يبدو أن (بلاها) أصبحت كلمة السر فى الآونة الأخيرة عند المصريين للتعبير من خلال شبكات التواصل الاجتماعى عن رفضهم واعتراضهم على الصعوبات والمشكلات الحياتية التى يمكن أن تواجههم. فبعد انتشار هشتاج (بلاها لحمة) دشن شباب إحدى قرى محافظة البحيرة هشتاج (بلاها شبكة) سار على دربهم شباب مركز القوصية بمحافظة أسيوط ودشنوا هشتاجا مماثلا بنفس المعنى والألفاظ للتعبير عن رفضهم لغلاء المهور التى تثقل كاهل العرسان عند الزواج وبعدها انتشر هشتاج (بلاها دهب.. بلاها جواز) وقد شجعت هذه الحملات عددا من مؤسسات المجتمع المدنى فى الصعيد خصوصا على طرح مشكلة الزواج والعنوسة للنقاش، وقدم بعض الباحثين فى محافظة أسيوط عدة دراسات رصدوا من خلالها عادات وتقاليد أهالى الصعيد ومغالاتهم فى مهور العرائس لدرجة أن مهر العروس الواحدة أصبح يصل فى بعض الأحيان لما قيمته250 ألف جنيه من الذهب
حملة بلاها
حملة (بلاها شبكة) انطلقت فى البداية من مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة على أيدى مجموعة من الشباب قبل أن تنطلق من مركز القوصية فى أسيوط وفى هذا الصدد يقول جمال أبو جبل منسق حملة (بلاها شبكة) فى محافظة البحيرة: لقد قام مجموعة من شباب مركز الرحمانية بتدشين الحملة اعتراضا على مغالاة الناس فى المهور لبناتهم عند الزواج دون مراعاة للحالة الاقتصادية للمحافظة التى تعتبر إحدى أفقر المحافظات المصرية،فضلا عن الظروف الصعبة التى يمر بها شباب المحافظة والذين يعانون من ظروف البطالة.
وأكد أبوجبل أن ارتفاع تكاليف الزواج والمغالاة فى مهور العرائس سببهما عادات وتقاليد موروثة من القدم،فضلا عن أن البعض يتخذ ذلك من قبيل الوجاهة الاجتماعية وحب التفاخر. وأكد أبوجبل أن الهدف هو تغيير وجهة نظر الناس نحو تكاليف الزواج وحثهم على التيسير على الشباب المقبلين على الزواج وتوفير قيمة المهر أو الشبكة لتدبير الحاجات واللوازم الأساسية لتأسيس عش الزوجية.
وأشار أبوجبل إلى فرص نجاح الحملة وقال سوف نعمل خلال الفترة القادمة على تدشينها فى كافة مراكز المحافظة ونتوقع أن تسهم النتائج المرجوة منها فى حل مشكلات العنوسة بين الجنسين من الشباب وزيادة معدلات الزواج عما كانت عليه من قبل.
أسيوط تتحدث.. أهل الصعيد السبب فى العنوسة
ويتفق مع هذا الرأى شهاب بهجات مؤسس حملة (بلاها شبكة) فى أسيوط ويقول عن فكرة تأسيس الحملة: لقد دشن الحملة على مواقع التواصل الاجتماعى (تويتر وفيس بوك) مجموعة من شباب مركز القوصية بمحافظة أسيوط تعبيرا عن رفضهم لغلاء المهور فى الصعيد مشيرا إلى أن محافظة أسيوط تعد واحدة من أفقر المحافظات اقتصاديا على الإطلاق وأضاف: لقد تسبب غلاء مهر العرائس فى زيادة معدلات العنوسة بالمحافظة حيث يصل الحد الأدنى لقيمة الشبكة نحو 50 ألف جنيه بخلاف قيمة المهر،وهناك عائلات تطلب شبكة للعروس كيلو من الذهب الخالص أسوة بمن سبقنها من العرائس اللاتى تزوجن ابن العمدة فلان أو شيخ العرب الفلانى وغيرها.وأكد أن تشدد أهل الصعيد فى فرض المهور الكبيرة أدى إلى تأخر سن الزواج حتى وصل سن الشاب لنحو الـ 40 وسن الفتاة لنحو الـ30 عاما. وكان معروفا عند أهل الصعيد قديما أن الصعايدة يزوجون بناتهم وأولادهم مبكرا،وفسر شهاب هذا النوع من الاختلاف بقوله: قديما كانت تكاليف الزواج تنحصر فى المهور فقط،وكان الشاب يتزوجون فى بيت العائلة على أثاث بسيط لكن الآن حتى يتزوج الشاب فمطلوب منه أن يؤسس شقة فاخرة خارج بيت العائلة بأثاث غال وهو ما ضاعف تكاليف الزواج.
وأنهى شهاب حديثه بقوله: ينبغى تخفيض قيمة المهر مقابل تكاليف تأثيث عش الزوجية.
عش الزوجية السبب
يرى بعض المواطنين من سكان أسيوط أن ارتفاع تكاليف الزواج يعود إلى ارتفاع أسعار المساكن فى أسيوط،فضلا عن ارتفاع تكاليف تأثيثها وهنا يقول الشيخ شوقى مبروك أحد علماء الأزهر بالمنطقة الأزهرية إن بعض أسعار الشقق فى منطقة ساحل سليم وصلت لأكثر من مليون جنيه وأنه بات من الصعب على الشباب المقبلين على الزواج شراء شقة وتأثيثها وفى نفس الوقت دفع تكاليف المهر الباهظة عند الزواج.
ويؤكد الشيخ مبروك أن غالبية العائلات هنا تقيم الموائد التى تقدم خلالها الأطعمة الفاخرة للضيوف عند الزفاف أو ليلة العرس وبعض العائلات تمتد لديها الموائد لأكثر من أسبوع حيث تمتد أبسطة الطعام العامرة باللحوم للضيوف طوال اليوم.
ترحيب وندوات
وكما استقبل غالبية المواطنين فى أسيوط هشتاج (بلاها شبكة) بنوع من الترحاب فقد سارعت مؤسسات المجتمع المدنى متمثلة فى جمعيات تنمية المجتمع المحلى والتضامن الاجتماعى والمجالس القومية للأمومة والطفولة باستثمار هذه الحملة،وعقدت مجموعة من الندوات واللقاءات للتوعية بأهمية العمل من أجل القضاء على ظاهرة غلاء المهور وتيسير عمليات الزواج. وناقشت بعض الندوات الدراسة الميدانية الحديثة التى أجراها الباحث وحيد الدسوقى خبير التنمية البشرية فى مصر والتى كشفت أن غالبية القبائل والعائلات فى صعيد مصر يرغمون بناتهم على الزواج من داخل قبائلهم وعائلاتهم وليس من خارجها. وتشير الدراسة إلى أن 78 بالمئة من الفتيات الصعيديات خاصة فى محافظة قنا يتم إكراههن من جانب الأهل على الزواج من داخل القبيلة حفاظا على بقاء ميراث الفتاة داخل القبيلة بيد أهلها من الذكور ومن ثم فإن 86 بالمئة من بنات الصعيد لا يمتلكن حيازات بأراض زراعية. وتؤكد الدراسة أن أكثر من 67 بالمئة من فتيات القبائل فى الصعيد لا يوافقن على إجبار الأهل لهن على الزواج ولكنهن لا يمتلكن الشجاعة لإبداء هذا الرفض. وتؤكد الدراسة أن أكثر من 56 بالمئة من نساء القبائل فى الصعيد لا يحصلن على نفس حقوق الرجل.
عطا عبد العال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق