«عودة الترابين» بدوى عمره ٣٥ عاما، تعود أصوله لقبيلة الترابين، وهى من أكبر القبائل الفلسطينية التي تمتد في سيناء والنقب، تم القبض عليه قبل ١٥ عاما في العريش أثناء زيارته لشقيقته التي تعيش في القاهرة، حيث حاول تجنيد زوج أخته المقيم بالعريش، للتجسس على التحركات العسكرية المصرية في سيناء، على أن يكون هو حلقة الوصل بينه وبين الموساد.
حكم على «الترابين» بالسجن لمدة ١٥ عاما في سنة ٢٠٠٠ وقضى عقوبته في ليمان طرة، ولم يسمح لأحد بزيارته سوى السفير الإسرائيلي، ومسئول المفاوضات الخاص بصفقات التبادل بين مصر وإسرائيل، إلى أن تم الإفراج عنه وتسليمه إلى تل أبيب في مقابل إطلاق اثنين من المصريين المسجونين في إسرائيل.
واتهم عودة بالتجسس ونقل معلومات عسكرية مصرية للعدو، وقد كان يتابع المواقع العسكرية وينقل تفاصيل العمل بها للموساد مقابل مبلغ كبير من الدولارات، واستطاع تجنيد عدد من العملاء، واتضح أنه كان يحصل على العملة الحقيقية ويدفع للعملاء العملة المزيفة.
ليس فقط «عودة» هو من عمل لصالح الموساد الإسرائيلي، إذ اتهمت السلطات المصرية والده «سليمان الترابين» بالتجسّس، وأنه كان يراقب تحركات الفدائيين والمقاومة المصرية وعندما شعر بأن الأجهزة المصرية تتابعه هرب من سيناء عام ١٩٩٠م لإسرائيل ووقتها كان «عودة» عمره ٩ سنوات، ثم حكم عليه غيابيا في القاهرة بالسجن ٢٥ عامًا وهو مطلوب الآن للقاهرة، وحكمه لا يسقط بالتقادم طبقا للقانون المصري، وتبرأت منه حينها قبيلة الترابين واتهمته بالخيانة.
وكبر عودة في إسرائيل وكان يتسلل للحدود المصرية لجمع المعلومات من بدو سيناء، ثم يعود للدولة العبرية حتى تم القبض عليه في إحدى رحلاته.
وبعد الإفراج عنه، كتبت جريدة «معاريف» العبرية إن «المواطن الإسرائيلى عودة الترابين قد عاد إلى إسرائيل بعد أن قضى مدة عقوبته بسبب عبوره الحدود بصورة غير مشروعة، وفى الوقت نفسه، أطلقت إسرائيل سراح اثنين من السجناء المصريين بعد أن أتما فترة عقوبتهما أيضا»، واعتبرت الجريدة أن «عمل الترابين لصالح الموساد الإٍسرائيلي، هو ادعاء من السلطات المصرية، والسبب الحقيقى لسجنه هو اجتيازه الحدود المصرية بصورة غير قانونية».
ومن جانبه رحب زعيم المعارضة إسحاق هرتسوغ بالإفراج عن الترابين وقال: «ناضلنا كثيرا لإطلاق سراح الترابين في السنوات الأخيرة وأنا سعيد بأن تنتهى هذه الملحمة القاسية ويعود المواطن الإسرائيلى إلى دياره، واعتبر رئيس المعارضة هذا خطوة جيدة لتعزيز العلاقات مع مصر، مما يتطلب من إسرائيل الاستمرار في الاحتفاظ بها كجزء من العلاقات الخارجية لإسرائيل».
وكانت منظمات المجتمع المدنى في إسرائيل قد أطلقت حملات بعنوان «لا راحة حتى يعود الترابين إلى إسرائيل» وحاولت كثيرا الضغط على الحكومة الإسرائيلية لمحاولة الإفراج عنه.
ونقلت جريدة «معاريف» الرسالة الأخيرة التي بعثها الترابين لأسرته عام ٢٠١١ وجاء فيها: «أتوسل إليكم ساعدوني... لم تعد لدى قوة للبقاء في هذا المكان.. وأخشى أن أموت في السجن»، وصرح «الترابين» لجريدة «يديعوت أحرونوت» بعد الإفراج عنه قائلا: «انتظرت هذه اللحظة منذ ١٥ عاما.. الآن يمكننى الاسترخاء».
وقال عضو الكنيست أيوب قرا من حزب الليكود وكان هو المسئول عن إطلاق سراح الترابين «وعدت بإطلاق سراحه وأنا سعيد لأننى نفذت كلماتي، وكان ذلك صعبا جدا، ولكن أعتقد أن لدى التزاما أخلاقيا كممثل لإسرائيل للإفراج عنه، وأشكر رئيس الوزراء اللبنانى لدوره في إتمام الصفقة».
وأضافت «أحرونوت» أن «الإدارة الإسرائيلية حاولت كثيرا إتمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل ومصر لإطلاق سراح الترابين في مقابل إطلاق سراح عشرات المعتقلين المصريين في السجون الإسرائيلية، ولكن ذلك لم يتحقق، حتى عندما كانت الحكومة المصرية في عهد مبارك والحكومة الانتقالية لم يكن هناك أي تقدم في هذه المسألة».
وكشفت «أحرونوت» أنه «في عام ٢٠١٢ وقت حكم الرئيس مرسي كانت هناك مرحلة متقدمة من المحادثات بين الحكومة الإسرائيلية والمصرية ووقتها عقد مرسي اجتماعا في العريش مع بدو سيناء ليضمن لهم أن ٨٣ من المواطنين المصريين المسجونين في إسرائيل ومعظمهم من البدو، سيتم الإفراج عنهم في عيد الأضحى وهو ما لم يحدث في النهاية، إذ توقفت الصفقة التي بدأها مرسي لأسباب غير معروفة»، ورجحت الجريدة أن قيادات ضغطت عليه لوقف الصفقة.
وفى هذا الجانب علق مسئول أمنى مصرى مطلع على المفاوضات لجريدة «البوابة» قائلا: «رفضنا تسليم الترابين مرات عديدة حتى إنهاء فترة عقوبته»، وأضاف: «إسرائيل كانت بتبوس إيدينا علشانه».
وأضاف المسئول أنه «قبل ٤ سنوات كان من المفترض إطلاق سراح الترابين في الصفقة التي أطلق فيها سراح إيلان جرابيل، الذي اعتقل في مصر لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، لكن الحكومة المصرية رفضت».
سارة شريف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق