شهدت محافظة أسيوط، واقعة نصب لم يكن الهدف منها الحصول على المال بل الحصول على جزء من الجسد.. النصب للحصول على أعضاء بشرية من قبل عصابة مكونة من 3 أفراد، تمثلت فى قيام أفراد تشكيل عصابى بالنصب على أحد المواطنين ويدعى صبرى شحاتة عمره 45 عاما من مدينة منفلوط بمحافظة أسيوط، حيث استدراجوه ووعدوه بـ150ألف جنيه مقابل شراء فص من كبده، على أن يتسلم المبلغ عقب إجراء العملية.
يروى صبرى شحاتة تفاصيل الواقعة لـ"اليوم السابع"، قائلا: قرأت إعلانا فى إحدى القنوات التليفزيونية الخاصة يتعلق بطلب سيدة بشراء فص كبد مقابل 150 ألف جنيه، وعلى الفور قمت بالاتصال بهم لعرض فص الكبد والحصول على الـ150 ألف جنيه منهم.
وأضاف صبرى قائلا: "اتفقت معهم وطلبوا منى السفر من أسيوط إلى أحد المستشفيات الخاصة بمحافظة القاهرة، وتم تحديد موعد لإجراء العملية بعد قيامهم بعمل كل الفحوصات الطبية والتحاليل والتى أثبتت لهم أن فص كبدى سليم وصالح لنفس الحالة التى حصلت عليه ".
وأكمل صبرى قصته قائلا :" قبل إجراء العملية وعدنى ثلاثة من أبناء منطقة شبرا مصر بمحافظة القاهرة وهم سيدة تدعى إيرينى وشقيقها وزوجها بدفع مبلغ وقدره 150 ألف جنيه فورى، فور انتهاء عملية الاستئصال، وبالفعل وافقت دون الحصول على أى أوراق أو مستندات تثبت حقوقى ودخلت غرفة العمليات وتم استئصال فص الكبد".
وأوضح صبرى إنه عقب انتهاء العملية وإفاقته من البنج لم يجد أحد من الثلاثة الذين اتفق معهم ولم يجد فص كبده واختفى الجميع دون الحصول على المبالغ المالية المتفق عليها، قائلا:" كان الاتفاق مع الثلاثة على أن يتم دفع المبلغ لزوجتى أثناء إجراء العملية لى واستئصال فص كبدى لكن خلال إجرائى العملية اختفى الجميع واكتشفت بعد العملية أنهم لم ينفذوا الاتفاق وتركوا زوجتى دون منحها المبلغ ".
وأكمل صبرى قائلا: "أصبت بصدمة أنا وزوجتى لأننى خسرت فص كبدى وخسرت الأموال، وعندما توجهت لإدارة المستشفى للحصول على معلومات وبيانات عن الثلاثة أكد الجميع أنهم لا يعرفونهم وأنهم لا يعلمون عنهم شيئا ولا يعرفون عنوانهم".
وأشار صبرى إنه عقب اكتشافه واقعة النصب عليه توجه إلى قسم الشرطة فى عين شمس لتحرير محضر بالواقعة وتفاصيلها لكنه فوجئ بصدمة أخرى وهى إن كل أفراد التشكيل العصابى لا يعلم ولا يعرف أسماءهم ولا عناوينهم ولا أى بيانات عنهم، بالإضافة إلى أن جميع الأوراق التى يملكها تنص على أنه متبرع بدون مقابل ولا يملك عقودا أو أى أوراق تنص على بيعه فص كبده.
وأضاف قائلا: "تركت القاهرة وأنا مصاب بصدمة بعدما خسرت فص كبدى وخسرت المال، وفور وصولى لأسيوط توجهت إلى قسم شرطة منفلوط لأحرر محضرا بالواقعة وتفاصيلها، لأجد نفسى بلا مستند ولا دليل وتكرر ما حدث فى قسم شرطة عين شمس لأتركه بدون تحرير محضر بالواقعة.
وكشف صبرى عن أسباب دفعه لبيع فص كبده يقول: قصتى بدأت بعد زواجى فى حجرة بمنزل حمايا، ونظرا لعملى باليومية وعدم وجود أى مصدر رزق ثابت بقيت بمنزل حمايا حتى أنجبت 5 من الأبناء، وبدأ المكان يضيق علينا وأصبحت الحجرة لا تحتمل استيعاب 7 أشخاص ومن هنا بدأت فى البحث عن مكان أوسع للانتقال به، جمعت كل ما ادخرت منذ زواجى ومما كنت أوفره أنا وزوجتى لشراء قطعة أرض وبعدها بدأت رحلة البناء فقمت بالاستدانة ووقعت على عدد من إيصالات الأمانة والشيكات من أجل الحصول على مال كى أقوم ببناء حجرتين لأبنائى ولكن للأسف أتت الرياح بما لا تشتهى السفن فحتى تلك الأموال لم تكفى لبناء حجرتين بطوب البلوك الأبيض، وحتى تم تعريش السقف بالخشب لمجرد أن يحمينا من البرد فقط، وبدأ الدائنون فى المطالبة بأموالهم وبدأ بعضهم فى تقديم الشيكات والإيصالات للمحكمة ولأن زوجتى قامت بضمانى فى الأموال التى قمنا باستدانتها فحكم عليا وعلى زوجتى بالحبس سنتين ومن هنا جن جنونى فلا معيل لأبنائنا سوى أنا وزوجتى وأخرج يوميا سعيا للبحث عن رزقهم لأوفر لهم قوت يومهم فمن سيتكفلهم بعد حبسى أنا وزوجتى، خاصة وإنهم كلهم صغار فأكبرهم عمرا لا يتعدى الـ10 سنوات.
ويكمل:"ومن هنا لم أجد أمامى حلا سوء بيع جزء من جسدى كى أنقذ زوجتى من الحبس وأنقذ أبنائى من التشرد، ولم أنظر وقتها لصحتى أو لحياتى ومماتى وبالفعل علمت أن هناك مريضة بالقاهرة تبحث عن متبرع بفص من الكبد مقابل 150 ألف جنيه وبحثت عن الهاتف حتى استطعت الوصول إليهم وبالفعل تم إجراء التحاليل الخاصة بالعملية وتمت كل تلك الإجراءات فى إحدى المستشفيات الخاصة، وقبل دخولى لحجرة العمليات أوصيت زوجتى أن تحصل على النقود التى من المفترض أنها ثمن بيع جزء من جسدى وعقب الحصول عليها أن تأخذها وتعود بها إلى الصعيد فورا لتسديد الديون والحصول على المخالصات بدلا من هروبنا كل يوم وآخر من شرطة تنفيذ الأحكام، ولإنقاذ ابنى من التشرد".
وأضاف بعد تلك الكلمات بدقائق كنت قد دخلت إلى حجرة العمليات وبدأت فى إجراء العملية فعليا، ولكن القدر واللعب على أوتار قلة الحيلة والفقر كانت أقوى منى، فبعد أن فقت من العملية وأدركت من حولى لم أجد إلا زوجتى منكسرة تملأ عيناها الدموع ،ولكنها حمدت الله على سلامتى وبسؤالى لها عما حدث بالأمر بعد إجرائى للعملية ودخولى فى موجة التخدير فاجأتنى بالفجيعة الكبرى التى كادت أن تقف قلبى فلم أشعر بألم إجراء جراحة نقل فص الكبد مقارنة بالوجع الذى انتاب قلبى وكل جزء بجسدى قالت لى زوجتى أنها لم تجد أى شخص ولم تحصل على أى أموال بعد إجراء العملية، وان المتبرع لها وذويها (فص ملح وداب)، انتظرت حتى تماثلت للشفاء وبدأت رحلة البحث عن هؤلاء الأشخاص الذين خدعونى ولكن للأسف لم استطع الوصول إليهم ولم تدلنى المستشفى عن أى معلومات خاصة بهم، وقررت تحرير محضر ولكن لم يكن لدى أى أوراق أو مستندات تثبت البيع وكانت كل الأوراق التى أملكها تؤكد أننى متبرع، ونظرا لقلة خبرتى بهذا الأمر فلم أكن أعى وقتها أن أقوم بتحرير عقد اتفاق أو تكون المستندات بيع بدلا من التبرع.
ورغم مرور خمسة أشهر على العملية إلا أن الجهد والتعب ينتابانى وعدت لا أستطيع حتى الخروج من المنزل من أجل الحصول على عمل لإطعام أبنائى والآن عليا أنا وزوجتى حكم بالحبس سنتين واجب التنفيذ وديون بأكثر من 45 ألف جنيه وليس لدى ما أبيعه ثانية.
ومن جانبه قال الدكتور شحاتة غريب، أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة أسيوط، إنه لا يجوز للشخص أن يبيع جزء من جسده بمقابل مادي ولكن يجوز التبرع وطبقا لنص القانون فإن هذا يندرج تحت عدة شروط: أولها أن يكون امتبرع برضا تام وأن يتم بدون مقابل مادي، وأن لا تحدث أي أعراض بدنية أو نفسية للمتبرع، وأن يكون التبرع فى حالة ضرورة قصوي للطرف الثاني تتوقف عليها حياته بحيث لا يكون التبرع رفاهية أو لأمر غير ضروري.
واضاف غريب خلال تصريحه لـ" اليوم السابع" أنه لا يحق في هذه الحالة قيام المتبرع بتحرير محضر حتى وإن كان هناك عقد اتفاق للبيع، لأن عقد الاتفاق فى هذه الحالة فى حد ذاته باطل وغير قانوني وغير شرعي، وبالتالي فإنه لا تتم بموجبه أي إجراءات قانونية.
وأشارغريب إلى أنه في هذه الحالة على المريض المتبرع اللجوء إلى حل واحد فقط وهو إثبات أنه تم التغرير به وخديعته وليس قيامه بالتبرع أو البيع وإثبات ما لحق به من ضرر.
ضحا صالح
احمد مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق