في زمن أصبح فيه بيزنس بناء المولات والعمارات الضخمة مقدمًا على الثقافة والتنوير، تنتظر "سينما رينسانس" آخر دور العرض السينمائي في أسيوط، مصيرها المحتوم لتلحق بسابقاتها.
الشاعر سعد عبد الرحمن، رئيس مجلس إدارة جمعية رواد قصر ثقافة أسيوط ، قال إن البيزنس بدأ في عقد السبعينات استجابة لتبنى السادات سياسة الانفتاح الاقتصادي، وكانت "سينما أدولف" أو "سينما دولف" كما كان يسميها العامة في أسيوط الملحق الصيفي لسينما أسيوط الشتوي، أولى ضحايا الانفتاح.
وأضاف "سعد" أنه في أوائل التسعينات توقفت سينمات قصور الثقافة ومنها سينما قصر ثقافة أسيوط بعد أن فك الارتباط الذي كان قائمًا من قبل بين الثقافة الجماهيرية وجمعيات رواد قصور الثقافة التي كانت تدير هذه السينمات، ومن خلال عائدها كان يتم الصرف والإنفاق على كثير من البرامج الثقافية والفنية لهذه المواقع وعلى الكثير من احتياجاتها في مجال الأثاث والصيانة وخلافه، فى الوقت الذي تصاعدت فيه موجة إرهاب الجماعة الإسلامية التي كانت تمثل الذراع المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين.
وأشار إلى أنه منذ عدة سنوات توقفت سينما "خشبة الصيفي" التي أنشئت في الأربعينيات من القرن الماضي وارتفع بدلاً منها الآن بناء أسمنتي ضخم يعلن نفسه كمشروع مول تجارى، كما توقفت قبلها بسنوات "سينما أبو تيج" و"سينما قرشي" بديروط وسينما القوصية.
وأضاف أنه بتوقف "سينما رينيسانس" عن العمل، يكون انتهى بأسيوط عصر من الخيال وسحر الصورة الناطقة المتحركة، عصر من الثقافة والتنوير.
وطالب "سعد" من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الثقافة والمسئولين جميعًا، سرعة التدخل لمنع هدم سينما رينسانس أسيوط والتي تعتبر آخر عرض سينمائي في أسيوط.
وأوضح الدكتور ثروت عكاشة، رئيس نادي الأدب المركزي بأسيوط، أن هدم دور السينما يعد هدمًا لدور ثقافي هام تؤديه السينما نحو المجتمع عمومًا، حيث يبث من خلالها الكثير من الجوانب التوعوية للمواطنين ويتم توصيل العديد من الرسائل المباشرة في صورة واقع يعيشه المواطن، فدائما الفيلم السينمائي هو أقرب ما يكون للواقع المعاش الذي نستطيع من خلاله تعديل سلوكيات الفرد، علاوة على طرح الواقع المجتمعي عامة ومحاولة طرح علاجات لمشكلاته.
وقال المخرج المسرحى خالد أبو ضيف، إن ما يحدث في دور السينما في أسيوط خطة محكمة للقضاء على أهم وسيلة لحرمان الجمهور من مشاهدة الفن السابع فى أسيوط، بدأت بسينما دولف ثم سينما خشبة وأخيرا سينما ريسانس، فإن الرأسمالية المتوحشة تلتهم كل مواطن الجمال والفن فى بلادنا ولن تفلح حرب السلاح فى محاربة الإرهاب ولابد من الوقوف فى مواجهة القبح والتخلف والجهل يداً واحدة فالسينما حياه وهدم دور السينما فى بلادنا هو هدم للحياة.
وأضاف الشاعر مصطفى رشوان السلامي، أن السينما لها دور تثقيفي وتنويري وترفيهي لشتى طبقات المجتمع ولكن يجب "غربلة" ما يقدم من مواد ثقافية وغيرها للناس حتى لا يكون ضررها أكبر من نفعها.
وأشار القاص شعبان المنفلوطي، إلى أن السينما كفن لها دور في الارتقاء بالزوق العام وضرورة للتعبير عن احتياجات المجتمع ووسيلة التثقيف الرائدة كفن له سحره به العديد من الجماليات التشكيلية والجمالية والأدائية تساهم في تشكيل وعي المواطن، والسينما مدخل هام للتنمية في الصعيد ويعتبر التعدي علي دور السينما هو تعدي على حرية الإنسان وكرامته وحقه في الفن.
وأوضح الروائي مصطفى البلكي، أننا في أيام الدراسة الجامعية كنا نذهب لسينما "خشبة" الصيفي لنشاهد الأفلام القديمة التي كان يعاد عرضها بسينما "مقار" الشتوى وكنا ندخلها في الأعياد والمناسبات، وكانتا تمثلان رافدًا للثقافة، وبهدم سينما خشبة فقدنا شيئا جميلا كنا نفخر به، وحل محلها صورة من صور القبح المتمثلة في الكتل الخرسانية.
محمد أبو شادى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق