفد حاليا نتجت عن توجهه بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، إلى فتح الباب أمام عدد من فلول الحزب الوطني المنحل الذي كان يهيمن على الحياة السياسية خلال عهد مبارك، حيث ضم إلى عضويته عددا منهم خصوصا رجال الأعمال.
ويرى أن هذه الخطوة كانت نوعا من تبادل المصالح الضيق لكنها أضرت بالحزب لأن هؤلاء لا ينتمون لفكر الوفد ولا يؤمنون بأهدافه، وإنما سعوا للاستفادة باسم الوفد واستغلاله كمظلة يحاولون من خلالها العودة لصدارة المشهد السياسي، كما أن الحزب اعتقد أن ضم هؤلاء قد يساعد في تحقيق مكاسب سياسية أو مالية.
والنتيجة الطبيعية لما جرى الأشهر الماضية، كما يرى الباحث السياسي، كانت ضعفا شديدا في أداء الحزب وحصيلة متواضعة له بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، ليصبح الوفد في حقيقة الأمر كيانا أضعف بكثير من اسمه وتاريخه.
ويتفق داود مع العطار في ما آل إليه الوفد، ويؤكد أن الحزب بات أمام فرصة أخيرة وهي الارتباط بالشارع المصري ومحاولة التعبير عن نبضه في ظل حالة من الشفافية والوضوح والعمل الجماهيري الجاد، بدلا من التحول إلى باب خلفي لعودة فلول حزب مبارك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق