تحمل وزارة الأوقاف على عاتقها فى هذه المرحلة مهاما كبيرة، خاصة أنها مرحلة تحتاج إلى مواجهة فكرية والرد على الحجة بالحجة والرأى بالرأى، وإعادة السيطرة على المساجد التى كانت قد سيطرت عليها جماعات الإسلام السياسى فضلا عن تجديد الخطاب الدينى ، بما يتماشى مع وسطية الإسلام.
ولمحافظة أسيوط طبيعة خاصة فهى المحافظة التى حوت كل الأفكار ولكن زاد وانتشر فيها فكر الجماعات المتطرفة، ففى آواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، كانت المحافظة بيئة خصبة للجماعة الإسلامية، ثم سيطرت جماعة الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية على المحافظة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، وبذلك تصبح مسئولية مديرية الأوقاف بأسيوط صعبة .
اتهم وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط بأنه ينتمى لجماعة الإخوان وأنه كان يدربهم على استخدام السلاح واستخرج كارنيه الحرية والعدالة، وهوجم مهاجمة شرسة من قبل وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية فى كل وسائل الإعلام، لكن بالرغم من كل ذلك تم تكريمه من الرئيس عبد الفتاح السيسى كأفضل وكيل لوزارة الأوقاف، إنه الشيخ محمد العجمى.
طرحنا عليه عدة أسئلة حول كيفية السيطرة على المساجد التى كانت تلقى فيها خطب الجماعات الإسلامية والإخوان ، وكيفية التعامل مع الكتب التى تدعو إلى التطرف، وأهم الإنجازات التى حققتها مديرية الأوقاف بأسيوط خلال الفترة السابقة.
ماذا فعلتم فى المساجد التى لا تخضع لكم وكانت تابعة للإخوان والجمعيات الشرعية والجماعات الإسلامية والسلفيين؟
محافظة أسيوط لها طبيعة خاصة وكان هناك عدد من المساجد والمعروفة أنها تتبع تيارات الإسلام السياسى ، ومنها الجمعية الشرعية التابعة للجماعات الإسلامية ومسجد أبو الجود بمدينة أسيوط التابع لجماعة الإخوان ، ومسجد ناصر بمدينة أسيوط الذى كان يسيطر عليه الإخوان أيضا ، بالإضافة إلى بعض المساجد فى المراكز والقرى فكان يسيطر عليها بعض خطباء المكافأة من جماعات الإسلام السياسى، وتمكنت مديرية الأوقاف فى ذلك الصدد من السيطرة على جميع المساجد بأسيوط بالدفع بأئمة أصحاب فكر وسطى وصحيح، ووضعنا لهم عدة شروط، أهمها أن يكون الإمام حافظا للقرآن ، وأن يكون له القدرة على جذب المستمعين، وكان أول مسجد تمت السيطرة عليه وضمه لقائمة المساجد التى تشرف عليها الأوقاف هو مسجد الجمعية الشرعية الذى كان يخطب به الشيخ عبد الآخر حماد مفتى الجماعة الإسلامية، وبالفعل أخذنا تلك الخطوة، ووافق حماد على ذلك الأمر وقمنا على إثر ذلك بإرسال الإمام الشيخ سعيد على عبد السلام بديلا عنه.
ومسجد الجمعية الشرعية يعد من المساجد المليئة بالأفكار المتنوعة وكان إلزاما على الأوقاف أن يتصدر المسجد إمام من الأوقاف وعدم السماح بأن يكون هناك إمام أوحد ومن هنا أتت الفكرة بالدفع بشباب أزهريين تابعين للأوقاف واختيار الإمام بناء على أسس علمية وخلقية ودينية وأن يكون له القدرة على نشر ثقافة الإسلام وسماحته ، حتى يعلم المسلمون أن وزارة الأوقاف بها دماء جديدة، وبناء على كل ما سبق تم اختيار أئمة لجميع المساجد التى تمت السيطرة عليها من قبل الأوقاف وأصبحت بذلك الجماعة الإسلامية تصلى خلف إمام الأوقاف بمسجد الجمعية الشرعية.
والأوقاف حاليا تسيطر على ٦٠٠٠ مسجد بشكل نهائى وخاصة بعد ضم ٨ مساجد و٣ زوايا كانوا يتبعون التيارات الدينية المختلفة بمراكز وقرى المحافظة ، وتم الدفع بأئمة أزهريين والسيطرة على الخطاب الدينى بداخلهم، ووضعنا نقاطا لخطة العمل من أهمها أن تتم مراجعة خطباء المكافأة ، وإلغاء تراخيص غير الأزهريين وغير الحاصلين على معهد إعداد الدعاة التابع لوزارة الأوقاف وعدم السماح لغير الأزهرى وغير المرخص له من خريجى معهد إعداد الدعاة بصعود المنبر ، وعمل لجنة متابعة ميدانية لمتابعة الأئمة وخطباء المكافأة حول التزامهم بالخطبة الموحدة للجمعة ، وعدم صرف المكافأة إلا بضوابط أهمها الالتزام بالخطبة الموحدة ، والالتزام بالزى الموحد داخل المسجد ، وألا ينتمى الإمام لأى تيار من تيارات الإسلام السياسى
معظم مديريات المحافظات وجدت كتبا للإخوان والسلفيين متشددة هل حدث مثل ذلك الأمر فى أسيوط ؟
نعم قمنا بمصادرة العديد من الكتب والشرائط ، فى البداية شكلت لجنة مكونة من الشيخ هانئ محمد أحمد مدير عام المتابعة والشيخ أحمد كمال و الشيخ محمد عبد اللطيف ، وذلك لفحص الكتب الموجودة بالمساجد ، وبالفحص انتهت اللجنة إلى مصادرة أكثر من ٥٠٠ كتاب وأكثر من ٤٠ شريط كاسيت من أشهرها كتب للقرضاوى وسيد قطب والفتاوى المتشددة وعدد من الكتب التى تحمل أفكارا متطرفة لفصائل وتيارات الإسلام السياسى، الهدف منها تخريب عقول جيل النشء والدعوة إلى التطرف .
وأوضح العجمى خلال حواره أن اللجنة استمر عملها لمدة شهرين متتالين وفحصت خلال هذه المدة كل مساجد المحافظة بالمراكز والقرى وأن الكتب التى تمت مصادرتها تم تشميعها عن طريق لجنة تم تشكيلها من مديرية الأوقاف وتم التحفظ على هذه الكتب والشرائط بأحد أروقة مديرية الأوقاف لحين مراجعة الوزارة واتخاذ التدابير اللازمة للتخلص منها أو إعدامها بمعرفة اللجنة المشكلة.
وتم العثور على الكتب المتشددة داخل المساجد التى كان يسيطر عليها تيارات الإسلام السياسى ، مثل مسجد أبو الجود وناصر ،اللذان كان يسيطر عليهما جماعة الإخوان، ومسجد الجمعية الشرعية الذى كان يسيطر عليه الجماعات الإسلامية ، وتبين للجنة أيضا أن الكتب كانت توجد بمساجد المدينة والمراكز أكثر من مساجد القرى، لارتفاع نسبة التعليم بالمدينة، وأيضا لمخاطبة أنصاف المتعلمين الذين ليست لديهم منهجية دينية، بينما كانوا يستخدمون المنابر فى القرى لتشويه أفكار الفلاحين وصبغها بأفكارهم المتشددة ، فلم نجد بمساجد القرى الصغيرة والنجوع كتبا للتيار الإسلامى المتشدد.
كم إمام وعامل تمت إحالتهم للتحقيق أو النيابة خلال الفترة السابقة ؟
خلال الفترة السابقة كان لدينا إحالات للتحقيق بشكل يومى ، ففى كل يوم لدينا مخالفات ، مثل مسجد متروك بدون حراسة من العامل المكلف والعهدة معرضة للسرقة ، ففى خلال الـ ١٥ يوما الماضية قمت بإحالة ١٤١ عاملا وإماما وإداريا وتأتى هذه الإحالات كخطوة أولى للالتزام بضوابط العمل، فأداء الرسالة المكلف بها إمام المسجد الحضور قبل صلاة العصر وحتى العشاء، ولا يجوز أبدا خلال تلك الفترة أن يصلى شخص غيره بالمصلين، ومن يفعل ذلك من الأئمة يعرض نفسه للتحقيق.
أما عن إحالات النيابة فكان هناك إحالتان فقط، الأولى لأمر عارض خاص بأحد المهندسين بالمشاركة مع أحد المقاولين كان مسند إليهما عمل بالمساجد ،والإحالة الثانية كانت لصراف بإدارة الأوقاف بديروط، قام بسرقة مبالغ مالية من الخزينة وتمت إحالة المخالفة للنيابة العامة.
وما أسباب الهجوم الدائم عليك من العاملين بالأوقاف ؟
أسباب الهجوم الدائم تأتى بسبب الإحالات المتعددة للتحقيق التى ذكرنا كما سبق تحدث بشكل شبه يومى، و أن الفترة الماضية لم يكن فيها التزام، وقد يكون هناك مصالح لآخرين فى نشوب خلافات بين القيادة بالمديرية والعمال.
تم تكريمك من رئيس الجمهورية كأفضل وكيل وزارة للأوقاف بالدولة كيف ترى ذلك ؟
أتوجه لله تعالى بالشكر ثم لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى لثقته فىَّ وإهدائى هذا التكريم ، وإن كنت أجد أنه تكليف ولا ليس تكريما، فجاء ذلك التكريم بعد إنجاز التكليفات وإنجاز المهام وإن كنت لم أتوقعه على الإطلاق، وبذلك وضع هذا التكريم على عاتقى المسئولية لبذل جهد مضاعف، فى إنهاء الإنجازات وإنهاء العديد من المهام التى كلفت بها مثل ضبط الخطاب الدينى داخل المساجد ومحاولة تجميع الناس، وليس تفرقتهم، حتى نصل بمصرنا بر الأمان والمختلف معنا نحاوره حتى لا نتركه لنفسه.
ما ردك على اتهامك بأنك مُوالٍ للإخوان وكنت تدربهم على استخدام السلاح ؟
أنا رجل دين من أصحاب الفكر الوسطى المستنير، وكنت إماما فى مسجد الجمعية الإسلامية فى ( كيل ) بألمانيا، كما أننى عملت فى المركز الثقافى الإسلامى فى ليجن سبورج وذلك فى نهاية ٢٠١٠ كداعية إسلامى ، والصحافة الإسلامية كتبت عنى وسطية الأزهر استطاع بها الإمام أن يدخل الكثيرين الإسلام.
كما كنت مستشارا لهيئة اليونسيف فى الفترة من ٢٠٠٢ وحتى ٢٠٠٧ ، وكنت مستشارا لهيئة كير وطبعت لهم كتابا يحمل اسم أطفالنا اكبادنا ، ومؤخرا تم تكريمى من الرئيس عبد الفتاح السيسى كأفضل وكيل وزارة ، فلو كنت من أصحاب الفكر المتطرف لما عملت مع تلك الهيئات، ولم يتم تكريمى من الرئيس.
بالإضافة إلى ذلك فقد حصلت على المركز الأول فى مسابقة القراءة الحرة عن البحث المقدم بعنوان حقوق غير المسلمين فى المجتمع الإسلامى ، كما تربطنى علاقة قوية بقيادات الكنيسة المصرية على مستوى الجمهورية.
وماذا عن صورتك وأنت تحمل السلاح ؟
السلاح الذى كنت أحمله فى الصورة، هو السلاح المرخص الخاص بى، وكنا فى هذا اليوم مدعوين لحضور الاحتفال بعيد أسيوط القومى بالجامعة، وكنت مع الدكتور عبده مقلد رئيس القطاع الدينى وأثناء سلامى عليه لفت نظره السلاح الخاص فطلب منى مشاهدته ليس أكثر.
أهم الإنجازات التى تمت خلال الفترة السابقة بمديرية الأوقاف فى أسيوط ؟
إعادة هيكلة الأئمة بالمساجد ، وقد تم وضع ضوابط لهذه الهيكلة فالمساجد الكبرى تم الدفع فيها بالإمام الحاصل على الدكتوراة ، كما تم منع نقل أى إمام لديه خصومة ثأرية ، وعدم نقل أى إمام مسجد به ضريح إلا إذا كان الإمام الذى يأتى بديلا عنه يحمل فكرا وسطيا، ومراعاة السادة الأئمة أصحاب القدرات الخاصة .
أيضا تم الانتهاء من عمل المكتب الفنى للمتابعة الميدانية الذى يتم التواصل به مع السادة مديرى الإدارات والتواصل مع بعض منظمات المجتمع المدنى وترتيب اللقاءات الخاصة بالأئمة الذين يُطلبون للمشاركة فى أى تدريب، كما تم تغيير بعض مديرى الإدارات لخروج بعضهم على المعاش أو لعدم القدرة على تحمل مشقة العمل كمدير إدارة ، وتم الدفع بـ ٤٣ مفتشا جديدا للمديرية.
و قمنا بإحكام السيطرة على المساجد التى بها صناديق النذور وهذا الأمر لم يحدث من قبل، فعلى سبيل المثال مسجد الفرغل كنا نأخذ منه ٣٠ ألف جنيه سنويا هذا العام استطعنا بعد السيطرة عليه الحصول على مبلغ ١٣٧ ألفا، والأسبوع لماضى ٧٤ ألفا خلال ٣ أشهر فقط ويتم صرف تلك المبالغ فى صيانة المساجد والمصارف الشرعية التى تحددها الوزارة، وأنجزنا خلال الفترة السابقة تنشيط عدد من القوافل بالمدارس ، وتقديم خدمات للمجتمع ، وعمل مسابقات للأطفال فى حفظ القرآن الكريم ، وتكريم الموظف المثالى بمركز القوصية.
ضحا صالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق