الأحد، 30 سبتمبر 2012

الدكتور / محمد حبيب الأستاذ الجامعي في كلية العلوم قسم الجيولوجيا جامعة أسيوط يكتب :: العدالة الاجتماعية.. طوق النجاة



لا أزال أذكر جيدا ذلك العام «١٩٦٠» الذى كنت فيه طالبا بالسنة الأولى بكلية العلوم جامعة أسيوط.. وكيف أننى لم أستطع دخول المدينة الجامعية آنذاك، لأننى لم أكن قادرا على سداد مصروفات الجامعة.. قيل وقتها لابد من إحضار شهادة من الشؤون الاجتماعية بأن كاتب السطور حالته الاجتماعية على «قد الحال»، حتى يمكن إعفاؤه من المصروفات.. وقد كان، لكنى شعرت وقتها بقدر لا بأس به من الإهانة.. وفى العام الذى يليه أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارات يوليو الاشتراكية، وبالتالى حفظ كرامتى وأمثالى من التقدم بهذه الشهادة المهينة.. بل إن الشقة التى استأجرتها أنا وبعض بلدياتى تم خفض قيمة إيجارها بحيث يدفع كل واحد منا جنيهاً ونصف الجنيه فقط فى مقابل الغرفة التى يسكنها.. لذا كنت ولا أزال أدافع عن العدالة الاجتماعية، ومنها مجانية التعليم كحق أصيل للطبقة الكادحة من بنى وطنى.
فى بداية عهد الرئيس الراحل أنور السادات،
اندلعت التظاهرات تنادى بضرورة خفض الأسعار التى لم يعد يحتملها أحد.. ولا أزال أذكر ذلك الهتاف الذى كان يدوى فى سماء القاهرة: «أنور بيه يا أنور بيه، كيلو اللحمة بقى بجنيه».. ولعلنا نذكر أيضاً تلك التظاهرات العارمة التى اجتاحت مصر فى 18 و19 يناير ١٩٧٧ بسبب الارتفاع الكبير فى أسعار السلع الضرورية، التى أطلق عليها السادات: انتفاضة الحرامية.. منذ ذلك التاريخ، بدأ تآكل الطبقة الوسطى التى تمثل عماد الدولة ومناط الابتكار والإبداع.. وفى العقد الأخير من عهد الرئيس المخلوع تم الإجهاز عليها تماماً.. ومع الوريث، كان متوقعا أن يزداد الأمر سوءا، لكن الله سلم.
وقامت الثورة فى ٢٥ يناير من أجل تحقيق: عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية.. هذا هو الهتاف العبقرى الذى انطلق يدوى فى سماء مصر من الحناجر الثائرة أيام الثورة، تعبيرا عن قسوة المعاناة التى عاشها شعب مصر الطيب عبر عقود طويلة.. ولعلنا نذكر جيدا تلك الآلاف من حركات الاحتجاج الاجتماعى التى سبقت ومهدت للثورة، نتيجة الهوة السحيقة التى كانت تفصل بين فئة قليلة تملك المال والسلطة والتشريع، وكثرة غالبة تعيش على هامش الحياة، ولا تملك من حطام الدنيا شيئاً ذا بال.
ومنذ هتف الشعب المصرى بها فى ميدان الثورة، والعدالة الاجتماعية لا تجد لنفسها موطئ قدم.. كأنها دخلت سردابا مظلما وغابت فيه.. ولا يدرى أحد متى الخروج.. ظن الشعب أن الرئيس المنتخب سوف يشرع فوراً فى اتخاذ خطوات جادة نحو العدالة الاجتماعية، وأنه سيقوم بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وأنه سيفرض نظام ضريبة تصاعدياً، وأن الدعم سوف يصل إلى مستحقيه.. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وبات واضحا أنه لكى تحصل على حقك، أو جزء منه، فعليك أن تضرب أو تعتصم.. فهل نحن على بداية موجة أخرى للثورة؟.
إن الغالبية العظمى من شعب مصر تعيش حياة بائسة تعيسة.. وهذا إرث خرب تركه لنا المخلوع، نتيجة الاستبداد والفساد الذى طال كل شىء على مدى ٣٠ عاما. ونتيجة أيضا الإدارة السيئة للمجلس العسكرى خلال الفترة الماضية.. الآن من الواضح أن الجسارة المطلوبة والحلول غير التقليدية فى التعامل مع هذا الإرث - مفتقدة.. لا شىء سوى اللجوء للقروض.
كيف يصل الدعم إلى مستحقيه فعلاً؟ وما السبيل؟ تلك هى المشكلة التى تبحث عن حل.. والسؤال هو: هل هناك عوائق تحول دون وصول الدعم إلى مستحقيه؟ وهل لذلك علاقة بالفساد؟ ثم أين ذهبت أموال الصناديق الخاصة؟ أين الأموال المنهوبة التى تم تسريبها إلى الخارج؟ وأخيراً وليس بآخر: لماذا لا يعاد النظر فى الأراضى التى تم الاستيلاء عليها دون وجه حق، أو بيعت بتراب الفلوس؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...