الرحلة التي استمرت لنحو22 ساعة وطافت ببلدتي المندرة والخناكوة, شارك
فيها الجهاز الفني للمنتخب الوطني الأول إلي جانب عدد من رؤساء الاتحادات
ليس من بينهم عضو واحد في مجلس إدارة اتحاد الكرة-, قام خلالها الجميع
بزيارة منازل أهالي الضحايا لمواساتهم والشد من أزرهم, وعلي الرغم من أن
الجميع كانوا يعرفون بساطة الحال في هذه البقعة من أرض مصر, إلا أن
الأمريكي بوب برادلي المدير الفني للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم الذي
التقي بأهالي الضحايا أبدي انبهاره بصبر الصعايدة وعزة نفسهم, حيث وجدهم
صابرين علي البلاء الشديد دون أن يطلب أي منهم مطلبا شخصيا حتي ولو كان
أداء الحج أوالعمرة, وهو ما يعكس حقيقة معدن المواطن المصري.
وكان منزل أحد الضحايا
شاهدا علي موقف لم يتوقعه أحد.. فعلي الرغم من أنه
فقد أربعة من أبنائه الصغار, إلا أن أمين الشرطة الذي لم يبرد قلبه بعد من
شدة الحزن والألم أعلن تبرعه بسبعة قراريط من أرضه الخاصة لبناء معهد أزهري
عليها, حتي يوفر علي أبناء قريته والقري المجاورة مشقة ومخاطر السفر لقري
أخري طلبا للعلم, وتلخص مطلبه الوحيد في الحصول علي موافقة الأزهر علي بناء
المعهد علي قراريطه السبعة رافضا أن يتركها إرثا لمن تبقي من أولاده من
بعده قائلا أن بناء المعهد الأزهري هو أفضل عمل يلقي الله به.وكان منزل أحد الضحايا
وفي منزله المتواضع, برهن أمين الشرطة المصاب للضيوف علي طبيعة العلاقة بين عنصري الأمة حين قال لهم أن أكثر من سانده في محنته هم جيرانه المسيحيين الذين لم يتركوه لحظة واحدة منذ وقوع الكارثة, بل إن زوجته تقضي أغلب الوقت مع جارتها المسيحية التي تولت مهمة تطييب خاطر الأم المكلومة في أبنائها الأربعة.. هذه الكلمات أدمعت عيني برادلي الذي قال لمن حوله أن تعاملاته مع المصريين منذ حضوره لمصر وحتي الآن برهنت له علي أن هذا الشعب طيب ورائع وأنه كان يظن أنه يعرف الكثير عن معدن الشعب المصري من خلال تعاملاته اليومية مع أبنائه, لكنه الآن وبعد رحلة أسيوط تأكد أن هناك مصر أخري أكثر جمالا وإشراقا وأن هذا الشعب لن يتوقف عن إبهاره بمواقفه الرجولية والبطولية.
من جانبه, أعلن العامري فاروق وزير الرياضة عن أنه سيتم قريبا فتح حساب للتبرع لبناء المعهد الأزهري, وهنا أعلن برادلي أنه سيكون أول المتبرعين لعل تبرعه يسهم في تخفيف معاناة أهالي هذه القري ويمنع تكرار مثل هذه المآسي.
وفي الحادية عشرة والنصف, قام الضيوف في المستشفي الذي يرقد به من نجي من فاجعة قطار الموت, فكانوا فيه علي موعد مع مشهد رائع آخر أبهر الضيف الأمريكي, الذي فوجئ بأن الأطباء قاموا بمعجزة طبية عندما نجحوا في إعادة بناء ذراع أحد الأطفال الذي وصل المستشفي بذراع مبتورة كليا, واستمع الحضور لشرح من الأطباء عن كيفية إعادة تجميع العضلات والعظام معا حتي تم تركيب الذراع في مكانها من جديد, وعندها قال برادلي أن ما قام به أطباء أسيوط يعد معجزة لاتحدث في أمريكا إلا بوجود إمكانات غاية في التقدم.
أما المشهد الأخير, ففي بداية الرحلة كان أهل أسيوط الطيبين يحرصون علي التقاط الصور مع برادلي, لكن في نهايتها كان برادلي هو من يبادر ويحرص علي التقاط الصور مع أهالي أسيوط البسطاء الطيبين بواسطة هاتفه المحمول ليرسلها إلي أصدقائه الذين سيروي لهم قصة شعب اعتاد علي قهر الصعاب والتغلب علي الكوارث بالصبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق