أثار موضوع الممر المائى الإثنين، ردود أفعال واسعة بين عدد من المسؤولين والخبراء والقراء، حيث أجمع غالبيتهم على ضرورة إجراء أبحاث استكشافية عن قرب للتأكد من جدية الكشف وبحث مدى الاستفادة منه، فيما أكد آخرون ضرورة «التروى» وعدم الإسراع بوضع خطط للتنمية الزراعية قد تؤدى ـ حسب قولهم ـ إلى «التصحر».
وقال الدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى: «إن مركز بحوث الصحراء بدأ بالفعل فى إجراء دراسات ومعاينات فى أماكن متفرقة من الصحراء الغربية، للتأكد من وجود المياه الصالحة بها»، لافتاً إلى أن بعض المناطق الصحراوية توجد بها مياه مالحة يصعب استغلالها فى الزراعة، بينما توجد فى مناطق أخرى ـ حسب الوزير ـ مياه شديدة العذوبة.
وأضاف أبوحديد : «نحن نقوم بدراسات مستفيضة بالتعاون مع جامعة أسيوط، لرصد ما فى جوف الصحراء الغربية بدقة، كما بدأنا فى إرسال بعثات مشتركة بين مركز بحوث الصحراء وأساتذة بجامعة أسيوط، وهى مأموريات تستمر خلال الشهرين المقبلين، وبعد الانتهاء من مهمتها سنقوم بكشف الحقائق كاملة خلال الشهور القليلة المقبلة».
وأوضح الوزير أن الاعتماد التام على صور الأقمار الصناعية فى كشف المياه الجوفية يحتاج إلى «تعامل بحرص وحذر» لأن قدرة هذه الأقمار ـ والكلام للوزير ـ فى رصد المياه «ضعيفة جداً»، مشدداً على ضرورة الانتظار لحين إجراء أبحاث استكشافية للجزم بإمكانية وجود النهر الجوفى
وعن نتائج البحث الذى قامت به الدكتورة إيمان غنيم، مدير معمل أبحاث الفضاء بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، والتى أكدت وجود مياه عذبة أسفل الممر المائى المطمور الذى رصدته بالخرائط، قال الوزير: «لدينا تجربة شبيهة بهذا الموضوع فى منطقة الوادى الفارغ بجوار وادى النطرون، فهذا الوادى كان جزءاً من نهر النيل، لكنه جف، وظلت المياه أسفله إلى أن بدأ المستثمرون فى الاستفادة منها بإفراط، فأصبحوا الآن يعانون من نقص المياه، بعد أن دلت المؤشرات على بدء نفاد هذه المياه، ولذلك يجب أن نتعامل بحرص مع هذه المياه إن وجدت»، مطالباً بالرجوع إلى وزارة الموارد المائية والرى، بدعوى أنها الأكثر اختصاصاً ودقة فى تحديد أماكن المياه الجوفية وسبل التعامل معها.
مصادر حاولت الاتصال بالدكتور حسين العطفى، وزير الموارد المائية، أكثر من مرة عبر الهاتف ورسائل الـ(SMS)، إلا أنها لم تتمكن من الوصول إليه لحين مثول الجريدة للطبع.
فيما وصف الدكتور إسماعيل عبدالجليل، رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، اكتشاف الممر المائى المطمور بـ«القوى جداً»، مؤكداً أن المنطقة (كيفارة) تضم ينابيع متدفقة تصلح للاستخدام.
وقال «عبدالجليل»: «أعلم جيداً أن وزير الزراعة متحمس جداً لهذا الموضوع، وأرسل بعثات مختلفة للتأكد من وجود المياه الجوفية»، داعياً إلى ضرورة وضع أولويات لاستخدام هذه المياه فى حال التأكد من وجودها.
وأضاف: «تواجهنا مشكلة دائماً عند الكشف عن مياه فى الصحراء، حيث يبدأ الناس فى التفكير فى استغلالها للزراعة فقط، وهذا خطأ فادح قد يؤدى إلى فشل التنمية وحدوث تصحر، ولتلافى ذلك يجب دراسة المنطقة الموجودة بها المياه جيدا، ثم التفكير والتخطيط لاستغلالها فى التنمية العمرانية، وبناء مجتمع متكامل حول المياه، لضمان عدم الإفراط فى استخدامها، مما يؤدى إلى استمرار التنمية لسنوات فقط، ثم تعود المنطقة أكثر جفافاً من ذى قبل» مشدداً على أن الهدف من التنمية ليس الزراعة أو تحقيق اكتفاء ذاتى لزراعات معينة، وإنما الوصول إلى مجتمع جديد قادر على العيش لفترة طويلة جداً.
من جهة أخرى أدلى العشرات بتعليقات على الموقع الإلكترونى للجريدة، جميعها تطالب بسرعة التحرك والاستفادة من هذه المياه، وغيرها من الثروات الطبيعية المحتمل تواجدها فى باطن الأرض، داعين إلى عقد مؤتمر علمى يجمع خبراء فى الجيولوجيا والموارد المائية والزراعة والاقتصاد، لمناقشة سبل الاستفادة من موارد الصحراء الغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق