محافظة أسيوط من المناطق الأثرية الهامة في مصر ولا سيما أنها شهدت ميلاد حضارتين تعدان من أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية الأولي في الهمامية بمركز البداري والثانية دير تاسا بمركز ساحل سليم.
الحضارتان كانتا في عصر ما قبل التاريخ "العصر الحجري" ومع تطور التاريخ ونشأة الدولة القديمة في مصر الفرعونية والتي تم تقسيمها إلي أقاليم كان نصيب أسيوط خمسة أقاليم فرعونية من العاشر وحتي الرابع عشر. مما جعلها تنضم إلي طيبة عاصمة البلاد في نضالها ضد الهكسوس هذا ما أكده الأثري عبد الستار أحمد مدير عام آثار أسيوط.
يقول إن هناك مناطق أثرية ممنوع الاقتراب منها أو التعدي عليها من قبل الأهالي بأي صورة. وهناك مناطق أخري مفتوحة للزيارة مثل آثار مير بالقوصية والهمامية بالبداري وهذه المناطق تم العمل فيها وتطويرها وهناك مناطق لم تفتح للزيارة حتي الآن ولم يتم تطويرها مثل دير الجبراوي وقصير العمارنة التي يوجد بها مقبرتان فرعونيتان وآثار جبل أسيوط الغربي وآثار دير ريفا. وأن كانت البعثات الأثرية التي جاءت للتنقيب بأسيوط مثل البعثة الاسترالية قامت بالعمل في قرية مير والبعثة المصرية الألمانية المشتركة وقامت في جبل أسيوط الغربي.
يقول سمير حمدالله مفتش أثار بشمال أسيوط إن عمليات التنقيب التي تتم من خلال الأهالي جميعها تكون في مناطق غير مثبوتة أثريا وتنتهي بالفشل لأنها تبحث عن الوهم ومن يقوم بذلك يتحرك من خلال مشايخ وأغلبهم نصابون. وأن هناك بعض الآثار التي يتم العثور عليها تكون بمحض الصدفة البحتة وعن الآثار التي يتم ضبطها من وقت لآخر من قبل الأجهزة الأمنية ومباحث الآثار يتم الكشف عن آثريتها وفي حال ثبوت أصليتها يتم تصويرها وتوضع في السجل ثم يتم الاحتفاظ بها داخل المخزن المتحفي الموجود في قرية شطب التابعة لمدينة أسيوط وهو مكان مؤمن تماما ومزود بأحدث أجهزة المراقبة.
يقول محمد محيي الريفي مفتش آثار لابد من عملية توعية شاملة من خلال برامج محددة يقوم بها الأثريون بالتعاون مع الجامعات ووزارة التربية والتعليم بعمل ندوات بشكل مستمر علي مدار العام الدراسي للمعلمين والطلاب بضرورة المحافظة علي الآثار لأنها بالنسبة لمصر تعتبر بطاقة هوية لأنها تسجل التاريخ المصري علي مدار كل العصور لأن سرقة الآثار طمس للهوية المصرية العريقة لأن كثيرا من آثار الكهوف تمثل مصدرا مهما من مصادر المعرفة والعلوم في كافة المجالات التي عرفها المصريون القدماء وخاصة في الزراعة والطب والهندسة المعمارية التي شيدت اضخم المعابد ويكفي معجزة الأهرامات التي هي خير شاهد علي تلك المعرفة ولقد أخبر الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم في قوله تعالي "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلهم أثاروا الأرض وعمروها" وهذه دلالة علي مكانة الآثار التي يجب أن نشدد عليها الحراسة من كل طامع أو عابث أو متطلع للثراء علي حساب التاريخ.
ومن جانبه أكد الأثري أحمد عوض مدير عام بوسط الصعيد للآثار الإسلامية والمسيحية أن اسيوط تنفرد عن مثيلاتها من المحافظات أنه تم اكتشاف مدينة أثرية متكاملة بقرية منقباد تضم آثارا مسيحية وأخري إسلامية حيث تم اكتشاف بقايا مسجد أثري مشيد علي غرار يماثل الكنائس القائمة بالمنطقة وتوجد علي الجدران كتابات عربية بالخط الكوفي غير المنقوط تشير إلي الآية القرآنية "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير" صدق الله العظيم والغريب في ذلك الاكتشاف أن بقايا المسجد التي عثر عليها تبين أنها ملاصقة لجدار الكنيسة التي كانت منشأة من قبل والتي سجلت بالحفائر أنها ترمز إلي الزمن المسيحي من القرن الرابع حتي السابع الميلادي وهي الفترة التي شهدت هجرة العديد من رجال الدين المسيحي وهو ما زاد من عدد الأديرة والكنائس بأسيوط.
يقول محمد السيد مهدي مفتش آثار إن وجود آثار إسلامية وقبطية في مكان واحد دلالة واضحة علي أن الشعب المصري كان نسيجا واحدا من مسلمين ومسيحيين لم تفرق المباني بينهم ولا الديانات وفيه دلالة واضحة علي تواصل الحضارات بعد الفتح الإسلامي وخاصة أن هذه المنطقة كانت تعتبر استراحة للحجيج القادمين من منطقة الغرب.
وعن أهم التعديات التي حدثت في أسيوط أوضح محمود مالك مدير منطقة آثار أسيوط الشمالية أنها وقعت معظمها بعد الثورة بمنطقتي عواجة بديروط ودير الجبراوي عرب العطيات بمركز أبنوب وذلك عقب الثورة عندما قام الأهالي بالاعتداء علي أرض جبانة عواجة التي تعود لعصور الدولة القديمة وتبلغ مساحتها الكلية 284 فدانا تم التعدي علي نحو 100 فدان قامت الشرطة والجيش بإزالة بعض الأجراء منها وسرعان ما عاود السكان التعدي عليها من جديد. وفي منطقة دير الجبراوي أيضا تمت إزالة جزء من هذه التعديات ولكن عاود الأهالي ذلك التعدي ونحن في انتظار حملة أخري لإزالة هذه التعديات.
يشرح أحد المتابعين مخاطر تجارة الآثار التي تشهد رواجا بين الحالمين بالثراء تكثر فيها المخاطر سواء لشغل العصابات مع بعضها وصلا للغش والخداع والنصب ولأن السوق ملئ بالخداع ومعظمها مضروب خاصة بعد دخول المنتجات الصينية في الأمر وانتشارها. ومنها تماثيل صنعت بدقة شديدة من الذهب الصيني قد يصل سعر القطعة لأرقام فلكية تصل لأكثر من 25 مليون دولار. ولو حاولنا أن نقدرها نسبيا نقول إنها زادت بنحو 30% عما قبل الثورة من التي يكثر فيها الحفر والتنقيب لمناطق غرب البلد بمدينة أسيوط ومدينة الغنايم وبعض قراه وبعض قري صدفا التي تشهد أعمال حفر وسراديب وبأعماق تصل لعشرة أمتار ولك أن تتخيل أن جارين في منزلين متقابلين ظلا يحفران حتي وصل كل منهما للآخر وهو ما يفسر كثرة حوادث الهبوط الأرضي التي تتعرض لها مدينة أسيوط. وعن أهم تجار الآثار الموجودين علي الساحة قال: بعد دخول الكبار السجن حل محلهم مجموعة تابعة لهم والتي تصب كلها في أربعة أشخاص كبار معروفين وهؤلاء يتعاملون مع بعض السفارات الأوروبية ولهم مكاتب في أماكان معروفة بمصر.
يقول علي سالم من المقيمين بمنطقة غرب أسيوط إن الأمر بات مقلقا للغاية فمازال مسلسل الانهيارات يتوالي في منطقتي غرب البلد والمجاهدين وقد انهار منذ فترة قليلة عقار بزقاق درب العطارين وسقط ضحايا أسفل انقاض العقار المنهار وما يترتب عليه تصدع المنازل المجاورة أو هناك من يدفع حياته ثمنا لهذا السراب.. ورغم كل المخاطر فإن الضحايا في تزايد مضيفا أن كثيرا ممن يسقطون في هذا المرض تخرب بيوتهم ومنهم من يظل يعاني هذا الوهم طيلة حياته.
يضيف أبو عماد العمدة من الغنايم نسمع كغيرنا من الناس أن العرافين من جنوب افريقيا والمغاربة والسودان لهم قدرات خاصة في أعمال السحر وتسخير الجن لما لديهم من قدرة في التعامل مع الأرصدة والرموز. مشيرا إلي أن الكثير من المصريين لديهم من الروحانيات والعلاقة بالجان يتم استخدامهم لمعرفة الأماكن الأثرية والكشف عن الآثار بداخلها.. وقال إن الرصد يكون الحارس المكلف بالحماية والتي تختلف أشكالها فمن الممكن أن يكون الرصد علي شكل "خنافس. ثعبان. ديك. بط. عقارب" وغيرها وأن هذه الأشياء تظهر علي عمق مؤكدا أنها لا تظهر إلا عند الاقتراب من الكنز أو الآثار.
أكد أحد المصادر الأمنية أن عمليات البحث والتنقيب عن الآثار مستمرة من قبل الأهالي. وأن الحملات الأمنية التي يقوم بها رجال المباحث مستمرة. مشيرا إلي أن أغلب الحالات التي تتم ضبطها من قبل الأمن يكون المواطنون عرضة لحالات نصب. وأن الأجهزة الأمنية تكثف من مطارداتها لهؤلاء سواء الأهالي أو المشعوذين. كانت آخر قضايا التنقيب منذ فترة وجيزة عندما تم القبض علي 3 اشخاص قاموا بالتنقيب عن آثار داخل منزل وعدد من أدوات الحفر. وكان مدير أمن اسيوط. اللواء عبد الباسط دنقل قد تلقي اخطارا من مأمور قسم أول أسيوط يفيد بضبط بائع متجول. وعاطل وعامل مقيمين غرب البلد دائرة قسم أول أسيوط. وبحوزتهم أدوات الحفر عبارة عن "موتور سحب مياه - 2 جاروف - 3 غلق - كمية من الحبال - 3 كريك" وبمواجهة المتهمين بما اسفر عنه الضبط أقروا بقيامهم بالتنقيب عن الآثار أملا في العثور علي الكنز والخروج من دائرة الفقر.
محمود وجدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق