“أنا لا عارف الواد نايم ولا في غيبوية، واحد طالع من العملية، ومش فاهمين”، هكذا يصف رمضان أحمد، والد الشاب حافظ، الطالب بالثانوية الأزهرية من قرية بني حسين التابعة لمركز أسيوط، وضع ابنه بعد خروجه من عملية الزائدة الدودية، موجها الاتهام لأطباء بمستشفى أسيوط الجامعي، بالإهمال الطبي الجسيم، ودخول نجله في غيبوبة منذ شهر أبريل الماضي.. “الأسايطة” التقت والد “حافظ” خلال التقرير التالي:
عملية الزائدة
البداية تعود لشهر أبريل الماضي، ويقول رمضان أحمد، موظف في الأوقاف، “كشفت لابني، وبعد الإشاعات طلع عنده الزايدة”، وفي يوم 4 من شهر أبريل الماضي، جئنا بابني لإجراء عملية الزائدة في مستشفى أسيوط الجامعي، وبعد خروج ابني مباشرة، قال: “يابابا عاوز هوا ـ بهوي ليه لقيته نام، منعرفش إن كان سليم ونام ولا دخل في غيبوبة”.
يكمل والد حافظ، استدعينا الطيب ليفحص ابني، وجاء الطبيب بالفعل، وضغط على رأسه بأصبعين حول عنياه وأنفه، لكن دون استجابة منه، وقال لنا الطبيب “الحقوه بالعناية”، عدت لأسأل الطبيب “عنده إيه يا دكتور؟”، فكان رده “حالا يفوق”، بعدها أخبرنا أن حالة ابني تحدث بنسبة لـ1 أو 2% من العمليات، وهي حالة هبوط.
6 أشهر
“قعدت 6 شهور على الوضع دا، يعوزوني في الليل في النهار في الصبح، هات علاج من بره، هات المسكن دا هات البرشام دا، وأنا حاضر حاضر، على أمل ابني يقوم يقف على رجليه تاني، وكنا بنشوفه ساعة واحدة في العناية طول اليوم”، هكذا يصف رمضان، حالته في فترة الغيبوبة التي مازال ابنه فيها حتي الأن، وكيف كان يتصرف دون أن يعلم ماذا حدث.
يتابع، بعد كل هذه الفترة ودوما وقت استفسارنا للطبيب عن حالته، كان الرد علينا “الشاب إللي زي دا بيفوق بسرعة”، ولكن دون توضيح أو رد عن ماذا أحل به، وعندما طرحنا على طبيبه المعالج أن نستعين بأطباء من خارج المستشفى الجامعي، كان الرد ” لدينا أكفئ الأطباء هنا”.
بعد الحاح
يشير رمضان، بعد فترة من إلحاحي باحضار طبيب على حسابي يفحص ابني لنعلم ما هي حالته، أخبروني أن الطبيب لأبد وأن يكون عامل بالجامعة، غير ذلك لا يعترف بيه، ولا بالعلاج الذي يصفه.
يكمل، ذهبت بالفعل لأطباء؛ والجميع كانوا يرفضون، وكان ردهم “لما يطلع من العناية نعالجه، لكن في العناية منقدرش ندخل”.
وأخبرني أحد الأطباء ممكن يتابعون حالة ابني بالمستشفى، أنه حصل على جرعة زائدة من المخدر “البنج” في أثناء العملية، أدت لنقص الأكسجين، وأنه بعد الإفاقة ستتم المعالجة.
إهمال العناية
يضيف، بعد ما علمت السبب الحقيقي لحالة ابني بعد 6 أشهر، كنت أعاني من تعرضه للإهمال، ولكن ما كان يجعلني اطمئن هو عندما كنت أدخل له في العناية، وكنت أنادي عليه كان ينظر إلي، وعندما أنظر يميني ينظر أيضا، وحينما أنظر يساري ينظر كذلك.
بلاغ رسمي
تقدم الأب، ببلاغ رسمي للشرطة ضد المستشفى، متهما الأطباء بالإهمال في حالة ابنه، وأنهم السبب في تأخر حالته، ولكن بلغه وكيل النيابة، وأخبره أن التقرير الطبي لابنه سقوط من أعلى، فذهب للنيابة ولكن الاسم المرسل به التقرير غير صحيح، وأرسلت النيابة للمستشفى الجامعي، وأرسلت التقرير الصحيح، حسب ما ذكر الوالد.
العلاج الطبيعي
يوضح رمضان أحمد، والد حافظ، أنه خلال فترة الـ6 أشهر الأولى، لم يكن ابنه يتلقى أي نوع من العلاج الطبيعي، حتى حدث له ضمور في جسده ويقول متألمًا: “بقيت ركبه في صدره”، وعندما كان يسأل ليه مش بيعمل علاج طبيعي، كان الرد؛ “طالما الولد سخن، مش هينفع علاج طبيعي”.
ظل والد الشاب يحاول معهم حتى وصل لطبيبة، وعندما وقعت الكشف الطبي عليه في العناية “زعقت معاهم، وقالت إزاي تسيبوه كده، الولد حصل عنده ضمور وماحدش يبعت لنا؟”، وكان رد مسؤولي العناية المركزة، “إحنا بنبعت وماحدش بييجي”.
يكمل والد الشاب، أنه بعد ذلك الموقف كانت تأتي كل يومين ممرضة أو ممرض، ثم يوم ويوم بعدما سمحت الحالة، وكان التمريض الخاص بالعلاج الطبيعي يوصي بتحريك أذرع “حافظ” كل ساعتين حتى لا يحدث ضمور أكثر.
شكوى وتعنت
يضيف الوالد، أنه في البداية كان يرى ابنه في أوقات مختلفة بخلاف مواقيت الزيارة المخصصة، وهي الساعة يوميا، وبعدما قدم شكوى ضد المستشفى، تم منعه، وأصبحت الزيارة وقت الزيارة “ساعة في اليوم”، كان يقف مع ممرضة العلاج الطبيعي لمساعدتها، ولكن ذلك لم يحدث بعد الشكوى، وتضرر من سوء المعاملة بعد ذلك من بعض الأطباء.
قرح فراش
تعرض حافظ خلال الـ6 أشهر الأولي، لقرح فراش، حيث لم يكن لدى والده ولا أسرته علم ماذا يحدث نتيجة أوقات النوم الطويلة، وكيف يتصرفون، ووصلت تقرحات الفراش حتى وصلت للعظام، وتم بعدها إحضار طبيب وكتب لهم على مراهم لعلاج القرح، ولكن إحدى القرح لم تلتئم، ووصل الأمر لالتهابات في العظام، ولم يعلم عن حالة إبنه أكثر من ذلك.
ويختتم رمضان أحمد، حديثه “كل اللى محتاجة أعرف حالة إبني وصلت لفين، وأشوفه واقف على رجليه زي ما دخل المستشفى واقف”.
رأي القانون
يوضح أحمد البدري، محام، أن والد الشاب، تقدم بشكوى في نقطة مستشفى أسيوط الجامعي، يتهم المستشفى بالإهمال الطبي، وتم تحويل الشكوى إلى نيابة قسم أول أسيوط، لإجراء التحقيقات اللازمة مع والد المجني عليه، والذي أوضح أن ابنه دخل للعملية وبعد خروجة مباشرة، قال ابنه كلمة واحدة “عاوز هواء”، ودخل في غيبوبة من يوم 4 إبريل الماضي حتى الآن.
نقص أوكسجين
ويضيف البدري، أن والد الشاب، ذكر في التحقيقات أنه أحضر أكثر من طبيب أكدوا أن هناك نقص في كمية الأوكسجين التي تصل للمخ، وهو نتيجة “بنج” زائد، وقرر وكيل النائب العام، ضم أوراق العلاج الخاصة بالمريض للوقوف على الحالة والتداعيات التي أدت لسوء حالة المريض.
ويشير المحامي، أن الأوراق وصلت بعد معاناة مع إدارة المستشفى، ولكن أوراق خطأ ليست للحالة المطلوبة، ثم إرسال الأوراق الصحيحة، وعليه تم استدعاء عدد من الأطباء لسؤالهم عن الواقعة، ويتبقى عدد آخر من الأطباء قيد السؤال من قبل النيابة، حيث كانوا يعملون في القسم في ذات يوم عملية المجني عليه، وقسم جراجة ج 2.
الطب الشرعي
ويكمل البدري، المتعارف عليه بعد ذلك هو عمل مذكرة من المحقق العام في القضية، يرسلها لمصلحة الطب الشرعي لموافته بسبب هذا الخطأ، وكيفيته وكيفية حدوثه، وأشار إلى أن عملية الزائدة الدودية عملية بسيطة لا يؤدي لها مضعافات تكون شديدة؛ حسب ما قرآت في الطب الشرعي، ولكن من يحدد النتيجة في النهاية هي مصلحة الطب الشرعي، وترسل ذلك للنيابة، التي تحدد العقوبة.
جامعة أسيوط
حاولنا التواصل مع رئيس جامعة أسيوط من خلال طلب توضيح ورد رسمي، على اتهامات والد الشاب، وكان الرد أن الأمر محل تحقيق في النيابة العامة، وفور البت فيه سيتم اتخاذ قرار إدارى من الجامعة، وتم تحويل الشكوى إلى عميد كلية الطب، للإفادة بخصوص الملابسات الطبية للمريض.
محمود المصرى