باقى الصور
محافظة أسيوط من المحافظات الكبيرة التى ينزح إليها آلاف الأهالى يوميا من معظم محافظات الوجه القبلى، للتوجه إلى مستشفيات الجامعة (القصر)، والتى تعد أكبر مستشفيات جمهورية مصر العربية بعد مستشفيات قصر العينى بالقاهرة، طلبا للشفاء والكشف لدى أكبر استشاريين وأخصائيين بالصعيد، هذا حال النازحين من معظم المحافظات القريبة أو التى تبتعد قليلا عن محافظة أسيوط، ولكن ماذا عن سكان المحافظة، والذين يقطنون فى الغالب القرى البعيدة والمراكز المتطرفة بالمحافظة، فليس فقط معاناة الأهالى تكمن فى بعدهم عن مستشفيات الجامعة الكبيرة، ولكن تنحصر المشكلة فى جزأين هامين، الأول وهو عدم توافر وحدات صحية قريبة من تلك المناطق النائية أو وجود الوحدة الصحية مع عدم عملها بشكل يومى، الأمر الثانى هو عزوف الأطباء عن العمل بتك الوحدات البعيدة أو التى تقع غالبا نهاية المحافظة من جهة الجنوب أو الغرب أو الشرق.
ولذلك كان لـ"اليوم السابع" تلك الجولة داخل معظم الوحدات الصحية بالقرى والمراكز، وسؤال المرضى عن معاناتهم فى عدم وجود وحدات صحية أو أطباء أو أدوية.
أعمال البلطجة والاتجار فى المخدرات تؤثر على إقبال الأطباء على الوحدات الصحية ببعض المناطق
بداية تجولنا داخل مدينة أسيوط نفسها حيث توجد العديد من المستشفيات ودور الرعاية الصحية، إلا أن الوحدات الصحية منها ما يعمل بشكل يومى ومنها ما يتردد عليها الموظفين فقط من أجل الحصول على المرتب الشهرى.
ففى الوحدة الصحية بالوليدية الوحدة الصحية قاصرة فقط على استخراج شهادات الوفاة، ولا تقوم بعمل أى شىء آخر حتى إن دخلتها وجدت عددا قليلا جدا من الموظفين لا يفعلون شيئا سوى انتظار شخص قادم لتسجيل بيانات متوفى أو بيانات مولود.
يقول سيد على 40 سنة من سكان منطقة الوليدية، إنه برغم وجود الوليدية بمدينة أسيوط، إلا أن الوحدة الصحية بالمنطقة لا توجد بها أى رعاية صحية للمرضى، واقتصر دورها فقط على استخراج شهادات الوفاة وشهادات الميلاد، كما أنها تخلو من الأطباء المتخصصين، ويوجد بها طبيب نطلق عليه اسم طبيب كشكول، لأنه يقوم بالكشف على المرضى فى جميع التخصصات، كما أن الأدوية التى يكتبها للمرضى جميعها موحدة، ويأتى عزوف الأطباء فى التواجد بالوحدة الصحية بالوليدية بسبب ظروف المنطقة، والتى يعتبرها البعض وكرا لأعمال البلطجة والمخدرات، فضلا عن أنها تعد منطقة هبوط أرضى مستمر.
عزوف الأطباء عن التواجد فى الوحدات الصحية بمراكز الدم والنار
هذا بالنسبة لمنطقة الوليدية، والتى تقع بمدينة أسيوط نفسها، أما فى المراكز، وتحديدا فى مركز البدارى، والذى أطلق عليه فى العهد القريب مركز النار والدم، يوجد به العديد من الوحدات الصحية، إما المتهالكة أو الجديدة والتى لا يوجد بها أطباء.
فيقول أحمد عمران موظف من قرية نجوع المعادى بمركز البدارى، إن الوحدة الصحية بالقرية لا تعمل بانتظام، وكلما أتى طبيب إلينا لا يستطيع البقاء هنا أكثر من شهر، ويتواجد فى الوحدة بشكل شبه يومى، العاملون والموظفون، كما توجد بالوحدة بعض التطعيمات، ولكن إذا ما أردنا توقيع الكشف على حالة مرضية لأحد أقاربنا أو أبنائنا فليس لدينا عمل سوى التوجه للبدارى، ونظرا للأحداث التى تصيب مركز البدارى بشكل يومى، وأعمال الشغب والثأر وإطلاق الأعيرة النارية نتأخر فى عرض الحالة على طبيب مختص، وفى هذه الحالة تكون حالة المريض تدهورت.
محمد عزت 50 سنة فلاح أحد سكان قرية العتمانية، يقول إن الوحدة الصحية بالعتمانية لا يوجد بها سوى التطعيمات، ولا تعمل إلا بكتابة شهادات الميلاد وشهادات الوفاة، وكلما ذهبنا للكشف على مريض يقال لنا الطبيب غير موجود، وإذا صادفنا وجود أحد الأطباء فإنه يكتب لنا ورقة بها 4 أو 5 أصناف من الأدوية، نضطر لشرائها جميعا من الخارج بحجة أنها لا توجد فى الوحدة الصحية.
صعوبة المواصلات سبب من أسباب انهيار خدمات الوحدات الصحية
لم يختلف الأمر كثيرا فى مركزى صدفا والغنايم، فنظرا لتطرف المركزين فى نهاية المحافظة من ناحية الجنوب، يعزف الأطباء عن الذهاب أو الانتداب إلى تلك المراكز بسبب صعوبة المواصلات، وتطرفها المحافظة وضعف وجود الخدمات بتلك المناطق.
فتقول أسماء محمود إحدى سكان قرية الوعاضلة إن المستشفى المركزى بمركز صدفا، لا تعمل وغير مهتمة بالمرضى، فماذا عن الوحدة الصحية؟، مؤكدة أن خدمات الوحدة الصحية بقرى مركز صدفا على حد قولها (زى الزفت)، ولا تصلح حتى أن تكون عيادات بيطرية.
وتروى قصة عن أخيها والذى كان قد أصيب بكسر فى قدمه منذ عدة شهور أثناء لعبه لكرة القدم بمركز شباب الوعاضلة، وكان حينها الوقت متأخرا، فذهبنا به إلى أحد الوحدات الصحية بالقريبة، فلم نجد بها إلا "تمرجى نوبتجى"، وكانت حالة أخى تتدهور، ونظرا لتأخر الوقت لم نجد مواصلات تقلنا إلى محافظة أسيوط، فانتظرنا حتى حاول والدى الاتصال بسيارة خاصة ونقلتنا إلى مستشفى الجامعة، ولكن الحمد لله بأن الطبيب أخبرنا أنه تدارك الموقف، وأن الحالة إذا كانت قد تأخرت أكثر من ذلك، فإن أخى كان سيصاب بإعاقة فى قدمه، وكل ذلك بسبب عدم وجود طبيب بالوحدة حتى يقوم فقط بعمل الإسعافات الأولية.
وفى مركز الغنايم الذى قد سقط من حسابات المسئولين فالمركز يقع جنوب غرب المحافظة، والطريق إليه غير ممهد غالبا، ويصعب المرور بالطريق المؤدى إليه ليلا، ورغم كل ذلك وحسب روايات الأهالى أن الخدمات التى تقدم به غير آدمية ليس فى قطاع الصحة فقط، ولكن فى معظم الاحتياجات الإنسانية، فصعوبة المواصلات وتطرف المركز كان سببا فى تأخر هذا المركز اقتصاديا وعلميا، وحسبما أكد الأهالى أن الوحدات الصحية بمركز البدارى خالية حتى من الأمصال ليس فقط من الأدوية والأطباء.
المستشفيات المركزية تعانى نقص أدوية وأطباء
وقال مصدر طبى بمستشفى أبنوب المركزى، إن المستشفى بالرغم من أنه يخدم مركزا بأكمله وعشرات القرى التابعة له، إلا أن المستشفى به نقص شديد فى الأيدى العاملة، وخاصة الأطباء فلا يوجد فى المستشفى أخصائى للعظام فى الوقت الذى يحتاج فيه المستشفى لثلاثة أخصائيين و6 نواب على الأقل، وخاصة بسبب قرب مستشفى أبنوب المركزى من الطريق الصحراوى، ويحول إليه كافة الحوادث ولكن نقص الأطباء يتسبب فى تحويله للمستشفيات الجامعية والحكومية، وانتقد المصدر الطبى وجود عشرات أطباء العظام فى مستشفيات أسيوط، حتى أن بعض المستشفيات لا تجد مكانا لهم، كما لا يوجد إلا طبيب عيون واحد فقط وطبيب للنساء فقط، كما أنه لا يوجد جهاز للأشعة المقطعية، مما يؤدى إلى تحويل أية حالات إصابة فى الرأس إلى المستشفيات الأخرى.
مسئول بالصحة: هناك عجز بالأطباء
ومن جانبه قال الدكتور أسامة حجازى مدير إدارة الرعاية الأساسية بمديرية الصحة بأسيوط، أن أسيوط بها 247 وحدة رعاية مقسمة إلى مراكز صحية حضارية ومراكز رعاية أمومة وطفولة وعيادات أحياء ومكاتب الصحة المستقلة ومراكز صحة الأسرة، ووحدات صحة الأسرة والمستوصفات.
وأكد حجازى أنه من شهر نوفمبر وحتى شهر مارس هناك عجز فى الأطباء بالوحدات، وذلك بسبب عدم تعيين الأطباء، كما أن هناك 68 وحدة صحية بدون أطباء طول الوقت، ولكن حاولنا حل المشكلة بانتداب أطباء لتلك الوحدات 3 أيام بالأسبوع، ومن هذه الوحدات وحدة عزبة الزهرى ووحدة التضامن ووحدة عرب مطير الجديدة ووحدة قرية الوعاضلة بمركز صدفا.
وأضاف حجازى أن الوحدات الصحية مقسم عملها إلى 8 بنود، هم التثقيف الصحى وإصلاح البيئة ومراجعة الأغذية وسلامة مياه الشرب ورعاية الأمومة والطفولة، وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية ومكافحة وعلاج الأمراض المتوطنة، وتوفير الأدوية الأساسية ومكافحة الأمراض المزمنة، وتقديم الخدمات العلاجية والعيادات الخارجية.
وإنه فى حالة عدم وجود أطباء، فإن الوحدات الصحية تعمل على 7 بنود فقط، وتتوقف تقديم خدمة البند الثامن وهو العيادات الخارجية.
وعن توافر وعجز الأمصال قال حجازى، إن هناك قرارا من الوزارة بتوفير أمصال العقرب والتيتانوس بجميع الوحدات التى توجد بقرى تبعد بمسافة 20 كيلو مترا عن محافظة أسيوط، إلا أننا تقريبا قد وفرنا تلك الأمصال بجميع الوحدات الصحية بالقرى والمراكز بمحافظة أسيوط، بعد أن كان هناك عجز بالفعل فى الأمصال منذ عدة أشهر، مؤكدا أن عجز الأطباء فى معظم المراكز مثل البدارى وصدفا والغنايم، يأتى بسبب بعد تلك المراكز عن المحافظة ووقوع العديد من الأحداث بها، أثرت سلبا عل تواجد عاملين وأطباء.
ضحا صالح
هيثم البدرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق