تعاني مصر منذ عقود ماضية من أزمة في تدبير المسكن للمواطنين وتآكل واضح في الأراضي الزراعية بتحويلها إلى أرض مبانٍ؛ لأنه مشروع مربح أضعاف ما كان يعانيه من الحصاد الزراعي المزري، خصوصًا بمحافظة أسيوط.
تعاني المحافظة من ارتفاع سعر الأراضي خاصة المخصصة للمباني، بجانب جنون أسعار إيجار الوحدات السكنية، حيث يذهب بأكثر من 70% من دخل المواطن.
في الوقت نفسه تدخل رجال الأعمال بضخ الأموال لبناء العقارات الاسثمارية بمخالفات فجة في الأدوار نظرًا لارتفاع الأسعار بشكل جنوني يومًا بعد الآخر، حيث أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن أعلى نسبة سكان تحت خط الفقر القومي بالجمهورية في محافظة أسيوط.
وبعد قتل بصيص الأمل لدى الشباب في شراء وحدة سكنية بسبب ارتفاع سعر متر الأرض بأسيوط، قال ( م.ع) سمسار وصاحب محل تجاري، إن سعر المتر الآن من 10 إلى 100 ألف جنيه في مناطق شتي من منطقة يسري راغب والجمهورية والنميس وقلتة وفريال، حتى وصل ثمن الشقة في الشوارع الفرعية بمنطقة النميس إلى مليوني جنيه بمساحة 200 متر, وأبراج النصر مليون ونصف بمساحة 200 متر أيضًا، ثم الأماكن المتوسطة من 500 ألف إلى مليون وربع، ومنها مناطق مصنع سيد والبيسري وسيتي وأبراج الموالح.
وأكد أن مشكلة السرطان المستشري لدى المستأجرين هو سعران الإيجارات للقضاء على ما تبقى من الشعور بالعدالة والتكافل الاجتماعي لدى الفئات المتوسطة والكادحة، بل بعض الفئات لهيئة التدريس وغيرها.
من هنا أصبح المواطن يستأجر داخل المدينة لمدة 3 سنوات بعد اشتعال إيجارات الشقق من 800 جنيه بمناطق مصنع سيد والبيسري والجامع الكبير والأربعين وبعض المناطق العشوائية، و1000 إلى 1500 جنيه بمنطقة نائلة خاتون وسيتي، و2000 جنيه بمنطقة الهلالي والجمهورية وفريال، و3000 جنيه بمنطقة كوك دور بالأزهر، ليس ذلك فحسب، بل تسعيرة السرير لدى الطلبة المغتربين بالغرفة الواحدة تتراوح من 275 إلى 450 جنيهًا.
ويرى محسن محمد، كيميائي على المعاش بالتأمين الصحي وصاحب مكتبة بمنطقة سيتي أول بجانب الجامعة، أن أسباب تفاقم أسعار الإسكان في أسيوط للمغتربين وعدم فتح منطقة الهضبة الغربية بتسهيلات للشباب- وجود 3 جامعات هم أسيوط والأزهر والعمالية، والتي يدرس فيها نحو 200 ألف طالب أغلبهم من المغتربين، والمدن الجامعية لا تستوعب أكثر من 15% من تلك الأعداد التي تحاول الحصول على سكن خاص في مدينة أسيوط بالقرب من الجامعات؛ مما جعل الملاك يغتنمون الفرصة لتسكين الطلاب بنظام الفرد سكن مفروش؛ حيث يجلب ذلك دخلًا على أصحاب العقارات بمبالغ خيالية تغنيهم عن التأجير بالطريقة الاعتيادية للأسر؛ وهو ما جعل الأسعار في ارتفاع مستمر.
قال اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط السابق، إن مشروع الهضبة الغربية يُعد حلمًا لأبناء أسيوط، فضلًا عن كونه من المشروعات التنموية الضخمة بالمحافظة، كما يُعد من أهم المشروعات في الفترة الحالية لإسهامه في تخفيف حدة الازدحام والتكدس السكني بمدينة أسيوط، مضيفًا أنه يُعد خطوة في محاربة الغلاء العقاري والسكني الذي اشتد في الآونة الأخيرة، وتم اعتماد 50 مليون جنيه من وزارة التخطيط لتنفيذ المرحلة الأولى من طريق المشروع الذي يتكلف إنشاؤه 300 مليون جنيه.
قال (ص .ع) بإحدى الكليات النظرية بجامعة أسيوط، إن أسيوط أفقر محافظة على مستوى مصر، ورغم هذا فقد أثقل إيجار الشقق السكنية كاهل أهلها وخصوصًا شبابها، فالراغب في الإقامة بوحدة سكنية مكونة من 3 غرف وصالة يجد نفسه مضطرًا لدفع 1500 إلى 2000 جنيه في موقع متوسط داخل المدينة؛ لذلك اضطررت إلى السكن بمركز بجانب المدينة، فضلًا عن عجزي عن شراء أي من الوحدات السكنية، وأنا دخلي يتعدي 3000 جنيه, فكيف بشاب مقبل على الزواج أو أصحاب الحالات الحرجة؟
وأضافت سامية سعد، مدير عام بالتربية والتعليم، أن ابنها 30 عامًا حاصل على بكالوريوس تجارة 2011 ولم يعمل ولم يتزوج حتى الآن، ويساعد والدته في تجارته المحدودة، فأين العدالة في التوزيع؟ مؤكدة أن الحصول على وحدة سكنية أصبح حكرًا على الطبقات الغنية والتجار ورجال الأعمال دون السواد الأعظم من مواطني المحافظة.
قال مصطفى محمد، موظف بالتربية والتعليم على المعاش، إن ابنه استأجر شقة بـ1200 جنيه منذ 3 سنوات وبعد التجديد أصبح قرابة 2000 جنيه شهريًّا، موضحا أن قانون الإيجارات الجديد رقم 4 لسنة 1996 وتعديلاته، يُكرِّس إلى تحكمات ملاك العقارات، بداية من إمكانية طرد المستأجر في أي وقت أو زيادة القيمة الإيجارية سنويًّا كشرط لبقاء المستأجر في الوحدة.
قال محمد حلمي، طالب بالسنة الرابعة في كلية الحاسبات والمعلومات، إنهم لا يعانون من عدم توافر الشقق السكنية، لكن المعاناة تكمُن في ارتفاع الإيجارات التي قد تلتهم أكثر من نصف ما يرسله آباؤهم، وكثير منهم يعجزون عن توفير قيمة الإيجار المرتفع لوصول قيمة السرير في الغرفة إلى 450 جنيهًا في أبراج الزراعيين بمنطقة سيتي بجوار الجامعة، "أي أن الشقة تصل إلى 3 آلاف جنيه شهريًّا بالمشتركين، فيضطرون إلى أن يعملوا عملًا إضافيًّا بجانب دراستهم الأساسية حتى يستطيعوا توفير نفقات معيشتهم".
وأضاف أحمد حسن، طالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب البيطري بجامعة أسيوط، أن هذه المشكلة تؤرق القانطين أو الوافدين سواء مغتربين من أبناء الجامعات العامة والأزهر أو المضطرين أصحاب الحالات الحرجة بمستشفيات أسيوط، أو الباحثين عن لقمة العيش, خاصة أن محافظة أسيوط تعد عاصمة الصعيد، ففيها معهد الأورام وقصر العيني وغيرها من الخدمات العظمى، والجامعات الكبرى من العامة والأزهر والخاص.
يناشد أهالي أسيوط الجهات المعنية ومجلس النواب المقبل للاهتمام بقانون الإيجارات ومشروع الهضبة الغربية، وربط الهضبة بأقصر طريق ممكن ولو بكوبرٍ علوي بمدينة أسيوط، والتقسيم الجيد للمدينة بحيث يراعي بناء وحدات سكنية بمساحات مناسبة 80م للشباب وبأسعار مناسبة بالتقسيط دون فائدة، وتسهيل الاشتراطات الجزائية بالمدينة الجديدة ومنطقة الهضبة الغربية، والسعي لإيجاد مأوى يحفظ ماء الوجه لدى أهالي أسيوط المقيمين، والاهتمام بالمناطق الصناعية وتوفير كل ما تتطلبه، والدعوة للاستثمار بها سواء من القطاع العام أو الخاص لمواجهة البطالة.
معتز بشنك
انسانى وخد عنوانى
ردحذف