انتشرت الأسلحة بشكل كبير في أسيوط وأصبح مركز منفلوط المصدر الرئيسي للسلاح الحديث وخاصة المهرب من الحدود الليبية، بينما انتشرت نوعيات أخري من أحدث الأسلحة الآلية في جميع مراكز المحافظة لتعيد إلي الأذهان جرائم الثأر المقيتة في الوقت الذي أصبحت فيه بنادق الخرطوش وقطع السلاح الهندي منتشرة حتى بين الأطفال.
المثير للقلق بمحافظة أسيوط أنها أصبحت تشهد رواجا ملحوظا في سوق السلاح خاصة في ظل ازدهار تجارة المخدرات فهما وجهان لعملة واحدة, وبرغم المحاولات اليومية من الأمن لضبط حاملي السلاح غير المرخص والسلاح الميري الذي تمت سرقته من قسم شرطة البداري في أثناء أحداث الثورة, إلا أن قري ومدن المحافظة مازالت مكتظة بآلاف القطع من الأسلحة بجميع أنواعها, وتخطت المأساة الي تصنيع الأسلحة والقنابل اليدوية, مما يؤكد أن هناك مافيا منظمة لإدخال السلاح الي المحافظة ثم بيعه للعائلات المتشاحنة, فمئات القتلي قد سقطوا خلال الشهور الماضية الأمر الذي أدي إلي ارتفاع معدل الجريمة بأسيوط إلي أعلي مستوياته مما ينذر بمئات القتلي في الشهور المقبلة إذا لم يكن هناك تدخل مباشر للقضاء علي أوكار المجرمين.
واقع تجارة السلاح في محافظة أسيوط, حيث تنتشر الأسلحة الآلية الصنع وخاصة المعروفة باسم 56 لأنها مصنوعة من نوعية حديد غاية في الصلابة مما يجعلها أكثر تحملا في أثناء الاستعمال, ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل وصل الأمر ببعض العائلات لاقتناء الجرينوف.
ويؤكد ذلك
كمية الأسلحة التي تم اكتشافها في قرية الحواتكة التابعة لمركز منفلوط علي إثر الاشتباكات الدامية بين عائلتين بالقرية حيث تم القبض علي المتهمين وبحوزتهم الجرينوف ونظارات مكبرة وآلاف الطلقات.
ويعد انتشار السلاح وبصورة مبالغ فيها السبب الرئيسي وراء تأجيج نيران الخصومات الثأرية, حيث وصل الأمر بتجار السلاح إلي أن مارسوا نوعا من أنواع الحروب الباردة, حيث يقومون بترويج بعض الإشاعات التي تمس إحدي العائلات المتشاحنة مع أخري مما يستفز أقطاب وزعامات تلك العائلات, ويدفعهم لتأديب خصومهم بشراء الأسلحة ويدرك خصومهم ذلك فيلجأون أيضا للشراء وهكذا يجد تجار السلاح رواجا وتتضخم ثرواتهم ويبدأون في جلب أنواع جديدة من السلاح مما يزيد من احتمالات تأجيج معارك الاخذ بالثأر حيث لا يخلو منزل في أي قرية من قطعة سلاح.
وهناك من يستخدم السلاح في ترويع المواطنين وفرض إتاوات أو طلب فدية كما حدث في مركز القوصية.
حيث اختطفت عصابة طفلا وطلبت فدية مليون جنيه, وتمكنت مباحث المركز من إطلاق سراح الطفل وإعادته لأهله وملاحقة الخاطفين, ومن جانب آخر استحدث بعض المواطنين أساليب جديدة لجلب الأسلحة، فبعض العائدين من ليبيا جراء الأحداث الأخيرة, مازالت تربطهم بعض العلاقات بثوار هناك, فلا يخفي علي أحد في مركز منفلوط أن هناك قرية ملاصقة للجبل يتاجر معظم أهلها في الأسلحة الواردة من ليبيا, حيث يقوم هؤلاء بالذهاب الي الحدود الليبية عبر منافذ سرية عن طريق الصحراء وإيهام الثوار أنهم جاءوا لنصرتهم ومعهم الزاد والأطعمة, ويقوم الثوار بتسليمهم أسلحة معظمها جديدة, واختفت تماما البنادق الهندي والخرطوش خاصة بعد أن تم إغراق السوق بأسلحة صينية الصنع وتتفاوت أسعار السلاح ارتفاعا ونزولا، فقد وصل سعر الطبنجة 9 حلوان 13 ألف جنيه والبندقية الآلية الروسي ما بين 15 الي 18 ألفا وفرد الخرطوش ألف جنيه، حيث كان سعرها منذ عام 100 جنيه فقط, بينما بلغت البندقية الإسرائيلي 20 ألفا والجرينوف 70 ألفا والصاعق الكهربائي للرجالي 500 و750 للحريمي, وسعر الطلقات الروسي جملة 10 جنيهات وقطاعي 14, والطلقة 9 ملم سعرها 13 جنيها, والطبنجة الصيني 600 والبندقية الصيني 1500 جنيه.
ومن جانبه أكد اللواء أبوالقاسم أبوضيف مدير أمن أسيوط أنه قاد حملات مكثفة لجمع الأسلحة واستهدفت القضاء علي أوكار التجار والخارجين على القانون, حيث تمكنت المديرية في الفترة القليلة الماضية من القضاء علي وكر الارهاب بالغنايم, واسترداد المئات من الأسلحة الميري المسروقة من مركز شرطة البداري, وفض المنازعات بين العائلات المتشاحنة ومن خلال الدفع بقوة أمنية تعاملت معهم وألقت القبض علي المتهمين, كما أشار الي أن وزارة الداخلية لن تسمح مطلقا بتكوين ترسانات للأسلحة كما كانت في قرية النخيلة في عهد عزت حنفي.
يأتي ذلك في ظل مناشدة الكثير من أهالي قري أسيوط برحمتهم من أصوات الطلقات النارية التي تضئ السماء كل ليلة دون أسباب واضحة. ويقول عنتر محمود الضبع من قرية المطيعة السباق بين العائلات علي اقتناء الأسلحة مما أدي الي عمليات وقتل مستمرة بين العائلات، حيث هناك العديد من الخصومات الثأرية في غياب دور الأمن أصبح الأطفال والشباب يحملون الرشاشات ويرجع الي سرقة الأقسام ايام قيام الثورة 25 يناير وهروب الأسلحة من منافذ السلوم وليبيا وانتشرت الفوضي في كل مراكز اسيوط وخاصة في منفلوط التي انتشر الآربي جي والمنتوف مع متناول الجميع، وكذلك مركز البداري التي أخذت صيتاً في الهجوم علي مراكز الشرطة بالبداري وحيث حصدت الأرواح الكثيرة بسبب الانفلات الأمني اقتناء أحدث وأخطر أنواع الأسلحة النارية سواء المعتاد عليها «الأسلحة الآلية» أو ما استحدث علي قري الصعيد من «الجيرنوف, والآر بي جيه, والمدافع متعددة الطلقات والقنابل المسيلة للدموع والقنابل التفجيرية» في أحداث ومشاهد غريبة لم يعتد عليها الصعيد من قبل، ورغم الحملات الأمنية المكثفة التى تقوم بها مديرية الأمن الآن إلا أن الأمر جد خطير وينذر بكارثة.
ويقول محمود حسن من قرية المعابدة بمركز أبنوب – إن القرية علي فوهة بركان حيث يجري حاليا سباق تسليح بين العائلات ومن المؤكد أن تحدث كوارث لا يعرف مداها إلا الله في حالة عدم السيطرة علي هذا الوضع المخيف لأننا حاليا نتفاجأ يوميا بأصوات كثيفة للأعيرة النارية لا نعلم أين مصدرها ونعلم فيما بعد أن إحدي العائلات كانت تجرب وتختبر سلاحا جديداً قامت بشرائه.
ويضيف اشرف حسن– من أهالي القرية – أن انتشار السلاح بمركز أبنوب بات أمراً طبيعياً للغاية، حيث إن طبيعة القرية الجبلية وعدم وجود طريق مباشر لها جعلها مكانا خصبا لتجارة السلاح وذلك لأحداث نوع من توازن القوي بين العائلات خاصة وأن هناك كميات كبيرة من السلاح مهربة جاءت عن طريق ليبيا وجدت ضالتها في المركز.
ويؤكد ناصر علي من أهالي مركز البداري أن الأمر أصبح لا يحتمل الصمت بعد أن أصبحت الأسلحة في أيدي الصغار قبل الكبار والفقراء قبل الأغنياء والذين ليست لهم مشاكل ثأرية قبل أصحاب المشاكل، فلذا السلاح أصبح في أيدي الجميع بأحجام وأشكال لم نعرفها من قبل وهو ما جعل الرعب يسيطر علي أهالي المركز لأن أقل المشاكل وأبسطها أصبحت تخرج فيها كل أنواع الأسلحة وهو ما يهدد بمخاطر جسيمة علي حياة المواطنين.
أما سيد عبدة من أهالي مركز ساحل سليم فقال إن سباق التسليح الذي يجتاح بعض القرى بمراكز المحافظة ينذر بعواقب وخيمة وهو ما يعني تفاقم الأحداث وتطورها في حالة حدوثها خاصة وان بعض تلك العائلات استحدثت أنواعا جديدة من الأسلحة وسمعنا عن رواج تجارة جديدة من الأسلحة في مركز البداري وهي تجارة القنابل اليدوية والتي لا ندري كيف تستخدم وفيما تستخدم، وما يزيد خوفنا أن تستعمل هذه القنابل في المشاجرات العادية مما يجعلها تخلف عددا كبيرا من الضحايا وأن انتشارها بهذا الشكل سوف يكون له مردود سيئ في المستقبل.
وقال الحاج عبد ربه لابد من التحرك ونزول القوات المسلحة مع الأمن الوطني والشرطة بسرعة وعقد مؤتمر مع الأهالي بتسليم الاسلحة وشرائها من المواطنين وفي عدم تسليم يكون هناك عقاب كبير لمن يتم ضبط بالسلاح وفي قرية مير التابعة لمركز القوصية أن حالات اطلاق النار نسمعها كل ليلة وبات أمراً عادياً بالنسبة للجميع وعلى مسمع من الشرطة التى لم تستطيع التدخل أو تقوم بحملات لجمع الأسلحة إلا من الأماكن الضعيفة، أما الأماكن المكتظة بالسلاح لا يستطيعون الدخول اليها وفي حي الوليدية انتشر السلاح بصورة كبيرة بين المسجلين خطر.
أحمد الأسيوطى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق