أكد الدكتور خالد عودة، الخبير الجيولوجى الدولي وأستاذ الجيولوجيا في كلية العلوم- جامعة أسيوط، أنه يواصل تجاربه وزياراته الميدانية إلى الصحراء الغربية لتحديد كمية المياه الجوفية المتواجدة فيها.
بعدما أعلن اكتشاف مخزون ضخم من المياه الجوفية فى منطقة بحر الرمال الأعظم يكفي لزراعة 3 ملايين و 750 ألف فدان في المنطقة الحدودية بين مصر وليبيا.
وقال عودة في حديث خاص لـ"بوابة الوفد" إن هذا الخزان متجدد خلافاً لآبار المياه الجوفية الأخرى القابلة للنضوب في الصحراء الغربية. فهو يستمد مياهه المتجددة من النهر الليبي، الذي غطته الأرض قبل 18 مليون سنة، وفق عودة، وهذا النهر يمد الآن بالمياه مدينة الكفرة الليبية التى تعتبر من أغنى وأشهر الواحات التي تعتمد على المياه الجوفية فى شمال شرق ليبيا.
9 واحات
أشار عودة إلى أن
الاكتشاف الجديد يضمن وجود 9 واحات وسهول جديدة تتميز بقرب المياه الجوفية لسطحها الخارجي وجودة أراضيها، لافتاً إلى أنها لم تكن موجودة في الخرائط الطوبوغرافية لدى الجهات العلمية والبحثية.
ونوه إلى أن هناك مغالطة في تسمية هذا الاكتشاف، حيث إن بعض الصحف أطلقت عليه نهر مياه جوفية، وهو ليس بنهر، إنما واحات تختزن المياه الجوفية.
وعن كيفية اكتشاف تلك الآبار، أكد عودة أنه، خلافاً لما يشاع أن منطقة بحر الرمال الأعظم خطرة ولا يستطيع أحد أن يمر من خلالها، أزاح الطبقة الرملية لتظهر له مجموعة من "الصخور الرسوبية النوبية" التي تختزن المياه الجوفية، وهي أكبر طبقة صخور تحوي مياهاً جوفية في مصر.
وقال عودة إن منطقة بحر الرمال ليست سوى كثبان رملية وتلال تفصلها ممرات واسعة كلها صالحة للزراعة، خصوصاً محصول القمح.
أكد عودة أنه تلقى عروضا لحفر الآبار الاختبارية مجانا من شركات دولية، أهمها من البرازيل وايطاليا وانجلترا وأمريكا والسعودية والإمارات ومصر، ، على أن تكون لتلك الدول الأسبقية في المناقصات في حال تم تنفيذ المشروع. لكنه أرجأ الموافقة على أي من تلك العروض لحين تحرك الحكومة المصرية والمجلس العسكري وطالب رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بسرعة التحرك لتنفيذ مشروع حفر الآبار في الصحراء الغربية واستصلاح الاراضي طبقًا لنظام حق الانتفاع، ما قد يزيد معدلات التوطين هناك ويحقق الاكتفاء الذاتي من القمح.
لجنة لدرس إمكانات الاستثمار
أضاف عودة أن السلطات أبلغته بتشكيل لجنة من وزارات الري والبترول والمجتمعات العمرانية والزراعة، بإشراف من المجلس العسكري ، لكن تلك اللجنة لم تتخذ أي خطوات فعلية تجاه المشروع.
من جهتها، عقدت وزارة الموارد المائية والري ندوة حول الموضوع بحضور علماء وخبراء من مركز بحوث الصحراء والمركز القومي لبحوث المياه وجهات أخرى معنية.
واستعرض عودة أبعاد الاكتشاف، ودارت مناقشات مستفيضة حول سبل الاستفادة منه والبناء عليه بما يخدم المصلحة القومية لمصر.
وذكر بيان أصدرته الوزارة أن اللجنة التي شكلتها استعرضت بعض الحقائق عن خزان الحجر الرملي النوبي، البالغ مساحته نحو 2.4 مليون كيلومتر شمال الصحراء الغربية في مصر وحتى الجزء الشرقي من ليبيا والجزء الشمالي الشرقي من تشاد والجزء الشمالي الغربي من السودان.
ويغطي حوض الحجر الرملي النوبي مساحة 670 الف كيلومتر في الصحراء الغربية، و130 الف كيلومتر في الصحراء الشرقية و 50 الف كيلومتر في سيناء، ويتم استغلال المياه الجوفية بواسطة حفر الآبار على أعماق مختلفة.
وطبقا لتقديرات الباحثين في الوزارة، يبلغ اجمالي مخزون المياه في خزان الحجر الرملي النوبي حوالي 66 الف مليار متر مكعب و درجة ملوحة مياهه 400 جزء في المليون لمعظم الأماكن. وتبلغ امكانيات السحب الآمن منه 4.9 مليار متر مكعب، بينما يسحب فعلياً 2.8 مليار متر مكعب سنويا يتم استغلالها في زراعة 300 الف فدان. وتشير التقديرات الحالية الى أن المساحة الممكن زراعتها في حدود السحب الآمن لا تتعدى مليوناً ومائة الف فدان.
وأظهرت التقارير التي تم استعراضها خلال الندوة أن جميع التضاريس في منطقة بحر الرمال الأعظم، الواقعة بين هضبة الجلف الكبير جنوبا وواحة سيوة شمالا، تتكون من صخور الحجر الرملي النوبي الكوارتزي القاري عالي المسام. وتنتشر في هذه التضاريس ظاهرة رشح المياه الجوفية، التي تميز الأسطح المائلة للهضاب والتلال والأرض المسطحة المائلة تدريجيا ناحية الشمال للمنخفضات والممرات.
وقد أمكن تحديد 20 مسطحا من المنخفضات والسهول والممرات والهضاب والتلال، التي يصلح كل منها لإنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة. ويبلغ إجمالي المسطحات المهيئة لإقامة هذه المجتمعات نحو 1.5476 كيلومتر – أي ما يعادل نحو 3,685 مليون فدان.
وقالت اللجنة إن وزارة الموارد المائية والري ترى أنه يمكن درس هذا الاكتشاف (أو المشروع) ملياً بما يسمح بالإنطلاق من مرحلة البحث إلى مرحلة التطبيق.
من جهة أخرى، كشفت دراسة أجريت مؤخرا حول المياه الجوفية فى العالم العربى أن المياه الجوفية تمثل أحد أثمن الموارد الطبيعية في العالم العربي. ونتيجة للظروف الجافة وشح الأمطار في المنطقة، هنالك اعتقاد خاطئ بأن المياه الجوفية شحيحة أو تم استنزافها. وفي واقع الأمر أن أجزاءً واسعة في هذه المنطقة ما زالت تنتظر استكشاف مكامنها من المياه الجوفية، بما في ذلك المساحات الشاسعة المغطاة بالرمال في الصحراء الكبرى والربع الخالي.
وأضافت الدراسة التى أجراها عالم الفضاء المصرى الدكتور فاروق الباز أن مصادر المياه الجوفية في العالم العربي تحتاج إلى دراسات دقيقة وتفصيلية، وإلى إدارة أفضل، من خلال تشريعات تنظيمية متطورة ومدروسة جيداً. ولا يمكن تحقيق أي من هذين الهدفين من دون الاهتمام المستمر لصناع السياسات من أجل مواجهة تحدي شح المياه فى المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق