ما بين طلاب كليات الطب وصناعة المواد المخدرة وأعمال السحر ما زالت قضايا «نبش القبور» واختفاء الجثث والاتجار فيها لغزا لم تجد قوات المباحث بمحافظة أسيوط حلا له، حيث تعددت البلاغات حول اختفاء الجثث ورفاها من المقابر والاستيلاء على المدافن القديمة.
«نبش القبور»
وقال «سامى.م» طالب بكلية الآداب «عمليات التنقيب داخل المدافن ونبش القبور للبحث عن الآثار والجثث تبدأ غالبا منتصف الليل بعد الترتيب مع بعض العاملين في ذلك المجال، وهو ما يعرف بالكشف عن الكنوز لاستخراج الموتى من قبورهم والنبش تحتهم وقد يحدث ذلك أكثر من مرة في توقيت واحد وكنت ذات يوم بالقرب من مدفننا بجبانة المسلمين القديمة بأسيوط ورأيت بنفسى تربة مفتوحة من الأعلى دليل على عدم وجود صاحب لها وبها أكثر من جثة قمت بجمع الجريد والقش من الأرض لتغطية الأموات التي بداخلها مراعاة لحرمة كشف الميت على المارة في الطريق».
حرق الجثث
وأضاف «في اليوم الثانى شاهدت بنفسى عند المرور من نفس المنطقة بعض الشباب يحرقون كل ما تم جمعه من الزعف والقش وحرقه فوق جثث الأموات داخل قبورهم في انتهاك واضح للحرمات، ويحدث ذلك عادة للمدافن القديمة المتروكة من قبل أهلها وخاصة إن كانوا خارج البلاد ويبتعدون لفترات طويلة عن زيارة ذويهم فيحرقونها أو يشعلون بجانبها النيران لجس نبض أهلها وإن ظهروا تركوها وابتعدوا إن لم يسأل عليها أحد يقومون بحرقها أو التصرف في الجثث والاستيلاء على المقبرة من خلال تغيير ملامحها الخارجية لبيعها من جديد».
الهيروين من جماجم الجثث
فيما قال «محيي الدين. ر» صيدلى، إن «الفترة الأخيرة ازدادت وازدهرت عمليات الاتجار وانتشار المواد المخدرة وخاصة الهيروين ورغم أن سعره مرتفع للغاية إلا أنه تلاحظ خلال الشهور الماضية ازدهار لا مثيل له حتى إنى كنت أبيع في اليوم الواحد أكثر من 100 سرنجة للشباب الذين يتبادولون المخدر من خلال كسره بالمياه وحقنه بالجسد وخاصة أن الصيدلية التي أعمل بها تقع في منطقة شعبية يكثر فيها تجار المواد المخدرة».
وأشار الصيدلى إلى أنه عند سؤاله عن تداول هذا النوع من المخدر بشكل كبير أخبره أحد الأصدقاء أن أسعار تذكرة الهيروين بأسيوط وصلت لـ30 جنيها فقط ويتم تصنيعها أو خلطها بجماجم الجثث التي تسرق من المدافن القديمة خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني.
سرقة المقبرة
فيما حرر «محمد فوزى» 30 سنة مقيم منطقة الأربعين، المحضر رقم 6500 قسم أول أسيوط، بقيام أحد الأهالي بالتعدى على مدفن عائلته، بمدافن أسيوط القديمة التي ورثها عن أجداده ولا يوجد لها أوراق رسمية ومدفون بها جثامين رجل وزوجته ونجلهما من عائلته مشيرا إلى أنه ذهب لتفقد المقبرة لم يجد الجثث أو رفاتها بالمقبرة، واكتشف بيعها لشخص آخر، وعند سؤاله أقر أن «ح.ح.ع» باعها له منذ عام مضى، وكانت فارغة تماما من الجثث الثلاثة أو رفاتها.
واستشهد المواطن بشهادة شيخ الجبانة في محضره لسؤاله عن ملكية وارث مدفنه خاصة أن هذه المنطقة بالكامل لا يوجد لها أوراق لأنها مقامة من عشرات السنين وعند سؤال المباحث عن مصير المحضر قرروا أنهم ما زالوا في التحريات لكشف الحقيقة وراء سرقة الجثث والاستيلاء على أرض المقبرة.
سرقة 15 جثة
وأعرب "عطية.علام" 48 سنة مهندس راعى عن استيائه الشديد من تكرار حالات نبش القبور وخاصة بعدما تقدم أحد الأهالي العام الماضى ببلاغ بسرقة رفات 15 جثة من المدفن، مشيرا إلى أن عمال المقابر يقومون بييع الجثث والاتجار فيها خاصة للدجالين والمشعوذين لاستخدامها في أعمال السحر أو بيعها لطلاب كليات الطب ويقومون بتقسيم أعضائها حتى وإن كانت عظاما لتستخدم في صناعة المواد المخدرة حتى وصل سعر الجثة خلال الأيام الماضية إلى 5 آلاف جنيه والرفات الكاملة لـ3 آلاف جنيه.
وتوضح الدكتورة سحر عبد المولى مدير الصيدليات بمستشفيات أسيوط الجامعية أن التجارة في الأعضاء توجد في كل مكان ولكنها تختلف عن التجارة في الجثث حيث إن تجارة الأعضاء تستلزم وجود الأعضاء الحية " قطع الغيار الآدمية " طازجة كما هي لم يتم دفنها من خلال حفظها ببعض المواد لحين استخدامها في أقل من 24 ساعة ولكن لن يتم ذلك إلا من خلال اختيار العضو سليم في الميت ومعرفة التوقيت اللازم للنقل قبل موت الخلايا ماتت واستئناف تشغيلها في أجساد أخرى ولذلك قامت "أحبة أجمل عيون في العالم" بكتابة وصية فيها التبرع بعيونها لحظة موتها".
وأشارت إلى أن تجارة الأعضاء تحتاج إلى اتفاقات مسبقة وأعين بالمستشفيات ولكن في حد ذاتها دقيقة جدا وتستلزم فنيين على مستوى عال من المهارة لنقلها، أما بالنسبة للجثث فطلاب كليات الطب خلال هذه الأيام لا يحتاجون إلى الجثث الطبيعية وإنما حلت محلها الجثث الاصطناعية فهى أرخص وعمرها أطول تتحمل المذاكرة وإن كانت الجثث الطبيعية أدق وأشمل وأكثر جودة للتعليم.
الجثث الصناعية
وأكد الدكتور أحمد مخلوف عميد كلية الطب السابق بجامعة أسيوط أن الجثث الصناعية رغم جودتها إلا أنها غالية جدا وخاصة الجثث المعالجة وتسمى "البلاسنتيت" وهى قريبة جدا من الجثث الطبيعية أما البلاستيكية فهى أرخص من الطبيعية والبلاسنتيت ولكنها أقل في الجودة وفى التعليم أما الجثث الطبيعية فهى الأفضل ولكن لا تتوفر بسهولة ولا تدوم طويلا سوى 6 أشهر فقط من خلال حفظها في المواد الحافظة والفورمالين بمشارح المستشفيات وحسب قرارات النيابة فهى تدفن في المدافن العامة ولكن كلية الطب تعانى من وجودها بالفعل خلال هذه الفترة نظرا لقيام المواطنين بدفن ذويهم بأنفسهم ونحن نلجأ إلى بدائلها من خلال الجثث البلاستيكية منذ عشرات السنوات رغم أن العالم اتجه إلى الجثث البلستينية لكونها أشبه تماما ولكن بعض الطلاب ربما يلجئون إلى الطبيعية للاستفادة أكثر.
محاضر شرطية
وفى ذات السياق قال مصدر أمني رفيع المستوى بمديرية أمن أسيوط في تصريحات خاصة لـ«فيتو» إن المديرية تلقت خلال العام المنصرم 4 بلاغات بسرقة المقابر ورفات الجثث ولكن لم يتسنى التحقق من صحة البلاغات لكون الجثث قديمة ومعظم البلاغات جاءت بسبب استيلاء آخرين بوضع اليد على المدافن لكون معظمها بدون أوراق ملكية رسمية فهى قديمة جدا وبالتالي بيعها من جديد يتطلب تنظيفها وجعلها خاوية لذلك يقوم بعض واضعى اليد بنزع رفات الجثث وإعادة بيعها من جديد.
ايمان عمار