محمود وحبيبة، شقيقان، كانا بين تلاميذ أتوبيس المعهد الأزهرى المنكوب فى أسيوط، كتب لهما النجاة من الموت، لكن بعاهات مستديمة وإصابات، ربما لن تختفى آثارها، مهما طالت السنين، لتظل تذكرهما بموت زملائهما فى المدرسة. الاثنان ثمرة زواج الأب ثلاثينى العمر أحمد مصطفى، مدرس الثانوى الأزهرى، والسيدة العشرينية أم محمود، ربة المنزل، التى لا تكف عن ترديد «الحمد لله إنهم لسه عايشين».
محمود الابن الأصغر ذو الثمانى سنوات، صاحب وجه دائرى، تطغى عليه ملامح البراءة والطفولة، لا تغيب عنه الابتسامة، رغم الجراح التى لا يزال يعانى منها جسده الصغير، يحمل ذراعه اليمنى الملفوفة بطبقة سميكة من الجبس، داخل حامل طبى أزرق اللون معلق على رقبته، فى واحدة من محاولات الأطباء التى لا تتوقف، من أجل إعادة توصيل كف يده المفصول تماما عن باقى أجزاء الذراع.
يروى الأب أن الكدمات والجروج التى أصيب بها ابنه فى الحادث، شفيت، باستثناء كف يده اليمنى الذى يحتاج إلى ثلاثة عمليات جراحية متخصصة، أجرى محمود منها عملية زرع الكف وعملية ترقيع، لكنه لا يزال يحتاج إلى عملية توصيل الأوردة والشرايين، يتبعها علاج طبيعى لمدة 6 أشهر على الأقل كما يؤكد الأطباء.
والد محمود يؤكد
أن يد ابنه الصغير أصيبت بتلوث بعد إجراء العملية داخل مستشفى أسيوط الجامعى، ما دفعه للسفر إلى معهد ناصر بالقاهرة، من أجل إعادة الكشف على ابنه وإجراء فحص كامل على جسده، لكى يطمئن قلب الوالدين. يناشد الأب أحمد مصطفى، الذى أكد أنه تسلم التعويضات التى صرفتها الحكومة، وأنفقها على علاج ابنيه، المسئولين مساعدته فى استكمال علاج ابنيه، موضحاً أن العملية الثالثة التى يحتاجها محمود، ليتمكن من تحريك يده، بتوصيل الشرايين والأوردة، مرتفعة التكلفة جدا، ولا يقوى على تحمل نفقاتها بخلاف فترة العلاج الطبيعى، التى لا تقل عن 6 أشهر كما حددها الأطباء.
الطفل الذى جلس داخل غرفة العناية المركزة لمدة 6 أيام، جرى احتجازه بعدها بالمستشفى، ولم يغادره إلا الأسبوع الماضى، بينما لا يكف عن الحركة غير الطبيعية، التى وصفتها عمته الشقيقة الصغرى لوالده بالزائدة، وغير المفهومة، موضحة أنها لم تظهر إلا بعد الحادث الذى تعرض له.
يتذكر محمود يوم الحادث قائلا «كنت قاعد جنب الشباك، وكان جنبى حبيبة، بنلعب مع بعض، بعدين القطر خبط الأتوبيس، وبعد كده، لقيت نفسى فى المستشفى، وجنبى ماما بتعيط». يؤكد محمود أن «أول ما ربنا يشفينى وإيدى تخف هروح المعهد تانى».
شقيقته حبيبة، صاحبة السنوات العشر، الطالبة بالصف الثالث الابتدائى بنفس المعهد، تماثلت للشفاء من الإصابات التى تعرضت لها فى الحادث، وكانت كسرا فى الحوض، وجرحا فى فروة الرأس، جرى خياطته بـ18 غرزة، إضافة إلى بعض الجروح والتشوهات، التى ما زالت آثارها على وجهها ويدها. تتردد حبيبة حاليا على المستشفى الجامعى، للمتابعة يومى الإثنين والثلاثاء من كل أسبوع.
وتتذكر حبيبة يوم الحادث قائلة «كنت قاعدة جنب محمود وكانت الدادة سعاد جنبى من الناحية التانية بتلعب معانا، وخبطنا فى القطر، وأم على هى أول واحدة ماتت بعد القطر ما كسر الأتوبيس». ترفض حبيبة الذهاب إلى المعهد ثانية «مصطفى ابن عمى مات وإحنا رايحين المعهد، هاروح تانى إزاى؟».
عبد الوهاب عليوة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق