اختطف مجهولون تتزعمهم سيدة فتاة فى العقد الثانى من عمرها أثناء فقدانها الوعى جراء استنشاقها الغاز المسيل للدموع الذى ألقته قوات الأمن المركزى على المتظاهرين أمام مبنى التليفزيون ماسبيرو.
قام الجناة باحتجازها مع مجموعة من الفتيات داخل حجرة بعد أن قاموا بتوثيقها بالحبال من اليدين والقدمين وحلقوا رؤوسهن وجردوهن من الحجاب اللائى يرتديهن بعد علقة ساخنة بالركل بالأقدام لمنعهن من البكاء الذى انتابهن جراء الأفعال التى يتعرضن لها من أفراد العصابة. وأكدت الضحية لمحرر "الوفد" أن الحجرة التى كانت تحتجز بداخلها كانت بها صور للسيدة مريم والسيد المسيح عيسى عليهما السلام.
و"الوفد" تنشر هذه القصة كما روتها صاحبتها انطلاقا من حقوق المواطنة وحرية العقيدة ولدينا تسجيل كامل لاعترافاتها.
رغدة سالم عبدالفتاح 19 سنة تم اختطافها من أمام ماسبيرو يوم 15 مارس ولم تعد إلى منزلها إلا فى يوم 18 مارس بعد ثلاثة أيام وقد أصيبت بإصابات نفسية وجسدية كبيرة.
وانتقلت "الوفد" إلى منزل رغدة فى إمبابة وهى تعيش وسط أسرة بسيطة مكونة من 3 أشقاء ووالدتهم "عواطف" الممرضة بأحد المستشفيات الحكومية والتى تكد وتكدح لتربيتهم بعد أن توفى والد رغدة منذ 18 عاما والتى لم تكف عن الارتجاف والرعشة التى أصبحت ملازمة لها طيلة ساعة وهى مدة الحوار معها.
وجلست رغدة أمام عدسة الكاميرا تروى مأساتها وتجربتها المؤلمة.. قالت: فى يوم 15 مارس وتحديدا فى الساعة التاسعة مساء ارتديت ملابسى أنا وشقيقتى الصغرى ميرنا، وطلبنا من والدتى الخروج من المنزل لشراء هدية لشقيقتنا الكبرى أمنية بمناسبة عيد ميلادها وبعد موافقتها استقلينا سيارة الميكروباص المتجهة إلى ميدان التحرير وذلك حتى نذهب إلى وسط البلد لشراء الهدية وعند مبنى الإذاعة والتلفزيون توقفت السيارة لأننا وجدنا مظاهرة كبيرة أمامه وعندما نزلنا من السيارة ووقفنا نشاهد ما يحدث قام بعض الشباب الحاملين للصليب بدعوتنا إلى الانضمام إلى المظاهرات، ولكن انقلب الحال فجأة وحدثت اشتباكات بين بعض الأشخاص وتدخل الجيش لفض هذه الاشتباكات وأطلق القنابل المسيلة للدموع واختفت شقيقتى ميرنا عن عينى وأصبحت وسط هذه الاشتباكات ولأننى أعانى من ضيق فى التنفس سقطت مغشيا علىّ من راحة الغاز المسيل للدموع.
وصمتت رغدة للحظات، وأضافت .. تذكرت المشهد الأليم عندما فتحت عينى وجدت نفسى مكبلة بالحبال ويدى خلف ظهرى وملقاة فى غرفة بها الرمال والطوب وبدون منافذ هواء ومعلق على جدرانها براويز للسيدة مريم وعيسى الرسول ومن حولى 4 فتيات يرتدين الحجاب ويصرخن وأخذت أصرخ معهم وأبكى حتى فتح باب الحجرة 3 رجال ذوي جثث ضخمة وشوارب كبيرة ولحية ويرتدى كل منهم قميصا وبنطلونا وحذاءً ضخما مثل حذاء رجال الجيش "البيادة" ومن خلفهم سيدة عجوز على كرسى متحرك بدون حجاب ويبدو عليهم أنهم أقباط وأخذ هؤلاء الرجال يضربوننا فى أرجلنا بالأحذية حتى نكف عن الصراخ وحتى إن إحدى الفتيات من حولى استمرت فى الصراخ فأخبرها أحدهم بأنهم سوف يقطعون لسانها لو لم تكف عن البكاء وبعد ذلك أحضروا "مقصات" ونزعوا عنا الحجاب وحلقوا شعورنا جميعا وذلك حتى ننطق ببعض الأقوال التى تشبه الترانيم ولكننا لم ننطقها فحلقوا لنا روؤسنا وشوهوها تماما ومر اليوم الأول هكذا بين البكاء المستمر والصراخ وفى اليوم الثانى فتحوا علينا باب الحجرة وفى أيديهم "الإبر الصغيرة وأساتك مطاطية وولاعات ومادة خضراء" وأمسكوا بأيدينا وقاموا بإشعال الولاعات لتسخين الإبر ورسم وشم على أيدينا وهنا حدثت الكارثة عندما قاموا برسم الوشم لاثنين منا على المعصم وانقطعت شراينهم وأخذوا ينزفون وتركوهم حتى انتهوا من رسم الوشم على يدى أنا وفتاتين أخريين وأخرجوا الاثنتين المغشى عليهما إلى خارج الحجرة ولا أعلم إن كانوا ماتو أم ماذا حدث لهم؟!! ثم بعد ذلك وفى اليوم الثالث وطيلة هذة الفترة لم نأكل أو نشرب أو أى شىء من احتياجاتنا سمعت مكالمة تليفون لأحدهم "يخبر أحداً بأن يحضر بسرعة ويقوم بتصوير بعض الأوراق وسوف يجد شخصا ينتظره أمام الخديوى" ولم أسمع شيئا آخر كما أننى سمعت السيدة العجوز تخبرهم بأنهم يجب أن يتخلصوا منا فى هذا اليوم ولكن ليلا حتى لا يراهم أحد وبالفعل انفتح باب الحجرة للمرة الثالثة واصطحبونا بعد أن عصبوا أعيننا ووضعونا داخل سيارة وانطلقت بنا لمدة مايقرب من 20 دقيقة وألقونا فى مكان أعلى الكوبرى الدائرى بعد أن حلوا وثاقنا واستطعت أن أنزع الغمامة من على عينى وشاهدت السيارة التى حملونا داخلها وهى سيارة بيضاء بيجو 7 ركاب ولكن لم أر الرقم لأن المكان كانت إضاءته ضعيفة، ثم بعد ذلك وقفت أنا والفتاتان الأخريين ننتظر أى نجدة ولأننى فقدت الأمل فى الحياة استوقفت سيارة يستقلها رجل وطلبت من الفتاتين أن نستقل السيارة سويا ولكنهما خشيا ولكننى استقليت معه وأنا ليس لدى أى أمل فى الحياة وطلبت منه توصيلى لمنزلى بإمبابة ولكنه خشى من المشاكل وأخبرنى بأنه سوف يقوم بتوصيلى لأقرب مكان وبالفعل أنزلنى فى شارع الوحدة بإمبابة وأعطانى 5 جنيهات لأتصل بأحد من عائلتى وانصرف وقمت بالاتصال بوالدتى والتى لم تصدق فى بادئ الأمر أننى من يحدثها.
والتقطت الأم طرف الحديث لتقص لنا أسود ثلاثة أيام فى حياتها وقالت عندما علمت من ابنتى الصغيرة بأن شقيقتها رغدة قد اختفت أمام ماسبيرو أخذت أصرخ مثل المجنونة وانطلقت إلى شقيقى لأستعين به، وقمنا بالذهاب إلى جميع المستشفيات ونقاط الشرطة العسكرية للبحث عنها حتى الصباح. وفى اليوم الثانى ذهبنا إلى قسم إمبابة لتحرير محضر وطلب منى ضابط المباحث مواصفاتها وطلب صور فوتوغرافية لها وبعد ذلك أخذت أبحث عنها مرة أخرى فى كل مكان حتى إننى تمنيت أن أشاهدها حتى ولو جثة ولكن أطمئن عليها وبعد ثلاث ليالٍ بدون نوم فوجئت بها مساء يوم 18 مارس تتصل على هاتفى المحمول فلم أستطع أن أتحدث إليها من هول المفاجاة فأعطيت الهاتف لشقيقى والذى علم منها مكان وجودها بشارع الوحدة واستقل سيارة وأحضرها وانخرطت الأم فى البكاء فجأة عندما تذكرت هذا المشهد وابنتها رغدة تدخل عليها الشقة بملابس ممزقة وبدون شعر فى رأسها والدموع تملأ عينيها وقد تحشرج صوتها بسبب الصراخ لمدة ثلاثة أيام فى حجرة التعذيب وأخذتها فى أحضانها وشاهدت آثار التعذيب على قدميها وفى يدها إثر قيام المختطفين برسم الوشم على يدها وهرعت إلى رجال الأمن والقوات المسلحة فى كل مكان لتخبرهم بما حدث لابنتها ولكن بدون جدوى وحتى الآن، وتطالب عواطف شعبان والدة رغدة فى نهاية حديثها بأخذ حق ابنتها من الفاعل أى كانت ديانته فيجب القصاص منه وإلقاء القبض عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق