الجمعة، 9 نوفمبر 2012

زياد العليمى يكتب للرئيس خلال خطابه باسيوط :: دولة القانون يا باشمهندس

 
«لا للفساد، ولا للمحسوبية، ولا لتضييع الأوقات على الناس.. لدينا حساب بالبنك المركزى يحمل رقم 333 - 333، وعلى من يريد أن يتطهر من الفساد أن يضع الأموال فى هذا الحساب والله يقبل التوبة»!! كان هذا نص ما ذكره رئيس الجمهورية، الجمعة الماضى، فى خطبته بمؤتمر عقد بجامعة أسيوط.
لم أصدق سمعى، أن تكون هذه رؤية رئيس دولة- بحجم مصر- للقضاء على الفساد ورد أموال الدولة المنهوبة! ولا أعرف ما الذى جعله يربط ما بين رؤيته هذه، ورد حق الدولة، وبين قبول الله التوبة من الفاسدين، التى لا أظن أنها تدخل ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية!
فطلب التوبة وقبولها عمل خالص ما بين العبد وربه، يكفر العبد عن ذنبه ويطلب التوبة فيتقبلها الخالق أو لا يتقبلها، لا دور للدولة ورئيسها فى ذلك. ويقتصر دور الدولة فى اقتضاء حقوق المجتمع من المواطنين الفاسدين، ولا تضمن العقوبة قبول التوبة، فهما أمران منفصلان تمامًا، بذات درجة الانفصال بين وظيفة رئيس الجمهورية ورجل الدين.
الأهم من ذلك،
أن هناك حق للدولة والمجتمع، يجب أن يدفعه كل من أخل بقواعد وقوانين هذا المجتمع. ونظم المشرع عقوبة الإخلال بهذه القواعد، وهى القواعد التى تجاوز عنها الرئيس فى حديثه عن رد الأموال! وفى معظم الأحوال، يقرر قانون العقوبات المصرى السجن المشدد، أو المؤبد، ورد الأموال وسداد غرامة مساوية لمقدار تلك الأموال للدولة، فى الجرائم المتعلقة بالأموال العامة.
وبالتالى يصبح حديث رئيس الجمهورية عن الاكتفاء برد ما يرى الفاسد رده من أموال للدولة فى هذا الحساب، افتئاتا على حق المجتمع فى عقاب مواطنيه الفاسدين بالعقوبات السالبة للحرية. فضلا عن أن ما طرحه السيد الرئيس يؤدى إلى إهدار المال العام- بترك الفاسد يرد ما يرى رده- وتضييع حق الدولة، فى تحديد مقدار المبلغ المتعدى عليه عن طريق أجهزة التحقيق والقضاء، ورده للدولة.
نسى الرئيس- أو تناسى- أن القضاء على الفساد لن يتحقق إلا بإقامة دولة القانون! وأن إقامة دولة القانون، تعنى تطبيق القوانين التى أقرها المشرع على الفاسدين بلا تمييز، وأن يتفرغ رئيس الجمهورية للقيام بدوره، الذى لا يتضمن الحديث عن قبول الخالق- سبحانه وتعالى- التوبة من عدمه!
أظن أنه بات لزامًا على الرئيس، أن يستعين بأحد مستشاريه السياسيين والقانونيين، ليوضح له دور الدولة فى اقتضاء الحقوق، وماهية العقوبات ودورها فى إقامة دولة القانون.
ومن الواضح، أن خلفية الرئيس الهندسية تجعله يميل دائمًا لحساب الأرقام، وهو ما جعله لا يهتم إلا بالأموال المحصلة، حتى لو انطوى ذلك على تنازل عن أموال أكثر، يمكن أن يستردها المجتمع بالقانون! لكن الدول لا تبنى على حسابات الأرقام، بل تقوم على الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطنين وبعضهم البعض، والمواطنين والدولة.
وإقرار هذه الحقوق والواجبات هو الطريقة الوحيدة للقضاء على الفساد، ولهذا يجب أن تتذكر أن واجبك ومهمتك الرئيسية هى إقامة دولة القانون يا باشمهندس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...