وهو ما يمثل خطورة أكبر علي العالم الثالث والدول النامية ومنها مصر.. التي تمثل فيها زيادة أعداد السكان وانحسار المساحات المخصصة لزراعة القمح وغيرها من الأسباب عقبة في إمكانية سد الفجوة المتزايدة بين الإنتاج والاستهلاك.. وهو ربما ما دعا باحثونا المخلصين المهمومون بالوطن وأبنائه في البحث عن حلول آنية ومستقبلية للحد من هذه الأزمات لعل منها البحث عن سلالات تمثل حلولا لمشكلات إنتاج القمح تحديدا كسلعة إستراتيجية لاغني عنها وكان التحدي في عدم وجود أصناف مقاومة للإجهاد وارتفاع درجة الحرارة والملوحة حيث لم تتوقف جهود علماء الوراثة والمحاصيل بجامعة أسيوط عن ملاحقة هذه الأسباب والبحث عن حلول لها علي أرض الواقع.. وشهد عام 1993 بداية انطلاق رحلة مع البحث قادها أساتذة قسم الوراثة بكلية الزراعة جامعة أسيوط.
والبداية يحكيها الدكتور قدري محمد عمارة أساتذة الوراثة قائلا أنه تم جمع سلالات قديمة ثابر الفلاحون المحليون القدماء في مصر علي زراعتها لأجيال منها طرز سوداء القنابع تم إدخالها في سلسة من التلقيحات أنتجت نسلا جديدا من سلالات القمح عملاق السنبلة يتميز بالطول الفائق والساق الغليظ والتفريغ الغزير والسنابل مفرطة الطول التي تصل إلي نحو 30 سم ويتجاوز عدد حياتها المائة والخمسون حبة مع ارتفاع نسبة البروتين إلي 18% مشيرا أن هذه الطرز كانت نتاجا لبرنامج انتخابي قمت به علي مدي هذه السنوات أمكن في مراحلها المختلفة تطوير سلالات عملاقة السنبلة قصيرة الطول وأخري طويلة وغليظة الساق وهو ما يحميها من الرقاد ويعطي محصولا وافرا من التبن والحبوب ويقول ميسور أهمية مضت هذه السلالات تنبع من جودة زراعتها في الاراضي الرملية وتحت إجهاد الجفاف والحرارة المرتفعة وهو ما وبرهنت عليه وفترات التجارب من خلالها بزراعتها في مزارع الجامعة أثبتت خلالها تفوقها المحصولي في ظل الظروف مضت هذه.
وأضاف
إن هذه السلالات قد تكون مشتقة من طرز القمح التي كان يزرعها الفراعنة وتناقلتها الأجيال حتي الآن.. مشيرا أن جمع هذه السلالات واستغلالها وراثيا حفاظا علي التنوع الحيوي للمحصول الأهم في حياة البشر لابد أن يشكل هدفا استراتيجيا حتي لايفقد المصادر الوراثية إلي الأبد وهو ما يتبناه قسم الوراثة بكلية الزراعة بأسيوط حاليا.
وفي هذا الصدد يشير إلي نجاح القسم في تطوير سلالات من القمح شديد التبكير '120 يوما من الزراعة إلي الحصاد' ومنها السلالة 'نور' الذي يحرص مزارعو أسيوط علي استخدامه منذ سنوات نظرا لمحصولها الفائق واستغلالها في التكثيف الزراعي حيث يقوم المزارعون بزراعة البرسيم حتي نهاية ديسمبر ثم زراعة سلالات نور لتنضج مع السلالات العادية الأخري في مايو، وعن العمليات البحثية والفنية والمعملية التي قام عمارة بها لهذه الطرز يقول أنه تم إدخال سلالات القمح التي جمعت من مناطق الإجهاد بمصر العليا في برنامج إنتخابي لخاصية ثبات الغشاء الخلوي حراريا وزيادة تكرار الثغور بالأوراق وبعد عدة أجيال أمكن استنباط هذه السلالات المقاومة للإجهاد بدرجة تتفوق علي السلالات والأصناف المحلية التي لن يمكنها الصمود أمام تحديات التغيرات المناخية الحالية والمستقبلية.
ويقول أن هذه الجهود اعتمدت علي التمويل الذاتي من الكلية قدر ما تسمح ظروفها وبدعم مباشر من أ. د.مصطفي كمال رئيس الجامعة ومؤازرة لا تنقطع من أ. د.عبد الوهاب أبو نحول عميد الكلية ومن سبقه في عمادة الكلية وبتعاون العديد من الزملاء مشيرا أن المسيرة ما زالت تحتاج إلي تقديم أيدي العون والدعم المادي لإكثار هذه السلالات وتسجيلها ونشرها للمزارعين بمصر العليا.
لولا عطا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق