غرفة من الطوب اللبن لا تتعدى مساحتها مترين مربع تعيش فيها وتقضى حاجتها أيضا فيها ثم تنام وجسدها النحيل ملاصقا للأرض، يتوارى من قفزات دجاجتين تهرولان من حجرة أصغر مجاورة لها.. يغطى الحجرتين معا تلالا من "البوص" والقش تحميها من حرارة الشمس وبرد الشتاء.. وتسترها عن أعين الناس أثناء انتظارها لجلابية وحيدة تملكها حتى تجف بعد غسلها لترتديها مرة أخرى. مأساة بمعنى الكلمة تعيشها الحاجة عزيزة التى تبلغ من العمر أرذله فقد بلغت الـ 90 عامًا وهى تعيش داخل حجرتها المبنية من الطوب اللبن بقرية العريصة إحدى أكثر القرى فقرا فى مركز القوصية التابع لمحافظة أسيوط. المنزل حجرة واحدة سقفها من البوص وبجوارها حجرة اخري صغيره ليس بها باب ولا لها سقف تربي فيها دجاجتين تؤنسان الوحدة الموحشة التى تحيا فيها، لا تمتلك سوى جلابيتين احداهما تحتفظ بها نظيفة تحسبا لأى مرة تخرج فيها بعيدا عن القرية، والثانية ترتديها دوما وحينما تتسخ تقوم بغسلها علي يدها بعد ان تغرف حفنه من المياه من زير صغير وضعته في مدخل حجرتها الضيقة، وبعد ان تغسلها تنادي لاحدى الجارات لنشرها بالخارج، وتنتظر هى بداخل الحجرة حتى تجف ثم ترتديها مرة أخرى. لا تمتلك منذ سنوات الا شبشبا واحدا تستخدمه داخل المنزل وفي الخارج ، تقضي حاجتها في حجرة صغيرة تربي فيها دجاجاتها اللاتى يشاركنها الطعام الذى يأتى به اليها الجيران فهي لا تمتلك ان تطعمهما كما لا تمتلك ان تطعم نفسها. تزوجت الحاجة "معزوزة"، وتوفي زوجها منذ 55 عاما بعد زواجهما بسنوات قليلة، اثمر ذلك الزواج انجاب ثلاث فتيات، توفت منهن واحدة، وقضت عمرها في تربية بناتها حتى تزوجن وأنجبن وتركاها فى زحمة الحياة ،الا ان الحظ ايضا لم يبتسم لهن ، فتوفي ازواجهن واحدا بعد الاخر وتركا لهن ابناء اصبحوا حملا في رقابهن الامر الذي ادي الي حزن الحاجة معزوزة بشكل كبير على حال ابنتيها، فهى لا تستطيع استقبالهن وأبنائهن للعيش معها في الحجرة الضيقة ، التي لا يوجد بها سوى حصيرة تأويها من برد الشتاء بعد ان تتغطي بها ، وزير صغير يملأوه لها الجيران لعدم وجود مياه لديها ، و"بابور جاز" لأنها لا تمتلك اواني طهي ولا بوتاجاز. ورغم كل ذلك فانها تتمتع بصحة جيدة ، فهي لم تذهب لطبيب طوال حياتها ، ولا تري في عينيها سوى نظرات الرضا علي كل حال، ولا يردد فمها سوى الحمد لله انا احسن من غيري ، فهى راضية كل الرضا عن حياتها البسيطة، وعيشتها التي تحمد الله عليها ليلا ونهارا طالما هى رغم كل ذلك فى صحة جيدة وأحلامها بسيطة جدا فقالت "لا أحلم إلا بزيارة بيت الله الحرام ، وسقف يحميني من البرد والمطر، ومعاش يغنيني عن السؤال وبطانية ومرتبة ".
ضحا صالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق