يمر
اختيار خليفة البابا شنودة بعدد من الخطوات التي يتم اتباعها داخل الكنيسة
أهمها عملية القرعة الهيكلية التي يقوم فيها أحد الأطفال بسحب ورقة يكون
فيها اسم خليفة البابا «ڤيتو» تنفرد بالحديث مع «الطفل» الذي سحب اسم
«الأنبا شنودة أسقف التعليم» وقتها أثناء القرعة الهيكلية إنه المهندس أيمن
منير كامل، الذي تحدثنا إليه وحصلنا على صور لم تنشر من قبل ويحتفظ بها
ويعتبرها بركة كبيرة، يكشف المهندس أيمن تفاصيل وطرائف نادرة حيث استعاد
معنا ذكريات يفتخر بها ويعتز بكل تفاصيلها ويتذكرها كأنها حدثت اليوم رغم
أنها كانت في أوائل السبعينيات من القرن الماضى وتحديدًا عام 1971 بعد
نياحة البطريرك القديس البابا كيرلس السادس، وتم ترشيح ثلاثة أساقفة حينها
هم الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والأنبا شنودة أسقف التعليم والقمص
تموثاؤس المقاري، وتم الإعلان عن إجراء قرعة هيكلية لاختيار البطريرك وتمت
بالفعل القرعة وسط حضور جماهيرى حاشد وترقب من العالم أجمع والأقباط
لنتائجها التي انتهت إلى اختيار الأنباء شنودة أسقف التعليم بطريركًا
للإسكندرية والبابا ال 117 للكرازة المرقسية، «فيتو» تستعيد مع أيمن الحدث
بالتفصيل..
> هل تعتبر نفسك محظوظًا لأنك كنت طفل القرعة الهيكلية؟
-
لست محظوظًا فقط بل مبارك أيضا، وسعيد جدًا أننى نلت بركة اختيار ورقة
قداسة البابا شنودة الثالث وإن كان جدى كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم
والقديس يوسف بالإسكندرية قد أخبر والدتى أنه شاهد رؤية يتنبأ فيها بما حدث
وأكد على أننى سأختار قداسة البابا.
> هل تتذكر كيف تم اختيارك من وسط الأطفال؟
-
أولًا اختيارى كان بمثابة معجزة فقد كنت لا أمتلك تذكرة حضور لا أنا ولا
والدتى وحاولنا الدخول لحضور المراسم واستحال ذلك فوقفت متشبثًا بالباب
الحديدى وكان الزحام شديدًا وفجأة فتح الباب وتم انتزاعى أنا وثمانية أطفال
للمشاركة في القرعة الهيكلية.
> هل كنت تعرف أنه سيتم اختيارك للقيام بهذه المهمة؟
-
بالطبع لا فأنا كنت أقف مع الأطفال الثمانية منتظرًا ما سيحدث حتى وضع
القائم مقام يده على وقال «هاتوا الولد ده» وتم بعدها وضع عصابة على عينى
وسحبت الورقة.
> وما هو شعورك أثناء إجراء القرعة وأين كانت والدتك؟
- والدتى كانت خارج الكنيسة وأنا كنت صامتًا وغير خائف بل على العكس كنت متماسكًا وتم رفعى لأعلى حتى تمت المهمة بنجاح.
-
هذا غير صحيح بل شائعات كاذبة فقد اخترت ورقة واحدة، ولم أكن أعلم من هو
صاحبها والأوراق كانت موضوعة بصناديق ومختومة بختم الدولة والحضور كان
كثيفًا وكل شيء مسجل لحظة بلحظة والقائم مقام كان حاسمًا وصارمًا وظل يصرخ
بشدة من أجل الانضباط وعدم حدوث أي شيء خارج السياق.
> هل همس أحد في أذنك أو أعطاك تعليمات لاختيار ورقة محددة؟
-
لم يحدث أن طلب منى أحد ذلك بل إن المفأجاة أفقدتنى الشعور بمن حولي، وزاد
موضوع وضع عصابة على عينى من شعورى بالمفاجأة وعدم رؤيى لأحد نهائيا فقط
كنت أشعر بوجودهم.
> ماذا بعد أن تم اختيار القرعة هل شاهدت البابا بعد ذلك؟
-
بعد أن تم اختيار الورقة أشهرها القائم مقام وأعلن أن البطريرك القادم هو
الأنبا شنودة الثالث وتم بالفعل إعلان موعد التنصيب بعد أسبوعين وكان
الموعد 14 نوفمبر 1971 وهنا توافد الآلاف من الأقباط على الدير لنيل بركة
قداسته وتهنئته وكنت معهم وأحتضننى بشدة وبقيت على قدميه اليوم كله وأصبحت
منذ هذه اللحظة إسمى «أيمن البابا شنودة الثالث».
> وماذا حدث لك أثناء الطريق للدير؟
-
انهالت على مشاعر الحب وظل أصحاب السيارات يتبادلوننى فيما بينهم حتى وصلت
للدير وتلقيت عشرات الهدايا والحلويات والقبلات ساعات محفورة في ذاكرتى
وكأنها الآن.
> وماذا عن علاقتك بالبابا هل استمرت لقاءاته معك خلال الأعوام الأربعين؟
-
البابا حبيبى لم يتأخر يومًا عن مقابلتى وظللت لسنوات عديدة ألتقيه أنا
وأختى التوءم وكان يحتضننا ونأكل من يده وهو حنون للغاية وعطوف جدًا.
> هل تتذكر مواقف معه كانت تحدث؟
-
حدثت طرائف عديدة أثناء مقابلاتى معه، ففى إحدى المرات تأخر عن مقابلتى
نحو خمس ساعات وكان معه أحد الوزراء فقلت لسكرتارية البابا أبلغوه أن ابنه
أيمن بالخارج وكان عمرى حينها ثمانى سنوات فقط، ودخل الأنبا أغاثون وأخبر
البابا بأننى بالخارج وأننى «مستعجل» لأننى أريد مشاهد مباراة الأهلي
والزمالك وبالفعل تأخرت مقابلتى فدخلت غاضبًا وقلت له بالحرف الواحد: «يا
بابا أنا هنا من الساعة التاسعة والآن مباراة الزمالك والأهلي وحضرتك
تاركنى بالخارج تارك ابنك وقاعد مع الوزراء» فضحك البابا بشدة وأخبر الوزير
رمزى استيفان أننى الولد الذي اخترت القرعة فانخرط الحضور في ضحك شديد على
الموقف.
> هل طلبت منه يومًا طلبًا خاصًا أو خدمة؟
-
لم يحدث أبدًا أن طلبت منه شيئًا لشخصي، فقط مرة طلبت منه أن يستقبل أبناء
ومدرسى مدرستى بعد أن علموا بما حدث وطلبوا أن يأخذوا منه بركة ويتعرفوا
على البابا وقد حدث واستقبلهم استقبالًا جميلًا وأهداهم هدايا تذكارية
وحصلنا منه على حديث صحفى للمدرسة تم نشره بالمجلة المدرسية ومازالت إحدى
المدرسات التي على قيد الحياة تتذكر هذا اليوم وتشيد بقداسة البابا وبروحه
الجميلة.
> وماذا عن فترة التحفظ التي فرضها السادات على البابا ماذا فعلت؟
-
أنا كنت حزينًا جدًا لأننى كنت اعتاد زيارته وبعد التحفظ اتصل بنا عمى
وكان على علاقة بكبار رجال الدولة وحذرنى من زيارة البابا وأيضًا من
الخروج، وعندما سألناه لماذا؟ رفض الحديث وكان عمرى وقتها 16 سنة ولكن
للأمانة رغم الاشاعات عن مراقبة تليفونات المنزل وعن تهديدى لم يحدث لى أي
شيء واستطعت الوصول له في الدير بحضور الحراسة التي كان من بينها اللواء
نبيل العزبى محافظ أسيوط السابق، وكان ومازال يعشق قداسة البابا ولم أزره
بعدها إلا بعد عودته بعد خمس سنوات من التحفظ.
>
وما رأيك فيما كتبه الكاتب حسنين هيكل في كتابه «خريف الغضب» عن أن الأمن
هو الذي اختار قداسة البابا، وأن جهات سياسية هي التي دعمت الموضوع؟
-
لو نظرنا لما حدث وطريقة الاختيار نعلم وبكل تأكيد بأن اختيار البابا
إرادة إلهية فمن أين يأتى الأمن أو أي جهة وطريقة الاختيار كما شاهدها
الجميع واضحة وشفافة، وأنا شخصيًا كنت لا أعلم حتى الأسماء وأعتقد أن مثل
هذه الكتابات مغرضة هدفها التشكيك لا أكثر.
> ما رأيك فيمن ينادون بتعديل لائحة الانتخاب وإلغاء القرعة الهيكلية؟
-
الوقت الحالى لا يسمح بأن تطرح مثل هذه الموضوعات وإذا أثيرت فالبابا أحكم
وأجدر وهو وحده المنوط بمثل هذه الأمور والأكثر معرفة بها.
> ما هو أكثر ما يضايقك في أمور الكنيسة والبابا؟
- للأسف بعض الشخصيات المحيطة به والتي تنقل له معلومات غير صحيحة ولكنه كثيرًا ما يكشفهم ومع ذلك هو متسامح جدا معهم.
أسامة عيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق