بينها
وبين الشعر ميثاق لا تعرف متى بدأ على وجه التحديد، غير أنها حينما تتذكر
المحاولات الأولى لكتابته تعود بالزمن إلى مرحلة الثانوية العامة، وذهابها
بين حينِ وآخر إلى نادى أدب أسيوط، لتسمع وتحفظ عن ظهر قلب. وإذا كان الألم
هو المعلم الأول للإنسان، وسبب الاكتشافات، فإن الشاعرة المصرية الشابة
سارة علام مدينة له بالكثير.
حول تجربتها الشعرية كان لوكالة أنباء الشعر هذا الحوار..
كيف تُعرفين الشعر؟
لا
أعرف له تعريف ولا وصفة ولا طريقة محددة، غير أنه طريقة للتنفس، محاولة
للبقاء، مضاد للاكتئاب، أنبوب أكسجين يمتد من الروح فيبث فيها أعمارًا
أطول، أشعر دائمًا بالنقص، وحده الشعر يشعرني بالاكتمال.
وكيف كانت بدايتك معه؟ ومن الشاعر الذى أثر فيكِ؟
كنت
أكتب نصوصًا متفرقة، لا أعرف لها تسمية، سميتها نصوصاً وأنا أخشى أن
اسميها شعرًا، خوفًا منه ورهبة وإجلالا، من أنا لأقول لكم ما أقول، لا أعرف
تحديدًا من الشاعر الذى أثر في ودفعنى للكتابة، قد يكون درويش وربما
بورخيس، أو روائي أعجبتني لغته فكتبت الشعر، كانت تلك المحاولات مبكرة جدًا
بدأتها فى الثانوى لما كنت أواظب على حضور أمسيات بنادى أدب قصر ثقافة
أسيوط، أسمع الشعر وأحفظه.
ومتى أحسستِ بأن لديك رغبة فى كتابة الشعر؟
كنت
أعانى من هزيمة نفسية كاملة، كان الشعر وسيلة للمقاومة، كلما كتبت قصيدة
التأم جرحى أكثر، الشعر أيضًا يؤرخ للهزيمة، حينما أعود لما كتبته فى
ديواني الأول أتذكر الوجع والغضب، وأغضب جدًا كما حدث لى وقتها، تهبط
الذكرى على قلبي كقصيدة كاملة.
حينما كتبت القصيدة الأولى.. كيف كانت وما هى الدوافع التى جعلتك تلجئين إلى ساحة الشعر؟
كتبت
قصيدتى الأولى، منذ ثلاثة أعوام، كنت حزينة جدًا بالشكل الذى لا يسمح لى
بالكلام، كانت الكتابة بديلًا عن الكلام وتعويضًا عما فقدته.
ولماذا اخترت كتابة الشعر باللغة الفصحى؟
أحب
الفصحى، لغة واسعة، ومعجم فريد، لم أقرر اختيار الفصحى، ولكنها لغة
كتابتى، أفكر بها، وتفكر بى، نكتب معًا، ونجرب معًا، أنجح وأخفق وتتقبلنى
بمعجم رحب ونحو لا يرحم.
فى ظل ما يعيشه العالم... هل تتصورين أننا مازلنا بحاجة إلى الشعر؟ ولماذا؟
نحن دائمًا بحاجة إلى الشعر، بقدر حاجتنا إلى الجمال فى عالم صار القبح فيه أعلى صوتًا
هل ترين أن الشاعر بإمكانه أن يكون فاعلاً فى إحداث التغيير فى العالم؟
ليس
بوسع القصيدة أن تغير ماضيًا يمضى أو لا يمضى ولا أن توقف الزلزال، يقول
درويش، وأقول معه، لن تغير القصيدة أنظمة ولن تحارب دول يكفيها أن تغير
نظرتنا إلى العالم وإلى النفس البشرية بتعقيداتها.
ما هو تقيمك للحالة الشعرية فى عالمنا العربى؟
الشعر
بخير، هناك مواهب شابة، ألحظ عودة إلى الشعر، بعد سنوات من تهميشه لصالح
الرواية، كلما سافرت هنا أو هناك، أقابل شعراء جدد، وشاعرات مختلفات يقدمن
كتابة جديدة تستحق القراءة والتوقف أمامها.
ولمن تقرئين من الشعراء وترين أن بإمكانه أن يدهشك؟
يدهشنى بورخيس كل مرة أقرأ له فيها نفس القصائد، كل قصيدة عنده دهشة كاملة، تتطلب أكثر من قراءة لتكتشف مكامن جمالها.
هل تتفقين مع مقولة أن الأدب لا يكتب على ضوء الحرائق وأن الشعر يستثنى من ذلك... وما هو رأيك فيما كتب من قصائد حول الربيع العربي؟
لا
أفهم كيف يقرر شاعر أن يكتب عن موضوع محدد، كلنا عشنا الربيع العربي،
انتصارنا فى البداية، أملنا فى المنتصف، ويأسنا الآن، تأثرنا وقلقنا
فكتبنا، ولكننى لا أفهم من يقرر أن يكتب مسبقًا، كل الإنتاج الأدبى الذى
صدر بعد الربيع العربي هو نتاج لتلك المرحلة وما جرى فيها.
الشاعر سؤال يواجه الحياة.. ما هى التساؤلات التى تشغلك؟
دعنا
نتفق أن كل مرحلة فى حياة الشاعر تفرض تساؤلاتها، أنا الآن مشغولة جدًا
بأسئلة الدين والفلسفة، اقرأ اجتهادات أئمة التنوير لأفهم أين سيسير بنا
التاريخ الذى نقف على هامشه الآن؟
يذكر أن
سارة
علام، صحفية وشاعرة مصرية من مواليد عام ١٩٨٩، صدر لها من قبل ديوان "دون
أثر لقبلة" عن دار العين للنشر ٢٠١٣، و"تفك أزرار الوحدة" ٢٠١٥، وشاركت فى
العديد من المهرجانات الدولية مثل: ملتقى النص الجديد، القاهرة ٢٠١٣، يوم
الشعر العالمي البحرين ٢٠١٤، ملتقى آسفي الدولي للشعر المغرب ٢٠١٤، ملتقى
الشعراء العرب تونس ٢٠١٤، مهرجان بريدج ووتر الدولي للشعر، الولايات
المتحدة الأمريكية ٢٠١٥، واختيرت قصيدتها عارضة أزياء ضمن أفضل ١٠ قصائد في
مهرجان بريدج ووتر الدولي للشعر بأمريكا ٢٠١٥، وشاركت فى مهرجان مراكش
الدولى للشعر ٢٠١٥، وحصلت على درع الجواهري من اتحاد كتاب العراق عام ٢٠١٤
بلال رمضان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق