مازلنا مع علي الشريف مؤسس التنظيم المسلح للجماعة الإسلامية وقائده في الحلقة الرابعة من مذكراته التي حصلت «الموجز» علي نسخة منها مكتوبة بخط يده وفي هذه الحلقة يكشف علي الشريف عن ذكرياته في أخطر مرحلة في تاريخ جماعته تحديدا في عام 1981 حيث قاموا باغتيال السادات وقتال الشرطة في أسيوط في الأحداث الدامية التي اشتهرت إعلاميا بأحداث أسيوط
في شجاعة وصدق يحسد عليها يكشف علي الشريف تفاصيل خطتهم في محاولة القيام بثورة إسلامية مسلحة بقتل السادات والاستيلاء علي أسيوط والقاهرة ثم باقي المحافظات يكشف علي الشريف في هذه الحلقة كيف قتلوا جنود وضباط الشرطة الأبرياء بدم بارد في أسيوط وكيف أنهم ظلوا يعاندون ويكابرون سنوات طويلة داخل السجن لايعترفون بخطئهم بل بالعكس سخروا عقولهم وتفكيرهم في إثبات عكس ذلك
اغتيال السادات وأحداث أسيوط
في هذا الجو المشحون فاجأ خالد الإسلامبولي الجميع بأنه سوف يشارك في العرض العسكري وأنه علي استعداد تام لقتل السادات إذا سمح له المجلس بذلك ولم يتردد المجلس في أخذ القرار وكلف خالد الإسلامبولي بعملية اغتيال السادات وقد طلب منا خالد عدة أسلحة نارية وعدة قنابل فأحضرنا له البنادق الآلية ولم نتمكن من إحضار القنابل أسيوط وكان خالد قد اتصل بالشيخ أسامة حافظ وأبلغه بأنه سيلغي تنفيذ العملية إذا لم يتم إحضار القنابل وقد أبلغنا بهذا الخبر الشيخ أسامة واتصل خالد أيضا علي الشيخ محمد عبدالسلام وأبلغه نفس الكلام الذي قاله للشيخ أسامة قام الشيخ محمد عبدالسلام بإحضار القنابل للشيخ خالد وأخذها خالد ودخل المعسكر ولم يستطع الاتصال بالشيخ أسامة لإبلاغه بحصوله علي القنابل وظننا نحن في الصعيد أن العملية قد ألغيت وحدثت حالة استرخاء بين الأفراد والقادة قرر مجلس الشوري بدء الهجوم علي النظام المصري مع أول طلقة يطلقها خالد علي السادات وتم تكليف عبود الزمر بوضع خطة العمليات التي سوف تحدث في القاهرة وتكليفي بوضع خطة الاستيلاء علي المدينة
وهكذا جلسنا نحن أمام التليفزيون في يوم العرض ونحن نعلم أن العملية لن تتم ولما بدأ العرض كنت في شقة الشيخ هشام عبدالظاهر في سوهاج ولما جاء دور عربات المدفعية قلت لهشام كان ينبغي أن يكون الضرب الآن لأن خالد الإسلامبولي كان في سلاح المدفعية ولم أنته من كلامي وإذا بالضرب يحدث بالفعل وحدث لي ذهول واتصلت بالأخ خالد حفني وطلبت منه أن يوصلني بعربته إلي أسيوط فورا عند الشيخ كرم والشيخ ناجح إبراهيم وباقي أعضاء المجلس واجتمعنا وكان اجتماعا حافلا انقسم فيه المجلس إلي رأيين، الأول اختار القتال ومن اختار ذلك غالبية المجلس وعلي رأسهم كرم زهدي وعلي الشريف واختار بعض الأعضاء الانتشار وعدم القتال لأننا غير جاهزين ولن نستطيع الانتصار وكان علي رأسهم عصام دربالة وترجح رأي المطالبين بالقتال وتم تكليفي بتنفيذ الخطة للاستيلاء علي مدينة أسيوط
وبعد يومين من مقتل السادات وفي عيد الأضحي المبارك والناس في المساجد يصلون العيد ولم يكن يخطر ببال أحد ما سيحدث بعد دقائق وفعلا انطلقت المدافع الرشاشة في كل صوب مخلفة وراءها الجثث والدمار وقد كانت الخطة كالأتي
كان لمدينة أسيوط أربعة مداخل رئيسية شمال وجنوب وشرق وغرب فتم تكوين أربع مجموعات لقفل مدينة أسيوط
المجموعة الأولي
(مجموعة الشيخ حمدي عبدالرحمن مكلفة بالاستيلاء علي نقطة شرطة اللاسلكي الموجودة بجوار نقطة المرور شمال المدينة ومنع أي قوات الشرطة من الدخول إلي المدينة)
المجموعة الثانية (مجموعة الشيخ ناجح إبراهيم كانت مكلفة بالاستيلاء علي قسم أول أسيوط ونقطة مرور الغرب وعدم السماح لأي قوات بدخول المدينة من طريق الغرب)
المجموعة الثالثة (مجموعة كرم زهدي وكانت مهمتها الاستيلاء علي معسكرات الأمن المركزي أمام كلية التجارة والاستيلاء علي نقطة مرور شرق مدينة أسيوط ومنع أي قوات تحاول دخول المدينة)
المجموعة الرابعة (مجموعتي ومهمتها الاستيلاء علي مديرية أمن أسيوط وقسم ثان أسيوط وقتل رجال الشرطة المتواجدين داخل عربات الأمن المركزي المتمركزين أمام مركز ناصر والاستيلاء علي نقطة مرور أسيوط الواقعة في الجنوب)
وكانت مجموعتي هي الأكبر نظرا لكثرة المهام الملقاة علي عاتقها وكان فيها عاصم عبدالماجد وفؤاد الدواليبي ومحمد ياسين وعلي عبدالمنعم وهمام عبده ورجب الغضبان ومحمد الشرقاوي وطلعت ياسين وغيرهم
وكانت الخطة بعد الاستيلاء علي هذه المراكز الرئيسية هي استخدام مكبرات الصوت في جميع المساجد لحث الجماهير علي الانضمام للثورة الإسلامية ثم تعبئة هذه الجماهير بعد إعطائها السلاح والخروج بها إلي المحافظات المجاورة للاستيلاء عليها
وكان السبب في اختيار أسيوط لثقل الجماعة الإسلامية بها كما أن أعداد الطلبة في الجامعة كبيرة ومعظمهم متعاطف معنا ثم إن الدعوة هناك مكثفة لعدة سنوات والناس فيها متعاطفون معنا ويعرفوننا معرفة تامة ثم أن أسيوط وسط الصعيد فيسهل الانتقال منها شمالا إلي المنيا وجنوبا إلي سوهاج ولنا في كل من المنيا وسوهاج أعداد كبيرة من الإخوة
ذهبت أنا ومجموعتي إلي عربات الأمن المركزي الواقفة أمام مسجد ناصر وسط مدينة أسيوط وأطلقنا النار علي جنود الأمن المركزي بكميات كثيرة وأخذوا يتساقطون الواحد تلو الآخر وهم لايدرون ماذا يحدث ومن الذي يضربهم ولماذا فقد شلت المفاجأة تصرفهم لذا كان عدد القتلي منهم كثيرا ثم انطلق الموكب إلي مديرية أمن أسيوط وبمجرد وصولنا أطلقنا النار علي الحراس فأرديناهم قتلي واندفعنا مهرولين داخل المديرية نقتل كل من نراه من رجال الشرطة وقد شلت المفاجأة تفكيرهم فلم يكن منهم مقاومة كبيرة حتي تم الاستيلاء علي مديرية الأمن في دقائق وكان عدد القتلي أيضا كبيرا وتم الاستيلاء علي قسم ثان أسيوط وتم توزيع السلاح الذي استولينا عليه علي باقي أفراد المجموعة وقطعنا الطريق الجنوبي وكنا نفتش العربات الداخلة والخارجة من مدينة أسيوط وقد أصيب في هذه المعركة كل من علي الشريف وعاصم عبدالماجد وهمام عبده وعلي عبدالمنعم ورجب الغضبان
وكانت عربات الأمن المركزي تأتي إلينا وكنا نمطرها بوابل من الرصاص وقتلنا منهم عددا كبيرا وكانت هذه العربات بعد أن نطلق عليها الرصاص ونحدث فيها الإصابات البالغة تهرول مسرعة هاربة حتي أوشكت ذخيرتنا علي النفاد في آخر النهار
كانت إصابة الشيخ عاصم عبدالماجد شديدة فقد اخترقت طلقة آلي ركبته فهشمتها وكذلك علي عبدالمنعم أصيب بطلق آلي في بطنه وكذلك أنا أصبت بسبع رصاصات في بطني وفخذي وصدري وتولي أمر قيادة المجموعة بعدي فؤاد الدواليبي فقرر آخر النهار انسحاب المجموعة من المديرية والرجوع إلي قواعدها في الجبال والقري المحيطة بمدينة أسيوط وتم إرسالي أنا وعاصم عبدالماجد وعلي عبدالمنعم إلي مستشفي أسيوط الجامعي وتم التحفظ عليهم هناك وكنت في حالة إغماء تامة لم أفق إلا ثاني يوم ووجدتهم قد عملوا لي عملية كبيرة في بطني لاستخراج الرصاص ووجدت نفسي مكبلا في السرير بالكلبشات ووجدت فوق رأسي الجنود المدججين بالسلاح
وانسحب كرم زهدي وناجح إبراهيم وفؤاد الدواليبي وحمدي عبدالرحمن وعصام دربالة ومحمد ياسين ومعظم الإخوة لكن الأمن تمكن من القبض علي كل الإخوة الهاربين بعد عدة أيام وكان عصام دربالة قد بترت يده اليمني وذلك لأنه شد فتيل قنبلة يدوية ظنا منه قد وصل بسيارته أمام قسم الشرطة إلا انه فوجئ بأن قسم الشرطة بعيد جدا وعليه أن يرمي هذه القنبلة وإلا انفجرت في يده فنظر حوله فوجد المسلمين في كل مكان فقد كان يوم عيد فآثر ان تنفجر في يده بدلا من إلقائها فتنفجر في الناس وفعلا انفجرت في يده وبترت وأحدثت به إصابات بالغة وأصيب ناجح إبراهيم بطلق ناري في قدمه
وكان كرم زهدي لا يستطيع المشي وذلك لأنه قبض عليه في البلينا قبل أحداث أسيوط بشهر تقريبا فهرب من الشرطة وقفز من فوق سور عال فوقع علي الأرض فجزعت قدمه جزعا شديدا لم يتمكن بعدها من المشي لعدة اشهر وكان الشيخ أسامة حافظ في القاهرة لم يتمكن من الحضور وكان طلعت فؤاد مصابا بكسر في ساقه نتيجة حادث موتوسيكل وكان طريح الفراش فاعتقل في قرار التحفظ ولم يحضر أحداث أسيوط
لما ذهبنا إلي مستشفي أسيوط الجامعي أنا والشيخ عاصم عبدالماجد وكان الأهالي هم الذين حملونا إلي المستشفي وكنت في غيبوبة تامة والشيخ عاصم لم يكن يقوي علي الحركة فلما وصلنا إلي المستشفي قاموا بإجراء عملية جراحية كبيرة لي وتم إخراج الرصاص من بطني وعملوا لي عملية تحويل مجري البراز حيث اخرجوا قطعة من الأمعاء الغليظة خارج بطني وفتحوا فيها فتحة لإخراج فضلات الطعام أي فتحة شرج صناعية
بتنا يومين في مستشفي أسيوط الجامعي ثم رحلونا إلي سجن أسيوط العمومي وبتنا فيه ليلة ثم أخذونا في الصباح في عربات أمن مركزي كبيرة ورحلونا إلي معسكر أمن مركزي وفي كل هذه التحركات كان الضرب والتعذيب والسباب متواصلا ثم وضعونا في طائرة هليكوبتر وأرسلونا إلي القاهرة حيث وضعوا بعض الإخوة المصابين إصابات خفيفة في سجن القلعة، أما المصابون بإصابات شديدة فأرسلوهم إلي سجن ليمان طرة ووضعوهم في مستشفي السجن حيث تم تقديم العلاج لهم وكان تمارجي المستشفي يعطينا العلاج مصحوبا بالضرب والشتيمة وكان معي في نفس العنبر عصام دربالة وعاصم عبدالماجد وعلي عبدالمنعم وطارق العطيفي وسيد مرسي
وبعد عدة أيام بدأ تحقيق أمن الدولة في المستشفي حيث كان التعذيب علي أشده والصراخ والعويل لا ينقطعان ليل نهار واستمر هذا التعذيب عدة أسابيع لم يهدأ فيها الصراخ لحظة واحدة وتمت التحقيقات وهدأ الضرب والتعذيب وبدأ الهدوء يعود رويدا رويدا
عندما دخلت مستشفي أسيوط الجامعي سألوني ما اسمك قلت لهم محمد فوزي لذلك لم أتعرض للتحقيق أو التعذيب لمدة أسبوعين تقريبا وكانوا كلما سألوا واحدا من الإخوة من الذي ضمك إلي التنظيم المسلح يقول علي الشريف من دربك علي السلاح يقول علي الشريف من أخذك إلي أحداث أسيوط يقول علي الشريف فيقولون أين هو فيقول لا أدري ومكثوا يبحثون عني بحثا حثيثا حتي قال لهم أخ من الإخوة الذين كانوا معنا في المستشفي إن علي الشريف في المستشفي وغير اسمه إلي محمد فوزي فجاءوني علي الفور وقالوا لي ما اسمك فقلت محمد فوزي فقالوا لي هل أنت متأكد فعلمت أنهم عرفوني ثم أمروا اثنين بحملي من السرير لأنني كنت لا أستطيع الحركة وحملوني إلي حجرة التعذيب وهي حجرة الطبيب الملصقة بالعنبر الذي كنت محتجزا فيه
وكانوا يضربونني من بعد صلاة العشاء إلي صلاة الفجر ضربا متواصلا لا ينقطع ولو للحظة كل يوم لمدة أربعة أو خمسة أيام ولم تطل مدة تعذيبي لسببين الأول للإصابة الخطيرة التي كانت في بطني والثاني أنني عرفت متأخرا وكانت معظم المعلومات المطلوبة قد تم الحصول عليها ولا حاجة لكلامي
محاولتي قتل أربعة قساوسة في قصر العيني
كنت علي يقين أنني سوف احصل علي حكم الإعدام شنقا وفي أثناء وجودي في سجن الاستقبال وكنت مقيما في المستشفي جاء إخوة من مستشفي المنيل الجامعي وأخبروني بأنه يوجد في عنبر مستشفي المنيل الجامعي أربعة قساوسة محبوسين تابعين لقرار التحفظ الذي أصدره السادات فقررت قتلهم قبل أن يتم إعدامي وذهبت إلي إدارة السجن وطلبت منهم الذهاب إلي مستشفي قصر العيني لعمل عملية إعادة الأمعاء إلي داخل بطني وإعادة فتحة الشرج الطبيعية إلي عملها ووافقت إدارة السجن ورحلتني إلي مستشفي قصر العيني ووجدت فعلا القساوسة الأربعة فقررت قتلهم بعد صلاة الفجر مباشرة وقبل التنفيذ وقفت قرب صلاة الظهر في شرفة العنبر ووجدت طبيبا يسير في المستشفي أعرفه ويعرفني فقد كان صديقا لي قبل الأحداث أيام ما كان طالبا في كلية طب القاهرة وكنت دائما ما أذهب إلي جامعة القاهرة وألتقي بقيادات العمل الإسلامي فيها وكانت تربطني بهم علاقة حسنة وكنت التقيت بهذا الطبيب عدة مرات وتعرفت عليه فلما رأني في شرفة العنبر سلم علي وصعد وسأل أين المريض علي الشريف وكنت واقفا أمامه لكنه قال ذلك حتي لا يعلم رجال الأمن أنه يعرفني فقلت له أنا فقال تعال اكشف عليك فذهبت معه إلي سرير في آخر العنبر بعيدا عن رجال الأمن فسلم علي بصوت لا يكاد يسمع وردت عليه السلام وقال لي إنه مستعد لتهريبي من قصر العيني فقلت له إنني قدمت لقتل أربعة قساوسة هنا معتقلين معنا في العنبر وهم من ناشطي القساوسة قد اعتقلهم السادات لإثارتهم الفتنة الطائفية فقال لي الهروب أفضل وألح علي حتي وافقته فأحضر لي في اليوم التالي منشارا نشرت به سيخا من أسياخ شباك الحمام وكان ذلك كافيا لإخراجي من الشباك
وكان معي في المستشفي الأخ ممدوح علي يوسف في عنبر المستشفي وأعلمته بنيتي في الهروب فقال لي لا تهرب حتي أرجع إلي سجن الاستقبال فوافقته ثم قال لي إن هذا الأخ مشيرا إلي أخ من إخوة جماعة الجهاد يريد أن يهرب معي وترجاني أن آخذه معي فوافقت وقال لي هذا الأخ يعرف أخا من إخوة جماعة الجهاد لا تعرفه الشرطة ولم يأت اسمه في التحقيقات ممكن أن نذهب إليه بعد الهروب ولما جاء الوقت المحدد للهروب صلينا صلاة الصبح ثم نزعت السيخ الحديدي الذي نشرته ثم هربنا وأخذنا صديقي الذي هرب معي إلي الأخ الذي تحدث عنه فلما علم بقصتنا طلب مني مغادرة البيت فأخذني صديقي إلي أخ آخر له فرحب بنا ونمنا في بيته نوما عميقا وذهب هو إلي قسم الشرطة وبلغ عنا وجاءت قوات الشرطة لنا قبل أذان الفجر وفتح لهم هذا الرجل الباب في هدوء وأدخلوه حجرتي وأيقظوني من نومي فلما استيقظت وجدت رجال الشرطة مدججين بالسلاح المشهور في وجهي فعلمت أن ذلك الرجل قد بلغ عنا وتم ترحيلي إلي سجن القلعة ومكثت فيه شهرا تقريبا ثم رحلوني إلي سجن ليمان طرة فوجدت هناك كل أعضاء المجلس
التنظير لأحداث أسيوط
في الحقيقة لم نتكلم داخل السجن عن أحداث أسيوط ولم أسمع أي أخ من الإخوة آنذاك يتحدث عن أخطاء ارتكبناها في هذه الأحداث ولا غيرها بل كان العكس هو السائد وهو الفخر والسعادة بهذه الأحداث وبدأنا ننظر لهذه الأحداث ونكتب الكتب علي صحتها شرعا واشترينا لذلك الكثير من الكتب الإسلامية وكنا إذا ماوجدنا دليلا يؤيد مافعلناه سارعنا إلي كتابته وكتبنا أسباب القتال التي شرحها العلماء واستفاضوا فيها وكانت هذه الأسباب متوافرة لكننا لم نكتب حرفا واحدا عن موانع القتال ومن المعروف شرعا انه قد يوجد السبب لكن قد يوجد مانع يمنع من انعقاد الحكم الشرعي رغم توافر السبب مثال علي ذلك
من ملك نصابا من الأموال وجب عليه إخراج الزكاة بعد أن يحول الحول علي هذا المال لكن قد يأتي مانع يمنع انعقاد هذا الحكم الشرعي ويلغي وجوب الزكاة مثل الدين فلو علي هذا الرجل دين ينقص النصاب لسقط الحكم وأصبحت الزكاة غير واجبة عن هذا المال فامتلاك النصاب وحولان الحول عليه سبب لوجوب الزكاة والدين المنقص للنصاب مانع يمنع وجوب الزكاة في ذلك المال كذلك الجهاد في سبيل الله قد تتوافر أسبابه لكن يأتي مانع أو أكثر يمنع انعقاد هذا الحكم ويسقط الوجوب وموانع القتال كثيرة وقد ذكرناها بعد ذلك في أبحاثنا الجديدة التي طبعت ونشرت تحت اسم سلسلة تصحيح المفاهيم
المهم أننا كنا متحمسين كثيرا وكلنا شباب يفكر بالعاطفة ويغلبها علي العقل ولا ينظر إلي ما آلت الأمور لذا حملتنا هذه الحماسة علي إعداد كتب نثبت فيها صحة أحداث أسيوط وأول هذه الأبحاث هو بحث الطائفة وكان يتحدث عن وجوب قتال الطائفة الممتنعة عن أداء شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة ثم كتبنا بحثا عن الشبهات التي تدور حول فريضة الجهاد وذكرنا فيه آراء المخالفين لفكرة قتال الحكومة المصرية ورددنا عليهم وأثبتنا خطأهم ثم اتبعنا ذلك ببحث عن حتمية المواجهة وهو يتحدث عن الواقع الأليم للأمة الإسلامية وعن وجوب قتال الحكام الذين وصلوا بالأمة الإسلامية إلي هذا الحد من التردي ثم قمنا بإعداد بحث نرد فيه علي فكر التكفير والهجرة وأردفناه ببحث عن وجوب العذر بالجهل وهذا البحث ينفي كفر المسلم الجاهل إذا ارتكب خطأ في الشريعة يؤدي إلي الكفر لكنه جاهل لا يدري أن هذا العمل مخالف لحكم الله
نشاطنا داخل السجون
مكثنا عدة شهور في الزنازين لا يفتحون لنا أبوابها أبدا إلي أن هدأت الأمور تدريجيا وبدأوا يفتحون لنا الزنازين في فسحة صغيرة من الزمن وبدأنا نلتقي ويسلم بعضنا علي بعض ويثبت بعضنا بعض وبالتدريج بدأوا يفتحون لنا طوال النهار وقررنا أن نبدأ نشاطا علميا مكثفا للاستفادة من الوقت ولقتل الفراغ وحتي لا يتسرب الملل واليأس إلي الإخوة فكانت تعقد ثلاث حلقات يوميا ومدة الحلقة ساعة وكانت حلقتان قبل الظهر وحلقة بعد العصر
وكنا إذا ما فتحوا علينا الزنازين صباحا ندخل دورة المياه ونتوضأ ونصلي الضحي ثم ننتظم في طابور الصباح الرياضي لمدة ساعة تقريبا ثم نأخذ دشا ثم نفطر فطارا جماعيا ثم تبدأ الحلقات حلقة ثم راحة ثم حلقة ثم صلاة الظهر ثم راحة ثم صلاة العصر ثم حلقة ثم راحة ثم الدخول إلي الزنازين ويقفل علينا إلي الصباح وهكذا كانت تسير الأيام في سجن ليمان طرة لمدة ثلاث سنوات واستمر هذا الرتم تقريبا إلي عام 1978 إلي أن قام عصام القمري وإخوانه بالهروب
علاء ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق