جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض مدرسا للتفسير وعلوم القرآن والحديث حتي وصل لدرجة رئيس القسم وظل بها25 عاما, وأسهم في إنشاء عدة كليات هناك منها كلية أصول الدين والمعهد العالي للدعوة, بالإضافة لإشرافه علي مئات الرسائل العلمية في جامعة الإمام وجامعة أم القري والجامعة الإسلامية وجامعة الملك سعود, وشارك في التوعية الفقهية لحجاج بيت الله الحرام لمدة15 عاما مع علماء السعودية المشهورين, منهم الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي السعودية الأسبق ـ رحمه الله ــ وله تسجيلات إذاعية حول علوم القرآن في إذاعات السعودية وقطر والكويت وإذاعة القرآن الكريم بالقاهرة, كما أن له عشرات المؤلفات في الدعوة الإسلامية وعالميتها, وفي رحاب رمضان كان لنا شرف لقاء فضيلته في حوار خص به الأهرام منذ أيام.. وفيما يلي نص الحوار..
> نداء توجهه للأمة في رمضان فماذا تقول للمسلمين في هذا الشهر الفضيل؟
>> أود أولا أن نعرف قدر شهر رمضان ولكي نعرف قدر هذا الشهر, علينا أن نتدبر الآية الكريمة التي وصفت هذا الشهر بوصف لم يوصف به غيره, فقال تعالي: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان هذا الوصف في ذاته يغرينا أن نتدبر الصوم من خلال آيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة التي وردت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم, أما القرآن فأود أن نعرف حقيقة أمرنا من هذه الآية الكريمة وندرك منها رسالة رسولنا صلي الله عليه وسلم وأنها رسالة عامة للبشر جميعا إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها, وهذه الآية القرآنية تحمل المسلمين جميعا القيام بأداء الرسالة. كما يجب أن تكون,كما تحملهم أن يكونوا علي صفات تحقق بهم أن يبعث إليهم خاتم الرسل وأن يخاطبوا بكتاب الله عز وجل, الآية من سورة الأعراف: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون عندما نتدبر هذه الآية كما ينبغي ندرك أن رسالتنا عامة وشاملة للبشر جميعا, هذه الآية ينادي فيها الرسول صلي الله عليه وسلم قل يا أيها الناس فالأمة العامة الشاملة التي بعث لها الرسول صلي الله عليه وسلم للإنسانية جميعا يجب أن تكون علي صفات تحقق بهم ما جاءت من أجله هذه الرسالة, فالآية تتحدث عن الله سبحانه وتعالي الذي له ملك السماوات والأرض, وتأمر بالإيمان بالله ورسوله النبي الأمي واتباعه.
ونحن في شهر رمضان يجب أن نذكر فضله, ونذكر أمتنا ورسالتها وهي أن تتوحد وتعتصم وتأتلف وتعتصم بحبل الله جميعا ولا تتفرق حتي تستطيع أن تبلغ رسالة الله للعالم, وأن يري العالم جميعا في صفاتها ما يغريهم بمعرفة حكمة وجودهم وحكمة رسالتهم وحكمة الرسل إليهم.
> انهيار منظومة الأخلاق.. هل سيستمر في رأيكم؟
>> أولا أبشر بأن الانهيار الخلقي لن يطول, لأن الله قد حفظ لنا القرآن, ولن يستطيع أحد مهما حاول اضعاف المسلمين أن ينال حرفا من حروف القرآن, وصدق الله العظيم القائل: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون والآية من سورة الحجر, وهي من أواخر السور نزولا.
الانفلات الخلقي لن يطول لأن من رحمة الله للإنسانية أن حفظ القرآن وتكفل بحفظه ولم يترك ذلك لأحد غيره, ولذلك المصعد موجود وأمتنا ستصعد وستبقي وهي أمة عزيزة علي الله, ومصر عزيزة علي الله لن تهان محفوظة بحفظ الله, وأنا ممن لا يخاف عليها, إنما أخاف علي الأجيال المفرطة التي يمر عليها شهر رمضان ولا تعمل جادة علي أن تطلب المغفرة, فيا ويل من فاتته المغفرة في رمضان, أدعو الله للجميع أن يهتدوا بهدي القرآن وأن يعرفوا قدر شهر رمضان.
> روشتة للخروج لبر الأمان مما نحن فيه من ضبابية المشهد السياسي؟
>>من فضل الله تعالي أن الناس يجتهدون جميعا في شهر رمضان في قراءة القرآن, وكل ما في الأمر أنني أود منهم أن يقرءوا القرآن بتدبر وخشوع, قراءة تدبر تجعلهم يعملون به, فالقرآن الكريم يخاطبنا آمرا: واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا, وقوله: وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا ونري التنازع والخصام والأمور المحزنة الكثيرة التي نعرفها جميعا, يكون الناس قد أساءوا لأنفسهم قبل أن يسيئوا لدينهم, ولا أحد يستطيع أن يسئ للدين لأنه محفوظ بحفظ الله فمن استمسك به فاز ونجا, ومن أعرض عنه لقي نتيجة الإعراض وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم وقد مرت علي أمتنا ساعات من ساعات التفلت أو نسيان حكمة ما خلقوا من أجله, فإن القرآن الذي يخاطب الناس إلي يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها سيحقق منا أناس يستمسكون ويخلصون وينتصرون.
ونصيحتي للمسلمين لعلاج مشكلاتنا أن نستمسك بالقرآن الكريم, وما صح عن رسول الله صلي الله وعليه وسلم, فوسائل الإنقاذ موجودة ووسائل الصعود موجودة, وكم مر بأمتنا أمور وأمور ومحن وفتن وخرجت من كبوتها أشد ما تكون, وهذا ما نتوقع لمصر هذه المرة بالذات بفضل الله الفرج قريب وستزول الغمة عن الأمة برحمة الله.
> الخطاب الديني هل يحتاج لتطوير أم تجديد؟
>> لا أدري ماذا يريد من ينادون بتطوير الخطاب الديني, ويجب أن يراجع نفسه كل من يقول ذلك, الخطاب الديني حسم وصانه الله من أن ينال منه, لكن الذي يحدث أن الناس قد يشغلون أو يعرضون, وأضرب لك مثلا في انشغال الناس والقرآن الكريم يحكي لنا ذلك لنتدبر, كان من بيننا هنا في بلدنا قارون, وهو من هو وكان قريبا لموسي عليه السلام قال تعالي: إن قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة, وافتتان الناس بالزينة من قديم الأزل, افتتن الناس بزينة وغني قارون وماله فالفتنة بالمال والزينة والشهوات والأهواء موجودة, ولذلك تأتي العبرة, ويشاء الله أن يجعل مصر بالذات حديث الإنسانية إلي يوم القيامة. حيث حدثنا عن قارون وخسفه الله وبداره وكنوزه, وقال الناس الذين افتتنوا بزينته ويكأنه لا يفلح الكافرون, وأيضا حدثنا القرآن الكريم عن فرعون موسي, ويخطئ من يذم كل الفراعنة, فكلهم لم يكونوا مثل الفرعون الأخير الذي خلعه المصريون, فامرأة فرعون ذكرها الله في القرآن الكريم وأعلي قدرها, وكانت سببا في نجاة موسي عليه السلام, فقالت: قرة عين لي ولك لاتقتلوه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا فمصر ذكرت في القرآن نحو ثلاثين مرة مصروفة وممنوعة من الصرف مصر وذكرت الأرض ويراد بها مصر أيضا.
> ماذا تقول لدعاة التفرقة ومن يحاولون إشعال الفتنة؟
>> نحن أولي الناس بالأنبياء جميعا, فنحن أولي الناس بعيسي عليه السلام, ونحن أولي الناس بموسي عليه السلام, ونحن أولي الناس برسل الله جميعا, فمن يأتي ويبيع ويشتري علي حساب الدين والتدين فليخسأ من أي فريق كان, نحن أمة الدين, فرسالة جميع الأنبياء واحدة بعث بها رسل الله جميعا, رسالة واحدة جاء بها نوح, وجاء بها إبراهيم, وجاء بها موسي وجاء بها عيسي, وجاء بها محمد صلوات الله عليهم جميعا, رسالة واحدة, وايضا المصير واحد, مصير الإنسان خلقه الله ثم يعود إليه, ونبعث جميعا, ونسأل جميعا يقول تعالي: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم, ونحن عندما نعلن إيماننا برسل الله جميعا لا يمكن أبدا أن نقبل أن يزايد أحد معنا علي الرسالات أبدا كبيرا كان أو صغيرا, وليستحي أي إنسان يفرق بين الرسل, فالإسلام يجمعهم جميعا ويأمر أتباعه بالإيمان بهم كلهم ولا يتحقق إيمان المرء إلا بالإيمان بجميع الرسل فالله تعالي يقول: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط, وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم.. فلماذا الفرقة والانشغال بقضايا تافهة.. وأمور ثانوية وأنا أعتز بأنني صعيدي ومصر كلها وطني, ونعيش متجاورين والله والله ما شعرنا مرة واحدة أن مسلما تخاصم مع نصراني, والكنيسة موجودة والمسجد موجود وكان هناك تقدير لدور العبادة بين الناس فلماذا انشغال الناس بقضايا الفرقة والطائفية, وغيرها من الفتن, وأسأل الله أن يهدي من يريدون تفرقة المصريين أو ينتقم منهم إذا أصروا, أمتنا واحدة, ومصر قوية, ولا تحتاج ادعاءات فارغة, وهذه الادعاءات الكاذبة يجب أن تزول, وعلي النصراني والمسلم أن يحافظوا علي وحدتهم ففيها قوتهم, ومصر محفوظة ومصونة بحفظ الله ولن تضيع, محفوظة بأمر الله وعزيزة علي الله, وأحذر من يلعب بالنار بأنها ستحرقه وستبقي مصر قوية عزيزة بإذن الله تعالي.
> حدثنا عن ذكرياتك مع إذاعة القرآن الكريم؟
>> إذاعة القرآن الكريم من القاهرة أحب الإذاعات إلي قلبي, ولي معها أحاديث حول القرآن الكريم وتفسيره, وأذكر أن الدكتورة هاجر سعد الدين رئيسة إذاعة القرآن الكريم سابقا ـ متعها الله بالعافية ـ هي السبب في هذا الخير, فقد حدثتني كثيرا عن رغبتها في برنامج أقوم فيه بتفسير القرآن الكريم, وألحت علي في هذا العرض, وفتح الله لي ووفقني تعالي وشرح صدري لهذه الفكرة المباركة, واختارت واحدا من المذيعين الممتازين لهذه المهمة, وكان يأتيني هنا في بيتي ويقوم بالتسجيل معي, وكان هذا البرنامج فتحا وفضلا من الله تعالي وبركة, وأنعم علي بتفسير كتابه الكريم كاملا وقامت الإذاعة ببثه للجماهير عبر حلقات عديدة, وكانت معية الله معنا وتوفيقه لنا حتي خرج العمل للنور بفضل ربي تبارك وتعالي, وأذكر وأننا نسجل كانت تمر فوقنا طائرة فظهر صوتها في التسجيل فاستبشرت بذلك, وسعدت بهذا البرنامج سعادة غامرة, فهذا الإذاعة لها في قلبي مكان وتضم كوكبة من جيل الإعلاميين المتميزين الذين يخدمون القرآن والسنة وينشرون الدعوة الإسلامية بحب واخلاص حفظهم الله وحفظها منارة لمصر والعالم الإسلامي.
> فضيلتكم طوفت بدول العالم استاذا وزائرا ومحاضرا فما هي ذكرياتك خارج الوطن؟
>> الذكريات كثيرة, وأذكر أنني سافرت لمعظم دول العالم, فقد سافرت إلي أمريكا وإلي أوروبا وإلي بلدان عديدة عربية وإسلامية لكن أحب البلاد التي زرتها وعملت بها هي بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية, فقد مكثت هناك25 عاما أستاذا للتفسير وعلوم القرآن في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض, ومن الأشياء الطريفة والعجيبة التي أذكرها أنني كنت مشرفا علي سفر الطلاب الأوائل للبلدان الأوروبية لزيارة المراكز الإسلامية والالتقاء بالجاليات الإسلامية في محاضرات وندوات وأذكر في إحدي السفريات مع طلاب جامعة الإمام إلي ألمانيا ذهبنا إلي مدينة بون العاصمة القديمة, وكنت قد اشترطت علي الطلاب أن يقرأ كل منا جزءا من القرآن حتي نصل إلي الفندق الذي سنقيم فيه, وأتم كل منا جزءه حتي وصلنا للجزء الثلاثين عند تسكيننا بالغرف فجاء دوري وتم تسكيني بغرفتي وقالوا لي في الفندق أتدري غرفة من هذه؟
قلت من؟ قالوا الغرفة التي كان هتلر يقيم فيها فأول شيء فعلناه فيها ختمنا فيها القرآن الكريم بقراءة جزء عم ودعونا دعاء ختم القرآن, وكان نعمة وخيرا وبركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق