عقد نادى قضاة أسيوط جمعية عمومية طارئة مساء أمس بمقر النادى، احتجاجا على قرار رئيس الجمهورية بإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود وترأس المستشار لطفى سالمان رئيس محكمة جنايات أسيوط الجمعية العمومية وذلك بحضور المستشار جمال عوض شراقة رئيس محكمة الجنايات ورئيس نادى قضاة أسيوط بالنيابة وأعضاء مجلس إدارة النادى وعدد كبير من السادة المستشارين ورؤساء المحاكم والقضاة وأعضاء النيابة.
وانتقد المستشار لطفى سالمان فى بداية الجلسة القرار الصادر بشأن إقالة النائب العام وتكليفه بمهام سفير مصر بالفاتيكان واصفا إياها بغير القانونية وغير الجائزة وفقا لقانون السلطة القضائية.
مشيرا إلى أنه لا يمكن أن نربط بين قرار البراءة الصادر بحق المتهم وبين النائب العام، لأن النيابة العامة ليست جهة جمع أدلة ولكن المكلف بذلك جهات أخرى تجمع المعلومات وتقدمها للنيابة العامة لتحقق فى هذه الأدلة.
ومن جهته قال المستشار جمال عوض شراقة رئيس نادى قضاة أسيوط بالإنابة، إن القرار الصادر من السيد رئيس الجمهورية بإقالة المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، وتعيينه سفيرا لمصر فى الفاتيكان يخالف النصوص الدستورية وقانون السلطة القضائية بشأن عدم جواز عزل النائب العام من منصبه الأمر الذى يجعل القرار بمثابة مذبحة جديدة للقضاء المصرى بعد ثورة 25 يناير.
وأصدر النادى بيانا جاء فيه بسم الله الرحمن الرحيم (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) صدق الله العظيم، آية أسكنها قضاة مصر فى قلوبهم وأعملوها فى عقولهم، ووضعوها نصب أعينهم وعلى هديها سطرت الأقلام أحكامهم لا يضرهم من كره ولا يؤثر فى عقيدتهم من ذم أو مدح، ضميرهم هو الرقيب عليهم بعد المولى عزل وجل.
وأكد البيان "لقد أفجعنا السيد رئيس الجمهورية من قبل بقراره الصادر بعودة مجلس الشعب مهدرا بذلك حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا والذى عدل عنه سيادته بعد ذلك مصغيا لصوت الحق والعدل وما كاد الجرح يضمد حتى آلمنا السيد رئيس الجمهورية بجرح جديد، وقرار يعجز العقل عن استيعابه أو تبريره فى ظل دولة نأمل أن تكون دولة سيادة القانون بعد ثورة يناير المجيدة ذلك القانون الذى يستمد منه الرئيس شرعيته ويباشر من خلاله صلاحياته وبه تقوم مؤسسات الدولة وبموجبه تحمى الأرواح والممتلكات ذلك القانون الذى هو عماد الدولة وركنها الركين".
وأضاف "آلمنا أن يسعى السيد الرئيس لاختراق هذا القانون الذى أقسم على احترامه بقرار ينافى ما أقسم عليه والذى يهدف إلى إقالة النائب العام بعد أن علم سلفا بأنه لا يملك عزله قانونا ذلك أن السيد رئيس الجمهورية يعلم علم اليقين أن منصب النائب العام محصن غير قابل للعزل لا تكريما لشخصه وإنما إجلالا لمنصبه والدور الذى يضطلع به بصفته الأمين على الدعوى العمومية وصونا للعدالة وتعزيزا لمبدأ استقلال القضاء وحماية للسلطة القضائية من عبث السلطة التنفيذية واستبدادها وتسلطها على الأفراد والحريات".
وتابع البيان "لقد راعنا قرار السيد الرئيس بتعيين السيد المستشار النائب العام سفيرا لدولة الفاتيكان ولكن أشد ما أفجعنا فى هذا القرار هو اختراقه للمشروعية وفقده للشفافية والمصداقية ولقد أعاد هذا القرار لأذهاننا مذبحة القضاة التى أتاها الرئيس الأسبق عبد الناصر وهو ما أوجس فى نفوسنا خيفةً من أن يكون نهج مؤسسة الرئاسة الحالية هو ذات النهج السابق ونفس الممارسات، والتى أطاحت بها ثورة يناير ترسيخا لاستقلال السلطة القضائية".
وقال "إن قضاة أسيوط يستنكرون قرار الرئيس بتعيين السيد المستشار النائب العام سفيراً لدوله الفاتيكان الذى هو فى حقيقته إبعاده عن منصبه الرفيع فأنهم يستنكرون أيضا الهجمة الشرسة على القضاء والقضاة من قبل مستشارى السيد الرئيس الذى زينوا لسيادته الباطل وحملوه على مخالفه القانون وشرعيته والاعتداء على السلطة القضائية التى هى من أهم ركائز الحكم العادل ويؤكدون على دعمهم استقلال السلطة القضائية وبذل الغالى والرخيص من أجل الحفاظ على تلك الدعامة رافضين أى مساس بها وبهيبتها".
مؤكدين على أن الأحكام القضائية تصدر عن عقيدة حرة للسادة القضاة الذين محصوا أدلة الدعوى وقلبوها على كافة وجوهها ووازنوا بين أدلة الثبوت وأدلة النفى فيها فرجحوا ما ارتاحت إليه ضمائرهم واطمأنت إليه عقيدتهم فسطروا ما رأوا أنه الحق باجتهادهم فى أوراق الدعوى ومن بعد فليس لأى أحد كائنا من كان أن يعقب على أحكامهم أو يراجعهم فيها إلا من خلال درجات التقاضى التى نظمها القانون والقول بغير ذلك عبث بمقدرات الدولة وحقوق الأفراد والحريات وإرهاب للقضاة فالعدل هو أساس الملك وعماده.
ومن هذا المنطلق يؤكد قضاة أسيوط ويشددون على أن جميع قضاة مصر فى مختلف الهيئات القضائية لا يخشون إلا الله ولذا فقضاة أسيوط يؤكدون على قانونية منصب النائب العام وأنه صاحب الصفة الرسمية فى كونه النائب العام المصرى وفقا لقانون السلطة القضائية حتى بلوغه سن المعاش.
ويهيبون بالسيد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية مسئولية تأمينه وتمكينه من أداء ومباشرة عمله طبقا للقانون ومبدأ الشرعية القانونية والدستورية وإعلاء مبدأ دولة سيادة القانون ونقول لمن يحاول أن يحشد الحشود من أجل تحقيق هدفه بالتوغل فى السلطة القضائية والتغول عليها ومحاولة اختراقها أننا نضع نصب أعيننا قول المولى عزل وجل (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
وقرر النادى عقب الجمعية العمومية المطالبة بضرورة العدول عن قرار الإقالة وضرورة تدخل رئيس الجمهورية لوقف الهجمات التى تتم على القضاء وأحكامه وإعلان التضامن مع المستشار النائب العام فى رفضه قرار تعيينه سفيرا للفاتيكان الذى هو فى حقيقته إقالة لسيادته والتأكيد على التضامن مع السيد المستشار النائب العام ليس لشخصه وإنما لمنصبه الرفيع باعتباره أنه محامى الشعب.
وأرجع أعضاء الجمعية العمومية لقضاة أسيوط ما تردد فى وسائل الإعلام لاتجاه نية البعض من منع السيد المستشار النائب العام من دخول مكتبه ومباشرة أعمال وظيفته، فضلا عن أن هذا الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون وينوه أعضاء الجمعية عن عزمهم أنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى إذا ما حدث هذا التصرف، وحثت الجمعية العمومية القضاة لمن يرغب فى اتخاذ أى إجراء قانونى لإلغاء قرار السيد رئيس الجمهورية وما يرونه فى هذا الشأن احتجاجا على هذا القرار وإبلاغ مجلس القضاء الأعلى بما سبق المطالبه به يكون له موقف تجاه هذا الشأن، وأعلنت الجمعية العمومية لقضاة أسيوط أنها فى حالة انعقاد دائم حتى إشعار آخر.
هيثم البدرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق