الفنان التشكيلي سعد زغلول من اسيوط: فاروق حسني رفض ضم منزلي للمتاحف ..والتعامل معنا كمبدعين درجة ثانية وقمت بعمل معارض كثيرة في أسيوط و لم أبيع لوحة واحدة

                          باقى الصور

•  بداية أعمالي الفنية كانت على طمي نهر النيل .
• المبدعون في الصعيد لا يجدون سوى التجاهل من القيادات الثقافية
• الصعيد تم إقصاؤه منذ زمن بعيد وحتى ثورة 25 يناير لما تفعل شيء في الصعيد.
•  الفن التشكيلي لا يحظى بالشعبية.. وقمت بعمل معارض كثيرة في أسيوط و لم أبيع لوحة واحدة.

أكد الفنان التشكيلي سعد زغلول أن قصور الثقافة تحتاج إلى كوادر فنية لتعرف قيمة العمل الفني، مشيرا إلى أن المبدعين في الصعيد لا يجدون سوى التجاهل من القيادات الثقافية طالما يجلسون في الأقاليم وأن الصعيد تم إقصاؤه ولم تأت الثورة بجديد للصعيد وقال: زغلول عرض على وزير الثقافة السابق أن يتبرع بمنزله حتى يكون متحفا بأسيوط لكن الوزير رفض ذلك ولم يهتم بالأمر، وفي السطور التالية كان لنا معه هذا الحوار:



ما هى بداية مشوارك مع الفن التشكيلي ؟

نشأت في عائلة مثقفة على الرغم من أن والدي تعلم في الكُتاب فقط لكن كان يقرأ ويكتب وكان سياسيا ينتمى للوفد منذ أيام سعد زغلول ومتعصب جدا للحزب وقام بتسميتي بسعد زغلول اسم مركب حبا في سعد زغلول المناضل الوفدي وقام بتسمية شقيقي الأكبر محمد فريد اسم مركب وذلك لارتباط والدي بالحركة الوطنية وكان يمتلك كتبا للجاحظ والمنفلوطي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم والرافعي.. وكان لوالدي مجموعة من أصدقائه يجلسون على أحد المقاهي كان جميعهم مثقفين ومتعلمين أكثر من والدي الذ كان يصطحبني معه أثناء جلوسه معهم كنت اجلس معم وقتها وأنا عمري لا يتعد 4 سنوات حتى يسيطر عليه النوم ويحملني والدي إلى المنزل.

وعندما كنت في مدرسة الترعة الإبراهيمة الابتدائية كان النيل وقتها يفيض ويغمر شواطئ الترعة وعندما ينخفض منسوب المياه كان يخلف  طميا كان له ملمسا خاصا جدا كنت أخذ هذه الطينة واشكل منها منحوتات صغيرة" جمل، بطة ،وزه " ومن هنا اهتمت بي الأسرة في الرسم عندما وجدوا أن الطين يجعل  ملابسي متسخة في الوقت الذي يتعب أهلي علشان يأتوا لي بملابس واحضروا لي قلم رصاص وصفحات رسم وقالوا لي اجلس ارسم و من هنا بدأت أرسم بالقلم الرصاص وحين كنت بمدرسة قناطر أسيوط الاعدادية في الخمسينيات كانت بداية أعمالي على اللوحات.

وأضاف "كنت لأول مره أرسم بالزيت حيث قمت بعمل معرض على سور المدرسة من الخارج لأنه كان لا يوجد قصور ثقافة في وقتها ولا لوحات عرض عن العدوان الثلاثي على مصر حيث كانت مصر في حاجه إلى تعمير مدن القناة فكنت برسم لوحات تدعو الناس إلى الذهب وتعمير مدن القناة ، وعندما تخرجت عملت بمصلحة المساحة وسافرت إلى القاهرة لرسم طوابع البريد وقمت بتصميم طابعين بريد في الستينيات منهما واحد للجزائر بمناسبة حريق مكتبة الجزائر والثاني بمناسبة انعقاد الدورة 14 لمنظمة الصحة العالمية بدولة الكويت وكنت ضمن فريق العمل الذي يقوم برسم كروت المعايدة التي كان يرسلها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى زعماء الدول العربية والأجنبية، تركت عملي في القاهرة وعودت إلى أسيوط، لان طوابع البريد تحتاج الرسم في حيز صغير جدا وموضوع محدد ولون محدد .

وقال: عندما عدت إلى أسيوط ساعدني عملي في المساحة في تنمية موهبتي حيث قمت بزيارة قرى كثيرة كنت بعد ما انتهى من عملي في القرى اجلس وارسم واستمرت هذه الهواية معي حتى أنني شعرت بضرورة الاحتراف وكنت لا أحتمل أن أظل موظفا بعد أن شعرت بأنى لا أستطيع ترك موهبتي وفكرت في أن استقيل من الوظيفة وهذا الوقت لم يكن لدي أي دخل أعيش منه فجاءت لي فكرة العمل خارج مصر فسافرت إلى السعودية وعملت بالمساحة هناك وكان هدفي من السفر أن اجمع المال حتى أعود إلى مصر وأتفرغ للفن وعملت بالفعل ثلاث سنوات وكانت تجربة فاشلة حيث عدت إلى مصر مديون وقمت بتسديد ديوني .

هل كان للفن تأثيرا على أولادك؟

بالتأكيد فعندما رأى أولادي عملي ولوحاتي نما لديهم الحس الفني حيث أنني لدي ثلاث بنات منهم من يقوم بالرسم وأخرى تشرف على أعمال مشروع التلي والكبرى تعيش في القاهرة ولكن مهتمة بأن تصل بثقافة الفن إلى أبنائها.

وقمت بعمل تجربة جديدة الشهر الماضي، وطالبت القريبين مني بأن يقوموا بإبلاغ الأسرة في أسيوط بالتفتيش عن المبدعين في العائلات والأسرة والذين لم يكتشف موهبتهم أحد حتى الآن أو لم يكتشفوا أنفسهم أن لديهم موهبة في مجالات مختلفة من الشعر والغناء والقصة والرسم والنحت وغيرها من الفنون وأن تقوم الأسرة بعمل مهرجان لهم وقمت بتطبيق التجربة على أسرتي وجدت أن لدي 11 من أحفادي وأسرتي يقومون بالرسم ومنهم من يكتب الشعر وهذا المهرجان له مميزاته بأنه يقوي التواصل الأسري.

هل هناك لوحات قمت برسمها تأثرا بأحداث معينة ؟

اللوحة التي قمت برسمها كانت عن الدويقة عندما سقطت الصخرة وراح تحتها ضحايا فقمت بعمل لوحة معبرة عن حادث الدويقه بالرغم من أني لا أحب أن أقدم لوحات مباشرة تتحدث عن حدث معين، ولكن أحب أن أرسم لوحات شاملة معبرة عن الحياة والطبيعة لأن الحدث هو وقتي وينتهي وقد يتغير.

هل تم تكريمك على مشوارك الفني ؟

لم احصل على أي شهادة تقدير أو تكريم والمشكلة أنني مقيم في أسيوط وكل من يقيمون بالأقاليم مثلي من يحصدون الجوائز وشهادات التقدير من يقيمون بالقاهرة ونحن في الأقاليم لم نهتم بالجوائز بل نحن نهتم بالفن، ولدي مقتنيات بمتحف الفن الحديث الله اعلم هي فين راحت فين ولم أجدها معروضة.. نحن في الأقاليم يتم تجاهلنا بشكل كبير .

هل ترى أن هناك اهتماما بالفنانين والمبدعين في أسيوط؟

الصعيد تم إقصاؤه منذ زمن بعيد وحتى ثورة 25 يناير لما تفعل شيء في الصعيد حيث انه مازال مهمش وفي حالة أقصى عن القاهرة.

هل هناك وعي بالفن التشكيلي في أسيوط ؟

الفن التشكيلي في أسيوط لا يحظى بالشعبية وقمنا بعمل معارض كثيرة أنا والمرحوم بخيت فراج والمرحوم على إسماعيل ومجموعة من الفنانين في أسيوط لم أبع لوحة واحدة وذلك لأنهم كان ليس لديهم الوعي في شراء اللوحات الأصلية وكان ثمن اللوحات الأصلية مرتفع والفنان لم يكن يسهل عليه التفريط في لوحة وعلى الرغم من ذلك كان هناك حركة كبيرة في الفن التشكيلي أما الآن على الرغم من وجود أعداد كبيرة من الفنانين التشكيليين من خريجي كلية التربية النوعية بأسيوط والفنون الجميلة بجامعة المنيا والتي يوجد بها دارسين من أسيوط ولكن لا يوجد حركة.


أهم المشاكل التي تواجه المبدعين والفنانين بأسيوط ؟

هناك مشاكل كثيرة من أهمها أن الجهة الرسمية المفترض أن تعترف بالفنان في أسيوط وهي قصور الثقافة لا تعترف بأبناء المحافظة و لابد أن تأتي لها بجواز سفر من القاهرة بمعنى أن تكون معروفا ومشهورا في القاهرة حتى يتم اعتمادك في محافظتك بأنك فنان ولديك موهبة وهذا من المفترض أن يكون العكس لأنه من الأساس أن قصور الثقافة هي التي تكتشف المواهب وترعاها وتقدمها إلى القاهرة، مطالبا بأن يتغير هذا المفهوم خلال الفترة المقبلة لدى مسئولي الثقافة بالإضافة إلى عدم توفر الدعم أو التعاون وبسبب ذلك قمت بإنشاء أول معرض لي في أسيوط في الشارع على سور مقر الاتحاد الاشتراكي والذي أصبح مقرا للحزب الوطني المنحل لأنه كان لا يوجد قصور ثقافة وقتها.

حدثنا عن مؤسسة سعد زغلول للحرف التقليدية والفنون التشكيلية ؟

قمت بإنشاء هذه المؤسسة بالجهود الذاتية في نهاية 2010 لتنمية المهارات والفنون من الحرف التقليدية التي تندثر الآن وأنشأت بيتا لتعليم الفتايات فن التلي وزارني في المؤسسة الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة السابق والسفيرة الأمريكية السابقة حين كانت في زيارة لأسيوط وقاموا بإرسال خطابا شكر لي على محاولتي الاحتفاظ بالتراث الأسيوطي من خلال المؤسسة والآن نسعى إلى الحصول على دعم من الهيئة العامة لقصور الثقافة ومحافظة أسيوط حتى تقف المؤسسة على الطريق الصحيح وتستكمل مسيرتها في تنمية الحرف التقليدية.

ايهاب عمر