الاثنين، 25 نوفمبر 2013

تقرير :: ضحايا الزواج المبكر .. ضرب بالكرباج وإهانة وطلاق وتشريد أطفال وقتل مع سبق الاصرار والترصد للفتاة المصرية


http://i1.wp.com/elbadil.com/wp-content/uploads/2013/11/1374.jpg?resize=720%2C360
“وافقت على الزواج من ابن عمي وأنا عندي 14 سنة عشان يفسحني ويشتري لي فساتين وشنط من السعودية .. بعد الهيصة والفرح بدأ الضرب والإهانة، كان عمري 15 سنة ومكنتش باعرف أرضع ابني إزاي”..



جمل واضحة وصريحة ..ولكنها صادمة قاسية.. طلقات تكشف عن الجهل والفقر وسجن العادات والتقاليد الذي يقتل به المجتمع أبنائه، حكايات متفرقة عن نماذج تعرضت للزواج المبكر بعضها من توثيق مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، والاخري من لقاءات “البديل”.

قالت – س .ن- من محافظة اسيوط “حقولك إيه ..أنا متعلمتش ولا أبويا كان متعلم، قلة العلام وحشة، اتجوزت وأنا عندي 15 سنة، ماكانش المأذون ينفع يكتب الكتاب عشان لسة صغيرة، اتجوزت في الأول عرفي، يعني عملنا فرح في الشارع بحضور شيخ الجامع الذي عقد العقد شفوي حتى يعرف كل الناس أنني أصبحت متزوجة، وبعد إكمال السن كتبنا الكتاب عند المأذون”.

تابعت قصتها قائلة: “بصراحة أنا وجوزي كنا بنحب بعض، ولما اتقدم عشان يتجوزني كنت فرحانة خالص، عشان العيلة وفرحة الفستان والطرحة والهيصة، أول سنة جواز كان عادي، لكن بعد ذلك بدأت المشاكل وبقى كل حاجة يشتمني ويضربني، وأمه ما كانتش طايقاني ولا أخته، كمان كان بيحبسني ويقطعني من أهلي”.

“ولدت أول بنت وكان عندها مياه في المخ، والدكتور قال إنها ممكن تبقي معاقة، ومش عارفة كان بسبب إني كنت صغيرة على الحمل والولادة.. أم نصيب، بعد كده روحت بالبت أسيوط، عملولها رنين مغناطيسي وكهرباء على المخ، ولحد دلوقتي مش قد كده في التعليم”.

وتحكي – ز.ف- أسيوط 47 عاما قصتها “حكايتي زي بنات كتير عندنا في البلد، اتجوزت لما كملت 12 سنة، وهذا طبعا عشان العادات والتقاليد عندنا، أصل إحنا في عيلتنا لما البنات توصل لسن الدورة الشهرية ..يبقوا حيتجننوا عشان يجوزوها ..جدي كبير العيلة كل سنة كده يشوف مين من البنات كبر ولازم يتجوز ويشوف مين من الصبيان ينفع للجواز ويجوزهم”.

“ساعتها كان عنده سبعه وتلاتين سنة وأنا عندي 12، ماكنتش فاهمة أي حاجة، كل اللي أعرفه عن الجواز ان الست بتطبخ لجوزها وتغسل هدومه، وماعرفش أي حاجة تانية، كنت ضعيفة جدا”.

“لو تعرفوا المشاكل اللي شوفتها في حياتي مش هتصدقوا، من أول الشتيمة والضرب لحد الطلاق، يعني مثلا هو كان أكبر مني 25 سنة، فطبعا كان غيور جدا لدرجة الشك، وهذا أدى للسب والضرب”.

“هذا بالطبع مضافا إليه المشاكل الصحية، دائما عندي نزيف، غير بهدلة الحمل والولادة والضغط العالي، بس لو كان بيعاملني كويس شوية يمكن ماكانش حصل الطلاق والمشاكل دي كلها، باختصار لو لخصت حياتي يبقي قبل الجواز طفلة مش فاهمة حاجة، وبعد الجواز كنت كارهة نفسي لدرجة اني كنت بتمني الموت كل يوم”.

“أما بعد الطلاق بقي بلاوي كتير، احنا عندنا في البلد الست اللي تطلق لازم تقعد في بيت أهلها ومتخرجش، كل كلمة أو حركة محسوبة، وكان لازم أخرج عشان شغلي، ودا سبب مشاكل كتير مع اخويا الكبير وأمي، بس صممت أخد سكن لوحدي وأكمل في الشغل”.

أما أمل علي –50 سنة- قالت

 كان عمري 14 سنة بس كان جسمي أكبر من سني وقتها، وكان ليا أخت كبيرة لم تتزوج وأصبح يقال عنها عانس بالرغم أن سنها كان 26، وكان لنا شقيقتين أخرتين أحدهما كان عمرها 13 والاخري 12 سنة.

“لم أكن اعرف معنى الزواج، والعلاقة جنسية، النوم عند رجل غريب، أتذكر وقتها أن الفرح كان “دخلة بلدي”، لأن العريس كان صعيدي من قنا وأهله كانوا عايزين يطمنوا على عروسته المصراوية أنها “شريفة”، أرتعش كلما تذكرت ما حدث بي في هذه الليلة، وبعد أن كنت فرحانة بالفرح والفستان والبيت الجديد كرهت نفسي، وكرهت أمي لانها كذبت علي، وذلك الزوج الذي كان يضربني يوميا حتى أطهو له الطعام الذي يفضله، كان يضربني بالكرباج لو أخطأت على أتفه الأسباب.

“عندما أنجبت أول طفل لم أكن أعرف طريقة إرضاعه وتغيير ملابسه، وكانت حماتي تنهرني بشدة، وتوبخني دائما، ثم توالت الولادات حتى أصبح لدي أربعة أطفال عند الثلاثين، عانيت كثيرا في تربيتهم.

ولكن عندما وصلت ابنتي الوحيدة إلى سن 14 عام وأرادت جدتها تزويجها في الصعيد، وقفت بكل قوتي، وقلت لهم “على جثتي”، ابنتي سوف تكمل تعليمها وتختار شريك حياتها كما تريد، ولن تكرر مأساتي.

بينما قالت “ع .ح” – سوهاج- أنا عروسة جديدة، بس دي جوازتي التالتة، جوزي الجديد متجوز من 18 سنة بس لم ينجب الولد، أول جوازة اتحسبت علي “أونطة”، كنت بنت 14 سنة كتبوا كتابي على ابن عمي، أخدوا رأيي ووافقت، بس ما أعرفش حاجة ولا موافقتي تتحسب موافقة، كنت صغيرة وابن عمي بيشتغل في السعودية وبيجيب هدايا، ووافقت علشان يجيب لي شنط وفساتين معاه من بره ويفسحني، وفضلت على ذمته 3 سنين ومتجوزناش، وطول الوقت كان في السعودية.

“وصلت لسن 17 وفهمت شوية إن الجواز مش لعب وهدايا، وأن شخصيته مش هي اللي ممكن اختارها النهاردة، وطلبت من أبويا يطلقني ووافق، أما الجوازة الثانية كانت وعمري 18 سنة، وكنت خلصت الدبلوم، وخلفت 4 أولاد وبنت، وحصل مشاكل بعد كده وصلت للطلاق.

-------------------------------------

يعد “الزواج المبكر” من أخطر أشكال العنف التي تتعرض لها المرأة في المجتمع المصري والمجتمعات الشبيهة في المنطقة، وتاتي تلك الظاهرة كنتاج لمجموعة من المفاهيم والمصطلحات الخاطئة ولكنها ترسخت في العقل الجمعي للغالبية العظمى، وبرغم دخولنا العقد الثاني من القرن 21 إلا أن استمرار الجهل والفقر والمعاناة والتعصب والتطرف جعل تلك الأفكار مستمرة في عقول الكثيرين.

لذلك وفي إطار احتفال “البديل” باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة،  فتحنا المناقشة حول نتائج أحدث الدراسات العلمية حول ظاهرة “الزواج المبكر في مصر”  لعام 2014 من خلال البحث الميداني الذي أنتجه مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف.

قالت الدكتورة “ماجدة عدلي” مدير مركز النديم، إن الدافع الرئيس لإجراء البحث جاء بعد الاهتمام المتزايد بقضية الزواج المبكر مع صعود التيار الإسلامي بعد ثورة يناير، والمناقشات متزايدة الحدة في وسائل الإعلام حول إلغاء الحد الأدنى لسن الزواج وعدم الالتزام بالقانون الذي ينص علي منع زواج الأولاد والبنات قبل بلوغ 18 عاما، والدعوة إلى إلغاء هذه المادة من تعديلات قانون 2008  .

أضافت أن المركز قرر استكشاف حقيقة الظاهرة والتوصل لإجابات شافية حول العلاقة بين الزواج المبكر والفقر والتعليم وسن الزواج والدين وغيرها من العوامل من خلال تطبيق البحث الميداني في 15 محافظة قبلي وبحري، وشارك في الاستبيان حوالي 1091 مواطن ومواطنة.

وأكدت تفاجئها من النتائج التي عبرت عن مدى طموح الشرائح الاجتماعية الفقيرة في الصعيد والريف في “التعليم” كحبل النجاة لعدم الزواج المبكر للفتيات، ورغم أن هذه الشرائح “داس عليها القطر رايح جاي” ولا تمتلك الأموال لدفع مصروفات المدرسة، إلا أن هذه الفئات “عشمانة” في التعليم، في ظل غياب العدالة الاجتماعية للدولة.

وأضافت ان نتائج البحث جاءت مبهرة في فهم المشاركين لأهمية تعليم الفتيات، حيث قال 25% منهم إن الشهادة تستند إليها الفتيات في حياتها إذا احتاجت لإعالة نفسها في حالة طلاقها، وأجاب 24% حتى تكون قادرة على العمل ومساعدة نفسها وأسرتها ماليا، وقال 20% حتى تكون قادرة على مساعدة أطفالها في التعليم، فيما ذهب 7% بالرأي إلى قدرتها على التواصل مع الزوج، بينما ذكر 3% فقط أسباب بأن تكون الفتاة مستقلة اقتصاديا أو لأن ذلك من حقها.

وعقبت على هذه الطريقة في التفكير التي تكرس أدوار اجتماعية للمرأة بانه ليس من حقها التعليم لتحقيق ذاتها بالأساس، بل تتعلم من أجل أدوارها الأسرية من تربية وإعالة الأطفال، مؤكدة إلى ضرورة انتباه المنظمات النسوية على قضية المساواة في حصول الفتاة على حقوقها في التعليم من أجل تنويرها الشخصي.

أما عن مدى معرفة المشاركين في البحث بقانون الطفل المصري قال 53% إنهم لم يسمعوا عنه، بينما قال 47% إنهم قد سمعوا عنه من قبل، وأن ذلك يعود لاهتمام الإعلام بتناول قضايا حقوق الطفل عموما فيما يتعلق بعمالة الأطفال وأطفال الشوارع وقضايا الحضانة، ولكنها لا تتناول مسألة سن الزواج إلا نادرا.

واستنكرت مدير مركز النديم غياب الإرادة السياسية في اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة الظاهرة، مطالبة بأهمية استمرار منظمات المجتمع المدني في الضغط على صناع القرار من اجل تغيير الواقع بالتزامها بالنص على مواد دستورية واضحة وصريحة لحماية الحقوق والحريات ومواد تناهض العنف والتمييز.

بينما قالت “فرح شاش” أخصائية اجتماعية بمركز النديم، إن البحث الميداني تم إجراؤه على أربعة شرائح ما بين أمهات وبنات والشباب والآباء، وتم تطبيق الاستبيان في 58% منها في المناطق الحضرية و42 % في الريف، وكانت غالبية المشاركات في البحث من الإناث، إذ شكلن نسبة 64%، والذكور 36%، وهذا يرجع إلى أن كثير من المقابلات قامت بها ناشطات من النساء مما وفر فرصة أكبر لإجراء مقابلات مع النساء.

أما عن أبرز النتائج التي تم التوصل إليها قالت فرح، إن الدوافع وراء الزواج المبكر بعد البحث الميداني جاءت مختلفة عن الافتراض الشائع حول ارتباطها أساسا بالوضع الاقتصادي والفقر، واتضح أنها ناتجة عن التقاليد بشكل أساسي والتي تدخل تحت مصطلح “السترة”، وبمحاولة التعرف على معناها، جاءت الإجابة من المشاركات بأنها تعني ألا تصبح الفتاة “عانس” أي المرأة التي لم تتزوج حتى سن متأخرة، بالإضافة أنها تعني لهم أن تكون المرأة في حماية رجل يقوم بإعالتها، أو منعها من الانحراف وحمايتها من ألسنة الناس.

اضافت أنه تم الإصرار على معرفة ماذا تعني كلمة “عانس” للمشاركين، وبسؤالهم عن السن التي يعتبرون فيه البنات قد تخطين سن الزواج، أجاب 32% منهم (بالنسبة الاكبر) في الفترة بين 26 إلى 30 سنة، وأجاب 18% منهم بأنه لا يوجد سن يتخطين فيه الزواج، وأجاب 18% عندما يتجاوز عمر الفتاة 30 سنة، وحدد 15% هذا السن بعد تجاوزهن 35 سنة، وقال 11% في الفترة مابين 16 و25 سنة بينما قال 4% عندما يتجاوزن 40 سنة.

وأشارت إلى أهمية الانتباه إلى أخطر نتائج الزواج المبكر وهي ارتفاع معدلات الطلاق، حيث سجل 34% منهم بنعم حول معرفتهم بحالات طلاق وقعت لفتيات تزوجن قبل سن 18، وفسر المشاركون السبب في ذلك لنقص الشعور بالمسئولية والخبرة لدى الزوجين وبالأخص الفتاة، نتيجة لعدم قدرتها على تحمل مسئولية أعمال المنزل أو فهم العلاقات الجنسية.

وأكدت أن المجتمع الذكوري له اليد العليا في تحديد متى تتزوج الفتاة، حيث سجلت النتائج إن 48% من المشاركين أجابوا بـ”نعم” بأن الأب له الكلمة الفاصلة، وأشار 32% من المشاركين إلى أن الأمر يكون للأسرة مجتمعة بما فيهم البنت، واختار 7% الأسرة باستبعاد البنت.

وطالبت شاش بضرورة تغيير المفاهيم الاجتماعية الراسخة والتي تعتبر جزءا من الأزمة كالمصطلحات التي تتعامل مع الزواج المبكر للفتاة باعتباره “سترة”، والتي تتعامل مع تأخر سن زواج الفتاة على أنه عار وأن الناس سيتناولون سيرة الفتاة بالسوء، فضلا عن محاكمة كل المتورطين في زواج القاصرات، حيث لا يترتب على هذا الفعل الجنائي أي عقاب على الأسرة أو الزوج في تعديلات قانون الطفل لعام 2008.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...