نحوا عني طبيبي ودعوني مع حبيبي: واعجباه! إن لي ثلاثين سنة وأنا أسأل الله أن يتوفاني وأنا صائمة أفأفطر؟" هذه الكلمات اختتمت بها نفيسة العلم حفيدة الحسن بن على رضي الله عنها حياتها عندما اشتد عليها المرض وكانت صائمة في رمضان فأوصاها الطبيب بالافطار ولكنها أبت الا أن تلقى الله صائمة٠
وبعد مرور أكثر من 1200عام على وفاة نفيسة العلم جاءت شهيدة العلم "صفاء" ابنه محافظه أسيوط لتوقظ المشاعر النائمة في الشباب الذي لا يأبه بصيام رمضان وليقف الجميع مذهولا أمام صفاء وهي تصارع الموت داخل لجنة الامتحان بكلية الحقوق جامعة اسيوط وعندما أحضر لها الطبيب الماء والعصير رفضت وأبت إلا أن تلقى الله وهي صائمة
بدأت هذه القصة عندما استيقظت "صفاء سليم أحمد" ابنة قرية الحرادنة مركز القوصية من نومها على السحور ومن بعده صلاة الفجر وما أن بدأ الصبح ينسج خيوطه حتى بدأت الطالبة المكافحة تستعد لرحلة السفر لأداء الامتحان لتسجل واحدة من صور الكفاح٠٠فلم تمنعها دراستها الجامعية من العمل بحضانة القرية بل بدأت تحث أهالى القرية على الاهتمام بأبنائهم وعدم تركهم لمرارة الجهل والفقر حتى أحبها أطفال القرية في الحضانة وتعلقت بها أمهاتهم
وفي يوم الحادث قامت صفاء بتوديع أمها وأخوتها وكأنها تلقى عليهم نظرة الوداع الاخيرة، وركبت السيارة الأجرة التابعة لقريتها حتى مدينة أسيوط حيث الجامعة والتي تبعد عن قريتها نحو 48 كيلو مترا، ومع ارتفاع درجة الحرارة بدأت تشعر الطالبة بحالة من التعب لكنها تماسكت وأبت إلا أن تكمل يومها صائمة حتى وصلت إلى قاعة الامتحانات في جراج خاص بالجامعة تم تجهيزه كقاعة للامتحانات، وبعد مرور نحو ساعة من وقت الامتحان بدأت الطالبة تنهار فاستغاث زملاؤها بالمشرف الذي استدعى الطبيب وعلى الفور طلب إحضار الماء والعصير لحدوث هبوط بالدورة الدموية نتيجة الاجهاد الكبير وارهاق السهر والسفر وحرارة الجو والصيام، ولكنها رفضت معلنة أنها صائمة ولن تفطر وماهي إلا دقائق معدودة بدأت فيها شهيدة العلم تدخل في إغماءة ثانية فتم استدعاء الطبيب ولكنها فاقت ولاأحد يدري أنه كانت في سكرات الموت بعدها غابت عن الوعي حتي فظت أنفاسها الأخيرة لتلقى ربها في رحاب ساحة العلم ثم تم نقلها لمستشفي اسيوط.
يقول ابن عمها: صفاء رحمها الله كانت اسما على مسمى فهي كانت محبة للغير وتسعى لمساعدة أطفال القرية بكل ماتملك وكانت البسمة لاتفارق وجهها ، وترتيبها بين اخواتها الثالثة ويوم الحادث تلقينا اتصالا من مستشفى جامعة أسيوط يخبرونا بأن صفاء تعرضت لحالة هبوط وإرهاق ونظرا لطبيعة الجو ظننا أن الأمر لا يعدو أن يكون إجهادا وماأن وصلنا للمستشفى حتى كانت الفاجعة والصدمة التي نزلت علينا كالصاعقة بوفاتها، خصوصا أنها لم تكن تشكو من أي مرض وعندما أعطونا متعلقاتها ومنها المذكرة الخاصة بالمادة التي امتحنتها وبدأنا نقلب صفحاتها كانت المفاجأة الأولى أنها كتبت في مطلع المذكرة تليفون اختها الكبرى وكذلك أخيها واسمهما موضحة في حال حدوث أي طارئ يتم الاتصال بهما نظرا لأنها لم يكن معها هاتف محمول، ثم كانت المفاجأة الثانية أنها كتبت في إحدى الصفحات ببنط عريض عبارة "الموت علينا حق" فخشينا أن تكون تعرضت لحالة نفسية دفعتها للتخلص من حياتها أو أنها رأت رؤيا معينة فكان رد الأطباء أنها لم تتناول أي شيء وأن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة الاجهاد الشديد وكأنها كانت تشعر بدنو الأجل.
أما زملاؤها ومعهم عدد من طلاب اتحاد طلاب جامعة أسيوط فشنوا هجوما ضاريا ـ عبر صفحات التواصل الاجتماعي ـ ضد إدارة الجامعة متهمين إياها بالتقصير في إنقاذها وأنها لم تراع صعوبة الجو وقامت بتجهيز جراج غير آدمي مقرا للامتحانات دون تهوية، ونسبوا أقوالا لزملاء لها بأنها كانت تستغيث دون مجيب وفشلت محاولات بعض المعيدات في إنقاذها دون جدوى..وأضاف زملاء صفاء أن مقر لجنة الامتحان شهد كذلك أكثر من حالة إغماء وإجهاد لكنها لم تستمر طويلا مما يدل على أن المكان لايصلح كلجنة امتحان.
---------------------------------------
تقدم النائب مرتضى العربي عضو مجلس النواب عن دائرة الفتح وأبنوب بأسيوط ببيان عاجل لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والمسئولين بجامعة أسيوط بسبب وفاة طالبة بكلية الحقوق أثناء تأدية الامتحان في أماكن غير آدمية وغير مؤهلة للطلبة، ويناقش البيان العاجل الأسبوع المقبل.
وكانت الطالبة صفاء سليم أحمد بالفرقة الأولى بكلية الحقوق قد توفت خلال أداءها لامتحان مادة علم الإجرام بمجمع قاعات الامتحانات بجراجات الجامعة وانتقل د.أحمد جعيص رئيس الجامعة إلى مقر الكلية وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى أسيوط الجامعي.
وأوضح رئيس الجامعة أن الطالبة أصيبت بحالة إعياء شديدة فى تمام الساعة 9.45 دقيقة تم على إثرها استدعاء الطبيب المشرف على اللجنة الذي حاول إسعافها لكن الطالبة رفضت تناول أية مشروبات أو أدوية عن طريق الفم مما استدعى الطبيب أن يلجأ لإعطائها حقنة لتنشيط الدورة الدموية لكنها لم تتحسن وأصيبت بحالة إغماء ثم توفيت بهبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية.
ونفى رئيس الجامعة ما تردد عن تقاعس مستشفى أسيوط الجامعي في استقبال الطالبة مؤكداً أن هناك طالبة أخرى بكلية التجارة أصيبت بحالة إعياء مماثلة لكن تم إسعافها بسرعة بتناول عصائر ومشروبات وتم تحويلها للعناية المركزة بالمستشفى الجامعي وقامت باستكمال امتحان المادة المقررة لها في لجنة خاصة بعد ساعات من تحسين حالتها الصحية.
وأعلن د.أحمد عبده جعيص رئيس الجامعة عن تحويل واقعة وفاة الطالبة صفاء سليم للشئون القانونية لإجراء تحقيق موسع للتأكد من عدم وقوع أي تقصير وفى حالة ثبوت وقوع إهمال من أي نوع سيتم محاسبة المقصر أي كان موقعه.
وسادت حالة من الغضب بين رواد مواقع الفيس بوك بأسيوط بسبب عدم وجود تهوية مناسبة في اللجان وتأخر نقل الطالبة إلى المستشفى.
حمادة السعيد
وائل سمير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق