لم يجد داخل وطنه سبيلا لعيش
كريم في واقع مؤلم أحاطت به ظروف معيشية صعبة و مضطربة فراح يبحث عن طوق
النجاة في براثن المجهول بسبب ظروفه الإجتماعية التي كانت أقوى من صوت
العقل وأحلام الهجرة الأعتى من مطالبات الأهل بالبقاء وعدم الرحيل.
ولأن الواقع المؤلم فاق كل
التصورات قرر "علاء السيد" الهجرة بشكل غير شرعي بحراً، حيث فرص العمل
الوفيرة والمردود المالي المناسب-هكذا حلمه- في محاولة للهرب من شبح الفقر
بعد أن وقع في براثن عصابات الجريمة المنظمة التي أغرته بالسفر إلي إيطاليا
عبر البحر المتوسط.
لا زال حلم الهجرة غير
الشرعية لمواجهة شبح الفقر والبطالة هو الفكر الغالب على معظم شباب
محافظته، فكل منهم يلهث وراء السفر بطريقة غير شرعية من اجل العودة إلى
قريته مستقلا السيارة الفارهة تاركاً منازله القديم ليسكن القصور الفخمة .
قرى أسيوط سجلت أعلي نسب السفر
بطرق غير شرعية سعيا وراء أوراق اليورو الأوروبي والجنيه الليبي , ووصل عدد
الضحايا للآلاف ولا يزال شبابها يقبلون علي رحلة الموت.
يقول أحد الضحايا، ويدعي "بيتر
جرجس" انه فشل في أربع محاولات للسفر إلي إيطاليا، وفي كل مرة يدفع ما بين
عشرة وأثني عشر ألف جنيه، وعن سبب اختيار إيطاليا يقول: ضيق الحال وعدم
توافر فرص العمل, بالإضافة إلي سفر بعض جيراني إلي روما وعملهم هناك،
وإرسال مبالغ نقدية كبيرة إلي ذويهم هو الدافع الأول لهذا الاختيار المحفوف
بالمخاطر.
قال أحد الأهالي من قرية "موشا"
ويدعى محمد إسماعيل عبد السلام -55 سنة- أنه لا يعرف شيئاً عن ابنه محمد
منذ أن خرج للهجرة عبر البحر قبل عشر سنوات، ولم يكن قد مرّ على زواجه أكثر
من عام، وترك زوجته وهي حامل في ابنه الذي التحق بالمدرسة الآن.
ويشير "منير نادى"
-32 عاما-
أنه لم يستطع الصمود أمام مصاعب الحياة التي لم تعد تقتصر على الأمور
التعليمية فحسب بل تتعدى لصعوبات العثور على عمل ،مضيفاً أنه ذو طموح ففكر
مع أصدقائه أن يهاجروا بطريقه غير شرعيه بعد أن فشلوا في الحصول على تأشيره
بالطرق القانونية .
ويستنجد "أسامة عيد"- حاصل على
دبلوم- قائلاً :فشلت طوال عشرة سنوات في الحصول على فرصة عمل ثابتة
ومستقرة، تعينني على أعباء الحياة وتكوين نفسي، فمتطلبات الحياة أصبحت ترهق
كاهلي، وقد راودتني في كثير من الأحيان فكرة الهروب إلى الدول الأوروبية
سعيًا وراء فرصة عمل, وعن مدى إصراره على الهجرة بعد الثورة أكد أن الأحداث
والظروف الإقتصادية التي تموج بها مصر حاليا أغلقت أبواب الأمل أمام جميع
الشباب , وأصبح إصراره على الهجرة اكبر لحين استقرار الأوضاع في مصر.
بينما اكد "محمد الطويل" -70
عاما - أن آخر الحوادث المأساوية العالقة في ذهنه عن الهجرة الغير شرعيه
منذ ما يزيد علي ثلاث سنوات حيث لقي ستة شباب من مركز أبنوب حتفهم خلال
رحلة بحريه بطريقه غير مشروعة بعد انقلاب وتفجر المركبين قرب الحدود
الإيطالية ,ويحكى قصة أخيه الذي فقد إثنين من أولاده وهما في ريعان شبابهما
, كما أنه فقد شقيق آخر بنفس الطريقة منذ عشرين عاماً حيث لقي مصرعه غرقا
في مياه البحر في محاولة للسفر إلي إيطاليا بعد فشله في الحصول علي عمل في
العراق وعدم توافر فرص عمل في مصر.
"ياسر فتحى"-45 سنة, يقول إن
الهجرة غير الشرعية إلي إيطاليا تتم بالإتفاق مع أحد السماسرة أو المندوبين
يمثلون مكاتب سياحة وهمية تحملهم على متن مركب مقابل مبالغ مالية تتراوح
بين30 و40 ألف جنيه عن الفرد الواحد ثم يأتي السفر إلي ليبيا وهناك تتم
مقابلة السمسار ويتم تجميع الأعداد الراغبة في السفر في منطقة تسمي المخزن
حيث يعيش الراغبين في السفر بها مده تصل إلى أشهر في ظل معاملة غير آدمية
لحين إتمام الاتفاق مع أصحاب المراكب.
ويستطرد :عندما تتعرض المركب
وهي في عرض البحر لأي مخاطر أو مهاجمة من الشرطة الليبية أو الإيطالية يقوم
صاحب المركب في الغالب بقلب المركب ليغرق كل ركابها والكل يموت ولا أحد
يعرف عنهم شيئا, ,ويؤكد أنه احد الناجين من المركب الذي كان يستقله أكثر
من 60 راكبا لم يصل منهم سوي20 راكبا فقط, والباقون لقوا حتفهم غرقاً
واحدا تلو الآخر.
وتقول زوجة أحد ضحايا الهجرة
الغير الشرعيه ويدعى "رمضان عبد المحسن" : إن زوجها قبل سفره رهن المنزل
ليسدد 35 ألف جنيه للسمسار وبعد وفاته في المركب خلال رحلته إلى ليبيا
أصبحت مهدده بالطرد مع أولاده الصغار وهم محمود البالغ من العمر ثلاث سنوات
ورحمة سنتان, لافتة انه كان يعمل في مهنه النجارة وكان لديه حلم الهجرة
منذ سنوات لتحسين الأحوال المعيشية.
وأشار "إيهاب سعد" قائلاً:
"حاولت السفر أكثر من 7 مرات حتى الآن؛ رغم أن عمري لم يتجاوز 28 عاماً،
وقد انصرفت عن استكمال دراستي في كلية التجارة من أجل الهجرة إلى إيطاليا
مثل بقية شباب قريتي والقرى المجاورة؛ ولكن كل مرة لا تكتمل المغامرة؛ إما
بالقبض علينا في البحر أو بسبب خداع سماسرة الهجرة لنا".
اسراء حامد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق