أكد مفتي الجماعة الإسلامية في مصر عبد الآخر حماد، إن «جماعة الإخوان هم سبب تراجع شعبية الإسلاميين على الساحة السياسية المصرية، وهو ما سيؤدي إلى التأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية المرتقبة».
وأكد في حوار مع «الراي»، أن «الجماعة تفكر في الدفع بمرشح رئاسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، نافيا أن يكون الدافع لهذا، هو التوقع بانتخابات رئاسية مبكرة»، مشيرا إلى أن «اهتزاز الرئيس محمد مرسي لا يليق بصورة حاكم مصر، وأنه لا يملك عصا موسى أمام المشاكل التي ورثها عن النظام السابق»، مؤكدا أن «الثورة لم تحقق أهدافها، وأن تحالف النور مع الإنقاذ، هو تصفية حسابات مع الإخوان»، موضحا ان « الجماعة سبب تراجع شعبية الإسلاميين في الشارع وهذا يؤثر في نتيجة الانتخابات المقبلة».
وفي ما يلي نص الحوار:
• بعد مضي أكثر من عامين على ثورة 25 يناير، هل مطالب الثورة تحققت، خصوصا بعد مجيء مرسي؟
- بالنسبة لمطالب الثورة لم يتحقق منها شيء سوى النذر اليسير، والغريب أن الجميع ينظرون إلى مرسي الذي ورث تلالا من الفساد على أنه بمثابة الساحر الذي يملك عصا موسى يمكنه أن يغير الواقع بين عشية وضحاها. ومرسي يقع بين جبهة داخلية لا تساعده ولا تتركه يعمل في صمت، فمجلس النواب الذي أنهك الدولة من الناحية المالية، إضافة إلى دخول الجيش في حركة التأمين فترة طويلة ورغم ذلك تأتي المحكمة الدستورية لتعلن بطلانه، وحتى اليوم رغم مرور عام على تولي الرئيس مرسي المسؤولية لا يوجد مجلس تشريعي وكلما فكرنا التقدم للأمام وجدنا من يصمم أن يسحبنا إلى الخلف.
فضلا عن وجود آلة إعلامية ضخمة تسعى إلى إشعال التوتر داخل المجتمع بدعاوى أغلبها باطل أو فاسد.
كل هذه الأمور مجتمعة أدت إلى إصابة مرسي بحالة من الاهتزاز في اتخاذ القرارات الفاعلة، فتراه يصدر قرارا ولا يلبث أن يتراجع عنه.
وهذا المسلك هو مسلك من لا يملك سلطة، ومرسي أعلى سلطة في مصر ولديه هيئات استشارية عدة، لذلك ليس من الصواب أن يبدي رأيا ثم يتراجع عنه هذا الاهتزاز هو الذي أسهم في تجرؤ المخالفين على مرسي بصورة لا تليق مع حاكم مصر.
• هل ترون تحالف حزب «النور» مع جبهة «الإنقاذ» بمثابة خيانة للتيار الإسلامي؟
- لا يمكن أن نصف تحالف النور مع الإنقاذ بالخيانة، بل يدخل ضمن جملة الحسابات السياسية للمصالح الحزبية، وقد نبهت قادة الدعوة السلفية خلال لقاءات عدة بالتراجع عن ذلك التحالف محافظة على قوة ومتانة الجسد الإسلامي، لكنهم رأوا مصلحتهم في ذلك التحالف، لذلك لا يمكن وصفهم بالخيانة لأنهم يعملون داخل منظومة العمل الإسلامي ولم يخرجوا عنه أو يعلنوا معارضتهم للحكم الإسلامي.
وهم يرون أن الإخوان يمارسون التشهير بسمعتهم، من خلال واقعة المستشار السابق للرئيس، خالد علم الدين، فبدؤوا يهاجمون الرئيس وحزبه الحرية والعدالة بدعاوى أخونة الدولة،وأخذ الأمر كثيرا في الجدل حتى انتهى الأمر إلى تباين الآراء في كل المسائل المطروحة على النقاش، ومنها مسألة السياحة الدينية الإيرانية، والكلام عن التشيع.
• هل يفهم من ذلك أنكم ترون صحة التوسع في السياحة الإيرانية؟
- الأمر أخذ أكبر من حجمه، وكأننا نتحدث عن بلد حديث عهد بالإسلام وليس مصر التي تعلم الدنيا أمور دينها من أزهرها بوسطيته وسماحته الفكرية والتيارات الإسلامية التي قاومت الطغيان الحاكم في محاولة التبديل أو التعديل في شرع الله.
كل هذا يجعلنا على يقين بأن أي محاولات للتأثير في منهجية أهل السنة والجماعة لن تفلح وستبوء بالفشل المطبق والذريع، فقد شهدت مصر عصورا مريرة مع الفاطميين قادة التشييع في العالم ولم يكونوا زائرين، بل كانوا محتلين ولديهم من السلطة والسطوة ما يغري الكثيرين باتباعهم، لكن رغم ذلك تحطمت أحلامهم أمام صلابة المذهب السني، وكان واضحا أن الأزهر أغلق أبوابه أمام التشيع.
• هل خسر الإسلاميون كثيرا من شعبيتهم في الشارع بسبب مواقف جماعة «الإخوان»؟
- أكون غير صادق لو قلت بخلاف هذا، خصوصا جماعة الإخوان الذين كانت ممارستهم الفترة الماضية غير موفقة بالمرة، وذلك بسبب سوء حظ لازم الرئيس مرسي والتسرع في التصريحات من جانب أعضاء مكتب الإرشاد أو الحرية والعدالة. ذلك فإن نصيبهم البرلماني سيتأثر خلال الفترات المقبلة، وعزاؤنا الوحيد أن الخسارة في جانبهم ستكون ربحا في جانب باقي التيارات الإسلامية الأخرى.
• إعلانكم الدفع بمرشح رئاسي للانتخابات المقبلة هل يفهم منه أنكم تتنبأون بانتهاء فترة الرئاسة الحالية قبل موعدها؟
- يجب ألا يفهم من دفعنا بمرشح رئاسي أننا نتعجل انتهاء الفترة الرئاسية للدكتور محمد مرسي، لأننا نعتبر أن الاقتراب من شرعية الرئيس المنتخب بمثابة خط أحمر، لكننا أعلنا وفق تصريحات من الدكتور عبود الزمر بأننا سنفكر بالدفع بمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهذا لا يعتبر تعجلا بفترة الرئيس مرسي بقدر كونه إقرارا بأحقيتنا كفصيل سياسي له شعبيته في المجتمع دفع مرشح يمثله.
فهناك أحزاب أو فصائل سياسية أقل كثيرا من الجماعة الإسلامية دفعت بمرشحيها في الانتخابات الرئاسية أيا كانت نتائجهم لكن لم يبد أحد اعتراضا على منهجهم.
• ما تعليقك على إعلان رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند سعيه لحل حزب «البناء والتنمية»؟
- الزند لا يملك القدرة هو أو غيره أن يقترب من حزب البناء والتنمية لأنه الحزب السياسي الوحيد الذي دخل الحياة العامة بحكم قضائي لذلك يصبح كلام الزند وغيره عن إمكانية حله ضربا من الخيال.
• كيف ترى عرض الجماعة الإسلامية النزول إلى الشارع في لجان شعبية في حالة انفلات أمني؟
- نزولنا، على سبيل التجربة، في أسيوط قبل فترة، كان نوعا من تغيير المنكر الجائز لأنه يحمي البلد من البلطجية، فقد قلنا وقتها للشرطة، إما أن تعودوا إلى أعمالكم أو نستمر في حماية أبنائنا وأعراضنا في ظل حالة البلطجة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت.
فهل هناك منكر أقوى من تعرض أموالنا وأعراضنا للاعتداء في ظل غياب الحاكم الشرعي وتخاذله في القيام بمهامه.
• ما ردك على الفتاوى التي تصدر من عدد من الإسلاميين بتكفير عدد من الإعلاميين.
- لا يجوز تكفير أي شخص إلا بعد ثبوت الحجة والدليل القاطع على إتيان الشخص ما يخرجه عن ربقة الإسلام كأن ينكر معلوما من الدين بالضرورة، لكن القول بأن فلانا مرتد أو خارج من الملة إلى غير ذلك، هذا يعتبر بمثابة التجرؤ على الأحكام الشرعية، فمهما اختلفنا مع الأشخاص نجادلهم بالتي أحسن ولا نتجاوز ذلك إلى الإتهام بالتشكيك في العقائد.
فمثلا نرفض تكفير الإعلامي باسم يوسف أو وصفه بالردة رغم مهاجمته الإسلاميين بشكل يستلزم ضرورة محاكمته قضائيا لأنه يبدو في موقف المعادي للإسلام، لذلك فإن تحليل نفسية باسم يوسف يكشف عن وجود مشكلة له مع الإسلام نفسه، دليل ذلك حالة السخرية المتواصلة بداع أو من دونه على الإسلاميين.
• هل نفهم من مطلبك بمحاكمة باسم يوسف أنك تدعو لحبس الإعلاميين؟
- يجب أن نفصل بين الإعلامي وبين الصحافي الذي يستند إلى نقابة يمكن من خلالها معاقبته ومحاسبته، لكن باسم يوسف هل يمكن محاسبته وفق نقابة الأطباء أو وزارة التعليم العالي التي ينتمي إليها باعتباره استاذا جامعيا. ثم نأتي للنقطة الأهم وهي مبرر مرسي في إلغاء الحبس في قضايا النشر في صورة تجعل الصحافيين بمثابة أناس يتميزون عن باقي أفراد المجتمع رغم خطورة ما يتناولونه من أحداث تصل أحيانا درجة خدش الأعراض.
عبد الجواد الفشنى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق