قال الدكتور خالد عبدالقادر عودة، أستاذ الجيولوجيا بجامعة أسيوط عضو مجلس الشورى: إن القرار الإثيوبى بتحويل مجرى «النيل الأزرق» دون الرجوع إلى مصر بمثابة «إعلان حرب»؛ لأن ما حدث يخالف جميع الاتفاقيات الدولية الموقعة بين الجانبين.
وطالب «عودة»، فى حواره لـ«الوطن»، الرئيس محمد مرسى بإقامة قاعدة عسكرية بالاشتراك مع السودان بالقرب من المنطقة لحماية موارد النيل من أى تعد، ولتأكيد قوة مصر فى حماية أمنها القومى، خاصة أن تأثير سد النهضة خطير على مصر وعلى الاجيال القادمة بشكل خاص، وإلى الحوار..
* بداية، كيف ترى التصرف الإثيوبى بتحويل مجرى النيل الأزرق دون الرجوع إلى مصر؟
- اتخاذ إثيوبيا هذا القرار دون الرجوع إلى مصر هو بمثابة «إعلان حرب» من الجانب الإثيوبى؛ لأنه مخالف لجميع الاتفاقيات القديمة الموقعة بين دول حوض النيل التى تعطى مصر والسودان «حق الفيتو» على أى مشروعات يتم إنشاؤها من جانب دول المنبع.
* لكن الكثيرين يرون أن التحرك المصرى فى الملف لا يزال غير مناسب؟
- لقد نقلت إلى الرئيس محمد مرسى حقائق عن تأثير سد النهضة الإثيوبى على مصر قبل وصوله للحكم، لكن لا بد أن يكون هناك اصطفاف شعبى وسياسى ضد هذا المشروع، وإن تتم تنحية الخلافات السياسية جانبا، والعمل من أجل مصر ومستقبلها، والتنسيق مع الجانب السودانى لوضع «قاعدة عسكرية مشتركة» بالقرب من السد تأكيدا على قوة مصر، وحماية لمجرى النيل الأزرق الذى هدد جنوب السودان أكثر من مرة بضربه لإغراق الخرطوم، وهو الأمر الذى لو حدث سيكون له تأثير ضخم على مصر أيضاً.
* وما رأيك فى أداء الجهات المعنية بهذا الملف مثل وزارتى الرى والخارجية؟
- مع احترامى للجميع، لا بد أن يُصدر «مرسى» قرارا بإنشاء مكتب علمى مختص بالملف بعيدا عن المستشارين العلميين، وهو المكتب المعمول به فى جميع دول العالم؛ ففى البيت الأبيض على سبيل المثال لا يستطيع الرئيس الأمريكى «أوباما» اتخاذ أى قرار سياسى أو عسكرى أو اقتصادى دون الرجوع إلى «الجمعية الفيدرالية للعلوم».
وأقترح أن يضم هذا المكتب 50 شخصية علمية من كبار علماء مصر؛ لأن ما يحدث الآن هو تعدد للآراء من جانب المستشارين دون أن يكون هناك رأى جماعى صائب؛ ففى موضوع المحطة النووية المقررة فى «الضبعة» مثلا، يعرض الدكتور عماد عبدالغفور وشقيقه آراء خاطئة على الرئيس حول ضرورة إقامة المحطة فى الموقع الحالى، وهو أمر قد يؤدى إلى كارثة حال حدوثه.
* ولكن ما تأثير السد الإثيوبى على مصر؟
- ليس هناك تأثير لعملية تحويل مجرى النيل الأزرق، لكن التأثير سوف يكون كبيرا بعد اكتمال بناء السد؛ فالفيضان الذى يصل مصر فى 45 يوما سوف يصل بعد ذلك خلال 365 يوما، أى أنه لن يكون هناك الفيضان الذى كان الفراعنة يحتفلون به قديما، بالإضافة إلى عجز مائى رهيب سوف تعانيه الأجيال القادمة يتمثل فى حجز 200 مليار متر مكعب على مدار 5 سنوات هى مدة ملء البحيرة خلف «سد النهضة».
* هل ترى أن هناك تدخلات دولية شجعت إثيوبيا على اتخاذ هذه الخطوات الجريئة؟
- إثيوبيا «تناكف» مصر بمساعدة دول أخرى، وفى عام 1979 نشر فى مجلة «أكتوبر» خطاب وجهه الرئيس الراحل أنور السادات إلى مناحم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك، يفيد بأن «السادات» اتخذ قرارا بمد إسرائيل بمياه النيل عن طريق «ترعة السلام» التى أنشئت لها ثلاث «سحارات» أسفل مجرى قناة السويس لتأمين وصول المياه لإسرائيل، وهو ما تم رفضه بعد ذلك، وتحاول إسرائيل والولايات المتحدة تنفيذه بالاتفاق مع إثيوبيا خلال السنوات المقبلة.
والحقيقة أن هذا المخطط ليس جديدا، بل بدأ منذ سنوات حينما تم تدعيم الحركات المتمردة جنوب السودان للانفصال عن السودان، بمباركة من نظام «مبارك» وسعى الجنوب إلى النيل الأزرق بحيث أصبح قريبا منه بمسافة لا تزيد على 100 كيلومتر، ليتعاون وقت اللزوم مع إثيوبيا من أجل الضغط على مصر، فى غيبة الدبلوماسية المصرية عن الساحة تماما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق