أثار إعلان الرئيس المصري محمد مرسي عن «حساب للتطهر» في البنك المركزي الجدل في مصر. فبينما رفضته قوى مدنية، اتفق علماء الدين والفتوى وأبدوا تأييدهم للدعوة الرئاسية «من أجل رد الفاسدين للأموال التي نهبوها خلال النظام السابق».
وأوضح علماء الدين والفتوى «أن رد الأموال المنهوبة والمسروقة يسقط العقوبة عن السارق والناهب في الآخرة»، مؤكدين «أن التوبة ترفع العقوبة وأن الله يغفر الذنوب جميعا وفق مشيئته ما عدا أن يشرك العبد به»، محذرين في الوقت نفسه من أن «لا مغفرة لسرقة أموال الشعب من دون رده إلى الدولة مرة ثانية».
وفي هذا السياق، أكد رئيس لجنة الفتوى في الأزهر سابقا الشيخ علي أبو الحسن «أن الرئيس مرسي أطلق المباردة التي تتفق والأصول الشرعية، حتى يستطيع استرداد مليارات جنيهات المصريين المنهوبة داخليا والمهربة خارجيا»، مبينا لـ «الراي»، أنه «يجب على الذين أخذوا أموالا من الدولة بغير حق إعادتها لأن حرمة المال العام أشد من المال الخاص، الذي أوجب الشارع قطع اليد حال الاعتداء عليه وعقوبته».
وأشار أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون أحمد طه ريان،
إلى أن «كثيرا من الناس يتساهلون في استباحة المال العام نظرا لعدم جود صاحب له، وهذا غير سليم وفكر غير رشيد، فحرمة المال العام أشد من حرمة المال الخاص وأعظم جرما منه لأن المال العام مخصص لمنفعة أكبر عدد من المواطنين، بينما المال الخاص منفعته مقصورة على صاحبه فقط، فالاعتداء على المال العام بمثابة الاعتداء على 90 مليون مصري، لأن كل شخص في الدولة له نصيب في هذا المال»، مطالبا «الذين استباحوا المال العام أيا كانت طريقة استباحتهم له، التوبة لله والمبادرة بالاستجابة إلى نداء الدكتور مرسي بإعادة ما تملكه أيديهم إلى الدولة لأن الفقهاء يقولون إن مغتصب المال العام لا تقبل توبته إلا برده إلى الجهة التي اغتصبه منها وأمره في الآخرة راجع إلى الله تعالى، فإن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء عدا الشرك به سبحانه».
من ناحيته، أوضح أستاذ الشريعة في كلية الحقوق في جامعة الزقازيق عبد اللطيف محمد عامر «أن من أخذ أموال الناس أو أموالا عامة من الدولة ورغب في التصالح مع الدولة بردها والتوبة إلى الله فإنه لا يوجد مانع شرعي من ذلك، قياسا على أن المتعامل بالربا إذا أراد التوبة فإن الله تعالى يفرض عليه أن يتطهر من جميع الأموال الزائدة على الأصول الحلال التي يملكها قبل التعامل بالربا».
أما القيادي في «الجماعة الإسلامية» عبود الزمر، اعلن تأييده لقرار مرسي بفتح حساب لتطهير المفسدين أنفسهم، وأشار الى أن «الرئيس فتح الباب لاسترداد أموال مصر بعيدا عن المساءلة القانونية، خصوصا أن هناك الكثرين ممن نهبوا أموال مصر وهم غير معلومين حتى الآن، فإذا تاب هولاء الأشخاص قبل الكشف عنهم فلا مانع من العفو عنهم وهذا ما يقره الشرع الإسلامي».
وأعرب رئيس «حزب البناء والتنمية» نصر عبد السلام عن تأييده «مصالحة رموز طرة بتطهيرهم من العقوبات المفروضة عليهم مقابل ردهم الأموال التي نهبوها من الدولة كاملة». وقال: «أحمد عز ماذا تستفيد الدولة من حبسه مقابل الفائدة التي تعود على المواطنين من رده ما يقرب من 72 مليار جنيه حصل عليها باستغلال النفوذ، شرط ألا يكون متورطا في قضايا فساد سياسي أو قتل للثوار أو غيرهم، فالدماء لا تقبل التصالح إلا من خلال أصحابها بالدية أو العفو».
وكان مرسي، طالب في كلمته خلال زيارة قام بها الى محافظة أسيوط، الجمعة الماضي، وفي إطار القضاء على الفساد، من أسماهم «الفاسدين» بــ «التطهر»، موضحا أن «الطريق إلى ذلك بوضع الأموال المتحصلة عن طريق الفساد في حساب مصرفي في البنك المركزي المصري»، وقال «إن هذا الحساب باسم نهضة مصر»
عبد الجواد الفشنى
وفاء النشار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق