رغم أنه مولود فاقد لحاسة البصر، ولكن الله عوضه بنعمة البصيرة، ليضرب مثالا يحتذى به كل من أراد النجاح في حياته، من الأصحاء قبل متحدي الإعاقة، فقد أنهى "البطل" دراسته الجامعية بحصوله على ليسانس أصول الدين والدعوى، بقسم الدعوى والثقافة الإسلامية من جامعة الأزهر بأسيوط.
المعتز بالله عبدالنبي، هو ذلك البطل الذي واجهته عدة صعوبات في حياته، ولكنه كما يقال كان له نصيب من اسمه، فباستعانته بالله، استطاع التغلب عليها، حيث أتاح له التعليم الأزهري الاندماج مع أقرانه "المبصرين"، رغم عدم توافر وسائل تعليمية تناسب المكفوفين، إلا أن ابن أبوتيج، يؤمن بضرورة تغيير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر، ونظرة المجتمع لهم، وتنمية شعورهم بواجباتهم تجاه مجتمعهم.
هواية الإلكترونيات
يقول المعتز بالله، (31 عامًا)، في حديثه لـ"بوابة الأهرام"، إن اهتمامه بمجال الإلكترونيات، كانت هي الهواية الغالبة في حياته على كل شيء، وبدأ تعلم مهارات الكمبيوتر، منذ كان في الصف الثاني الثانوي، وزاد اهتمامه بهذا المجال مع الوقت.
ويتابع، مع دخولي عالم الإنترنت للبحث عن مزيد من التعلم، بدأت أول خطواتي في مجال التدريب، بإنشاء غرفة على الإنترنت؛ لتدريب المبتدئين في مجال الكمبيوتر، وعاونه في ذلك أحد أصدقائه عام 2009، ثم بدأ نشاطه في التدريب على الأرض، بتقديم دورات في إحدى جمعيات المكفوفين بأسيوط، بعد خطوته السابقة بعام.
تدريب ذوي الإعاقة
ويضيف المعتزبالله، استمريت في التدريب بجمعية الكفوفين حوالي عامين، وفي عام 2013، انضممت لأسرة تدريب المركز التعليمي لنظم المعلومات، التابع لقيادة المنطقة الجنوبية العسكرية بأسيوط، وذلك لتدريب طلاب المركز، من ذوي الإعاقة البصرية على دورة "ICDL" الشهيرة، عمل بعدها مع المركز ضمن منحة وزارة الاتصالات؛ لتدريب ذوي الإعاقة على مهارات سوق العمل، تحت اسم "من أجل فرصة عمل أفضل" في عام 2015.
وأشار إلى أنه من خلال هذه المنحة، استطاع التدريب في عدة محافظات في صعيد مصر، من بينها قنا والوادي الجديد وأسيوط، على مدار الأعوام الثلاثة السابقة، وكان لهذه التدريبات ثمارها الكبيرة، حيث تأهل المشاركون فيها، وتم توظيف أكثر من 50 شخصًا من ذوي الإعاقة البصرية بعدة شركات للقطاع الخاص، كما نفذ عدة جولات تدريبية في مختلف محافظات الجمهورية، من بينها (الشرقية – دمياط)، بالتعاون مع جمعيات أهلية.
بطل يبحث عن حقوق أقرانه
يضيف البطل، أنه اهتم بالعمل الأهلي الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بجانب عمله كمدرب، حيث عمل متطوعًا بعدة جمعيات للأشخاص ذوي الإعاقة بأسيوط، منذ عام 2010 وحتى الآن، وحاليًا يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتنمية المجتمع بمركز ساحل سليم في أسيوط، ومن خلال عمله في جمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة، قام بعقد عدة ندوات وتدريبات توعوية في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف مراكز وقرى أسيوط، لفئات مختلفة من الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، والإعلاميين والمتطوعين.
كما شارك المعتزبالله، في إعداد دراستين ميدانيتين، إحداهما حول الدمج التعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة بعنوان "رصد واقع الإتاحة بمدارس التعليم الأساسي الدامجة"، والأخرى بعنوان "رصد وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لحقهم في العمل بأجر"، بالشراكة مع إحدى الهيئات الدولية، العاملة في مجال الإعاقة بمصر.
فضل الأسرة
لا ينكر البطل المعاق، فضل أسرته وزوجته عليه، قائلًا: "لولا دعمهم ومساندتهم لي، لم أكن لأصل إلى ما أنا عليه الآن، فلطالما كانوا الداعم الأول لي في كل خطوة أو تطور في حياتي، فهم لم يكونوا مثل أسر كثيرة، من أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يتحول خوفهم الزائد على أبنائهم إلى قتل حقيقي لشخصيتهم ومواهبهم".
وأشار إلى أن دعمه لم يتوقف عند أسرته فقط، وإنما كان هناك شريك آخر للكفاح في العمل، وهي مديرة مشروعات ذوي الإعاقة، بالمركز التعليمي لنظم المعلومات التابع لقيادة المنطقة الجنوبية العسكرية بأسيوط، "يسرية مصطفى"، والتي قال عنها: "طالما عملنا سويًا كفريق عمل مع إدارات المركز المتعاقبة في الإسهام في تغيير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة، المترددين على المركز للأفضل".
رسالة للمجتمع
ينهي المعتزبالله، حديثه قائلًا: "أتطلع لأن أكون شريكًا فعالًا في تغيير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر، وتغيير نظرة المجتمع لهم وتنمية شعورهم بواجباتهم تجاه مجتمعهم، وتعزيز مشاركتهم في المجتمع بشكل فعّال، جنبًا إلى جنب مع غيرهم من باقي أطياف المجتمع".
اسلام رضوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق