الاثنين، 28 سبتمبر 2015

في ذكرى وفاته.. الزعيم «جمال عبد الناصر» 45 عامًا من الغياب والحضور



ولد جمال عبد الناصر حسين خليل سلطان المري، في 15 يناير 1918 في منزل والده بحي باكوس بالإسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919، وينتمي لأصول صعيدية، حيث ولد أبوه بقرية بني مر في محافظة أسيوط، ونشأ في الإسكندرية وعمل وكيلاً لمكتب بريد باكوس هناك وقد تزوج من السيدة "فهيمة" التي ولدت في ملوي بالمنيا، وكان جمال عبد الناصر أول أبناء والديه، وأنجبا ولدين من بعده، وهما عز العرب والليثي.

النشأة
تنقلت أسرة "عبد الناصر"، في كثير من الأحيان بسبب عمل والده، ففي سنة 1921، انتقلوا إلى أسيوط، ثم انتقلوا سنة 1923 إلى الخطاطبة، التحق عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك في الإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبة في الفترة ما بين سنتي 1923 و1924، وفي سنة 1925 دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة، وأقام عند عمه خليل حسين لمدة ثلاث سنوات، وكان يسافر لزيارة أسرته في الإسكندرية فقط أثناء العطلات الدراسية.

فقدان الأم
كان عبد الناصر يتبادل الرسائل مع والدته، ولكن الرسائل توقفت في أبريل 1926، وعندما عاد إلى الخطاطبة علم أن والدته ماتت قبل أسابيع بعد ولادتها لأخيه الثالث شوقي، ولم يملك أحد الشجاعة لإخباره بذلك، فقال: "لقد كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرًا محزنًا للغاية، فقد كان فقدها بهذه الطريقة، وعدم توديعي إياها صدمة تركت في شعورًا لا يمحوه الزمن، وجعلتني آلامي وأحزاني أجد مضضًا بالغًا في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين"، وتعمق حزن عبد الناصر عندما تزوج والده قبل نهاية هذا العام، وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف 1928 عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية، ثم التحق بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاما واحدا، ثم نقل في العام التالي 1930، إلى مدرسة رأس التين بالإسكندرية بعد أن انتقل والده للعمل في الخدمة البريدية هناك.

السياسة
بدأ نشاطه السياسي حينما رأى مظاهرة في ميدان المنشية بالإسكندرية، وانضم إليها دون أن يعلم مطالبها، وعلم بعد ذلك أن هذا الاحتجاج كان من تنظيم جمعية مصر الفتاة، وكان هذا الاحتجاج يندد بالاستعمار الإنجليزي في مصر، وذلك في أعقاب قرار من رئيس الوزراء حينئذ إسماعيل صدقي بإلغاء دستور 1923، وألقي القبض على عبد الناصر واحتجز لمدة ليلة واحدة قبل أن يخرجه والده.

العودة للقاهرة
انتقل مع والده إلى القاهرة في عام 1933، والتحق بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، ومثل في عدة مسرحيات مدرسية، وكتب مقالات بمجلة المدرسة، وفي 13 نوفمبر 1935، قاد ناصر مظاهرة طلابية ضد الحكم البريطاني احتجاجًا على البيان الذي أدلى به صمويل هور، وزير الخارجية البريطاني قبل أربعة أيام من الحدث، والذي أعلن رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر،وقتل اثنان من المتظاهرين وأصيب عبد الناصر بجرح في جبينه سببته رصاصة من ضابط إنجليزي، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها، ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى، وفي 12 ديسمبر، أصدر الملك الجديد، فاروق، قراراً بإعادة الدستور.

نما نشاط عبد الناصر السياسي أكثر طوال سنوات مدرسته، حيث أنه لم يحضر سوى 45 يوماً أثناء سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية، واعترض عبد الناصر بشدة على المعاهدة البريطانية المصرية لسنة 1936، التي تنص على استمرار وجود قوات عسكرية بريطانية في البلاد، وقد أيدت القوات السياسية في مصر هذه المعاهدة بالإجماع تقريبا، ونتيجة لذلك، انخفضت الاضطرابات السياسية في مصر بشكل كبير، واستأنف عبد الناصر دراسته في مدرسة النهضة، حيث حصل على شهادة التخرج في وقت لاحق من ذلك العام.

الحياة العسكرية

تقدم عبد الناصر سنة 1937، إلى الكلية الحربية لتدريب ضباط الجيش، ولكن الشرطة سجلت مشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة، فمنع من دخول الكلية، فالتحق بكلية الحقوق في جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حالياً)، لكنه استقال بعد فصل دراسي واحد وأعاد تقديم طلب الانضمام إلى الكلية العسكرية، واستطاع عبد الناصر مقابلة وزير الحربية إبراهيم خيرى باشا، وطلب مساعدته، فوافق على انضمامه للكلية العسكرية في مارس 1937، وركز ناصر على حياته العسكرية منذ ذلك الحين، وأصبح يتصل بعائلته قليلا، وفي الكلية، التقى بعبد الحكيم عامر وأنور السادات، وتخرج من الكلية العسكرية في شهر يوليو 1937، ورقي عبد الناصر إلى رتبة ملازم ثاني في سلاح المشاة، وفي عام 1941، طلب عبد الناصر النقل إلى السودان، وهناك قابل عبد الحكيم عامر، وكانت السودان حينها جزءاً من مصر، ثم عاد جمال عبد الناصر من السودان في سبتمبر 1942، وحصل على وظيفة مدرب في الأكاديمية العسكرية الملكية بالقاهرة شهر مايو 1943.

حرب فلسطين

كانت أول معركة لعبد الناصر في فلسطين خلال الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948، تطوع عبد الناصر في البداية للخدمة في اللجنة العربية العليا، ولكن تم رفض دخول قوات اللجنة العربية العليا في الحرب من قبل الحكومة المصرية، لأسباب غير واضحة، وفي مايو 1948، أرسل الملك فاروق الجيش المصري إلى فلسطين، وخدم ناصر في كتيبة المشاة السادسة. وخلال الحرب، كتب عبد الناصر عن عدم استعداد الجيش المصري، قائلا: تبدد جنودنا أمام التحصينات، ثم عاد عبد الناصر إلى وظيفته مدرساً في الأكاديمية الملكية العسكرية، وأرسل مبعوثين إلى جماعة الإخوان المسلمين، لتشكيل تحالف معها في أكتوبر سنة 1948، ولكنه اقتنع بعد ذلك بأن جدول أعمال الإخوان لم يكن متوافقاً مع نزعته القومية، وبدأ الكفاح من أجل منع تأثير الإخوان على أنشطته.

الضباط الأحرار

قام عبد الناصر بتنظيم "اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار"، وتألفت من أربعة عشر رجلاً من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك ممثلين عن الشباب المصريين، والإخوان المسلمين، والحزب الشيوعي المصري، والطبقة الأرستقراطية، انتخب ناصر رئيسا للجنة بالإجماع، وظل نشاطه مقتصرا لمدة تقارب العامين على تجنيد الضباط ونشر المنشورات السرية، وفي 11 أكتوبر سنة 1951، ألغت حكومة الوفد المعاهدة البريطانية المصرية لعام 1936، والتي أعطت السيطرة لبريطانيا على قناة السويس حتى سنة 1956، ووفقاً لأنور السادات: قرر ناصر حينها شن "حملة اغتيالات على نطاق واسع"، وفي يناير عام 1952، حاول عبد الناصر وحسن إبراهيم قتل حسين سري عامر ببنادقهم الرشاشة، بينما كان يقود سيارته في شوارع القاهرة، وبدلا من قتل الضابط، أصاب أحد المهاجمين امرأة مارة بريئة. وذكر ناصر أنه بكى لذلك، وجعله هذا الأمر يعدل عن رأيه.

ثورة 23 يوليو

انطلقت الثورة يوم 22 يوليو وأُعلن نجاحها في اليوم التالي، واستولى الضباط الأحرار على جميع المباني الحكومية، والمحطات الإذاعية، ومراكز الشرطة، وكذلك مقر قيادة الجيش في القاهرة، وكان العديد من الضباط المتمردين يقودون وحداتهم، ارتدى ناصر ملابس مدنية لتجنب القبض عليه عن طريق النظام الملكي، وفي خطوة لدرء التدخل الأجنبي، أخبر ناصر الولايات المتحدة والحكومة البريطانية قبل يومين من الثورة عن نواياه واتفق معهما على عدم مساعدة فاروق، وتحت ضغط من أمريكا، وافق ناصر على نفي الملك المخلوع مع احتفال تكريمي.

مع الرئيس محمد نجيب

يوم 18 يونيو سنة 1953، تم إلغاء النظام الملكي وأعلن قيام الجمهورية في مصر، وكان نجيب أول رئيس لها، ليصبح ناصر والضباط الأحرار "أوصياء على مصالح الشعب" ضد النظام الملكي وطبقة "الباشاوات"، وطلبوا من رئيس الوزراء السابق علي ماهر قبول إعادة تعيينه في موقعه السابق، وتشكيل مجلس الوزراء بأكمله من المدنيين، حكم الضباط الأحرار باسم "مجلس قيادة الثورة" عن طريق محمد نجيب رئيساً وجمال عبد الناصر نائبا للرئيس، وقام عبد الناصر بالعديد من الإصلاحات كقانون الإصلاح الزراعي، وإلغاء النظام الملكي، وإعادة تنظيم الأحزاب السياسية، استقال ماهر يوم 7 سبتمبر، وتولى نجيب دوراً إضافياً وهو رئاسة الوزراء، وعبد الناصر نائباً رئيس الوزراء، في سبتمبر، تم وضع قانون الإصلاح الزراعي حيز التنفيذ، ومن وجهة نظر عبد الناصر، أعطى هذا القانون مجلس قيادة الثورة هويته وحولالانقلاب إلى ثورة.

الإصلاح الزراعي

قبل تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، في شهر أغسطس عام 1952، اندلعت أعمال شغب يقودها الشيوعيون في مصانع الغزل والنسيج في كفر الدوار، مما أدى إلى اشتباك الجيش معهم مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص، أصر معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة على إعدام اثنين من زعماء أعمال الشغب، رفض ناصر هذا الرأي، ومع ذلك، تم تنفيذ الحكم. أيد الإخوان المسلمون مجلس قيادة الثورة، وبعد تولي نجيب للسلطة، طالبوا بأربع حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، رفض عبد الناصر مطالبهم وبدلا من إعطائهم أربع حقائب وزارية، منح اثنين من أعضاء الجماعة مناصب وزارية طفيفة.

الطريق إلى الرئاسة

في يناير 1953، حظر ناصر جميع الأحزاب السياسية، وخلق نظام الحزب الواحد، وعلى الرغم من قرار حل البرلمان، كان عبد الناصر عضو مجلس قيادة الثورة الوحيد الذي ما زال يفضل إجراء الانتخابات البرلمانية، وفقاً لعبد اللطيف البغدادي "أحد زملائه من الضباط"، ظل عبد الناصر ينادي بإجراء الانتخابات البرلمانية في سنة 1956، في مارس سنة1953، قاد ناصر الوفد المصري للتفاوض على انسحاب القوات البريطانية من قناة السويس، وعندما بدأت علامات الاستقلال من مجلس قيادة الثورة تظهر من نجيب، حيث نأى بنفسه عن قانون الإصلاح الزراعي وتقرب إلى الأحزاب المعارضة لمجلس قيادة الثورة مثل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد، فكر ناصر في تنحيته في يونيو ، سيطر ناصر على منصب وزير الداخلية بعزل الوزير سليمان حافظ، الموالي لمحمد نجيب، وضغط على نجيب لاختتام إلغاء النظام الملكي.

استقالة نجيب

في 25 فبراير 1954، أعلن نجيب استقالته من مجلس قيادة الثورة بعد أن عقد مجلس قيادة الثورة لقاء رسمياً دون حضوره قبل يومين، في 26 فبراير، قبل ناصر استقالة نجيب، وقام بوضع نجيب تحت الإقامة الجبرية في منزله، وعين مجلس قيادة الثورة ناصر قائداً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء، على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً، وكما أراد نجيب، ثم تمرد على الفور بين ضباط الجيش، وطالبوا بإعادة نجيب وحل مجلس قيادة الثورة، ولكن في 27 فبراير، أطلق أنصار عبد الناصر في الجيش غارة على القيادة العامة العسكرية، وقاموا بإنهاء التمرد، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، نظم مئات الآلاف من أعضاء جماعة الأخوان المسلمين مظاهرات، ودعوا لعودة نجيب وسجن عبد الناصر، وأيضا طالبت مجموعة كبيرة داخل مجلس قيادة الثورة، بقيادة خالد محيي الدين، بإطلاق سراح نجيب وعودته إلى رئاسة الجمهورية، واضطر ناصر إلى الإذعان لمطالبهم، ولكنه أجل إعادة نجيب حتى 4 مارس، وقام بتعيين عبد الحكيم عامر قائداً للقوات المسلحة، وكان هذا المنصب في يد محمد نجيب قبل عزله.

بداية الحكم

قاد عبد الناصر مجموعة من المفاوضات لخروج الإنجليز من مصر، حيث نجح في ذلك عام 1954، وبعد أن رفض البنك الدولى تمويل مشروع بناء سد أسوان، قام عبد الناصر بتأميم قناة السويس للإنفاق من عائداتها على مشاريع تنمية البلاد، مما أثار غضب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وقاموا بمهاجمة مصر فيما عرف بالعدوان الثلاثى، ثم قام جمال عبد الناصر بدمج مصر مع سوريا، فيما عرف بإسم الجمهورية العربية المتحدة، ورغم أنها استمرت ثلاث سنوات فقط، إلا أن مصر احتفظت بنفس الاسم لعدة سنوات، وفى عام 1962، اشتركت مصر في حرب اليمن لمساندة الحركة الجمهورية، مما أدى الى إنفاق الكثير من الأموال وخسارة الكثير من الأرواح في هذه الحرب.

النكسة

في صباح يوم 5 يونيو، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي القواعد الجوية المصرية، ودمر جزءًا كبيرًا من القوات الجوية المصرية، قبل انتهاء اليوم الأول من الحرب، وكانت وحدات مدرعة إسرائيلية قد اخترقت خطوط الدفاع المصرية واستولت على مدينة العريش، وفي اليوم التالي، أمر عامر بانسحاب فوري للقوات المصرية من سيناء، مما تسبب في سقوط غالبية الضحايا المصريين خلال الحرب، وفقا للسادات، لم يعلم ناصر بخطورة الوضع الحالي إلا عندما استولى الإسرائيليون على شرم الشيخ، وأسرع ناصر إلى مقر قيادة الجيش للاستفسار عن الوضع العسكري، وذكر الضباط الحاضرون أن ناصر وعامر قد انفجرا في "مباراة من الصراخ دون توقف.

إعلان التنحي

أعلن ناصر في 9 يونيو على شاشات التلفزيون الهزيمة للمواطنين، وأعلن استقالته على التلفزيون في وقت لاحق من ذلك اليوم، وتنازل عن السلطات الرئاسية إلى نائبه آنذاك زكريا محيي الدين، الذي لم يكن لديه معلومات مسبقة عن القرار، وقد رفض هذا المنصب، وتدفق مئات الآلاف من المتعاطفين مع ناصر إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء مصر وجميع أنحاء الوطن العربي رفضا لاستقالته، وهتفوا: "نحن جنودك، يا جمال!"، فتراجع عن قراره في اليوم التالي.

حرب الاستنزاف

في يناير 1968، بدأ عبد الناصر حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل، أمر بشن هجمات ضد مواقع إسرائيلية شرق قناة السويس ثم حاصر القناة، وفي مارس عرض ناصر مساعدة حركة فتح بالأسلحة والأموال بعد أدائهم ضد القوات الإسرائيلية في معركة الكرامة في ذلك الشهر، كما نصح عرفات بالتفكير في السلام مع إسرائيل وإقامةدولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة، بذلك يعتبر ناصر قد تنازل فعليا منذ ذلك الحين عن قيادته للقضية الفلسطينية لعرفات، وردت إسرائيل على القصف المصري بغارات الكوماندوز، عن طريق القصف المدفعي والغارات الجوية، وأدى ذلك إلى نزوح المدنيين من المدن المصرية على طول الضفة الغربية لقناة السويس، وأوقف ناصر جميع الأنشطة العسكرية وبدأ برنامجا لبناء شبكة من الدفاعات الداخلية، في حين تلقى الدعم المالي من مختلف الدول العربية ثم استأنفت الحرب في مارس 1969، وفي نوفمبر وبوساطة ناصر تم عقد اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش اللبناني الذي منح المقاتلين الفلسطينيين الحق في استخدام الأراضي اللبنانية لمهاجمة إسرائيل.

مبادرة روجرز

في عام 1970، قبل ناصر مبادرة روجرز التي ترعاها الولايات المتحدة، والتي دعت إلى وضع حد للأعمال العسكرية والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المصرية، ولكن تم رفض ذلك من قبل إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومعظم الدول العربية باستثناء الأردن، وكان ناصر في البداية رافضا الخطة، لكنه قبل تحت ضغط من الاتحاد السوفيتي، والذي كان يخشى من احتمال جره إلى حرب مع الولايات المتحدة نتيجة تصاعد الصراع الإقليمي، أحبط ناصر أي تحرك نحو المفاوضات المباشرة مع إسرائيل في عشرات الخطب والبيانات، وافترض ناصر أن أي محادثات سلام مباشرة مع إسرائيل هي بمثابة الاستسلام، وبعد قبول عبد الناصر مبادرة روجرز، وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار، وهدأ ناصر في القتال لنقل صواريخ أرض-جو نحو منطقة القناة، وفي الوقت نفسه، بدأت التوترات بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة في الأردن تتزايد، وأطلقت حملة عسكرية للقضاء على قوات منظمة التحرير الفلسطينية. دفعت المخاوف من حدوث حرب إقليمية ناصر لعقد القمة العربية الطارئة في 27 سبتمبر للدعوة لوقف إطلاق النار.

وفاته

بعد انتهاء القمة يوم 28 سبتمبر 1970، عانى ناصر من نوبة قلبية، ونقل على الفور إلى منزله، حيث فحصه الأطباء، وتوفي ناصر بعد عدة ساعات، وكان هيكل، والسادات، وزوجة عبد الناصر تحية معه وهو على فراش الموت، ووفقا لطبيبه، الصاوي حبيبي، كان السبب المرجح لوفاة عبد الناصر هو تصلب الشرايين، والدوالي، والمضاعفات من مرض السكري منذ فترة طويلة، حيث كان ناصر يدخن بكثرة، هذا بالإضافة إلى تاريخ عائلته في أمراض القلب التي تسببت في وفاة اثنين من أشقائه في الخمسينات من نفس الحالة، بالرغم من كل ذلك فإن الحالة الصحية لناصر لم تكن معروفة للجمهور قبل وفاته.

جنازته

أخذ المشيعون في مشهد جنائزي رهيب حضره أكثر من 5 مليون شخص، يهتفون: "لا إله إلا الله، ناصر هو حبيب الله، كلنا ناصر"، وحاولت الشرطة دون جدوى تهدئة الحشود، ونتيجة لذلك، تم إجلاء معظم الشخصيات الأجنبية، وكان رد الفعل العربي عامة هو الحداد، وتدفق الآلاف من الناس في شوارع المدن الرئيسية في جميع أنحاء الوطن العربي، وقتل أكثر من عشرة أشخاص في بيروت نتيجة للفوضى، وفي القدس، سار ما يقرب من 75،000 عربي خلال البلدة القديمة وهم يهتفون "ناصر لن يموت أبدا".

والآن وبعد مرور 45 عامًا من الرحيل ما زال عبد الناصر ثاني رؤساء مصر، حاضرًا في أذهان الجميع، وبالنسبة للكثيرين رمزًا للوطنية وراعي الفقراء، وصاحب إنجازات أهمها قانون الإصلاح الزراعي وبناء السد العالي وتأميم قناة السويس.


وائل عبد العزيز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...