أكدت الدكتورة إلهام شاهين أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن جلال الدين السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، حيث شمل نشاطه العلمي التأليف في مختلف الفروع في ذلك الزمان من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، ووصف بأنه حجة في هذه العلوم، وله مؤلفات تصل إلى حوالي 300 كتاب.
وقالت إن السيوطي هو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين خن الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي، وولد في الاول من شهر رجب سنة849هـ، المـوافق سبتمبر 1445م، في القاهرة، حيث رحل أبوه من محافظة أسيوط في جنوب مصر لدراسة العلم، وكان سليل أسرة أشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه، وقد توفي والد السيوطي، ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، وأتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه، وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به السيوطي تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
الإبداع الأدبي
رحلات علمية
كما قالت الدكتورة إلهام شاهين إن السيوطي ممن سافروا في رحلات علمية ليلتقي بكبار العلماء، فسافر إلى عدد من الأقاليم في مصر كالفيوم ودمياط والمحلة وغيرها، وسافر إلى بلاد الشام واليمن والهند والمغرب وتشاد ورحل إلى الحجاز وجاور بها سنة كاملة، ليصل في الفقه إلى رتبة سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر العسقلاني، ولما أكتملت أدوات السيوطي جلس للإفتاء عام 871 هـ،1466م، وأملى الحديث في العام التالي، وكان واسع العلم غزير المعرفة، وكان يقول عن نفسه«رُزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع»، وذلك بالإضافة إلى أصول الفقه والجدل، والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب. وكانت الحلقات العلمية التي يعقدها السيوطي تحظى باقبال الطلاب، فقد عُيّن في أول الأمر مدرسا للفقه بالشيخونية، وهي المدرسة التي كان يلقي فيها أبوه دروسه من قبل، ثم جلس لإملاء الحديث والإفتاء بجامع ابن طولون، ثم تولى مشيخة الخانقاه البيبرسية التي كانت تمتليء برجال الصوفية، وقد نشب خلاف بين السيوطي والمتصوفة، وكاد هؤلاء المتصوفة أن يقتلوه، حينئذ قرر أن يترك الخانقاه البيبرسية، ويعتزل الناس ومجتمعاتهم ويتفرغ للتأليف والعبادة.
رد الهدايا
وذكرت أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن بعض رجالات الدولة كانوا يأتون لزيارته، ويقدمون له الأموال والهدايا النفيسة، فيردها ولا يقبل من أحد شيئا، ورفض مرات عديدة دعوة السلطان لمقابلته، وألف في ذلك كتابًا أسماه«ما وراء الأساطين في عدم التردد على السلاطين».
ولفتت إلى أن السيوطي بدأ التأليف وهو في السابعة عشرة من عمره، وانقطع له 22 عاما متواصلة، وزادت مؤلفاته على الثلاثمئة كتاب ورسالة، من أبرزها، الاتقان في علوم التفسير، متشابه القرآن، الإكليل في استنباط التنزيل، مفاتح الغيب في التفسير، إسعاف المبطأ في رجال الموطأ، تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك، جمع الجوامع، الأشباه والنظائر في فقه الإمام الشافعي، الحاوي في الفتاوي.
رحمة الله على الشيخ جلال الدين السيوطي.
ردحذف