الثلاثاء، 2 أبريل 2013

المصريون في العراق .. مأساة خلقتها الحروب وضياع الهوية ومواطن من اسيوط يعانى من ضياع جواز سفره



بعد أن كان العراق المهجر المفضل لملايين المصريين في الثمانينات، تراجعت الأعداد إلى آلاف من أبناء وادي النيل الذين تأقلموا مع الحياة على ضفاف نهري دجلة والفرات وعايشوا الحروب والحصار والفتن الطائفية، واندمجوا مع أخوتهم العراقيين، ولكنهم لم ينسوا أبدا وطنهم رغم أنهم يشكون جفاء هذا الوطن.

ووفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط ،لا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد المصريين بالعراق حاليا، ولكن البعض يتحدث عن 70 ألفا، في حين يشكك آخرون في هذا الرقم ويرونه أقل.

تعايش المصريون في العراق بطريقة يندر أن تحدث في دولة أخرى ، تزوجوا من عراقيات، وأجادوا اللهجة العراقية ، بل وأتقنوا صناعة خبز الصمون العراقي الشهير، ولكنهم معتزون بهويتهم أشد اعتزاز رغم أن أكبر مشكلاتهم هما رمزا هذه الهوية "جواز السفر" و"بطاقة الرقم القومي".

كيف استخرج بطاقة الرقم القومي ، وأنا لا استطيع السفر إلى مصر لأن جواز سفري منتهي؟، " كانت هذه إجابة إبراهيم يوسف محمد من المحلة الكبرى المقيم في العراق منذ سنوات طويلة وعن الأسباب التي تحول بينه وبين استخراج جواز سفر جديد، وهي إجابة رددها كثير من المصريين الذين قابلهم موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى بغداد خلال الفترة من 18 إلى 25 من مارس 2013.

حصار وحروب


محمد الذي يعمل في مطعم بأحد شوارع بغداد روى مأساته، فقد انقطعت به السبل في العراق بسبب الحروب والحصار، وانقطعت علاقته بمصر بعد وفاة والديه ، وفسخ خطوبته.

حياته في العراق أصبحت مريرة بسبب عدم وجود أي مستندات سارية تثبت هويته ، قائلا "أريد أن أجدد جوازي ، والسفارة تطالبني بالرقم القومي، وأن أجلب شهادة ميلاد جديدة وبها الرقم القومي.

وتساءل كيف أذهب إلى مصر لاستخراج الرقم القومي، وأنا جوازي منتهي"، مطالبا بأن تأتي للعراق لجان من مصر لاستخراج الرقم القومي.

ويكشف لنا أن هناك مواطنا مصريا قابع في المستشفى في ظروف سيئة، وهو متزوج من عراقية ولديه ستة أبناء، وليس لديه سوى وثيقة سفر "وثيقة مؤقتة أقل من جواز السفر" وهو يريد أن يستخرج جوازا مصريا، وقد أدى الخدمة العسكرية.

هوية ضائعة

المشكلة ذاتها تواجه عادل إبراهيم الدسوقي من محافظة دمياط والمقيم في العراق منذ عام1981 ، إذ يقول" جواز سفري انتهى، وقامت السفارة بتمديده لمدة عام واحد فقط "ولمرة واحدة"، وعلى أساس هذا التمديد أعطتني السلطات العراقية إقامة لمدة ثلاثة أشهر فقط.

عادل يقول إن "معي كل مستندات إثبات الشخصية ، وعندما أذهب للسفارة لاستخراج جواز سفر جديد، يرفضون ويطلبون بطاقة الرقم القومي ، فكيف أتي بها وأنا لاستطيع السفر إلى مصر".

ويضيف " نتعرض للتفتيش أحيانا ، ولقد جاءتني السلطات من قبل ، ولكنهم علموا أنني مقيم في العراق منذ فترة ، وتدخل معارفنا العراقيون لمنع القبض علينا.

وكشف لنا عادل الذي يعمل خبازا في فرن لصنع خبز الصمون العراقي إنه لم يخرج من حي العلاوية ببغداد منذ نحو ثلاث سنوات بسبب عدم توافر مستندات هوية حديثة معه، وأقام خلال هذه الفترة بشكل شبه دائم في الفرن الذي يعمل فيه بسبب انتهاء جواز سفره.

أما عبد العال علي سلمان من قرية العوانة مركز ساحل سليم محافظة أسيوط فمشكلته أكبر لأنه جوار سفره ضائع وليس منتهيا فقط، كما أن طبيعة عمله تجعله أحيانا يضطر للسفر من بحيرة الثرثار في شمال العراق "بين تكريت وسامراء" وبين العاصمة بغداد .

وأوضح عبد العال الذي تختلط لديه اللهجة العراقية المكتسبة بلهجته الصعيدية الأصيلة إنه مقيم في العراق منذ عام 1988 ، وجواز سفره المصري قد فقد ، ولكن معه وثيقة سفر مصرية، ولكن ليس لديه إقامة عراقية ، وهو معرض لخطر التسفير، حيث يعبر أكثر من 18 نقطة أمنية في الطريق من عمله في تكريت إلى بغداد.

وقال إنه ذهب للسفارة المصرية بالعراق، لاستخراج الجواز ، وقدم ملفا بمستنداته ، ولكنه ضاع ولديه رقمه ، مضيفا "أنهم يطلبون مني بطاقة الرقم القومي وشهادة ميلاد، ويتساءل كيف يأتي بها وهو لا يستطيع السفر إلى مصر ، وأمه سيدة مسنة ، وهو وحيد ليس له أخوة".

وكشف عن أن هناك نحو 700 مصري يعملون في الصيد في بحيرة ثرثار في الشمال بين مدينتي تكريت وسامراء، ولا يحملون وثائق وهي منطقة بها مشاكل أمنية ويتعرضون لمداهمات وغارات بالطائرات ويقول لقد "سبق أن تم احتجازنا في إطار هذه الحملات" .

وأضاف أنه منذ عدة أيام شهدت البحيرة مداهمات ، وحملات جوية بالطيران ، موضحا أن الصيد في هذه البحيرة شرعي، ولكن السلطات تقول إن هناك إرهابيين مختبئون في البحيرة ، ويجب القيام بهذه الحملات.

ويطالب بأن تأتي لجنة من مصر لاستخراج بطاقات الرقم القومي مثلما حدث للمصريين في السعودية والأردن، مشيرا إلى أن البعض يقول إن اللجنة لا تأتي إلى العراق لأسباب أمنية رغم أنها يمكن أن تأتي وتعمل في السفارة المصرية بالعراق التي توجد داخل المنطقة الخضراء.

ويشيد عبد العال على سلمان بشكل خاص بالقائم بالأعمال المصري في العراق الراحل السفير إيهاب الشريف الذي تم اغتياله عام 2005 ، وقال إنه كان خدوما ، وأخرج كثير من المصريين من السجون ، وكان قويا في اتصالاته مع السلطات العراقية، ويقابل المصريين بشكل جيد للغاية ويدعمهم.

ويضيف سلمان "إنه حتى العراقيين كانوا يحبونه، ورغم أنه قضى أربعة أشهر فقط في العراق إلا أن الناس مازالت تذكره".

ويقول إن "فترة الحرب كانت أيام صعبة، حيث تعرضت للسلب خلال فترة سقوط العراق أثناء الغزو الأمريكي ، وفقد كل مدخراتي بل حتى الملابس وساعة اليد.

عراقي مصري

في المقابل فإن " م .س" الذي يعمل كخباز لخبز الصمون العراقي الذي يحمل الجنسية العراقية نجح في السفر إلى مصر ، ولكن من خلال جواز سفره العراقي.

ويقول "أنا من طنطا بمحافظة الغربية وموجود في العراق منذ عام 1977 ولقد بقيت في العراق أكثر من 33 عاما لم أعد خلالها إلى مصر رغم أنني متزوج ، وزوجتي وأولادي مقيمون في مصر.

ويقول "قررت النزول إلى مصر في أغسطس 2011، بجواز سفري العراقي لأن المصري منتهي، فحاولت أن أحصل على تأشيرة من السفارة المصرية، فقالوا يجب أن نحصل على الموافقة من مصر ، فقلت لهم هل أنا إسرائيلي!؟.

ويضيف " قررت السفر إلى مصر بجواز سفري العراقي وبدون الحصول على تأشيرة، واتصلت بأهلي، وقلت لهم أن ينتظروني في مطار القاهرة لأنني لم أحصل على تأشيرة ، وقد يتم إعادتي للعراق.

ويتابع قائلا "عندما وصلت للجوازات ، سألني الضابط هل معك شيئا يثبت أنك مصري؟ ، قلت له معي شهادة الميلاد ، فقالي لي لا تكفي ، فقلت له معي شهادة الخدمة العسكرية وبها صورة شخصية ومختومة بختم النسر، فقال لي لا تكفي ، فقلت له معي جواز السفر الذي خرجت به من مصر عام 1977 ، فقالي لي هذا يثبت جنسيتي.

ويضيف "تبين له من خلال الكومبيوتر أن بياناتي كلها صحيحة ، واستغرق الأمر ثلاث ساعات ونصف ، وأهلي ينتظروني في الخارج ، ثم كتب لي الضابط في جواز السفر العراقي " الأصل مصري".

ويوضح إن المصري في العراق لديه حق الملكية حتى ولو لم يكن متجنسا وهذا ينطبق على كل الأجانب ، مشيرا إلى أن المصريين موجودين في كل أحياء بغداد ولكن من أهم الأحياء التي يتركزون فيها حي "البتاوين".

أما "منصور م . د" فهو يعيش في مأساة حقيقة وفقا لروايته، فهو مقيم بالعراق منذ عام1985 ويمتلك محل تصوير في الناصرية بجنوب البلاد، ومتزوج من عراقية ولديه ابنة 17 عاما، وابن 11 عاما.

مأساته بدأت بعد سقوط النظام السابق حيث يقول " لقد اعتبر بعض شيعة الجنوب العراقي أن العرب الموجودون بمناطقهم تابعين لصدام حسين فتعرضت للخطف مرتين من قبل ميلشيات أحزاب طائفية ولكن المشكلة تفاقمت بعد وفاة والد زوجتي عام 2007 .

مأساة  طائفية

ويروى منصور، الذي يخشى كشف اسمه كاملا، مأساته قائلا" عقب وفاة حماي أخذ أخو زوجتي الأكبر أطفالي وزوجتي ، وهددني بالقتل لو لم أطلقها بدعوى أنني عار على العشيرة لأنني سني ".

ويقول إنه "منذ عام 2007 طرقت باب كل الدوائر المعنية ، بالعراق سواء الحكومية أو مراكز حقوق الإنسان والعشائر ، والسفارة المصرية لإعادة زوجتي.

ويشير إلى أن السفارة أخبرته أنه تم الاتصال بوزارة الخارجية العراقية ، ولكن مشكلة تتعلق بالقوانين الداخلية.

ويقول منصور "إن زوجتي تقول إنها لا تريد أن الطلاق، ولكن أخوها أجبرها على الذهاب للمحكمة لطلب الطلاق ، والمحكمة قضت بأنه لا يوجد سبب شرعي للطلاق".

وكشف عن أنه حتى لا يستطيع العودة لمصر لزيارة أهله إلا بعد موافقة زوجته رغم أن لديه جوار سفر مصري ساري، لأن الإقامة العراقية تلزمه بالحصول على موافقة الزوجة قبل السفر.

وردا على سؤال لماذا لا تطلقها؟.. قال لو طلقتها ليس لي الحق في الرجوع للعراق ، وسوف أفقد أبنائي للأبد ، والمحل الذي امتلكه وكل شئ ، كما أنها لا تريد الطلاق ولكن أخوها هو الذي يجبرها على ذلك رغم أنها تعمل في وظيفة مرموقة.

وكشف منصور "أن كثيرا من كبار رجال العشائر في المنطقة لا يعجبهم ما فعله أخو زوجته وهناك مسئولين عراقيين كبار أقارب لزوجته من بينهم عضو في البرلمان العراقي عن القائمة العراقية، حاولوا التدخل ، ولكنه رفض كل وساطة.

وقال "منصور م . د" إنه لمس تحسنا في وضع المصريين بعد زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، ولكنه يرى أن كل المصريين في الخارج لهم اهتمام من الرئيس محمد مرسي ماعدا المصريين في العراق على حد قوله- .

الرقم القومي

من جانبه، قال السفير على العشيري مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين في الخارج إننا ننسق مع مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية لترتيب إرسال لجنة إلى العراق لاستخراج بطاقات الرقم القومي التي تعد أهم عائق أمام المصريين في الخارج لاستخراج جواز سفر جديد.

وأضاف العشري - في تعليقه على مشكلات المصريين في أن المسألة تتعلق باختيار الوقت المناسب ، موضحا أنه يتم أيضا التنسيق مع السفير المصري في هذا الشأن، والاتصالات مستمرة لتحديد الموعد .

وطالب المواطنين المصريين في العراق وفي الخارج بصفة عامة بمراجعة مصلحة الأحوال المدنية من خلال موقعها الإلكتروني والسفارة المصرية ببغداد والقنصليات المصرية لمعرفة المستندات المطلوبة ، ولترقب موعد سفر اللجنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...