ارتفاع مفاجئ فى درجة الحرارة، رعشة فى الجسم، أعقبها ارتخاء فى العضلات، فى ذات الأثناء يحاول «محمد فايق» الشقيق الأكبر لـ«راشد» البحث عن مستشفى يقبل حالته التى رفضتها مستشفيات عدة أبلغته بـ«فشلها» فى تشخيص المرض «الغامض» الذى يعانى منه.
يحاول البحث مجدداً بينما تسوقه قدماه إلى مستشفى «هرمل» فى القاهرة الذى احتجز الحالة وطلب تحليل بعض العينات من المريض الذى دخل فى غيبوبة تامة.
ينتظر «فايق» فى مركز التحاليل القريب من المستشفى نتائج فحص العينات الخاصة بشقيقه الذى يرقد فى إحدى غرف العناية المركزة.. يقطع صوت رنين هاتفه نوبة صمت سيطرت عليه حاملاً صوتاً «متردداً» حسبما وصفه، لشخص عرّف نفسه بأنه من المستشفى اكتفى بعبارة: «البقاء لله.. تعالى استلم الجثة». أربعة أيام عاشها «راشد» صاحب الثلاثين ربيعاً من ١٢ وحتى ١٦ سبتمبر الماضى، بين الرعشة والغيبوبة، انتهت بوفاته بعد أن وفد من بلدته «دشلوط» إحدى قرى مدينة «ديروط» فى أسيوط، التى يعيش فيها بصحبة زوجته وابنيه الاثنين، حاملاً مرضاً منتشراً بين أهل القرية التى يعيش بها، ولا يعلم أى منهم ماهية الداء.
زيارة «المصرى اليوم» لـ«دشلوط» كشفت عن وجود مئات الحالات المُصابة بذات الأعراض، هاجس يزداد داخل المنازل مع كل إصابة جديدة، ارتفعت حدته مع سقوط الوفاة الثانية فى نفس الأسبوع لفتاة فى السابعة عشرة من عمرها، بينما تعُج صيدليات القرية بمئات الأشخاص الذين اصطفوا فى طوابير للحصول على «الجرعة» كما يسمونها.
يقول محمد فايق لـ«المصرى اليوم»: «شقيقى كان فى البلد، وجاء للقاهرة لزيارتنا حاملاً أنفلونزا وارتفاعاً فى درجة حرارته، لم نتصور أن هناك شيئاً يستدعى القلق، لكن تجاوز درجة الحرارة حاجز الأربعين أعقبها دخول فى رعشة غريبة، دفعنا إلى البحث عن مستشفى خارج أسيوط».
يضيف: «بدأت الرعشة يوم السبت 12 سبتمبر، ذهبت به لمستشفى رابعة العدوية، فى القاهرة، وبعد إجراء تحاليل قال الأطباء إنهم لم يتمكنوا من تحديد ماهية المرض وأسبابه، ونفس الأمر تكرر فى مستشفيات الإيطالى واليونانى، والحسين، وأحمد ماهر، وسيد جلال، وقصر العينى، والدمرداش التى فشل أطباؤها فى الحصول على عينة بذل نخاع سليمة لست مرات متتالية، وكل مرة يسحب الطبيب العينة يأتى بها دماء فتفسدها».
بعد رحلة بحث وافق مستشفى «هرمل» وقبل حالة «راشد» لوجود غرفة رعاية مركزة به، يقول شقيقه: «بعد دخوله المستشفى طلبوا منى إحضار طبيب مخ وأعصاب، وبالفعل وجدت طبيباً مشهوراً فى منطقة المعادى اشترط الحصول على ما يوازى ألفى جنيه بالدولار كأجرة كشف خارج عيادته، ووافقت». يضيف: «بعد إجراء الكشف طلب الطبيب بعض الأدوية والحقن وكانت غير متوفرة فى مصر، قال لى إنها متوفرة فى دبى فأرسلت لطلبها، بالإضافة إلى طلب إجراء بعض التحاليل والفحوصات، وقمت بها يوم الثلاثاء وذهبت بها إلى المعمل لمعرفة نتيجتها، لكن فوجئت باتصال من المستشفى فى الثانية من صباح الأربعاء 16 سبتمبر يخبرنى بوفاة شقيقى».
تشكك «فايق» فى أن تكون إصابة شقيقه بمرض الالتهاب السحائى، إلا أن طبيب «المخ والأعصاب» أكد له صعوبة الجزم بالإصابة إلا بعد ظهور نتيجة تحليل «بذل النخاع» التى لم تظهر قبل وفاة شقيقه، يقول فائق: «المستشفى رفض منحى نتيجة تحليل العينات حتى الآن، وفى شهادة الوفاة تركوا خانة سبب الوفاة فارغة واكتفوا بوضع علامة (-) ولم يذكروا السبب إلى الآن».
أزقة وحوار ضيقة، طرق غير ممهدة يقطعها مصرف تنبعث منه روائح كريهة، بينما يتفرع منه مدق رملى ينتهى بتبة مرتفعة يعلوها منزل عبارة عن فناء متسع به أريكتان خشبيتان، على إحداهما جلس «متعى أحمد سالم»، فى حالة حزن وصمت بعد وفاة ابنته ذات الستة عشر ربيعاً.. «دور ماشى فى البلد وجالها، وفجأة لقيناها بتترعش وجسمها سخن، وديناها المستشفى قالوا التهاب رئوى، وبعدها بنصف ساعة ماتت».
لم يتمكن الوالد من إكمال حديثه مع «المصرى اليوم» وانزوى فى أحد أركان المنزل، مستكملاً حالة الصمت التى بدأها، ليكمل «عبدالعظيم سالم» عمها الحديث قائلاً: «المرض انتشر من قرية مجاورة اسمها عرب أبوكُريّم شمال أسيوط، وفى البداية قالوا إن سببه ميكروب فى اللحوم لكن المرض استمر فى الانتشار ووصل لنا».
يروى «عبدالعظيم» أعراض المرض الذى أصيبت به «شيماء»: «تبدأ بسخونية شديدة، وصداع مستمر، وتصل درجة حرارة الجسم إلى 40، وحين ذهبنا إلى المستشفى فى دشلوط وجدنا أنها أطلال، لا يوجد بها أطباء أو ممرضون، أو أجهزة أو أدوية، فذهبنا إلى مستشفى حميات ديروط الذى قال إن المرض التهاب رئوى، وحصلت على علاج».
يضيف: «فى نفس اليوم وبعد العودة من المستشفى بنصف ساعة زاد السعال وارتفعت درجة الحرارة بشكل كبير، وصاحبها قىء مستمر، وحدثت الوفاة».
«ساعتان أنهتا عمرها»، يقول «عبدالعظيم» معتقداً أن التشخيص فى المستشفى لم يكن دقيقاً، ولا يخفى الرجل الستينى تخوفه من احتمالية إصابته بالمرض: «بنت أخويا مصابة حالياً وخايف أروح أشوفها».
«فى 28 شخصا من أسرة واحدة مصابين بالدور»، يقول «عبدالعظيم» متهماً الحكومة بأنها لا تريد الاعتراف بأن الوباء منتشر، ويشكو تكلفة علاج المرض والتى قال إن بعض الأسر أنفقت ما يزيد على 4 آلاف جنيه فى أقل من شهر.
على مدخل قرية «دشلوط» من الطريق الصحراوى الغربى يصطف مئات المواطنين يومياً أمام صيدلية «زين» إحدى أبرز علامات المدينة، يمسك كل منهم بـ«روشتة» تحمل نفس الأدوية التى يطلبها الجميع ويطلقون عليها «الجرعة»، بينما يجلس فى الصيدلية بعض المواطنين بعد أن علقوا «محاليل» داخلها، يعتقدون أنها علاج المرض.
يقول محمد باشا، أحد المرضى الذى علق عبوة المحلول الخاصة به فى مسمار مثبت فى الحيطة: «شقيقتى أصيبت بدور برد شديد وانتقل لى، وصاحبه ألم شديد فى الظهر، وذهبت للعيادة وصف لى تلك الجرعة والمحلول للعلاج وثمنها 110 جنيهات، وحين يعاودنى الألم أحصل عليها مرة ثانية».
يعتقد «باشا» وجميع أهل القرية أن تلك «الجرعة» هى العلاج من المرض الذى لا يعرفون تشخيصه إلى الآن، ويعتمدون على ثلاث عيادات رئيسية فى القرية، تخصص أطباؤها فى وصف نفس الجرعة التى انتشرت فى القرية، يقول عبدالقادر فايق، أحد أبناء القرية: «بعض الناس استغل الوضع وقاموا بجلب كونتينرات من المحلول لبيعه فى القرية».
داخل الصيدلية لا يتوقف الدكتور «على» ابن الدكتور «زين» صاحب الصيدلية عن العمل، تلاحقه الطلبات المستمرة من أهل القرية للحصول على «الجرعة»، بينما يأتى سؤال أحدهم عن الدكتور «زين» مدير الصيدلية المختفى منذ أيام وكان الأهالى اعتادوا قيامه بصرف الأدوية لهم، لتأتى الإجابة المفاجئة من الدكتور على: «دكتور زين اتصاب بالمرض، ومعلقين له المحلول ومش قادر ينزل الصيدلية».
على «تروسيكلات» منتشرة أمام الصيدلية، يستخدمها أصحابها لنقل المرضى والمصابين إلى الصيدلية، حملت إحداها «محمد يونس» أحد المصابين، يقول: «والدتى وأختى وولادها جالهم الدور، وأصاب كل من فى المنزل بترجيع مستمر، وصداع فى الرأس، وارتفاع فى درجة الحرارة».
يضيف: «مش قادر أمشى على رجلى، أعصابى كلها واقفة، وفى رعشة فى جسمى وألم شديد فى ظهرى».
يقول «على» لـ«المصرى اليوم»: «يومياً يأتينا مئات الأشخاص حاملين روشتات لنفس الأعراض التى تعانى منها القرية كلها، ولا يعرف أحد تشخيص المرض إلى الآن، لدرجة أن مدير الصيدلية أصيب به من كثرة احتكاكه وتعامله مع المرضى».
داخل منزل صغير، عبارة عن حجرة واحدة، يربطها ممر يؤدى إلى حجرات مشابهة كل منها تضم أسراً كاملة، جلس بدر فوزى عبدالقادر، 56 عاماً، خال «راشد» المتوفى، مشتكياً من إصابته بذات الأعراض، يقول: «جسمى سايب من وقت ما اتصابت»، ويشكو من صداع مستمر معه لمدة 10 أيام، بينما أمسك بيديه حقيبتين ممتلئتين عن آخرهما بأدوية عديدة، أغلبها مسكنات ومضاد حيوى.
يقول: «الدكتور فى العيادة قال لى إنها حمى شوكية، ورفض إعطائى التحاليل الطبية، وكتب لى الروشتة التى قمت بصرفها وتجديدها بمبلغ 1750 جنيهاً فى 10 أيام»، تقاطعه زوجته التى تقول إنها حصلت على 22 حقنة فى ذات المدة بلغ إجمالى سعرها 650 جنيهاً دون أن تعرف سبب علتها.
يشكو أهالى القرية مما سموه «استغلال» الأطباء لهم ورفع أسعار الكشف، ويقول عبدالقادر فائق: «بعض الدكاترة استغلوا المرض، وكشفهم فى اليوم الواحد وصل 80 جنيهاً، وأغلب أهل القرية فقراء، ما يدفعهم للذهاب إلى الصيدلية للحصول على الجرعة بدون كشف».
ويضيف: «الصيدليات حالياً هى التى تقوم بالكشف والعلاج فى نفس الوقت، وتقوم بتركيب المحاليل للمواطنين، وقاموا ببيع أدوية خلال الشهر الماضى ربما لم تحدث خلال العام كله».
18 كيلو متراً تفصل القرية عن مستشفى حميات ديروط، وعلى المريض أن يقطعها على مدقات رملية بسرعة سيارة لا تزيد على 20 كيلومتراً، يتسع بالكاد لسيارتين إحداهما ذهاباً والأخرى فى الاتجاه المعاكس، يحد الطريق يميناً مصرف كبير.
40 دقيقة استغرقتها «المصرى اليوم» للوصول إلى المستشفى، بوابة حديدية عليها لافتة «مستشفى حميات ديروط»، يقف أمامها عدد من عربات «التوك توك»، ورجل «مُسن» يحمل تذاكر الدخول، فيما تستقبلك سيارة إسعاف متهالكة طمست الأتربة لونها الأحمر، وغطت زجاجها بالكامل.
فى الدور الثانى احتجز المستشفى عددا من المرضى، وعلقت لبعضهم محاليل بسبب قلة الأكل نتيجة الإصابة، أحد أطباء المستشفى المُعالجين للمرض كشف لـ«المصرى اليوم» سبب شكوى المواطنين بأنها «تيفود»، وأطلع الجريدة على حالات عديدة جاءت نتيجة تحاليلها إيجابية بالمرض.
يقول الطبيب الذى فضل عدم الكشف عن اسمه: «ينتقل التيفود نتيجة الأكل والمياه الملوثة، وكانت عائلات بالكامل تأتينا حاملة المرض بنفس الأعراض لكن بأشكال مختلفة، بعضهم يشكو من اللوز وآخر يشكو من ارتفاع درجة الحرارة، ولذلك لم نستطع الجزم فى البداية بأنها حمى تيفودية».
وأضاف: «أجرينا تحاليل وفحوصاً طبية على كل من يأتينا خاصة من قرية عرب أبوكُريّم التى انتشر فيها المرض بشكل كبير، وشملت التحاليل فحوص التيفود وكرات الدم البيضاء والحمراء والبول لمعرفة السبب، لكن وجدنا أن الإصابات جزء كبير منها بسبب العامل النفسى للمريض». وينفى الطبيب ما أثير عن أن السبب «التهاب سحائى»، قائلاً: «ربما تأتينا حالة أو حالتا التهاب سحائى من كل 40 مصابا، لكنها ليست وباء أو فيروساً منتشراً».
يُعدد الطبيب أعراض التيفود: «تبدأ بارتفاع درجة الحرارة ما بين 38 و40 درجة مئوية، وتتذبذب بشكل متقطع، ويصاحبها إجهاد شديد وألم فى الجسم وسخونة فى البطن وإمساك مزمن ويصاحبه قىء».
يؤكد الطبيب أن ثلث الحالات التى قدمت إلى المستشفى كانت مصابة بالتيفود بسبب المياه الملوثة والأكل غير النظيف، ويُجزم بأن العدوى تنتقل عن طريق الأكل والشرب واستخدام أدوات المريض وليس عن طريق الجو والتنفس، ويؤكد أن أغلب المواطنين فى القرية يستخدمون فلاتر المياه بسبب تلوثها الشديد.
ينفى الطبيب أن يكون مستشفى حميات ديروط سجل حالات وفاة داخله، وأن حالات الوفاة التى حدثت كانت فى المنازل، ويشكو من «سلبية» بعض المواطنين فى التعامل مع الأمراض.
ويضيف: «قرية عرب أبوكُريّم كانت أكثر الأماكن التى يأتينا منها مصابون، لدرجة أننا قررنا حجز كل من يأتى من تلك القرية فى سبتمبر الماضى، وفى إحدى المرات دخل المستشفى فى نفس اللحظة 16 مريضاً منها».
ويقول: «بعض الأحيان تقوم المستشفى بعمل تحاليل للمريض وتكشف عن عدم وجود المرض فى الجسم رغم وجوده، لكنه يكون فى فترة الحضانة ولا يظهر فى نتائج التحاليل».
أجرى الطبيب المُعالج لحالات عديدة أصيبت بذات الأعراض حصراً خاصاً به عن طريق استمارات المرضى، والتى وصلت إلى 32 مريضا قام بعلاجهم والإشراف عليهم خلال شهر واحد، ويؤكد: «كل الأطباء قاموا بعمل حصر لأنفسهم خاصة مع نهاية أغسطس وبداية سبتمبر».
«المصرى اليوم» اطلعت على عشرات الاستمارات لمرضى جاء بعضها سلبياً وآخر إيجابياً حاملين المرض، كان أغلبها يعانى من ارتفاع بدرجة الحرارة ونزلات معوية وإمساك وقىء.
فى المقابل، يرفض الدكتور مصطفى البكرى، مدير مستشفى الحميات فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» الاعتراف بوجود تيفود فى القرية، ويقول: «ده فيروس عادى ماشى فى البلد زى الأنفلونزا العادية، فيروس بييجى للواحد يعدى الكل، لكن ده فيروس حميد بياخد 4 أو 6 أيام وبينتهى مفيش حد بيموت منها دى حالات حميدة».
يرفض بشدة «البكرى» وجود أى من حالات التيفود فى القرية، ويُجزم بأن المستشفى أجرى فحوصاً طبية لجميع الحالات وتأكد من عدم وجود الفيروس، ويُرجع سبب اعتقاد المواطنين بأنهم مصابون بالتيفود إلى ما سماه «دكاترة مبتدئين بيفهموا المريض غلط وبيقولوله تيفود»، وفق قوله.
«المصرى اليوم» أكدت لمدير المستشفى أنها وثقت تحاليل عديدة تمت فى مستشفى الحميات ذاته الذى يرأسه، وأكدت إصابة بعض المواطنين بالتيفود إلا أنه قال: «ده كلام فاضى، التحاليل دى كلها غلط ومش بناخد بيها، حتى اللى طالعة من المستشفى بتاعتنا كلها غلط، ولكى أقول إن هناك تيفود لابد من عمل تحليل مزرعة دم».
ويؤكد: «كل التحاليل دى غير صحيحة، وحتى التى خرجت من مستشفياتنا لا نأخذ بها فى تأكيد أن المريض مصاب بالتيفود، لأن هناك اعتبارات أخرى، وربما يكون هناك 3 أو 4 حالات فقط مصابة، لكن المرض المنتشر بعيد تماماً عن التيفود».
ويضيف: «ده فيروس زى الأنفلونزا.. لو كل الشعب المصرى اتعمله تحاليل تيفود فى مستشفياتنا سنجد أن 80% منهم إيجابى ومصاب بالمرض، لأن دى تحاليل بتكشف الأجسام المضادة وليس التيفود نفسه، ولو حضرتك أكلت سندويتش فيه المرض جسمك هيكون الأجسام المضادة لكن لن تصاب بالفيروس، لأن المناعة ستمنع ظهور المرض».
مستشفى القرية: عنابر مُغلقة بلا خدمات.. وممرضات للأهالى: هاتوا علاجكم معاكم
باب مفتوح على مصراعيه، يحده يميناً قسم شرطة، ويساراً منزل مهجور، يطل على المصرف الرئيسى للقرية، لا يقترب منه أحد لشعوره بعدم جدواه.. إنه مستشفى «دشلوط» المبنى على مساحة 4 أفدنة، كما يقول أهالى القرية، ورغم ذلك لا يوجد به سوى بعض الممرضات وأمين شرطة للحراسة، بالإضافة إلى خمسة أبنية مهجورة لا توجد به أجهزة طبية، فيما أوصدت إدارته بعض أبنيته بأقفال حديدية منها «وحدة طب الأسرة».
«المصرى اليوم» تجولت داخل مستشفى دشلوط، الوحيد فى القرية، فضاء واسع وأبنية مغلقة بأقفال، نوافذ موصودة، عنابر فارغة.. لا يوجد أطباء أو مرضى. اكتفى المستشفى بعلم أبيض عليه هلال أحمر، مثبت على جذع شجرة أعلى أحد المبانى المتهالكة للمستشفى، بينما ترك الباب مفتوحاً بدون حراسة.
يقول عبدالقادر فايق، أحد أهالى القرية: «المستشفى تم بناؤه ليخدم قرية دشلوط وما يزيد على 8 قرى يسكنها آلاف المواطنين، تابعة لها على مساحة 4 أفدنة، وتدهور حاله وتم إهماله ولا يوجد به أطباء أو أى أجهزة طبية أو حتى حقنة واحدة»، مؤكداً أنه المستشفى الوحيد فى القرية، وأن أقرب مستشفى يبعد عنهم 18 كيلو متراً فى مدينة ديروط.
يشير إلى أن أهالى القرية يعانون من أمراض عديدة بخلاف «الفيروس الغامض» المنتشر بينهم، وقال إن أبرز تلك الأمراض «الفشل الكلوى» بسبب تلوث مياه الشرب التى قال إنها تأتى غير نظيفة فى أحيان كثيرة. «عبارة عن أطلال»، يقول عبدالعظيم حسنين، عم أحد المتوفيات فى القرية نتيجة «الفيروس الغامض»، مؤكداً أن المدينة لا يوجد بها مستشفى آخر أو عربة إسعاف، وأن الأهالى يلجأون إلى التروسيكلات والتوك توك لنقل المرضى إلى الصيدليات لتلقى العلاج. يضيف: «الباب مفتوح طوال اليوم، حتى إنه فى بعض الأحيان تدخل الخراف والماعز الخاصة ببعض الرعاة إلى فناء المستشفى دون أن يعترضها أحد».
يقول سيد صلاح زهران، من الأهالى: «أصبت أنا وزوجتى وأبناى الاثنان بـ «الدور المنتشر» فى القرية، وذهبت إلى المستشفى ولم أجد أحدا يستقبل الحالة باستثناء ممرضة قالت إنه لا يوجد أى إمكانيات فى المستشفى وإن أهل المريض عليهم إحضار المستلزمات الطبية كاملة، ونصحتنى بالتوجه مباشرة إلى مستشفى الحميات».
محمد أبو العينين
ان لله وانا اليه راجعون
ردحذف