أفرجت سلطات الأمن المصرية، مؤخرًا عن أقدم سجين مصري، قضي في حياة القيد 44 عامًا من عمره.. دخل محمد عمرو سيد محمد، ابن مركز الغنايم بأسيوط، وشقيق خط الصعيد "عبدالناصر عمرو" السجن وهو في سن الـ39 عامًا ليخرج وهو في الـ83.
ابن الغنايم أطلق الأمن عليه لقب "فهد السجون المصرية"، بسبب عدد السنوات التي قضاها حيًا داخل محبسه، متنقلاً بين السجون المصرية ومن بينها سجن مزرعة طرة الذى قضى فيها أكبر مدة حبس حتى أطلق عليه صاحب سجن المزرعة.. "بوابة الأهرام" كانت لها معه هذا الحوار:
* متي تم القبض عليك؟ وماهي التهم التي وجهت إليك وأدت إلي سجنك 44 عامًا؟
- تم إلقاء القبض علي سنة 1969 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتم الحكم علي بالسجن لمدة 44 عامًا ظلمًا، وكنت سأخرج في عام 1996، ولكن رفض وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي والرئيس الأسبق مبارك ذلك بسبب أحداث الإرهاب التي كانت تمر بها البلاد حينذاك، بسبب وجود عبود الزمر وعاصم عبدالماجد، اللذين كانا محبوسين معي في سجن أسيوط العمومي.
- دخلت السجن بسبب مشاكل ثأرية وقضايا قتل مع أقارب لنا تم الصلح فيها، قبل أن أحبس.. "وبعدين لقيت الحكومة زارعة مخدرات كتبوها علينا ومكنتش في أرضنا ولا في حيازتنا واتهمت فيها".
* من أطلق عليك لقب فهد السجون المصرية؟
- الأمن هو من أطلق علي هذا اللقب، بسبب الفترة التي قضيتها في السجون المصرية، والحمد لله كنت مؤدبًا داخل السجن، والحكومة احترمتني وكذلك الناس داخل السجن.. "وأنا لفيت سجون مصر كلها، وملقتشي أوحش من إدارة سجن طرة عشان كان فيه ظلم، أما باقي سجون مصر كويسة، وبصراحة سجن أسيوط العمومي الإدارة اللي فيه محترمة".
* كيف استطعت أن تقضي كل هذا الوقت في السجن؟ وهل حاولت الهرب؟
- الواحد كان صابر غصب عنه، وعملت محاولات كثيرة للخروج أو الإفراج الصحي، وقدمت الأوراق المطلوبة للمسئولين أكثر من مرة، ولكن محاولاتي باءت بالفشل، ولما ربنا أراد تم الإفراج عني.
- لم أحاول الهرب نهائيًا من السجن لأن الهروب أصعب من السجن، وكنت أريد قضاء المدة المحكوم علي بها حتي أخرج مرتاح ولا أتعب من حولي.
* ما رأيك في وضع البلاد الآن؟
- "الله يستر علي البلد ويهدي السر".. بصراحة الوضع في البلد لا يرضي أحدًا، وأمور القتل التي تحدث الناس غاضبة منها.. "يعني إيه واحد مجند أبوه بيربي فيه من مدة، وبعدين يجيله مقتول.. ده مزعل الناس كلها، والله الخمسة بتوع مسطرد اللي اتقتلوا مرة واحدة أنا بكيت عليهم، والأصول إنه لازم المسئولين في البلد يشوفولهم حل في الموضوع ده عشان يبطل حمام الدم سوي من الإخوان أو من الحكومة لأن كله دم مصري".
* فى رأيك من وزير الداخلية الذي انصلحت الأحوال داخل السجون في عهده؟ وما رأيك فى وزير الداخلية الحالي؟
- السجن لم يتغير، وأيام وزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا كانت أسوأ أيام، وكذلك أيام اللواء زكي، وفي عهد حبيب العادلي منع مبارك العفو عن السجناء الجنائيين بعد نصف المدة، وهذا أدي إلي إصابتهم باليأس، وكان في السابق يخرج السجين بعد قضاء نصف مدته.."كانت أيام السجن في عهد مبارك وحشة.. السجن فيه ناس تعبانة خالص وفيه عواجيز متقدرشي تمشي ومتعرفشي تنام والمفرض اللي عدي 60 سنة يفرجوا عنهم، أو يطلعوهم بعد نص المدة رأفة بيهم، لأن فيه ناس كبيرة في السن ومريضة وبتتبول علي نفسها، ومبتلقاش حد يخدمها أو يساعدها".
- أما بالنسبة لوزير الداخلية الحالي يسمح للسجناء بالحصول علي زيارات لذويهم، ولكن لا يوجد تنفيذ لقرارات العفو، والعفو الوحيد الذي حدث مؤخرًا كان في عهد المجلس العسكري وسمح للسجناء بالخروج من السجون في القضايا التي حكم فيها بأقل من ثلاث سنوات، علمًا بأن إدارة السجون تريد أن يحصل السجناء علي عفو خاصة وأن هناك عواجيز وكبار سن، وطيلة الـ44 سنة التي قضيتها في السجون لم أخرج ولا مرة في لزيارة أهلي لأنهم كانوا يقولون علي أنني خطر علي الأمن العام.
* كيف تري عهد عبدالناصر والسادات ومبارك ومرسي؟
- "جمال عبدالناصر كان عهده أحسن عهد، والسادات كانت هناك قسوة في السجون في أواخر أيامه، أما مبارك كانت أيامه كلها وحشة والراجل الغلبان كان بيداس عليه، وبالنسبة لمرسي محدش حس بيه خالص ومعملشي أي حاجة غير للجماعات السياسيين، أما المسجون الجنائي معملوش حاجة، وكان من الأفضل أنه يطلع الناس اللي ليها 20 سنة و30 سنة - أنا أيام ما مسك مرسي مقاليد الحكم كان لي 43 سنة في السجن، والناس فرحت وقالت هنطلع وده محصلشي".
* مارأيك في الإخوان؟
- الإخوان لم أتعامل معهم في السجن ولم يكن بيننا وبينهم اختلاط، ولكن عندما كنت في سجن أسيوط، نشبت مشاجرة بيني وبين عاصم عبدالماجد، لأنه كان يريد ضرب طبيب السجن الدكتور "إبراهيم" لأنه "مسيحي"، وقلت له: عيب عليك وكان يريد ضربي فضربته، والسجناء تعاطفوا معي وقتها ومع الدكتور وضربناه ومن معه، وابتعد بعدها عن طبيب السجن.
* مارأيك في السيسي؟
- السيسي إن شاء سيغير البلاد إلي أفضل، وسيكون لديه رغبة في تحسين الأوضاع، وسوف ينظر للغلابة مثلنا، حيث خرجت من السجن وليس معي أي شئ، والأرض الخاصة بي كانت عليها حراسة، وبعد أن انتهت مدة الحراسة، تم الاستيلاء عليها من قبل الإصلاح الزراعي، وحصلنا منذ فترة علي فدانين منها في زمام محافظة سوهاج، وهناك 10 أفدنة ونصف لم نسترجعها حتي الآن، وقام الإصلاح بتأجيرها لمواطنين آخرين، ونريد الآن استرداها.
* كيف كانت رحلتك داخل السجون المصرية؟
- عندما تم القبض علي في سنة 1969 تم ترحيلي إلي سجن أسيوط العمومي وقضيت 3 شهور هناك، وحكم علي بـ 10 سنوات غيابي، وأول ما ذهبت للمحكمة حكم علي القاضي حضوريًا بـ15 سنة، وتم ترحيلي إلي سجن أبو زعبل، وفي سنة 1971 حددت لي جلسة في قضية أخري، وتم الحكم علي فيها بالمؤبد، ومكثت في سجن أبو زعبل حتي عام 1973 انتقلت بعدها إلي طرة، وفي سنة 1975 ترحلت لسجن أسيوط العمومي، وحكم علي وقتها بـ7 سنوات أخري، فعدت إلي سجن أبوزعبل، وهناك حدثت مشاجرة بين السجناء وكنت واحدًا منهم وحدث بها إصابات، وحكم علي بـ5 سنوات أخري وتم نقلي إلي سجن طرة، وفي عام 1984 عدت إلي سجن أسيوط، وفي سنة 1990 تم ترحيلي إلي بورسعيد حتي عام 1996 وبعدها ذهبت إلي سجن دمنهور ومكثت فيه 20 يوما، ثم وادي النطرون ومكثت فيه أيضًا 20 يوما، قبل أن يتم ترحيلي إلي طنطا لأمكث في السجن 11 عامًا عدت بعدها إلي سجن أسيوط مرة أخري حتي تم الإفراج عني.
* ما هي أهم التجارب التي مررت بها في السجن؟
- تعلمت من السجن أشياءً كثيرة، ولكن خلاصة التجارب هي نصيحة أقدمها للشباب، من يستطع أن يترك من حقه من أجل عدم دخول السجن فليفعل لأن حياة السجناء قاسية وصعبة وإهانة للكرامة.. هذه نصيحة من شخص قضي معظم حياته في السجن.
* ماهو أكثر شيء كان يضايقك في السجن؟
- أكثر شيء كان يضايقتي الذهاب إلي "التأديب" بحق ومن غير حق، وبخاصة في سجن طرة، لأن الإدارة كانت "وحشة"، وكان مأمور السجن "شايف نفسه" ولم أر عذاب إلا من هذا الشخص وربي لدي يأس وإحباط بسبب ذلك.
* ماهي أكثر قصة تأثرت بها في السجن؟
- هناك سجين يدعي كمال ثابت دخل سجن الوادي الجديد ووالديه متوفيين، وشقيقته تريد بيع أرضه ومحكوم عليه بالسحن لمدة 65 سنة في قضايا قتل، من ضمنها الحكم عليه في قضية أخذ بالثأر، حيث قتل خصمه وهو داخل السجن، وأتمني أن تنظر له الدولة بعين الرأفة وتفرج عنه بعد نصف المدة.
* ماذا تطلب من الدولة؟ وما هي أمنيتك في الحياة؟
- إعادة الأملاك الخاصة بي التي تم مصادرتها والاستيلاء عليها من قبل الإصلاح الزراعي، وأمنيتي العيش بشكل كريم، وأريد من الحكومة أن تساعدني في إنشاء مشروع للعيش بشكل آدمي، وأتمني أيضًا الذهاب إلي الحج.
اسلام رضوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق