هناك في أقصى الصعيد، داخل معهد فؤاد الأول الأزهري بمدينة أسيوط، الذي أسس في العام 1915 بأمر من السلطان حسين كامل، يقف هيكل عظمي داخل صندوق زجاجي، أعلاه ثُبتت لافتة دوّنت عليها جملة "هيكل عظمي طبيعي"، قصته المثيرة لم يتبق منها سوى أسطر قليلة تناقلها القائمون على المعهد منذ أوائل القرن الماضي، عن "الهندية" التي تبرعت برفاتها لطلاب الأزهر.
"نعرف عنها القليل ولا توجد ورقة واحدة توثق حكايتها. ولا نملك غير ما تناقلناه من جيل إلى جيل"؛ يقول الشيخ أحمد عبدالعظيم عمرو، مدير عام المعهد، راويًا لـ"مصراوي" ما تواتر من أخبار الهيكل العظمي وصاحبته.
الاسم غير معروف، فقط هي عالمة مسلمة تحمل الجنسية الهندية، وفق ما أوضح مدير المعهد، الذي أضاف: "كانت تدرس آنذاك في مدينة البعوث الإسلامية وقد أجرت زيارة إلى المعهد اطلعت خلالها على نشأته وطرازه المعماري الفريد والمستوى العلمي الذي وصل إليه طلابه، وفي لحظة ومن فرط انبهارها أعلنت أمام الحضور ممن رافقها عن نيتها التبرع بجسدها بعد وفاتها إلى المعهد حتى يتمكن الطلاب من تطبيق الدراسة النظرية لعلم التشريح ومكونات جسم الإنسان على هيكلها العظمي، وهو الأمر الذي تم بالفعل في العام 1939 بعد تسلم جثمانها من السفارة الهندية في القاهرة".
أنشئ معهد فؤاد الأول، على الطراز الأندلسي، في مساحة تُقدر بأربعة أفدنة وثمانية قراريط وسهمين، ليكون فرعًا للأزهر الشريف في صعيد مصر، وقد اقتصرت الدراسة به لـ5 أعوام كاملة على المرحلة الابتدائية، وذلك إلى العام 1920، الذي بدأت خلاله أعمال تجديد استمرت إلى 1923، وانتهت بالشكل الحالي الذي يظهر عليه هذا الصرح التاريخي التعليمي المهم.
يضم المعهد 10 فصول، تستوعب 321 طالبًا، جميعهم في المرحلة الثانوية بالقسمين العلمي والأدبي. كما يحتوي على معمل يضم أنواعًا مختلفة من الكائنات المحنطة، وقاعة للسينما، ومكتبة تاريخية بها نحو 22 ألف كتاب ومجلد، ومبنى للدراسة، وآخر للمبيت والسكن الداخلي، ومطعمًا، ومسجدًا.
اسامة صديق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق