رغم مرور سنوات على وفاته لم يستطع الكثيرون ممن عرفوه أو تعلقوا به أو حتى سمعوا عنه نسيانه .. فهو فارس القلم الذى قال لا ، وسطر بدمه فصلا جديدا لجيل جديد ولد من رحم الثورة ، فالحسينى أبو ضيف الصحفى الشاب الذى قتلته يد الغدر فى أحداث الاتحادية السوداء كان وسيظل رمزا لجهاد الصحفيين لنشر الحقائق والتأكيد على حرية القلم الذى يمثلونه .
والبداية جاءت مع الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر 2012 ، والذى أصدره الرئيس المخلوع محمد مرسى ليحصن قراراته ، والتى لم تلقى كثيرا من القبول لدى الشعب والساسة فى تلك الفترة ، فالقرارت جاءت فى وجهة نظرهم هوجاء ولا تمثل سوى تيار الإسلام السياسى وتحصن قرارات "مرسى" وجماعته فقط دون النظر لباقى الشعب.
وبسبب ذلك دعت المعارضة وقتها بزعامة الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى إلى النزول والتظاهر أمام قصر الاتحادية من أجل إلغاء الإعلان الدستورى ، وبالفعل انتظم الشباب أمام الاتحادية فى اعتصام سلمى لم يعجب أنصار المخلوع فقرروا الهجوم على المعتصمين لتخليص "مرسى" من سلميتهم وندائهم المتكرر.
وفى تلك الأثناء وكواحد من الثوار قبل أن يكون صحفيا مهتما بمتابعة الحدث وتغطيته ، نزل الحسينى أبو ضيف إلى أرض الاتحادية ليمارس مهام وظيفته ومهام انسانيته وفكرته المستقلة ولكن القدر لم يمهله واصابته رصاصة غدر مات على إثرها بعد أيام.
نشأته وحياته :
جاء الحسينى أبو ضيف من مركز "طما" بمحافظة سوهاج ، ليحقق حلمه بأن يصبح ربا للقلم والصورة ، أو كما عرف نفسه عبر كلماته على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" : بأنه صحفي قومي عربي ناصري، دينه هو العروبة ، عضو بحركة كفاية، ويرحب بالنقد، كما أنه يحب وطنه، ويتمنى له أن ينال ما يستحقه من حرية وعدل، ولد في مركز طما بمحافظة سوهاج،في عام 1979، وتخرج في كلية الحقوق جامعة أسيوط وجاء للقاهرة ليعمل صحفياً بجريدة الفجر.
نضاله فى الثورة المصرية:
شارك الحسينى أبو ضيف فى أحداث الثورة الشبابية حتى وفاته ولم يترك حدثا إلا ورصده وعبر عنه سواء فى مدونته أو على صفحات جريدته أو حتى صفحته الشخصية عبر الفيس بوك وتويتر ، وخاض الشهيد كثيرا من الأحداث حيث رفض حكم المجلس العسكري، خلال الفترة الإنتقالية الأولي، وشارك في أحداث محمد محمود، ومجلس الوزراء.
كما رفض انتخابات برلمان 2012 ، وعبر عن غضبه تجاه البرلمان الهزلى عبر صفحته على تويتر قائلا " انتهازيين الذين دخلوا البرلمان على جثث شهداء محمد محمود وماسبيرو والسفارة ومجلس الوزراء وسكتوا عن محاكمة عصابة مجلس مبارك العسكرى ."
ووثق أحداث العباسية عبر مدونته، تحت عنوان "بالصور حقيقة مذبحة العباسية على أيدى كتائب طنطاوي وعصابة المجلس العسكري" ، وجاء يوم الاتحادية لينزل إليها ليرصد ويكتب وبدلا من أن يلتقط صورا توثق الحقائق فينشرها ، جاءت لقطاته الأخيرة لتعلن نهايته .
شهادت بحق الحسينى :
ونشر عدد من أصدقائه بعد وفاته عددا من الشهادات حوله حيث رصدوا أولى معاركه حينما كان طالبا بحقوق أسيوط ، حيث أقام دعوى قضائية ضد جامعة أسيوط بسبب رفع المصروفات الجامعية، وتمكن من كسب القضية لتعود مصروفات الجامعة إلى 15 جنيهًا، هي رسوم استخراج البطاقة الدراسية آنذاك، وهي الحملة التي استغلتها تيارات يسارية بعد ذلك في تأسيس حركة "حقي" بجامعة القاهرة وعين شمس.
أسباب مقتله:
ويرى الكثيرون أن أهم الأسباب التى أدت لاقتناصه فى أحداث الاتحادية ومقتله المقصود – حسب أقوالهم - تفجير "الحسيني" قبيل وفاته لملف إفراج الرئيس مرسي عن المعتقلين، حيث قال الحسيني "بعد أن قام بالعفو عن 16 من أخطر مهربى الأسلحة الثقيلة، المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة، فى عيد الفطر الماضى، أصدر الرئيس مرسى قبل أيام قرارا جمهوريا بالعفو عن اثنين من المحكوم عليهم بتهمة تهريب أسلحة نارية وذخيرة، كانا قد ألقى القبض عليهما فى عام 2010 فى القضية رقم (55) جنايات كلى جنوب الزقازيق، لكن هذه المرة جاء إفراج مرسى دون مناسبة" ، وجاءت سرقة الكاميرا الخاصة به والحقيبة خاصته بعد ضربه بالرصاص مؤكدة على أنه كان مقصودا بكل ذلك .
حيث جاء فى المذكرة المقدمة من المحامى محمد فاضل، عضو اللجنة القانونية لحركة كفاية بصفته وكيلا عن أسرة الشهيد الحسينى أبو ضيف، إلى هيئة محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسى، فى قضية أحداث قصر الاتحادية : " كون السبب الرئيسى فى استهدافه هو واقعة سرقة الكاميرا والحقيبة الخاصتين به مع العلم أن الكاميرا الخاصة به كانت تحتوى على عدد 2 كارت ميمورى وأنها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً باغتياله لتمكنه من خلال كاميرته الحديثة من تصوير مقاطع فيديو واضحة لوجوه وملامح عناصر المليشيات التى تحمل أسلحة وتطلق النيران الحية والخرطوش على المتظاهرين المعارضين وأنه حتى بعد قيام أحد المجهولين بإعادة الكاميرا إلى مقر جريدته لم يعد سوى كارت ميمورى واحد ولم يرجع الكارت الآخر الذى تضمن تلك المقاطع" .
وقد أثيرت قضية قتل المتظاهرين فى الاتحادية وضمت إلى القضايا الموجهة إلى الرئيس المخلوع محمد مرسى، لكن وفى أبريل من العام الجارى حكمت محكمة الجنايات بالسجن المشدد للرئيس المعزول محمد مرسي، و12 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالسجن المشدد 20 عاما، واثنين آخرين 10 سنوات لادانتهم في استعراض القوة، مع تبرئتهم في قضية قتل العمد وحيازة السلاح أمام الاتحادية.
وهذا ما أثار أصدقاء وأهل الحسينى أبو ضيف وكل من سمع عنه خاصة وقد اعتبروه ممثلا لجميع ضحايا مذبحة الاتحادية .. ومازال السؤال مطروحا أمامهم ولا إجابة عليه رغم كثرة التحقيقات وتحريات النيابة وحكم القضاء : من قتل الحسينى أبو ضيف؟
رباب عزام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق