باقى الصور
"وحشتنى يا محمد وريحتك وحشتنى وكل يوم أفتح دولابك وأشم ريحتك في هدوم العيد التى لم أغسلها وأضمها إلى صدري وأنادي اسمك وحشتني يا حبيبي قلبي واجعنى على فراقك يا ضنايا".
كلمات رددتها والدة محمد صلاح الطالب الذي لقى مصرعه نتيجة الإهمال في إحدى مدارس أسيوط بعد سقوطه في بالوعة بالمدرسة في الذكرى الأربعين لرحيله.
"صدى البلد" التقى بأسرة الشهيد والتي تتذكر يوم الحادث قائلة: "محمد كان يعشق كرة القدم، وفى هذا اليوم كان لديهم دوري رياضي وهو كان مشاركا فيه وأخذ معاه "اليونيفورم" وكان وهو خارج فرحان بشدة وقبلني وقالي "هتوحشينى يا ماما" ما اعرفش إنه كان بيودعنى".
وتضيف الأم قائلة: "محمد كان طفلي المدلل نظرا لكونه أصغر إخوته، وكان شعلة نشاط وحيوية، ودائما "يلف" بالعلم في الشقة ويردد "تحيا مصر السيسى رئيسي"، وتنهار الأم وتقول: "إزاي ابنى أوديه المدرسة الصبح وآخده آخر النهار في كيس؟ ياريتنى ما وديته ياريتنى ما علمته خالص".
وتتذكر الأم يوم الحادث وتقول: "كان يوما طويلا وكم كنت أتمنى أن يكون كابوسا وأستيقظ منه، ولكنى وجدته الحقيقة المفجعة، ولا أستطيع وصف لحظة إبلاغ المشرفة لي بألا أذهب إلى المدرسة ولكن أذهب إلى المستشفى، كم تمنيت أن يكون الجميع كاذبين ولكنهم كانوا صادقين وولدي مات وكانت السكة طويلة ومش عايزة تخلص".
وتضيف الأم: "عندما وصلت المستشفى وعلمت أن ابنى في المشرحة سقطت صارخة "طفلي لم يمت.. أنتم تخدعونني"، بينما كان قلبي يعتصر ألما على طفلي وأنا أتخيل ما ألم به في تلك الساعات، وكان هو داخل المشرحة وأنا خارجها و"مش عارفة آخده في حضني، كنت باموت"، وتقول: "لما دخلوني شفته كان رايح لربه زى القمر وكأنه نايم واعتقدت أنني سآخذه إلى المنزل وأحميه وأدخله سريرة كعادتي يوميا".
وتضيف الأم: "أنا لست معترضة على قضاء الله، بس محمد كان لما يرجع من المدرسة يقولى "وحشتينى يا ماما وريحتك وحشتنى"، فكان إحساسه بي شديدا ربما لأنه كان سيتركنى قريبا ويمشى".
وطالبت الأم بمعاقبة المهمل قائلة: "أنا مودية ابنى يتعلم مش علشان يجيلى فى كيس".
أما والد محمد فيقول: "كيف لمديرة مدرسة تسببت فى إزهاق روح طفل بريئة، أن تعود لمنصبها بعد قرار المحافظ والمديرية بعزلها منه على الرغم من اعترافها بأنها مسئولة عن هذا الإهمال؟ كيف لمدرسة أن تحصل على شهادة جودة من التعليم وهى غير مستوفية شروط الترخيص ومثبت ذلك في خطابات مكتب العمل والمحاضر التى حررت لهم؟".
واستطرد الأب قائلا: "القانون ينص على أن أي منشأة بها مخالفة يتم إغلاقها، فلماذا لم تغلق هذه المدرسة؟"، مشيرا إلى أن "هذه المدرسة مازالت تعمل بنظام البيارات ولا يوجد بها صرف صحي، وأن أن تقرير اللجنة الهندسية ذكر أن منسوب المدرسة منخفض عن منسوب الشارع ولابد وأن يكون الصرف خارجيا".
كما أكد والد الطفل أن "المدرسة آيلة للسقوط ومحافظ أسيوط أصدر قرارا بإعفاء أبنائي من الرسوم حتى الثانوية.. عايز يمن علي من فلوس الدولة يروح يشوف الدنيا خربانة كيف".
وقال: "كان الأولى بمحافظ أسيوط أن يعاقب مدرسة لا تطبق اللوائح والقوانين، وأهمها أن الزيادة المقررة على المدارس الخاصة كل عام تكون بواقع 7%، ولكن هذه المدرسة الزيادة فيها أكثر من 40% ومعي جميع المستندات الدالة على ذلك".
وأضاف أن ما حدث لابنه ليست الحادثة الأولى التي وقعت دخل المدرسة، حيث قامت الكلاب الموجودة داخل المدرسة بعض 3 طلاب.
وتابع: "تقدمت بشكاوى عديدة لمحافظ أسيوط، وآخرها كان بتاريخ 4-12-2013 ضد إدارة المدرسة، وحتى الآن لم يتخذ قرارا بشأنها، وكنت أتمنى بدلا من أن يصرح بأنه سيذهب ليؤدى واجب العزاء، أن يأتي بحق ابنى ممن تسببوا في موته بإهمالهم".
وتساءل: "ما الإجراء الذي اتخذه المحافظ حتى الآن ومديرة المدرسة عادت للعمل بالمدرسة مرة أخرى وكأن شيئا لم يحدث؟"، وقال إن "جميع المسئولين متواطئون في قتل ابنى وأنا حتى الآن ملتزم بالقانون، وبعد ذلك لا أحد يسألنى عما أفعل".
أما روان وميار، إخوتا محمد، اللتين كانتا معه في المدرسة، فلم تتمالكا نفسيهما وأجهشتا بالبكاء عقب ذكرهما اسم أخيهما الفقيد، ولم تتمكنا من الحديث.
ايهاب عمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق