إن كنت متابعًا جيدًا لكرة القدم، أو لم تكن، ففي الأغلب شاهدت بعض المنشورات الجادة والساخرة عن هزيمة النادي الأهلي في مباراته الأخيرة على يد فريق الأسيوطي بهدف دون رد سجله اللاعب عمر كمال، ليودع الأحمر منافسات بطولة كأس مصر في دور ربع النهائي.
الطريف في الأمر أن المنشورات الساخرة جاءت أيضًا من أشخاص ينتمون للراية الحمراء: كيف لنادٍ حديث أن يهزم الأهلي! ومن آخرين تساءلوا عن هذا النادي، وعن صاحبه؟ خاصة أنه لم يتوفر عنهما على محركات البحث الكثير، فلا شيء سوى الأخبار المعتادة.
النادي الذي تأسس عام 2008 لا يقع في محافظة أسيوط كما يشير اسمه، إنما على طريق أسيوط الغربي، على بعد 45 دقيقة من أهرامات الجيزة، في منطقة تسمى "ميدوم" السياحية بين محافظتي الفيوم وبني سويف.
ففي هذا الطريق كان يمر مؤسس النادي، رجل الأعمال، محمود الأسيوطي، أثناء إجازاته التي يأتي فيها إلى مصر من العاصمة النمساوية، فيينا، ليزور عائلته في محافظة أسيوط. ودائمًا ما كان يلاحظ أنه طريق معدوم الخدمات، ويحتاج لإقامة فندق أو أكثر، كذلك مطاعم، وأندية، إلى أن قرر ذات يوم في عام 2007 أن يقيم منتجعا باسمه عند الكيلو 80.
وبالفعل أقام رجل الأعمال المصري النمساوي منتجعا على مساحة 50 فدانا، يحتوي على فنادق وحمامات سباحة ونادٍ صحي، وثلاثة ملاعب كرة قدم، بالإضافة إلى مطاعم عدة.
وبعد عام من ذلك، قرر تأسيس فريق كرة قدم، باسمه أيضًا، لسببين؛ الأول هو دعاية للمنتجع، والثاني هو حبه الشديد لكرة القدم منذ سنوات طويلة، كان يشجع فيها نادي الزمالك.
ساعدته في ذلك إمكانياته المادية، فالأسيوطي، الذي ولد في 26 ديسمبر عام 1962 في قرية "الخوالد" بمركز "ساحل سليم" في محافظة أسيوط، والحاصل على بكالوريوس تجارة من جامعة أسيوط، هو مالك لشركات توظيف عمالة في النمسا، يقع فرعها الرئيسي في العاصمة فيينا.
تتخصص شركات الأسيوطي في عقد شراكات مع أفراد وشركات لتسهيل عملية التوظيف، وأغلب عملائه من الأتراك ومواطني شرق أوروبا.
هذا النشاط الذي يدر عليه أموالًا، اعتمد عليها في تأسيس منتجع على مستوى عالِ بمصر، كذلك جذب لاعبين من ممتاز "ب" الدرجة الثانية، استطاع بهم أن يصعد من الصف الرابع إلى الدوري الممتاز المصري في 4 سنوات فقط.
لم يولد الأسيوطي ثريا، وفي بدايته عمل في مطاعم ومحال في اليونان، التي سافر إليها لأول مرة أثناء دراسته بجامعة أسيوط، وبعد الانتهاء من شهادته، عاد إليها مرة أخرى، واستقر بها لمدة ثلاث أو أربع سنوات.
وصف نجله سيف، هذه الفترة بأنها: "البداية من الصفر تمامًا".
بعدها انطلق نحو فيينا في منتصف التسعينات، ليفتح مطعما خاصا به، ثم مطبعة، ثم يتركهما ويبدأ نشاطا جديدا في شركات توظيف العمالة، الذي مازال عمله الأساسي منذ 26 عاما وحتى الآن.
نتيجة لعمله المقسم بين فيينا ومصر، يقيم الأسيوطي أسبوعين هنا، وأسبوعين هناك مع زوجته وأولاده.
لدى الأسيوطي ثلاثة أبناء، الأول إسلام (27 سنة)، ويدرس علوم سياسية في فيينا، وسيف (24 سنة)، وهو المسؤول عن إدارة النادي، وهو الوحيد الذي يعيش من الأسرة في القاهرة، وابنته الصغرى رنا (17 سنة)، وهى طالبة في إحدى مدراس فيينا.
وجميع أفراد الأسرة يحملون الجنسية النمساوية.
رفض سيف الأسيوطي، الابن الأوسط، الإعلان عن تكلفة مشروعهم في مصر أو الميزانية المخصصة للنادي، لكنه أكد في حديثه لـ"مصراوي": أن هناك إمكانيات مادية كبيرة لجذب لاعبين على درجة كفاءة عالية، كذلك جهاز فني على أعلى مستوى.
ورصد محمود الأسيوطي بعد الفوز الأخير على النادي الأهلي مكافآت مالية قدرها 10 آلاف جنيه لكل لاعب.
ووفقًا لموقع النادي الرسمي، فكان المدرب هدى أليكساندراني أول مدرب لنادي الأسيوطي في الصف الرابع، ثم تناوب العديد من المدربين على تدريب الفريق الأول مثل: أحمد رشاد، وشيد قناوي، وستيفن ريجر، وجورج جليدي، وحسن موسي، وأبلينين شحاتة.
ويتابع الصفحة الرسمية الخاصة بالنادي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" نحو 345 ألف شخص.
وباستخدام أداة FaceBook like checker”" لمعرفة أكثر الدول متابعة، فجاء بعد مصر (300470)، المملكة العربية السعودية بـ(8759)، ثم تونس بـ(4461)، والجزائر (3921)، والأردن في المركز الخامس بـ(3405).
وقدرت أداة " ikealyzer" نشاط هذه الصفحة بـ29% فقط، بمعدل 3 منشورات في اليوم الواحد.
"كل شيء يتعلق بإدارة النادي يتم دراستها والتخطيط لها جيدًا".. يقول محمود عادل، مدير شئون اللاعبين بالنادي في الموسم السابق، ومدير الكرة في الموسم المقبل، مشيدًا بالأسلوب الذي يتبعه كل من رجل الأعمال محمود الأسيوطي ونجله، وهما – حسب قوله – "أصحاب القرار الأول والأخير بالنادي".
ويصف عادل في حديثه لـ"مصراوي"، محمود الأسيوطي، بـ"الشخص الذكي النموذجي"، ويقول: "ما فعله لا يحدث كثيرًا في مصر، لكن ما ساعده على النجاح هو درايته الكاملة بكيفية الإدارة، والكوادر المطلوبة، وإسناده كل عمل لمتخصصيه، فهو لا يتدخل في عمل الآخر"، كما يراه "جريئا" في اختياراته، إذ لا يعتمد على الأسماء الكبيرة، ويفضل إعطاء فرصة لأشخاص جدد مثل علي ماهر المدرب الفني السابق، الذي رحل عن النادي مؤخرًا.
ويتوقع "عادل" النجاح للنادي في المستقبل، لأسباب رئيسية، أولها التخطيط الجيد، وثانيها أنه من الأندية القليلة في مصر التي تعطي رواتب كبيرة للاعبين، وتلتزم بدفعها في أول يوم بالشهر، كذلك المكافآت عقب كل مباراة، وهو في رأيه "ما يجعل أي لاعب يتمنى الانضمام للأسيوطي".
وفي مداخله مع برنامج "مع شوبير"، قال محمود الأسيوطي، إن فريقه اقترب كثيرًا من التأهل لنهائي كأس مصر، مضيفا: "بعد ما خرجنا الأهلي من البطولة هنخاف من مين؟"، كما تحدث عن الفارق بين الفريق في الوقت الحالي وبين ما كان عليه وقت صعوده إلى الدوري الممتاز، قائلًا: "اكتسبنا مزيدا من الخبرات واستطعنا الدخول في المنافسة مع الأندية الكبرى".
مارينا ميلاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق